كتبت صحيفة “الأخبار” تقول: يتوقع أن تنشَط الحركة الخارجية حول لبنان وفي اتجاهه بداية العام المُقبل، وسطَ تقديرات متباينة لما قد ينتج منها لجهة القدرة على تأمين نِصاب داخلي وخارجي يُتيح إنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ حوالي شهرين. وعلمت «الأخبار» أنه يجري التحضير لاجتماع أميركي – فرنسي – سعودي – قطري في العاصمة الفرنسية، قبل نهاية السنة، للبحث في حصيلة النقاشات والاتصالات التي قادتها باريس والدوحة في الأشهر الماضية مع القوى السياسية اللبنانية حول أسماء مرشحين محتملين لرئاسة الجمهورية وإمكانية تسويقهم.
ومع ترحيل استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية إلى العام الجديد، لا يزال التدقيق جارياً في نتائج زيارتي كل من النائب جبران باسيل وقائد الجيش العماد جوزيف عون إلى الدوحة، وسطَ معطيات تؤكّد أن رئيس التيار الوطني الحر أبلغ القطريين بوضوح رفضه لترشيح عون بالدرجة نفسها التي يرفض فيها ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، مشدداً على أن الحل لا يُمكن أن يكون في معزل عن التيار الوطني الحر وحزب الله.
ويتمّ التعامل في بيروت مع «لقاء باريس» انطلاقاً من مقاربتين، هما: الاعتقاد السائد بأن الاجتماع هو استمرار لمشاورات الدوحة ولعرض النتائج واستطلاع إمكان توظيفها لتحقيق اختراق في جدار الأزمة، من خلال وضع خطة عمل مشتركة بين الدول المشاركة. والمقاربة الثانية تتعاطى مع الحركة الديبلوماسية على أنها بلا بركة، نظراً إلى أن مصير الأزمة يرتبِط بشكل وثيق ببقية أزمات المنطقة، والتي من السابِق لأوانه توقع أي تطور حاسم بشأنها، خصوصاً أن جهات إقليمية، وتحديداً المملكة العربية السعودية، تتعامل مع الملف اللبناني كجزء من الكل وتضعه في أسفل أولوياتها، ولم تُقدِم حتى الآن على إعلان موقف واضح يخدم خيارات الدول الأخرى التي تسعى إلى تحويل مبادراتها إلى تسويات، لا سيما فرنسا التي عمِلت ولا تزال على وضع سقف زمني محدد يقود للوصول إلى تسوية سياسية تشمل انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة وإرفاق ذلك بخطة اقتصادية اجتماعية لمنع لبنان من الانهيار.
وفي إطار هذه المقاربة، قالت مصادر مطلعة إن «باريس لا تزال تُصرّ على جذب الرياض ودفعها أكثر فأكثر للانخراط في التفاصيل اللبنانية، إلا أن موقف المملكة حتى الآن لم يتبدل. فهي لم تدخل في أسماء مرشحين بل تمسكت ببرنامج شروط يتوافق مع سياستها ومصلحتها، ولم تظهر أي نية للسير في تسوية قريبة». لا بل تبلِغ كل من يحاول إقحامها في الحل، وآخرهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي التقى الأمير محمد بن سلمان أخيراً مرة على هامش افتتاح بطولة كأس العالم في قطر ومرة أخرى على هامش القمة العربية – الصينية في السعودية بأن تعاملها مع لبنان محصور بالصندوق السعودي – الفرنسي المشترك لمساعدة لبنان.
وعليه، ليسَ في الكواليس السياسية سوى توقعات أكثر مما هي وقائع على صلة بمسار تتحكم به المتغيرات الإقليمية والدولية. ومن الصعب، في ضوء ذلك، التكهن بأي خطوات من شأنها تعزيز حظوظ التوافق قريباً على انتخاب رئيس. فالمبادرة الفرنسية والحراك القطري لا يزالان مرهونين بانحسار الاهتمام السعودي والأميركي بالملف اللبناني، وهو ما تجلى في إسقاط أي إشارة إلى لبنان، ولو على سبيل الدعم، من البيان الختامي لـ«قمة بغداد 2» التي انعقدت في العقبة الأردنية أول من أمس.
وفيما شهد سعر صرف الدولار ارتفاعاً غير مسبوق وغير مفهوم أمس، وسط أكبر عملية مضاربة تجري بالتضامن بين مصرف لبنان وبعض المصارف وعدد كبير من الصيارفة المرخصين وغير الشرعيين، غاب أي موقف رسمي في هذا الشأن في ظل فوضى أسعار وتسعير تطاول كل ما له علاقة بحياة المواطنين. وفي هذه الأجواء، عاد موضوع عقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء ليكون موضع جدال، خصوصاً بعد إعلان الرئيس ميقاتي رفضه المراسيم الجوالة، وإشارة مصادر قريبة منه إلى أن هناك ملفات مستعجلة قد تفرض عقد جلسة جديدة للحكومة. علماً أن كل الجهات السياسية الرئيسية لا تزال تعتقد بأنه لا يوجد ما يوجب عقد جلسة للحكومة تفاقم التوترات السياسية التي بدأت تأخذ بعداً طائفياً بعد انضمام البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى موقف التيار الوطني لجهة رفض المس بصلاحيات رئاسة الجمهورية.