بينما يواصل حاكم المركزي مهمة تعويم المنظومة الحاكمة على “منصة” الخزينة، متدخلاً بعصا “صيرفة” السحرية كلما استشعر اهتزاز الأرضية المعيشية تحت أقدام أهل الحكم ليعيد تدجين الناس وتبنيج المودعين بحفنة من دولاراتهم المنهوبة، ستكون بيروت مطلع العام على موعد مع زيارة وفد قضائي أوروبي لاستكمال التحقيق الجاري في مصادر ثروة رياض سلامة الشخصية، حسبما كشفت وكالة الصحافة الفرنسية أمس، موضحةً نقلاً عن مسؤول قضائي لبناني أنّ الوفد الذي يضم “قضاة تحقيق ومدعين عامين ماليين من ألمانيا ولوكسمبورغ وفرنسا” ينوي التحقيق مع سلامة شخصياً بالإضافة إلى مسؤولين في مصرف لبنان ومدراء مصارف تجارية، ربطاً بملف التحقيقات الخاصة بالشبهات المالية التي تحوم حوله في قضايا تبييض أموال واختلاس مال عام.
وعلى الأرضية الأمنية، يواصل قائد الجيش العماد جوزيف عون مهمة تطويق أي اختلال ميداني في ميزان الاستقرار اللبناني لتمرير المرحلة المتأزمة بأقل الأضرار على الساحة الداخلية، ولم تخرج زياراته المتكررة إلى الجنوب في الآونة الأخيرة عن هذا الإطار تطويقاً لذيول جريمة العاقبية بشكل أعاد التأكيد من خلاله على “استمرار التعاون بين الجيش واليونيفل بوصفها شريكاً استراتيجياً أساسياً لتطبيق القرار 1701″، وفق ما شدد أمس بعد وضعه إكليلاً على نصب شهداء الكتيبة الإيرلندية في الطيري تكريماً للجندي الإيرلندي شون رووني الذي قُتل جراء عملية إطلاق النار على دوريته في بلدة العاقبية ولرفاقه الثلاثة الذين أصيبوا بالعملية.
وإذ نّوه قائد “اليونيفل” أرولدو لازارو بالجهود التي يبذلها الجيش اللبناني لجهة التحقيق في الجريمة، وشددت قيادة القوات الدولية عبر صفحتها على “تويتر” عقب الزيارة على أهمية “أن نعرف حقيقة ما حصل وأن نشهد على محاسبة المسؤولين”، معلنةً أنها تترقب “نتائج التحقيقات والعدالة لأجل الجندي رووني”، لفت مصدر واسع الاطلاع إلى أنّ الأمور تتّجه نحو الحلحلة في هذا الملف “خصوصاً بعدما بادر “حزب الله” إلى تسليم أحد المشتبه بهم الأساسيين في إطلاق النار على الدورية الإيرلندية إلى مخابرات الجيش اللبناني”، كاشفاً عن “مشتبه بهم آخرين تمّ وسيتمّ تسليمهم إلى الجيش للتحقيق معهم في القضية“.
وفي حين آثر عدم الخوض في تحديد هوية المشتبه بهم لناحية ما إذا كانوا عناصر في “حزب الله”، اكتفى المصدر بالتأكيد على كون “حزب الله” لديه “مصلحة استراتيجية في تجاوز قضية العاقبية وإعادة تبريد أجواء العلاقة مع القوات الدولية في الجنوب، وكذلك الأمر بالنسبة لقيادة “اليونيفل”، لما في ذلك من مصلحة مشتركة للطرفين، وتحديداً بعد إنجاز اتفاقية الترسيم الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل التي من شأنها أن تنزع كل فتائل التوتر على الجبهة الجنوبية في المرحلة المقبلة“.
أما على الأرضية الرئاسية، فتستمرّ سطوة التعطيل بانتظار أن يضمن “حزب الله” وصول رئيس جديد للجمهورية “مجرّب بالسياسة” حسبما اشترط نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم… وبالانتظار يواصل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل القفز بين حبال الشغور لقطع طريق بعبدا أمام وصول أي مرشح رئاسي لا يكون له “حصة فيه”، وتحت هذا العنوان العريض وضعت أوساط مواكبة الحراك الذي يقوم به في مختلف الاتجاهات، موضحةً أنّ “باسيل بات مقتنعاً بأنّ سياسة التعطيل لن تدوم تحت وطأة الضغوط الخارجية المتزايدة، ولذلك فإنه يسعى راهناً سواءً في حراكه الداخلي أو الخارجي إلى تعويم نفسه وتحسين شروطه في التسوية الرئاسية المقبلة عبر المطالبة بضمانات معينة تحافظ وتراكم على المكتسبات التي استحصل عليها في وزارات وإدارات الدولة خلال العهد العوني“.
وعن المشاورات المكوكية التي تكثفت نهاية العام الجاري على أكثر من خط سياسي، أكدت الأوساط أنها “مجرد مشاورات استطلاعية لا أكثر ولا أقل لجسّ نبض التوجهات والإمكانيات بين الأفرقاء”، وأردفت بالقول: “الجدّ” لم بيدأ بعد وما يحصل راهناً أشبه بربط نزاع رئاسي، ترقباً لما سيحمله العام الجديد من بوادر مبادرات خارجية هادفة إلى جمع الشتات الداخلي اللبناني على طاولة التسوية المنتظرة“.