كتبت صحيفة “الديار” تقول: الفوارق الاجتماعية بين اللبنانيين لم يشهد لبنان مثيلا لها منذ الاستقلال، وحزام البؤس حول العاصمة بدأ يتوسع ويتمدد ليلامس المناطق التي تعيش البحبوحة والنعيم، وهذا ما سيفتح البلد على «جهنم» من المشاكل والفوضى الكبرى والانفجارات الاجتماعية و«غدا لناظره قريب» اذا لم يبادر السياسيون الى التحرك لابعاد الكاس المرة عن اللبنانيين الذين ابتلوا بأسوأ طبقة سياسية لا تعرف الا المال الحرام و«البهورات الجوفاء» والخضوع للخارج، وابرز دليل على ذلك، ما شهدته البلاد منذ الانتخابات من «جنون» سياسي وتصريحات «حربجية»، وابواب موصدة، سرعان ما فتحها بلحظات و»قدرة قادر» رجل الاعمال الاردني المعروف علاء الخواجة، الموعود بجنة الاستثمارات النفطية في المتوسط، وعراب الاتفاق بين سعد الحريري وجبران باسيل، وقد شرح بعض المطلعين على اللقاءات في منزل الخواجة كيف تمت الدعوات، وانه بمجرد توجيهها لسليمان فرنجية وجبران باسيل حتى لبيا الدعوة، وتم العشاء بعد ٢٤ ساعة وسقطت كل المحرمات السابقة رغم ان العشاء غلب عليه الطابع الاجتماعي، وانحصر بمطالعات فرنجية عن رحلاته الى الصيد البري ورد جبران بمغامراته عن الصيد البحري، بالاضافة الى المواضيع العامة دون اي اشارة رئاسية لا من قريب او من بعيد، وخرجا بعنوان واحد «لي عليه بعدنا عليه» لكن باسيل وفرنجية ابلغا الحلفاء بالموعد مسبقا، وجاء الرد بالدعاء والتوفيق، وكان الخواجة قد جمع ميقاتي وباسيل قبل يومين من لقاء باسيل – فرنجية لكنه لم يكسر الجليد ايضا في ظل جدار من عدم الثقة بين الرجلين نتيجة الخلافات حول كل الملفات والتي سترتفع حدتها مع توجه ميقاتي للدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء بعد الاعياد لاقرار الترقيات في المؤسسات العسكرية وتمديد عقود المتقاعدين والاجراء والمتعاملين والعاملين بالفاتورة الذين صرفت رواتبهم باجراء من ميقاتي ووزير المالية قبل الاعياد، على ان يجري الرئيس ميقاتي اتصالاته بالافرقاء المشاركين في الحكومة بعد عيد رأس السنة.
لقاء جنبلاط – باسيل
لكن اللقاء بين جنبلاط وباسيل حسب المطلعين ،كان مختلفا عن كل الاجتماعات السابقة، ولم يكن سلبيا مطلقا خلافا لكل التسريبات، وسط مقاربة مشتركة نوعا ما للملف الرئاسي، انطلاقا من طرحهما ضرورة التوافق على شخصية جامعة قادرة على محاورة كل الاطراف السياسية ومقبولة من الجميع، وحسب المعلومات الدقيقة، فان جنبلاط وباسيل ربما وجدا هذه الصفات في شخص رئيس مجلس ادارة تلفزيون lbci الشيخ بيار الضاهر ودعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية متسلحين بدعم البطريرك الراعي لهذا الخيار، ووضع وائل ابو فاعور الرئيس بري في هذه الاجواء التي نقلت ايضا الى حارة حريك، كما ناقش جنبلاط وباسيل مختلف القضايا، وسأل رئيس التقدمي رئيس التيار، الى اين تسير علاقتك مع حزب الله؟ فرد باسيل «استراتيجيا هناك توافق شامل، وداخليا الخلافات باتت معروفة على الرئاسة وملفات اخرى» وتطرق جنبلاط الى عدم التجديد لرئيس الاركان امين العرم محذرا من الخلل في التوازنات؟ ورد باسيل «الموضوع عند وزير الدفاع، وحضوركم اجتماع الحكومة شكل الخطر الاول على التوازنات» وابلغ رئيس التيار رئيس التقدمي انه سيطرح بعد الاعياد مبادرة رئاسية على جميع القوى، تقوم على سلة متكاملة مع التوافق المسبق على شخصيتي رئيسي الجمهورية والحكومة وسلة الاصلاحات، لان المهم ليس شخصية الرئيس بل برنامجه، مجددا رفضه وصول العماد عون وسليمان فرنجية الى بعبدا سائلا «الم يعد في المسيحيين شخصية تطمئن حزب الله سوى سليمان فرنجية» واوحى باسيل انه ارسل اشارات ايجابية عبر اصدقاء مشتركين الى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وضرورة اللقاء والحوار ولم يتلق اي رد حتى الان والاشارات الاولية سلبية.
تحركات باسيل «اجر بالبور واجر بالفلاحة»
وصفت مصادر مطلعة على حركة باسيل، انه يعمل على طريقة «اجر بالبور واجر بالفلاحة» والايحاء للجميع انه «صانع الرؤساء» متنقلا من تسويق زياد بارود الى «تلميذ السنيورة» جهاد ازعور واخيرا بيار الضاهر، بالتزامن مع رسائل يومية الى حزب الله تحمل كل رسائل الود والمحبة الى شخص الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ظل ادراكه خطورة القطيعة الشاملة مع الحزب رغم انه يتجنب حتى الان الحوار المباشر ويكتفي بالرسائل الاعلامية، ربما لادراكه ان الملف الرئاسي لم يوضع على طاولة البحث الجدي بعد، «وما زال الوقت متاحا للعب في الوقت الضائع» بالاضافة الى انه لم يقطع الامل من انقلاب الصورة الداخلية والخارجية لصالحه مستقبلا، وهذا الرهان موجود عند كل القيادات المسيحية، حتى ستريدا جعجع كشفت عن طموحات زوجها الرئاسية في احد البرامج التلفزيونية.
اللواء ابراهيم والتحرك رئاسيا بعد الاعياد
وفي المعلومات، ان مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم سيتحرك رئاسيا بعد الاعياد وليس في جيبه اية مبادرة، بل الهدف من تحركه تقريب المسافات والوصول الى تصور مشترك، وستشمل اتصالاته كل الافرقاء دون استثناء في ظل علاقاته الجيدة مع الجميع ووضع بري في اجواء ما يريد القيام به. وفي المعلومات، ان تحرك اللواء ابراهيم ينطلق من قناعته بالاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لوقف النزيف في البلد ومنع الانهيار في كل المؤسسات، ومحاذير الخطر الاجتماعي على السلم الاهلي، هذه العوامل تدفعه الى معاودة محركاته قبل ان يغرق المركب بالجميع.
الرئاسة بعيدة
وفي ظل الجنون الرئاسي، كان لافتا تراجع النائب مروان حمادة المعروف بعلاقاته العربية والدولية عن تصريحاته السابقة لجهة حصول الانتخابات الرئاسية في شباط واذار ضاربا مواعيد بعيدة وطويلة نتيجة الاشتباكات الاقليمية والدولية وصعوبة التوافق الداخلي، مما سيمدد مرحلة الفراغ الى اجل غير معروف، وقد كشفت الاتصالات الاخيرة عدم حماس دولي واقليمي تجاه لبنان وملفه الرئاسي الذي سيتم حله بجاذبية مسار الملفات الاقليمية والدولية المعقدة حاليا بين ايران والسعودية، وطهران وواشنطن، كما ان الغيوم تلف العلاقات الاميركية السعودية بعد انفتاح الرياض على الصين وهذا التطور ستدفع ثمنه الرياض عاجلا ام اجلا.
فوضى مالية وادوية مزورة وطوابير الذل
شهدت البلاد خلال اليومين الماضيين فوضى مالية نتيجة التقلبات في سعر صرف الدولار واسعار المحروقات، ومن المتوقع ان يعود الهدوء الى الاسواق الثلاثاء مع اعلان معظم المصارف التزامها بالتعميم الاخير لمصرف لبنان على سعر الصيرفة ٣٨ الفا والسماح للمواطنين شراء الدولارات بالكميات التي يريدونها على سعر الصيرفة للحد من ارتفاع الدولار، وطلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امس من المواطنين والمؤسسات التوجه الى بنك الموارد بكافة فروعه لاجراء التحاويل اذا رفضت مصارفهم تنفيذ هذه العمليات.
وفي موازاة ذلك، سجلت اسعار المحروقات هبوطا كبيرا مما دفع المحطات الى رفع خراطيمها وعودة طوابير الذل، واصدرت وزارة النفط بيانا اشارت فيه الى ان الانخفاض في اسعار المحروقات سيشكل وفرا ماديا لكافة الشعب اللبناني سينعكس على كل القطاعات، لافتا الى ان هذا الانخفاض جاء نتيجة تدبير مصرف لبنان بتحديد سعر الصيرفة بـ ٣٨ الفا، وقد ردت الشركات بوقف توزيع المحروقات، فيما رفعت المحطات خراطيمها احتجاجا على خسارة ما بين ٨٠ الى ١٠٠ الف واكثر في كل صفيحة متجاهلين ما جنوه من تقلبات السوق منذ سنوات، وبرروا خطواتهم بعدم توافر الدولارات على سعر الصيرفة وشرائه على اسعار السوق السوداء.
لكن الطامة الكبرى تمثلت باصدار منظمة الصحة العالمية تنبيها بشان وجود دفعة ملوثة من منتج مينو تريكسات بعيار ٥٠ ملغ في لبنان واليمن، وبعد الاختبارات على المنتج اكتشف ظهور اثار ضارة على اطفال ومرضى يتلقون العلاج ووجود بكتيريا الزائفة الزنجارية وهو ما يدل على تلوث هذه المنتجات وضرورة سحبها من الاسواق.
بدعة دستورية لميقاتي لدفع المساعدات للعسكريين
في ظل التوترات الاقليمية والجمود الداخلي، سيبقى الدعم الدولي مقتصرا على حبوب «المورفين» تجنبا للانهيار الشامل الذي بات جديا مع فقدان كل مقومات الحياة لدى اغلبية اللبنانيين، كما ان عجقة الاعياد والمطاعم لا تعكس حقيقة اوضاع معظم اللبنانيين الغارقين في بحر من الهموم التي تبدأ بلقمة العيش الى الادوية والمستشفيات والمحروقات والبطالة والتلاعب بالدولار والفساد وتحديد الاسعار على دولار ٥٠ الفا وما فوق، بالاضافة الى تبخر كل الوعود الحكومية بالبطاقة التموينية الى المساعدات الاجتماعية للعسكريين التي ضاعت بين اصرار ميقاتي على ان حكومته «كاملة الاوصاف والصلاحيات» واصرار وزير الدفاع على امضاء ٢٤ وزيرا، حتى الترقيات في الجيش ستطالها هذه الحروب، فهل تنجح البدعة الدستورية للرئيس ميقاتي بتمرير المساعدات الاجتماعية للعسكريين واعتبار المرسوم نافذا بمجرد توقيع وزير الدفاع موريس سليم عليه في جلسة مجلس الوزراء في 5/1/2023، وقد طلب ميقاتي من الامانة العامة لمجلس الوزراء اعداد المرسوم مجددا كما اصدرته الحكومة وليس كما ارسله وزير الدفاع معدلا بعد استكمال التواقيع تمهيدا لنشره ومباشرة وزارة المالية دفع الاموال.
ارتفاع حالات الفرار من المؤسسات العسكرية
اما حالات الفرار من المؤسسات العسكرية، عادت وارتفعت في الاونة الاخيرة مع تقلبات الدولار واليأس من المعالجات، ولم تقتصر عمليات الفرار على العسكريين بل شملت مختلف الرتب، كل ذلك يحصل ومهام الجيش والقوى العسكرية تتفاقم وتتوسع مع ازدياد حجم المخاطر على البلد من كل الاتجاهات.