في زمن الانهيار التاريخي واستشراء الغطرسة السياسية ومشاريع خنق اللبنانيين بالدولار الاسود صعودا وهبوطا وعلى اجنحته اسعار السلع والمواد الاستهلاكية من دون حسيب او رقيب، وفيما الدولة مبتورة الرأس والحكومة عرجاء والسلطة التشريعية بالكاد تعمل “مع وقف التنفيذ”، وفيما القطاعات تنهار تحت وطأة الازمة الاقتصادية والمالية وتداعياتها،في ظل كل هذا المناخ، يواصل السراي والتيار الوطني الحر سجالهما الإعلامي على خلفية ملف الكهرباء، وكأن البلاد بألف خير، وقد دخل على خطه امس رئيس هيئة الشراء العام جان العلية.
بستاني – ميقاتي
في السياق، غردت عضو تكتل لبنان القوي النائبة ندى البستاني عبر تويتر امس كاتبة “بالوثيقة: الرئيس ميقاتي بيعطي موافقة استثنائية لفتح اعتماد بواخر الفيول. بغض النظر عن دستورية الموافقة الاستثنائية، كيف بـ٢٣ كانون الأول ما كان في لزوم لمجلس وزراء وما كان في مشكلة بفتح الاعتمادات واليوم فجأة صار في لزوم وصار في مشكلة؟؟!!”
على الاثر، صدر عن المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي البيان الاتي: يصر “التيار الوطني الحر” بشخص نائبته السيدة ندى البستاني على إجتزاء الحقائق في محاولة للتنصل من تدخّلها المباشر في عمل السلطة التنفيذية، عبر نشر موافقة استثنائية صادرة عن دولة رئيس الحكومة لفتح اعتماد مستندي لتأمين الفيول لصالح مؤسسة كهرباء لبنان. ولكن كالعادة، تغافلت “سعادة النائبة” عن مسألتين اساسيتين وردتا بوضوح في متن قرار الموافقة: الاولى: الاشارة الواضحة الى وجوب صدور مرسوم بالسلفة المشار اليها (صفحة ٣ من القرار) وليس كما حاولت عبثا اغفال هذه الواقعة عن الرأي العام وأن تبدلا ما قد حصل.الثانية: وجوب التقيد المطلق بتنفيذ بنود الخطة الموضوعة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، اي الايضاح رسميا من قبل المؤسسة كيفية اعادة هذه السلفة للخزينة، حتى لا تلحق بكل السلف السابقة.إما في الشق الدستوري، فننصح مَنْ يوجّه السيدة البستاني بوجوب لفت نظرها الى التوقف عن التدخل في عمل السلطة التنفيذية والمشاركة في نقاشات تخص السلطة التنفيذية نيابة عن الوزير المختص، الحاضر الغائب، متناسية دورها النيابي، الا اذا كان “التيار الوطني الحر” يعتبر أننا اصبحنا في زمن الحزب الواحد الذي يتولى السلطتين التشريعية والتنفيذية معا.أما في ما يتعلق بالاشكالية المالية والقانونية المتعلقة ببواخر الفيول، فنحيل الرأي العام على ما ورد اليوم على لسان رئيس هيئة الشراء العام الاستاذ جان العلية.
وزراء مخالفون
وكان رئيس هيئة الشراء العام جان العلية اشار الى انه مستمر بمطالبته بإخضاع كل الصفقات العمومية للتدقيق الجنائي فالتدقيق في مصرف لبنان غير كافٍ. ولفت في حديث اذاعي الى ان صفقات وزارة الطاقة كانت تتم خارج الاسس والمبادئ القانونية على مدى 10 سنوات ووزراء الطاقة يخالفون القوانين ويرمون التهم لتغطية مخالفاتهم.
نصيحة
فغردت النائبة ندى البستاني عبر “تويتر” معلقةً “بعد مرّة سبقناك بطلب تدقيق جنائي بوزارة الطاقة ومن شد على ايدك بهيدا الموضوع. اكتر من هيك لازم تشرح للرأي العام انو حسابات وزارة الطاقة موجودة بمصرف لبنان وبوزارة المالية وتطالب معنا بالتدقيق الجنائي هونيك كمان… هيدي نصيحة لصدقيتك اذا بعدها موجودة…” وأرفقت التغريدة بمجموعة تغريدات سابقة.
خارج الخدمة
وسط هذه الاجواء، لبنان يغرق في العتمة مع استحالة عقد جلسة وزارية حتى الساعة لاقرار اعتماد لشراء الفيول لزوم شركة كهرباء لبنان. وفي هذا الاطار، اعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أن خزين معمل الزهراني من الغاز أويل قد نفد بالكامل، ما وضع مساء امس الأربعاء، هذا المعمل الحراري الوحيد العامل حالياً، قسراً خارج الخدمة، وبما أنّه لم يتبقَّ من خزين معمل دير عمار من الغاز أويل سوى حوالى 6 آلاف طناً لا يُمكن استعمالها سوى من أجل أعمال التجارب والأداء commissioning ارتقب بدءها يوم الاثنين المقبل الواقع فيه 9-1-2023 والمرتبطة بأعمال الصيانة العامة (Major Overhaul) للمجموعة البخارية (Steam Turbine) في المعمل التي لا تزال مستمرة منذ حوالي الشهرين.
العلية: هم اهل العتمة
قال رئيس هيئة الشراء العام جان العلية رداً على وزير الطاقة السابقة النائبة ندى بستاني، إنّ “صلاحيات هيئة الشراء العام هي رقابية رصدية ولضبط مكامن الخلل وتقديم تقارير إلى الجهات المعنية ولا تملك هي صلاحيات منع المناقصات”.
وأشار العلية في مؤتمر صحافيٍّ إلى أنّه “لا يجب دفع الغرامات عن بواخر الفيول من المال العام، لانها تترتب عن خطأ شخصيّ”.
وأكّد أنّ “هناك نهجاً ما لا يريد إطلاق المناقصة”.
وشدّد العلية على أنّه “يجب التدقيق الجنائي بكلّ الصفقات العمومية التي لم تعرف المستفيد النهائي من هذه الصفقات، والتدقيق في مصرف لبنان وحده لا يكفي”.
ولفت إلى أنّ “هيئة الشراء العام لا تستهدف أي وزارة”، وأضاف: “انا أنتمي إلى فريق إسمه الوطن ولبنان وهذا سبب خلافهم معي ونهجهم لبنان الحصص”. وقال: “أرى مخالفات متكررة لقوانين تصلح لأن تكون أدلة لإدانة جنائية”.
وتابع العلية: “هني بدن يغلطوا ويلي بدو يعترض على الغلط بدن يقدموا فيه شكوى”، وقال: “من يخشى الاعلام ومن يخشى النشر ومن يخشى الشفافية هم أهل العتمة”.