أظهرت حرب البيانات والمواقف المتشنجة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض ووزراء الطاقة السابقين الذين ينتمون الى التيار الوطني الحر، وما شهدته الساعات الأخيرة من تقاذف للاتهامات بين الطرفين، أن اللقاء الذي عُقد بين ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عشية عيد رأس السنة وبقي بعيداً عن الإعلام لم يردم الفجوة القائمة بين السراي الحكومي وميرنا الشالوحي، التي استجدت على الخلافات القائمة في ما بينهما اضافة الى الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي يراها التيار غير دستورية لأنها بحسب رأيه تصادر صلاحيات رئاسة الجمهورية ولم يكن هناك مبرر لانعقادها بحسب مصادر التيار البرتقالي، الذي دفع بوزيري الشؤون الاجتماعية هكتور حجار والمهجرين عصام شرف الدين الى تقديم طعن لدى مجلس شورى الدولة لإبطال القرارات التي اتخذتها الحكومة مؤخراً.
في هذه الأثناء، طرحت الليونة التي أظهرها أمين عام حزب الله حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة والمتعلقة بالملف الرئاسي أكثر من علامة استفهام عن مدى جدية تراجع نصرالله عن تبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لمصلحة المرشح التوافقي.
مصادر سياسية واسعة الاطلاع أشارت في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية الى أن ما تشهده الساحة السياسية مع بداية السنة الجديدة، سواء من خلال الحراك الذي يقوم به النائب جبران باسيل أو ما ورد في الخطاب الأخير لنصرالله، يشير بوضوح إلى تغيّر جذري في الممارسة السياسية التي كانت معتمدة من قبل فريق ٨ أذار باتجاه لبننة الاستحقاق الرئاسي وعدم ربطه بالتطورات التي تشهدها المنطقة.
ورأت المصادر في مواقف نصرالله الأخيرة ما يشجع على فتح حوار جدي يفضي الى الاتفاق على شخصية سياسية تنهي الشغور الرئاسي وتكون على مسافة واحدة من القوى السياسية، متوقعة أن تشهد الأيام المقبلة تحركاً في هذا الاتجاه وهو ما تظهّر مؤخراً في مواقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الداعي الى الحوار ولاحقا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي أعرب عن عدم رفض الحوار اذا كان يساعد على انتخاب رئيس للجمهورية بالاضافة الى الدعوات المتكررة للحوار من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري.
الا أن عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متى لفت في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أننا لو تابعنا خطابات السيد نصرالله وما يصدر عنه من مواقف لرأينا ان ليس هناك تغيّراً في الاستراتيجية والتكتيك، لكنه هذه المرة ربما رأى أن ليس هناك من مجال لانتخاب رئيس جمهورية من ضمن فريقه السياسي، وهو ما تبيّن في الأشهر الأربعة الماضية، لذلك آثر المطالبة برئيس لمصلحة البلد وهذا هو الحل في نهاية المطاف لأننا نريد رئيساً يأخذ على عاتقه انتشال لبنان من أزماته، وليس رئيساً محسوباً على فريق معيّن.
وفي موضوع التباين القائم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، ذكّر متى بما قاله الرئيس السابق ميشال عون في مقابلته الأخيرة أن جبران باسيل هو صاحب تفاهم مار مخايل الذي أصبح يتطلب تعديلاً. وهو أي عون مع هذا التعديل آملا أن يكون هناك صحوة ضمير لتعديله لمصلحة لبنان، مقلّلاً من أهمية الخلاف المستجد بينهم لأن لا أحد منهم يمكنه الاستغناء عن الآخر، والسبب بسيط جداً لأن باسيل على عداء مع كل القوى السياسية فاذا اختلف مع حزب الله لا يمكنه التحالف مع أحد، كذلك حزب الله اذا اختلف مع باسيل فلن يجد بين القوى المسيحية من يؤمن له الغطاء المسيحي مثل التيار البرتقالي حتى فرنجية لا يستطيع ذلك، واصفاً ما يجري بالهمروجة التي ستنتهي مفاعيلها قريباً، متمنياً أن يكون لدى الطرفين رغبة صادقة لانقاذ البلد وأن يكون حزب الله قرر أن يلبنن سياسته ويقوم بترميم الجسور مع القوى السيادية.
بدوره، رأى عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب وليد البعريني أن لا جديد في الملف الرئاسي بانتظار أن يحدد الرئيس بري موعداً لجلسة الانتخاب، لافتاً في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن التكتل يدرس إمكانية تسمية مرشح له هذه المرة والتوقف عن الاقتراع بورقة “لبنان الجديد”.
وفي ما يتعلق بملف الكهرباء والسجال القائم بين ميقاتي والتيار الوطني الحر، كشف البعريني عن خلل كبير في وزارة الطاقة آن له أن ينتهي، معتبراً كلام رئيس لجنة المناقصات جان العلية مهم جداً ويعوَّل عليه، متحدثاً عن مغارة كبيرة اسمها وزارة الطاقة.
من جهته، تساءل النائب متى عن الخلل الفاضح في وزارة الطاقة على يد مَن هم في سدة المسؤولية الذين عليهم تحمّل مسؤولية تعاطيهم بهذا الملف، مذكّراً بالوعود التي قطعوها للبنانيين منذ شهرين برفع التغذية بالكهرباء الى عشر ساعات مقابل زيادة التعرفة التي ستجبى من المواطنين الشهر المقبل، لكن المفارقة ان الزيادة أُقرت والبلد ما زال غارقاً في العتمة وكله على حساب المواطن اللبناني، مشيراً الى أن هذا الأسلوب لن يوصل الى مكان ولن يؤدي الا لغرق اللبنانيين أكثر.
للأسف كل هذه الوعود الكهربائية لم تبصر النور، وتبيّن أنها بلا رصيد، وحتى الأمل بالعشر ساعات تغذية تبدّد كما الوعد الأخير بأربع ساعات كهرباء، وحتى الساعة اليتيمة التي تصل الى بيوت اللبنانيين باتت مهددة بعدما بدأت المعامل بإطفاء محركاتها تباعاً بسبب نفاد الفيول وكانت البداية من معمل الزهراني ليلاً.