عادت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 22 كانون الأول الماضي بعد انتهاء مؤتمر “بغداد 2” في عمّان عن الطبقة السياسية اللبنانية التي يجب أن ترحل، لأنها إما فاسدة وإما غير إصلاحية، إلى التفاعل في الكواليس السياسية، وذلك من زاوية تحييد ماكرون لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “الواجب دعمه”، بحسب الرئيس الفرنسي، كما لو أنه الإصلاحي الوحيد في الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان.
وأكدت مصادر متابعة لـ”نداء الوطن” ضرورة ربط تلك التصريحات بما تعرّض له أكثر من نائب ووزير من معاتبة سفراء دول غربية لأنهم يعارضون الخطة التي طرحها ميقاتي المبنيّة على الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي. وهذا ما حصل، على سبيل المثال لا الحصر، مع النائب والمرشح الرئاسي ميشال معوض عندما عاتبته السفيرة الأميركية دوروثي شيا من زاوية معارضته الصريحة لخطة ميقاتي المذكورة.
وأوضحت المصادر أن “نميمة” ميقاتي أمام مراجع غربية وعربية “تطال نواباً ووزراء وحتى زعماء بعينهم في معرض شكواه ممن يضع اللوم عليهم في عرقلة سياساته الحكومية وأجندته الإصلاحية”، وأدرجت المصادر ما قاله الرئيس ماكرون في هذا السياق لجهة “اتهام زعماء الطبقة الحاكمة بأنهم يعرقلون عمل ميقاتي وخطته الحكومية التي لا يرى الرئيس الفرنسي (وآخرون في عواصم غربية) بديلاً منها لأنها تتماهى مع الشروط الاصلاحية الواردة في الاتفاق مع صندوق النقد“.
ومما سبق يمكن الاستنتاج، بحسب المصادر الواسعة الاطلاع، أن “حركة رئيس مجلس النواب نبيه بري باتجاه تكثيف اجتماعات اللجان النيابية المشتركة إنما تهدف إلى تعجيل اقرار مشروع قانون “الكابيتال كونترول” الذي يعاني بري منذ سنوات من الاعتقاد الراسخ لدى كثيرين في الداخل والخارج بأنه هو أول من أجهض اقراره منذ بداية الأزمة، ما سمح بهروب مليارات الدولارات من المصارف إلى الخارج، وهي مليارات تعود لسياسيين ومصرفيين ونافذين كبار سياسياً ومالياً وأمنياً“.
إلى ذلك، تربط المصادر بين ما سبق أن شهده مجلس النواب، وما سيشهده على صعيد اطلاق درس مشروع قانون إعادة التوازن للنظام المالي اعتباراً من الثلاثاء المقبل في لجنة المال والموازنة، علماً بأن هذا القانون يتناول كيفية توزيع الخسائر واسترداد الودائع. وهناك أيضاً مشروع إعادة هيكلة المصارف الذي ينتظر دوره في الدرس وربما الإقرار في الاشهر القليلة المقبلة. وتشير المصادر الى أن تلك الحركة النيابية “يراد منها الردّ على ميقاتي من جهة، وتحضير أرضية للرئيس المقبل من جهة أخرى”، بيد أن الخلافات المحتدمة عمودياً وأفقياً بين مختلف الأطراف السياسية والطائفية قد تحول دون توافقات سريعة لاقرار الاصلاحات الشائكة والمعقدة، والتي تتشابك فيها جملة مصالح هائلة عابرة للطبقة السياسية والمصرفية والمالية في البلاد.
أما في جديد “الأخبار الرئاسية”، فنقلت أوساط ديبلوماسية لـ”نداء الوطن” معلومات تفيد بأنّ وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب عمل خلال زيارته واشنطن على تسويق نفسه كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية، ملمّحاً أمام عدد من المسؤولين الذين التقاهم خلال الزيارة إلى القدرة على تأمين توافق داخلي على اسمه في حال حظي ترشيحه بدعم أميركي، باعتباره كان سفيراً سابقاً لدى الولايات المتحدة ويتمتع بعلاقات غربية وعربية تتيح تعزيز حظوظه الرئاسية.
وإذ لم يُعرف ما إذا كان تسويق بو حبيب نفسه للرئاسة خلال زيارته واشنطن أتى بمبادرة شخصية منه لجسّ النبض الأميركي حيال إمكانية دعم ترشيحه، أم أنه جاء بإيعاز من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لمحاولة استمالة الأميركيين، اكتفت مصادر مقربة من ميرنا الشالوحي بالإشارة إلى أنه لا “يوجد حتى اللحظة أي مرشح رئاسي للتيار الوطني”، نافيةً في الوقت عينه علمها بأي “طرح جدّي” حول ترشيح بو حبيب.