على الرغم من مرارة أزماته وتعددها المريب، لا تزال عواصم المركز والاقليم، تبحث عن مساحة حركة في هذا البلد. فالقضاء الأوروبي (الالماني، والفرنسي، واللوكسمبورغي) يبحث عن نفوذ في خبايا الفساد اللبناني، عبر التحويلات والتبييضات (نسبة الى تبييض الاموال).
والدبلوماسية الايرانية، لا ترى في البلد، من وقت لآخر، سوى منصة للاعراب عن موقف او توجيه رسائل في هذا الاتجاه الاقليمي او العربي او حتى الغربي والأميركي، وهذا ما فعله، كما لاحظت المصادر المتابعة عبر الحركة التي قام بها وزير خارجية ايران أمير حسين عبد اللهيان الى بيروت، واجتماعه الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين زياد نخالة، فضلاً عن مؤتمر صحفي عقده في الخارجية بعد لقاء مع نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب، وفيه تحدث عن عدة نقاط ابرزها «تقدم ما» في العلاقة مع المملكة العربية السعودية، والانفتاح التركي على سوريا.
واعربت مصادر سياسية عن اعتقادها بأن زيارة وزير الخارجية الايراني الى لبنان، كانت بهدف اثبات حضور ايران وجودها ديبلوماسيا في المنطقة، وتحويله إلى منصة، بعد سلسلة التحركات الاخيرة بين موسكو ودمشق وانقرة، لمناقشة الملف السوري واجراء مصالحة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الاسد، بغياب ايراني لافت، بالرغم من العلاقات الجيدة التي تربط النظام الايراني بالدول الثلاث، ووجود قوات ايرانية ومليشيات تابعة له في مناطق سورية عدة.
وقالت المصادر ان زيارة وزير الخارجية الايراني إلى لبنان والتي تمت بمبادرة منه، لم تتطرق إلى تفاصيل تطوير العلاقات بين البلدين، كما اراد الايحاء بذلك، بل كان حديث عابر لزوم اللياقات الديبلوماسية التي يبرع فيها الوزير الايراني، الذي ركز مجمل احاديثه مع الذين التقاهم عن الوضع الداخلي بايران، محملا الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل واعوانهم مسؤولية اشعال الاحداث الاخيرة في بلاده، لاضعاف موقفها بمفاوضات الملف النووي وتسهيل تدخلها بشؤون المنطقة.
ونقلت المصادر عن وزير الخارجية الايراني طمانته لكل من التقاهم، بانه تم القضاء على كل محاولات الاخلال بالنظام واستهداف الثورة الاسلامية وان الاحداث اصبحت في نهاياتها، ولاخوف على الاستقرار، لان الدولة موحدة بكل قواها لمواجهة العناصر المخربة والخارجة عن النظام وتقف لها بالمرصاد، ولا داعي للقلق اطلاقا مما يروج من اعداء الثورة الاسلامية.
اما بخصوص ما عليه وزير الخارجية الايراني عن استعداد بلاده لمساعدة لبنان لانشاء معملي للكهرباء للمساهمة بحل ازمة الكهرباء، ذكرت المصادر بأن العرض الايراني قديم، وليس بجديد، وسبق للحكومة اللبنانية ان بحثت هذا الموضوع مع المسؤولين الإيرانيين بالتفاصيل خلال زيارة قام بها وفد لبناني تقني إلى طهران، وتبين استحالة قبول العرض الايراني، لنواقص وعدم وضوح في مضمونه، ولتدني مستوى التقنية المعتمدة، والاهم من كل ذلك، الشروط المالية التي تلزم الدولة بتبعات طويلة المدى وباثمان باهظة، خلافا لكل الادعاءات والمواقف التي تصدر عن تسهيلات واعفاءات، ليست موجودة على الاطلاق في المباحث التفصيلية.
ومع بقاء الملف الرئاسي اللبناني خارج حلبة النقاشات، وفقاً لما تيسر من معلومات، فان الكباش الداخلي مستمر اذ لا يفوّت التيار الوطني الحر فرصة إلا ويُعيد فيها حضوره الاعتراضي على ادارة الحكومة المستقيلة لشؤون الدولة، وسدّ ما يمكن سده من احتياجات، لا بد منها كسلفة الكهرباء، وجلسة السرطان وربما جلسات أخرى.
ومع ذلك، فإن جلسة مجلس الوزراء الثانية، ستعقد، ربما الاربعاء او الخميس، في حال وجهت الدعوة اليها الاثنين، من قبل الرئيس نجيب ميقاتي، الذي شكا فيه وزير الطاقة والمياه وليد فياض بأنه لم يرد على اتصاله الهاتفي به.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الأسبوع الحالي يقفل على سلسلة تطورات يحدر التوقف عندها ولا سيما في الموضوع القضائي وكذلك بالنسبة إلى زيارة وزير الخارجية الإيرانية وما صدر في خلالها من مواقف لا بد من ترقب مفاعيلها. وأشارت هذه المصادر إلى أنه في الملف الرئاسي لم يبرز أمر جديد بأنتظار ما قد يستجد الأسبوع المقبل قبيل جلسة الانتخاب على ان زيارة قائد الجيش الى رئيس مجلس النواب لا يمكن إدراجها في إطار بحث الملف الرئاسي فحسب .
اما بالنسبة إلى جلسة مجلس الوزراء فأتها على قاب قوسين أو أدنى من الانعقاد وتنتظر دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال لها، وهي محصورة بالبنود الأساسية التي لا تحتمل تأجيل.
تدوير زوايا الجلسة
وبعد ان اكد حزب الله مشاركته في جلسة مجلس الوزراء الاسبوع المقبل شرط حصر البحث فيها بملف الكهرباء، افادت بعض المعلومات ان الدعوة ستوجه الى مجلس ادارة كهرباء لبنان للمشاركة فيها. وعُلم ان الجلسة ستبحث في بندين فقط هما مرسوم سلفة الفيول، ومشروع مرسوم توقيع اتفاقية بيع زيت الوقود بين لبنان والعراق.
وبالنسبة الى موقف الوزراء المعارضين لعقد الجلسة، فقد قالت مصادرهم لـ «اللواء»: حتى الان لم تتم الدعوة الى عقد الجلسة والاتصالات ما زالت قائمة لمعالجة موضوع سلفة الفيول اويل لتشغيل معامل الكهرباء.
وكشفت ان وزير الطاقة والمياه وليد فياض بصدد اعداد مشاريع مراسيم تتعلق بما هو مطروح حول ملف الكهرباء في جدول اعمال الجلسة، بصيغة توقيع 24 وزيراً وتحال الى الامانة العامة لمجلس الوزراء للموافقة عليها وتوقيعها. وقد تم التفاهم بيننا على هذه الصيغة.
لكن المصادر اضافت: اما اذا كان هناك تدوير زوايا لعقد الجلسة لكن ببند وحيد هو ملف الكهرباء، فيمكن ان نعيد النظر بموقفنا من عدم الحضور، لأن ما يهمنا هو تيسير وتسيير شؤون المواطنين.
والى حين البت بالاقتراح لا سيما لجهة قبول الرئيس ميقاتي به وهو الذي يرفض توقيع الـ24 وزيراً كما يرفض المراسيم الجوالة، طرح بعض الخبراء سؤالاً عمّا اذا كانت الاموال متوافرة لدفع ثمن الفيول والغرامات المترتبة على وقوف اربع بواخرمحملة بالمادة في عرض البحر منذ اسبوعين بغرامة قدرها نحو سبعين الف دولار؟ اي اكثر من المبلغ المطلوب لسعر الفيول وهو 62 مليون دولار. وفي حال وفّرتها الدولة… من اي مصدر. هل من ما تبقى اموال المودعين والمضاربات في سوق الدولار السوداء؟.
عبد اللهيان والدعم
دبلوماسياً، شملت لقاءات عبد اللهيان كلاً من الرئيسين بري وميقاتي. وعقد بوحبيب وعبد اللهيان مؤتمرا صحافيا بعد الاجتماع، قال فيه بو حبيب: تشرفتُ بلقاء وزير الخارجية الإيراني ولمستُ منه تأكيداً إيرانياً على أهمية استقرار لبنان والإسراع بانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية. وعبّرت للوزير الإيراني عن حرص لبنان على استقرار ايران كما أكدت رفض تدخل أي دولة في شؤون دولة أخرى.
وردا على سؤال حول العوائق امام العرض الايراني لتزويد لبنان بالفيول، قال بو حبيب: هناك محاولات جدّية للاستفادة من المساعدات الإيرانية للبنان وهناك طبعاً عوائق وضغوط خارجية. مع هذا، فإننا في لبنان مستمرون في محاولاتنا بشأن تلك المساعدات.
بدوره، أكّد عبد اللهيان أن «إيران ستبقى دائماً الصديق الوفي للبنان في السراء والضراء»، مشيراً إلى أنّه «تداول مع بو حبيب في سُبل تعزيز العلاقة بين البلدين على الصعد السياسيّة والاقتصادية والسياحية».
وأضاف: اتفقنا مع وزير الخارجية اللبناني على تفعيل العلاقات الثنائية بين بلدينا وبدأنا نشهد نتائج ملموسة في هذا الإطار، ونحن مُستعدون للالتزام بالأمور الملقاة على عاتقنا من خلال اتفاقٍ بتزويد لبنان بالفيول. واعلن ان «فريقا تقنيا لبنانيا زار إيران واجتمع مع المعنيين لتأمين الفيول والمحروقات التي يحتاجها لبنان من أجل الكهرباء».
وأعلن عبد اللهيان أن «إيران على أتمّ الاستعداد لبناء وتأهيل معامل الطاقة الكهربائية في لبنان بالتنسيق مع الحكومة».
ورداعلى سؤال حول موقف ايران من انتخاب رئيس الجمهورية ومساعيها في هذا المجال؟ قال عبد اللهيان: أن بلاده لا تتدخل في الأمور الداخليّة للبنان، وهي تُرحّب بتلاقي وتحاور كل التيارات السياسية. ونحن على ثقة تامّة بأنّ التيارات السياسية اللبنانية لديها الوعي والتجربة الكافيتين لإيجاد مخرج للشغور الرئاسيّ.
بعدها توجه عبد اللهيان والوفد المرافق الى السراي حيث إستقبله الرئيس ميقاتي. وتم خلال الاجتماع بحث العلاقات بين لبنان وإيران وسبل تطويرها، اضافة الى الوضع في المنطقة. وأكد الرئيس ميقاتي في خلال الاجتماع أن »الاوضاع في لبنان صعبة، ولكننا نعمل على تسيير الأمور ولدينا الثقة والعزيمة للعمل على الخروج من هذه المحنة«.
والتقى عبد اللهيان بعد الظهر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وبحث معه آخر التطورات والأوضاع السياسية في لبنان وفلسطين والمنطقة، وبخاصة «الاحتمالات والتهديدات الناشئة عن تشكيل حكومة الفاسدين والمتطرفين في كيان العدو، وموقعية حركات المقاومة وكل محور المقاومة في مواجهة المستجدات والأحداث الإقليمية والدولية» حسبما جاء في بيان عن اللقاء.
وعقد عبد اللهيان السادسة مساءً مؤتمرا صحفيا في مجمع الإمام الخميني تحدث فيه حول أهداف زيارته لبيروت، واكدالمضي في تطوير العلاقات الثنائية. وقال: إيران مستعدة لتأمين الفيول لتشغيل معامل الكهرباء عبر اتفاق بين البلدين. كما انها مستعدة لإقامة معملين لإنتاج الكهرباء في بيروت والجنوب بقدرة الف كيلوواط لكل معمل.وإ يران جاهزة للتعاون مع لبنان في مجال الطاقة عندما تكون الحكومة اللبنانية مستعدة لذلك.
وتطرق الى المسائل الاقليمية فقال: أجرينا 5 جولات من الحوار مع السعودية في بغداد ونحن مستعدون لإعادة العلاقات مع الرياض إلى طبيعتها، لكن السعودية غير مستعدة حتى الآن لتطبيع العلاقات مع إيران.
وأضاف: إن الكيان الصهيوني يمرّ في أصعب الظروف وأستطيع ان اقول وبكل ثقة بعد لقائي مع السيد نصر الله والأخ زياد نخالة، أن المقاومة في أبهى حالاتها سواء في لبنان أو في فلسطين.
دعم اوروبي
على صعيد آخر، اجتمع الرئيس ميقاتي مع المدير الاقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه قبل ظهر أمس في السراي الحكومي. وتم البحث في مشاريع البنك الدولي في لبنان، ومن بينها مساعدات لقطاع التعليم تبلغ نحو 25 مليون دولار تخصص للاساتذة في التعليم الرسمي وتتعلق بالإنتاجية وبحضور المعلمين الى المدارس.
وتناول اللقاء مساعدة تبلغ نحو مليون دولار ستخصص لقطاع الكهرباء من أجل إجراء التدقيق المالي في شركة كهرباء لبنان لأعادة دراسة التعرفة والوضع المالي، وإنشاء الهيئة الناظمة، اضافة الى البحث في إعطاء البنك الدولي قرضا ثانيا لشبكة «أمان».
كذلك تم البحث في الحصول على هبة من الصندوق الائتماني تبلغ نحو ستة ملايين دولار مساعدة لوزارة المالية من أجل النظام المعلوماتي والاصلاحات الضريبية والقانون الجديد للمحاسبة العمومية والتدقيق في أصول 14 مصرفا لبنانيا يمثلون 85 بالمئة من القطاع المصرفي خصوصا وان بدء عملية التدقيق من قبل الشركات الدولية هو أحد الشروط المسبقة للاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
غلاء المعيشة والدولار
على الصعيد المعيشي وفيما تجاوز سعر صرف الدولار امس 49 الف ليرة مقترباً من الخمسين بلا حسيب ولا رقيب ولا سبب مقنع مالي او اقتصادي، كشف وزير العمل مصطفى بيرم أنّه تمّ الاتفاق على زيادة مليون و900 ألف ليرة على رواتب موظفي القطاع الخاص، وتحويل بدل النقل الى 125 ألفاً في القطاع الخاص وسنضغط لإقراره في القطاع العام.
وبعد اجتماع لجنة المؤشر لبحث رفع الحد الأدنى للأجور والتقديمات الاجتماعية، أكّد الوزير بيرم أنّ المنح التعليمية ستُدفَع في أيلول المقبل.
وقال: ما أنجزناه يُلزم الضمان بإجراء تعديلات بخصوص الاستشفاء والدواء والأمومة.
ومع اقتراب الدولار من عتبة الخمسين الف ليرة، أظهر جدول تركيب أسعار المشتقات النفطية الصادر امس، عن وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط، ارتفاعاً في سعر صفيحتي البنزين 95 و98 أوكتان 21000 ليرة لبنانية، وسعر صفيحة المازوت 15000 ليرة، وقارورة الغاز 14000 ليرة لبنانية. وأصبحت الأسعار على الشكل الآتي: صفيحة البنزين 98 أوكتان: 846000 ليرة، صفيحة البنزين 95 أوكتان: 824000 ليرة، صفيحة المازوت: 881000 ليرة، قارورة الغاز: 521000 ليرة.
القضاء الأوروبي
وبدءاً من بعد غد الاثنين، يبدأ الوفد القضائي الالماني والفرنسي واللوكسمبورغي مهمته في بيروت، بعد وضع الترتيبات في قصر العدل، فيستمع الى شخصيات لبنانية مصرفية ورقابية، وعلم انه الى اثنين من نواب حاكم مصرف لبنان السابقين، رئيس هيئة الرقابة على المصارف السابق، ويرجح أن يكون سمير حمود بصفتهم شهوداً وليس إلا.
وفي شأن قضائي آخر، اوقفت دورية من امن الدولة الناشط وليم نون، على خلفية ملاحقته حول ما جرى في قصر العدل في اليومين الماضيين.
واستمر التحقيق مع نون في أمن الدولة، بحضور محاميه والنائب ملحم خلف، في حين حمل نواب في «القوات اللبنانية» على ما وصفوه بالدولة البوليسية، مؤكدين التضامن مع الموقوف نون.
وتحرك أهالي انفجار المرفأ للمطالبة بالإفراج عن نون، الأمر الذي أدى الى إشكال مع عناصر أمن الدولة.
كورونا: 215 إصابة
الكوليرا: صفر إصابات
صحياً، سجلت امس وزارة الصحة 215 إصابة جديدة بفايروس كورونا، مما رفع العدد التراكمي الى 1.225047 إصابة، مع تسجيل حالة وفاة واحدة. أو في ما خص اصابات الكوليرا، لم تسجل اي اصابة جديدة، ولا اي حالة وفاة.