الدولار قفز فوق عتبة الخمسين ألف ليرة مستبقاً أي إجراءات متوقعة قد يتخذها مصرف لبنان غداة اجتماع مجلسه المركزي، أما المعالجات الفعلية فتبدو غائبة، وكأن ليس باليد حيلة في ظل الكربجة السياسية والجمود القائم، الذي قطعه أمس الحزب التقدمي الاشتراكي بمستويات ومجالات مختلفة، بدءا من البيان الذي أصدره الحزب محذّراً من الحالة الخطيرة في قطاع التربية التي تعني تشرّد مئات آلاف الطلاب اللبنانيين، الى جانب غيرهم من النازحين السوريين في الشوارع، وهو ما ينذر بانفجار اجتماعي مدمّر ويضرب كل فرص مستقبل لبنان، ثم الى الموقف الذي اتخذته كتلة نواب الحزب في جلسة مجلس النواب برفع صوت الانذار من استمرار مسلسل التمييع في انتخاب رئيس للجمهورية والتلويح بموقف جديد، وصولاً إلى استقبال رئيس الحزب وليد جنبلاط مساء أمس وفد حزب الله لاستكمال المسعى الجدي في محاولة كسر جدار الانسداد في أفق الرئاسة.
وتحت قبة البرلمان في الجلسة الحادية عشرة المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، أكد أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن ان الكتلة قد تضطر الى تعليق مشاركتها في الجلسات المُقبلة، وذلك بعدما أُجهضت فرصتين للحوار وعدنا الى نفس الدوامة المُملّة والى نفس السيناريو. وبعد الجلسة أعلن النائبان نجاة عون وملحم خلف الاعتصام داخل القاعة العامة لمجلس النواب احتجاجا على عدم الدعوة لعقد جلسات متتالية الى حين التوصل لانتخاب رئيس. ثم انضم اليهما عدد من النواب التغييرين وباتوا ليلتهم داخل القاعة.
لكن عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم فقد اعتبر في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أن “الاعتصام في حرم المجلس لن يوصل إلى أي مكان، ولن يغير من قناعات النواب بشيء”، ورأى أن “لا حل الا بالذهاب الى توافق، فمن غير المسموح لأحد الوصول الى الرئاسة بمرشح تحدي او الوصول الى مشروع من هذا النوع، فلا امكانية لأحد لفرض مرشح احادي او مواجهة مكشوفة“.
وشدد هاشم على “الحوار والتواصل للوصول الى تفاهم وتسريع خطى التوافق بين جميع القوى السياسية، سواء أكان ذلك من خلال موقف اللقاء الديمقراطي أو ما يحصل من دعوة للاعتصام حيث ان الجميع مدعوون لسلوك طريق الحوار”، لافتا إلى أنه “لغاية الآن ليس هناك من تباشير لفرج قريب فيما خص انتخاب الرئيس، مؤكدا على الدعوة لجلسة انتخاب يوم الخميس المقبل إذا لم يكن هناك من أمور تحول دون ذلك“.
إلى ذلك وعلى هامش الجلسة اعتصم أهالي شهداء إنفجار المرفأ في ساحة النجمة مطالبين بتحريك ملف التحقيقات. وقد انضم عدد من نواب كتلة “اللقاء الديمقراطي” مؤكدين التضامن معهم ومع قضيتهم، ومشددين على ضرورة استكمال التحقيقات من أجل الوصول الى الحقيقة. وذكّر النائب مروان حمادة أمام الأهالي بمواقف الكتلة “الداعمة لقضيتهم منذ اللحظة الأولى لإنفجار المرفأ في المطالبة بتحقيق دولي مروراً بكل المحطات التي كان “اللقاء الديمقراطي” في مقدمة المطالبين برفع الحصانات من أعلى الهرم وحتى آخر مسؤول لكشف الحقيقة ومعاقبة المتورطين. كما ذكّر حمادة بالوثيقة التي وقعها “اللقاء الديمقراطي” للمطالبة بلجنة تقصي حقائق دولية.
أما في كليمنصو، فقد تناول لقاء جنبلاط وحزب الله السبل المتاحة للخروج من مربع التعطيل في انتخابات الرئاسة، وكان تشديد “اشتراكي” على عدم قدرة البلاد تحمل المزيد من تضييع الوقت لانتخاب رئيس للجمهورية في ظل العوامل المتفجرة التي تضرب كل مقومات الحياة اجتماعياً واقتصادياً، وكان هناك تبادل وجهات نظر في الآليات التي تسمح بخروج النقاش من البعد النظري الى الشق العملاني بما يسمح بالتوصل الى التوافق المطلوب لإتمام الاستحقاق الرئاسي.
وفيما تؤكد قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي استمرار تمسك الحزب بقناعته طرق باب الحوار لأن لا سبيل سواه، في المقابل تبدو الساحة المحلية مقفلة حتى الساعة أمام اي انفراجات محتملة. وبحال لم يتم التلاقي مع مساعي جنبلاط أو مع أي مسعى حواري آخر، فالقلق كل القلق مما ستؤول إليه الأمور على مستوى الانفجار الاجتماعي الذي بدأت تلوح معالمه في حراك المعلمين والموظفين وفي التحركات الشعبية التي تطل برأسها في مناطق متعددة.