في سابقة قانونية، وبعد ايام على لقاء جمعه مع الوفد القضائي الفرنسي، سرق الاجتهاد القانوني للمحقق العدلي في جريمة مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الاضواء من باقي الملفات الغائبة اصلا عن الساحة السياسية باستثناء حراك حزب الله باتجاه الخصوم والحلفاء وآخرها جلسة المكاشفة والمصارحة في ميرنا الشالوحي بالامس والتي انتهت الى «كسر الجليد» في العلاقة دون انهاء الخلافات والتباينات.
عودة القاضي البيطار الى ملف التحقيقات بعد نحو سنة وثلاثة أشهر باجتهاد ودراسة قانونية، ادت اشتباك علني مع النيابة العامة التمييزية التي تتجه الى رفض تنفيذ قراراته واعتبارها كانها لم تكن، ما سيعيد البلاد الى «كباش» سياسي – قضائي في ظل عودة «الكباش» المفتوح حول هذا الملف بعد ان منح البيطار لنفسه الحق، سلطة مطلقة بملاحقة من يشاء دون اذن مسبق وفي طليعة المستدعين المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، والمدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا. في هذا الوقت لا جديد رئاسيا، الحراك الداخلي لا يزال بعيدا عن انتاج صيغ تسووية تسمح بانضاج حل داخلي، حراك حزب الله الحواري يلاقيه انفتاح من قبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على جميع القوى السياسية» بمباركة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في محاولة لفتح «نوافذ» الحوار غير المباشر بين «الخصوم»، ولا يفكر في تغيير موقعه والتحضير لاستادرة سياسية، بل يراهن على حوار داخلي، خصوصا ان عضو اللقاء الديموقراطي وائل ابو فاعور لم يلمس في زيارته قبل ايام الى الرياض وجود «فيتوات» رئاسية على أحد وانما شروط سعودية باتت معروفة للقاصي والداني حيال مواصفات الرئيس والحكومة المقبلة، ولهذا ثمة رهان على «سرقة» الاستحقاق، في وقت لا تزال فيه ايران التي تتصاعد حدة المواجهة بينها وبين الاتحاد الاوروبي، توجه رسائل ايجابية اتجاه المملكة ، وآخرها ترحيب المتحدث باسم الخارجية الايرانية ناصر كنعاني بالمواقف الايجابية للمسؤولين السعوديين اتجاه العلاقات مع طهران، وهو امر يحاول جنبلاط البناء عليه لمحاولة تمرير الاستحقاق الرئاسي والحكومي دون عناء انتظار التسويات الكبرى في المنطقة.!
البيطار «يقلب الطاولة»
قضائيا، قرر المحقق العدلي القاضي طارق البيطار قلب «الطاولة» في وجه الجميع، وبعد نحو سنة وثلاثة أشهرعلى توقف التحقيق في تفجير المرفأ، نتيجة طلبات كف يده عن الملف، عاد «فجاة» إلى مزاولة عمله بموجب اجتهاد ودراسة قانونية معللة استند إليها، تقوم على أن «المجلس العدلي هو محكمة خاصة أنشأها القانون للنظر في نوع خاص من الجرائم الهامة والخطرة التي حددتها المادة 356 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، وفيما تتجه النيابة العامة التمييزيّة الى التعامل مع القرار الصادر عن البيطار «وكأنّه منعدم الوجود»، ما يعني أنّها لن تنفّذ قرار إخلاء السبيل ولا قرار الادّعاء التي اصدرها، صدر عن وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال هنري الخوري بيان «ملتبس» قال فيه «تتداول وسائل الاعلام مقتطفات من قرار صادر عن المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، وفي ضوء ما تضمنته تلك المقتطفات فإن وزير العدل أحال نسخة منها الى مجلس القضاء الاعلى للاطلاع، ولما يمكن مما تقدم التأثير على مجريات هذا الملف وحسن سير العدالة، وبخاصة لناحية وجوب المحافظة على سرية التحقيق».
مواجهة قضائية
وتتجه الامور نحو مواجهة قضائية مفتوحة بين البيطار والسلطة القضائية، حيث اكدت مصادرها أن النيابة العامة التمييزية الموكلة بتنفيذ هذه القرارات، لن تنفذها، وستتعامل معها انها منعدمة الوجود، بعد ان منح البيطار لنفسه، الحق بالادعاء على القضاة، وعلى القادة الامنيين دون الرجوع الى السلطة الاعلى للحصول على الاذونات، وهو احرج «التمييزية» لانها ستكون اليوم في مواجهة اهالي الشخصيات التي اصدر قرارا باطلاقها، وهي لا تريد المصادقة على عملية الافراج لانها بذلك تمنحه اعترافا واضحا بصحة الاجتهاد القانوني الذي لجأ اليه للعودة. ووفقا لمن التقوا البيطار فهو علل انتظار كل هذه المدة قبل اخذ المبادرة بانه منح الوقت اللازم للمخارج وعند انسداد الافق تحرك! وكان البيطار قرر الادعاء على 8 شخصيات جديدة، وحدد مواعيد لاستدعائهم واستجوابهم وأرسل مذكرات لتبليغهم مواعيد الجلسات من دون إعلانها، كما قرر إطلاق سراح 5 موقوفين في الملفّ، هم مدير عام الجمارك السابق شفيق مرعي، ومدير العمليات السابق في المرفأ سامي حسين، ومتعهّد الأشغال في المرفأ سليم شبلي، ومدير المشاريع في المرفأ ميشال نحول، والعامل السوري أحمد الرجب، ومنعهم من السفر، ورفض إخلاء سبيل 12 آخرين وأبقاهم قيد التوقيف وبين المدعى عليهم الجدد، المفترض ان يبدا التحقيق معهم مطلع شباط المقبل، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، وقضاة وإداريون وسياسيون. وقد اعتبر اللواء ابراهيم أن «الادعاء عليه لا يستدعي التعليق وقال «لن أتحدث عن المثول أمام القضاء قبل الاستدعاء».
مبررات العودة للتحقيق؟
وقد استند المحقق العدلي إلى دراسة قانونية تتيح له العودة إلى مهامه، وأشارإلى أن «المادة 357 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، نصّت على أن المجلس العدلي يؤلف من الرئيس الأول لمحكمة التمييز، ومن 4 أعضاء من محاكم التمييز يعينون بمرسوم يتخذه مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى. ولفت إلى أن المادة نفسها تضمنت ما مفاده، أن «المرسوم نفسه يقضي بتعيين عضو رديف أو أكثر في المجلس العدلي، يحلّ محلّ القاضي الأصيل في حال إحالته على التقاعد أو الوفاة أو في حال ردّه. وأكد البيطار أن القانون نصّ على ردّ أعضاء في المجلس العدلي، لكنه لا وجود لأي نص قانوني يتحدث عن ردّ المحقق العدلي، ما يعني عدم جواز ردّه، وبالتالي لا قيمة لدعاوى الردّ المقدمة ضده. وبراي البيطار فان شخص المحقق العدلي مرتبط بالقضية التي ينظر فيها، فإذا أقيل المحقق العدلي تنتهي القضية، ولهذا يمكن للمحقق العدلي أن يدعي على جميع الأشخاص من دون طلب الإذن من أي إدارة أو وزارة، معتبراً أن «المادة 356 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، أخذت معياراً واحداً لا غير متعلقاً بطبيعة الفعل الجرمي لإحالة الدعوى على المجلس العدلي، دون إعطاء أي اعتبار لهوية المرتكبين، سواء كانوا من السياسيين أو العسكريين أو القضائيين، وأن المادة كرست المفعول الساحب للجرائم المحالة على المجلس العدلي، بحيث يصبح المجلس العدلي وحده المرجع الوحيد الصالح للبتّ بها». اما الحق بالادعاء على قضاة وأمنيين وعسكريين من دون الحصول على إذن من الإدارات المعنية، فبررها البيطار بالمادة 362 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي ترفع أي قيود عن مهام المحقق العدلي، وأعطته صلاحيات مماثلة للصلاحيات العائدة للنائب العام التمييزي في الادعاء! وعُلم ان المحقق العدلي شارف على إنهاء القرار الاتهامي في الجريمة وقد بلغ حتى الآن 540 صفحة، وتبقّى من 120 صفحة إلى 150 صفحة لإنجازه؟
“كسر جليد” في ميرنا الشالوحي
داخليا «كسر» لقاء ميرنا الشالوحي العلني بين المعاون السياسي لحزب الله الحاج حسين خليل ورئيس وحدة التنسيق والارتباط وفيق صفا، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والنائب سيزار ابي خليل، «الجليد» في العلاقة بين الحليفين دون الوصول الى تفاهمات حول الخلافات، بل اتفاق على استئناف الحوار المتوقف، وتنظيم الخلاف وابقائه قدر الامكان في «الغرف المغلقة» لأن العلنية تزيد الامور تازيما، براي حزب الله الذي التزمت مصادره بعدم التسريب، وقالت انه هناك متابعة لكافة الملفات، وتم اتفاق على اجتماعات أخرى. وتحدثت مصادر التيار عن «كسر» القطيعة، ولفتت الى ان كل شيء قيل دون «قفازات». وعلمت «الديار» ان اللقاء الذي استمر قرابة الثلاث ساعات جاء بطلب من حزب الله الذي اصر على ان يكون علنيا لانه اراد توجيه «رسالة» امام وسائل الاعلام، والنتيجة الاولية لهذا اللقاء ان «تفاهم مارمخايل» باق حتى اشعار آخر، فعناوين النقاش كانت محددة ولم يكن الاجتماع اصلا لايجاد حلول، بل لتوضيح المواقف، وهذا ما حصل، ففي الملف الحكومي كل طرف عرض وجهة نظره وتمسك بها، فلا الحزب تراجع عن امكانية المشاركة في اي جلسة تحت عنوان معيشي ملح ، ويعتبرها غير مستفزة او لتحدي «التيار»، بينما اعاد باسيل التاكيد ان ما يحصل ضد الشراكة وهو وجودي بالنسبة اليه ويريد من الحزب مواقف عملية مطمئنة في هذا الاتجاه. وفي الملف الرئاسي اعاد باسيل التمسك في مواقفه على صعيد الترشيحات، وهو لم يتراجع عن تشدده ازاء رفضه للاسماء المتداولة، بينما لا يزال حزب الله عند موقفه بعدم الانتقال الى نقاش حول ترشيح اي اسم جديد، كبديل عن دعمه لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية. واراد حزب الله ايصال رسالة مفادها ان الخلاف يجب ان يكون بعيدا عن التشكيك في النوايا المبيتة، وانما ضمن اطار الاختلاف الطبيعي حول قضايا سياسية. وقد تم الاتفاق على لقاءات اخرى لمناقشة تفاصيل محددة، على ان تتوج التفاهمات اذا حصلت، بعودة اللقاءات بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وباسيل بعد ان انتهى الاجتماع الاخير «بعتب» شديد من السيد على رئيس «التيار» الذي عمد الى تسريب فحوى اللقاء.
لا للتصادم
وفي تصريحاته بعد الاجتماع في ميرنا الشالوحي اكد الخليل ان «حزب الله والتيار الوطني الحر ليسا في حال تصادم ويسيران في اتجاه واحد»، وقال: «الجلسة كانت صريحة جدا وواضحة في موضوع رئاسة الجمهورية والحكومة، واتفقنا ان للبحث صلة، وهذا اللقاء لن يكون الاخير. ولفت الى ان «حزب الله له رأي في الموضوع القضائي، والثوب القضائي الذي يجب ان يكون أبيض تعرض للكثير من النقاط السود، ومنها ملف المرفأ. ولفت الى ان «تفاهم مار مخايل قائم، ولم نر اي امتعاض من النائب باسيل في هذا الخصوص، ونحن في بلد فيه نقاش سياسي دائم، ونحن لسنا حزبا واحدا بل حزبين ولدينا طريقتي تفكير، ولكننا نعمل على المساحات المشتركة..وأضاف: «لن أتعرّض للكثير من تفاصيل اللقاء مع باسيل، لأن المجالس بالأمانات، فنحن نتناصح بالغرف المغلقة وليس في الإعلام. من جهته قال صفا «الممغوصون اليوم من التفاهم مع «التيار» ما رح يكونوا مبسوطين بل اكثر حزنا…
جنبلاط والمهمة الانقاذية
وياتي حراك حزب الله «الحواري، بعد ساعات على الاجتماع في «كليمونصو» مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حضور نجله تيمور، اللقاء الذي جاء بطلب من زعيم المختارة، هو محاولة «اشتراكية» لايجاد ثغرة في جدار الحوار المقطوع بين كافة الافرقاء السياسيين، ووفقا لزوار «البيك»، لم تفض التحركات الى شيء ملموس حتى الآن، وانما هي بداية «جس نبض» داخلي وخارجي، لاستكشاف امكانية احداث اختراق يجنب البلاد فترة انتظار صعبة في ظل الانهيار الاقتصادي المتمادي. وبانتظار ان يوحد فرقاء الصف الواحد مواقفهم لمنح التحرك فرصة حقيقية للنجاح في ايجاد مخرج مقبول للازمة الراهنة، اختار جنبلاط التحرك بالتنسيق مع الرئيس بري، وقد لمس من خلال زيارة النائب وائل ابوفاعور للسعودية بامكانية النجاح في احداث اختراق في الملف الرئاسي اذا ما حصلت تسوية مقبولة بين الاطراف على اسم مؤهل للتسويق داخليا وخارجيا، خصوصا ان الرياض لم تعلن عن موقف حاد من اي مرشح «طبيعي»، ومن خلال الرهان على انخفاض منسوب التوتر بين الرياض– وطهران، ينطلق جنبلاط في دعوته للتفاهم على رئيس لا يصنف على خانة التحدي لأي فريق، اي «التلاقي في منتصف الطريق»، وهو سيستمر في محاولاته الى ان تصل الى «حائط مسدود» وعندها سيخرح الى العلن لقول الامور باسمائها، مع العلم انه يلوم «القوات اللبنانية» على رفضها فتح قنوات الحوار مع حزب الله.
ازمة التعليم… خبز وكهرباء؟
معيشيا، شدّد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال، عباس الحاج حسن، على موقف وزير الاقتصاد أمين سلام الذي أكد أن «لا أزمة قمح»، كاشفاً أنّ «القانون أناط بوزارة الاقتصاد التصرُّف بكلّ ما يتعلق بشراء القمح، الطحين والاستيراد والقمح الطري للمخابز»، وقال إنّ «الأزمة قد تكون بالفعل مفتعلة بدليل أنّ كلّ الأزمات التي شهدها هذا القطاع كانت مفتعلة من قبل بعض التجار»، معتبراً أنّ الهدف من افتعال الأزمة هو «الكسب والربح السريع» في هذا الوقت، يدخل إضراب القطاع التعليمي الرسمي اليوم أسبوعه الثالث، على إثر طلب روابط التعليم (المهني، الثانوي والأساسي) «الاستمرار في الإضراب للدوامين الصباحي والمسائي، وعدم الحضور إلى المدارس والثانويات، وبانتظار المؤتمر الصحافي يوم غد في مركز روابط التعليم – الأونيسكو، يتم الحشد لتظاهرة تربويّة حاشدة لكلّ القطاع التربوي، يحدّد موعدها لاحقاً خلال هذا الأسبوع، في ظل عدم وصول المفاوضات بين الروابط ووزارة التربية الى اي نتيجة بعد، وقد دعا عضو كتلة «اللقاء الديموقراطي»، النّائب أكرم شهيب، باسم الحزب التقدّمي الاشتراكي، رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، إلى عقد جلسة مخصّصة لقطاع التربية. من جهته أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، أنّ «مجلس الوزراء سينعقد حكماً لبتّ القضايا الطارئة»، لكنّه أكد أن ليس هناك «دعوة سريعة لعقد الجلسة في انتظار استكمال الملفات الطارئة التي ستوضع على جدول الأعمال. وأشار، في حوار مع مجلس نقابة الصحافة، إلى أنّ «من الملفات الطارئة التي ينبغي بتّها في مجلس الوزراء إضراب المدارس الرسمية الذي بدأ أسبوعه الثالث، وملف التزامات لبنان تجاه الأمم المتحدة، وإبرام عقد هبة مع البنك الدولي بقيمة 25 مليون دولار وعقود النفايات وموضوع القمح، وغيرها»… واستغرب «الكلام عن محاولة السيطرة على المناصب المسيحية. وقال إنّ «القول إننا نريد مصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية غير صحيح، فما نقوم به ينصّ عليه الدستور، في انتظار انتخاب رئيس جديد. وفي ملف الكهرباء، ترأس ميقاتي إجتماعا للجنة الوزارية الخاصة في السراي، وتقرر الموافقة على مضمون الاقتراحات المقدّمة من مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة والمياه لاسيما في الشق المتعلق بإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة /42/ مليون دولار أميركي بما يسمح بتفريغ البواخر المحّملة بالفيول بشرط عدم استعمال مخزونها إلاّ بموجب قرار واضح وصريح يصدر عن اللجنة.كما طُلِبَ من وزير الطاقة والمياه إجراء مفاوضات مع المّورد بهدف الإعفاء من غرامات التأخير. واتفق المجتمعون على عقد اجتماع ثانٍ للجنة قبل 10 شباط لتقيّيم مؤشرات نجاح الخطة ومتابعة تطبيقها.