كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: يواصل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حركته المكوكية ولقاءاته مع كل القوى السياسية، لتقريب وجهات النظر لجهة الاستحقاق الرئاسي. اذ بعد اللقاء الأخير مع حزب الله، والجولات المكوكية لنواب الحزب بين المقرات السياسية، زار رئيس حزب الكتائب سامي الجميل كليمنصو، حيث كان سبق ذلك اجتماع لكتلة اللقاء الديمقراطي الذي حضره جنبلاط، ومحور كل تلك الحركة التأكيد على وجوب إنقاذ الدولة من تفككها التام، والذهاب نحو إنجاز الانتخابات الرئاسية لتدارك الانهيار الكبير الحاصل، الذي يزداد سوءاً.
ومع تفاعل “القنبلة” القضائية التي فجّرها المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار قبل يومين، من خلال قراره الاستمرار بعمله وادعائه على 8 شخصيات سياسية وقضائية وأمنية وطلبه الاستماع إليها، إلى جانب إخلائه سبيل عدد من الموقوفين، رغم دعاوى كف اليد والرد الصادرة بحقه وعدم البت بها بعد، جاء رد النيابة العامة التمييزية باعتبار قرار الأول غير موجود، لأنّه مكفوف اليد، ليعقّد الملف أكثر، و”يقسم العدلية” بين موالٍ للبيطار ومعارض له. وبالتالي ينفجر بذلك الجسم القضائي لينضم إلى حالة التشظي التي تصيب مختلف ركائز الدولة.
وفي السياق، فإن الجدل القضائي بين المرجعيتين، القضاء العدلي والنيابة العامة التمييزية، لا يزال دون تدخل مجلس القضاء الأعلى بشكل مباشر بعد لحسم الملف، علماً أن مدعي عام التمييز غسان عويدات التقى رئيس المجلس سهيل عبّود، ومن المرتقب أن يتحرّك المجلس في الأيام القادمة، على اعتبار أنّه أعلى سلطة قضائية، لكن الملف برمّته يحمل الكثير من التعقيدات التي حالت دون أي مرجعية قانونية أو قضائية حالية أو سابقة من تحديد الصواب من الخطأ.
إلى ذلك، فإن الأنظار ستّتجه إلى ما سيحمل الملف من تبعات سياسية، وربما أمنية، بدأت تتضح مع التوتر السياسي الذي طرأ خلال جلسة لجنة الإدارة والعدل. وفي معلومات جريدة “الأنباء” الإلكترونية، فإن نقاشاً حامياً دار بين عدد من النواب حول الملف، لكن مصادر مطلعة أكّدت أن النقاش بقي تحت سقف القانون. إلّا أن ثمّة قلقاً من الترددات الأمنية التي قد تفرض نفسها، مع استحضار أحداث الطيونة التي وقعت قبل عام ونصف، للسبب نفسه.
مدعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي حذّر من أن “صراعاً سينشب داخل العدلية على إثر ما حصل في الملف، وسينقسم القضاة، لأن أطرافاً ستدعم البيطار، وأطرافاً أخرى ستدعم النيابة العامة التمييزية، والتعقيدات ستزيد مع الوقت، وبالتالي تنقسم العدلية“.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت ماضي إلى أن “النيابة العامة التمييزية لا تريد تنفيذ قرارات البيطار، وهي تعتبره مكفوف اليد، وبرأيي، فإن قرار البيطار غير قانوني، والاجتهاد الذي اعتمد عليه كان نتيجة ظروف مغايرة لما هو واقع الحال اليوم“.
وعن ادعاء البيطار على عويدات، وهو خبر لم يتأكّد لكن تم التداول به إعلامياً، علماً أن الأخير أعلى درجةً من الأول في سلّم القضاء، أشار ماضي إلى أن “ثمّة أسباباً واجب توافرها للادعاء على مدعٍ عام تمييزي، ومن الواجب اتباع إجراءات محدّدة للقيام بذلك، لكننا لا نعرف ماذا يملك البيطار من معلومات ودوافع“.
أما بالنسبة لحضور المدعى عليهم إلى جلسات الاستماع التي طلب البيطار عقدها، ذكر ماضي أن “رفض النيابة العامة التمييزية لقرار البيطار يعني عدم الطلب من الضابطة العدلية تنفيذ قرارات التبليغ، وبالتالي في حال لم يحضر المدعى عليهم، قد تكون الحجّة عدم تبلّغهم بالقرار، إلّا أن الحضور من عدمه بات يعود للشخصيات المدعى عليها نفسها“.
وختاماً، وعن الجهة المخوّلة بت النزاع القضائي الحاصل بين المرجعيتين، قال ماضي إن “مجلس القضاء الأعلى قد يتدخّل ضمن تسوية سلمية لحلحلة الملف، بانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات، للبناء على الشيء مقتضاه“.
إلى ذلك، وفي ظل في ظل تنامي الخطر المحدق بالتعليم في لبنان، كان قد أطلق الحزب التقدمي الاشتراكي صرخة كبيرة لإنقاذ العام الدراسي، قبل أن نترحم على مستقبل لبنان وأجياله، محذّراً من انهيار المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية، ملاذ الفقراء وغير القادرين على ارتياد القطاع الخاص. وتؤكد مصادر “التقدمي” أنه سيواصل رفع الصوت وحث المعنيين على إنقاذ التعليم لا سيما مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المُطالب بالتحرك سريعا لوقف انهيار القطاع.
المدير العام السابق لتعاونية موظفي الدولة أنور ضو لخّص في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية معاناة الوزارة والمعلمين قائلاً: “العام الدراسي مضطرب ومتوقف، والمعلمون لم ينالوا حقوقهم بعد، والمدارس لم تتقاضى بدل التغطية التشغيلية، والجهات المانحة تفتقر للحوافز”، مجدداً المطالبة بعقد اجتماع لمجلس الوزراء يُخصص للتربية اضافة الى مطالبة الدول المانحة بعدم التأخير بالدعم، فالتربية والمدارس تستحق أكثر من الكهرباء.
إذاً، تقف البلاد “على كف عفريت”، وهي أمام مشهد سوداوي قاتم، وتترافق الفوضى القضائية مع تردي الأوضاع المعيشية بشكل كبير وسريع، إثر ارتفاع سعر صرف الدولار وما يستتبع ذلك من ارتفاع أسعار المنتجات على اختلافها، ويبقى الهاجس الأمني محور قلق في الأيام المقبلة، خوفاً من أن تتطوّر الأمور إلى اشتباك في الشارع، فيما يبقى الحل الأول والأخير يكمن في إنجاز الاستحقاقات الدستورية، وعلى رأسها انتخابات رئاسة الجمهورية.