من واجهة المسرح الى خلف الكواليس تراجع العصف القضائي وانفجاره الذي شظى البلاد على مدى الايام الاخيرة. وعلى غرار السيناريو التسووي نفسه الذي تنتهي على اسسه كل الملفات المتفجرة في البلاد، سيسلك الانشطار القضائي درب تهدئة النزاع، ولو بعد حين، لينبت من ارض الخلافات اللبنانية الخصبة ملف ملتهب جديد يُلهي اللبنانيين عن يأسهم وبؤسهم بفعل دولار يتربع على علو شاهق فوق عملة بلادهم التي مسحت بها منظومتهم الارض، واطلق تجار الهيكل العنان للعملة الخضراء تنهش رواتبهم ومعيشتهم ودواءهم.وبعدما كادت تلامس صباحا السبعين الف ليرة، انخفضت تسعيرة الدولار مقابل الليرة الى ما دون الستين الفا في ساعات ما بعد الظهر بفعل دخول مصرف لبنان على الخط لاجما الاندفاعة الصاروخية…
هدوء قضائي
في وقت هدأت التطورات «القضائية» على خط ملف انفجار المرفأ امس. وفي انتظار اي اجتماع مرتقب لمجلس القضاء الاعلى الذي رفض الاجتماع امس تحت ضغط الشارع، بقيت القضية هذه حاضرة في صلب الحركة «السياسية».
في السياق، برز بيان موحد صدر امس من مجلس النواب عن نواب المعارضة والتغيير وعددهم 41 شخصا، جاء فيه: نشهد إنقلابا مُدمّراً بدأ باغتيال العدالة في مقتلة بيروت التاريخية بقرارات ووسائل فاقدة للشرعية فلا مساومة على دم أبرياء 4 آب. نرفض اي مساس بصلاحيات المحقق العدلي لجهة اشراك اي قاض رديف بملف عكف على اعداده قاضٍ لا يزال معيّناً اصولاً للتحقيق فيه ونطالب بمتابعة التحقيق واصدار القرار الظني. نعلن تبنّينا للبيانين الصادرين بالأمس عن مجلس نقابة المحامين في بيروت ونادي قضاة لبنان وهما من اهل البيت القضائي والقانوني وندعم مطالبتهما بالمحاسبة الفورية لمدعي عام التمييز بسبب ما قام به من مخالفات فاضحة. من جهة ثانية، قال البيان: ندرك مخاطر شغور الرئاسة وجئنا موحدين لنعلن اننا نلتزم بأحكام الدستور التي تنص على ان مجلس النواب هيئة انتخابية ملتئمة بشكل دائم.
بدوره، رأى أمين سر «اللقاء الديموقراطي» النائب هادي أبو الحسن «أننا وصلنا إلى أفق مسدود في تحقيقات انفجار مرفأ بيروت»، مشدّداً على أن المطلوب لجنة تقصي حقائق دوليّة وإسقاط الحصانات عن الجميع لإجراء التحقيق اللازم مع المعنيين.
وحي نزل على البيطار
في المقابل، اعتبر رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك أنه «مؤلم ومخيف ما يجري من أحداث في لبنان، من سقوط هيبة الدولة وانتهاك ما تبقى من مؤسسات». وتساءل «هل تكون دولة من دون سلطة قضائية؟ ولكل مواطن ان يسال عما يحصل، هل هو تنفيذ لمخطط دولي للإنهيار التام حتى يكون بحسب زعمهم النهوض من جديد؟ وكيف بربكم يعلم، وهل من وحي نزل على القاضي طارق البيطار؟ وحي للخروج من كف اليد عن التحقيق في ملف المرفأ، والعودة بشجاعة بعد عام ونيف بقرارات. من أين ذلك الوحي، وما هي خلفياته؟ وحصول الهرج والمرج في ساحة القضاء هل يبقي باقية لمعرفة الحقيقة؟ أم المطلوب ذلك». وأضاف «ما ينتظر من مواعيد لاجتماعات من أجل لبنان هي أقرب للوهم من الحقيقة، فالخارج مشغول عن لبنان».
جلسة للتربية
من جانبه، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى تحقيق العدالة في ملف انفجار مرفأ بيروت وتبيان الحقيقة، مع التشديد على ضرورة أن يصلح القضاء نفسه بنفسه، مضيفا: دعوت المعنيين بالقضاء وفي مقدمهم وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الاعلى إلى معالجة الموضوع والتداعيات ضمن الجسم القضائي. الى ذلك، اعلن ميقاتي «انني سأدعو الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل لبحث ملف القطاع التربوي واوضاعه الطارئة».
ام الشرائع في الغضون، حضرت المستجدات كلها في نشاط الصرح البطريركي اليوم. فقد استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي قال عن مغادرة محمد العوف لبنان «لا نفعل شيئا مخالفا للقضاء»، داعيا القضاة الى ان يبقوا بيروت ام الشرائع والا يحولوها الى ام الشوارع. كما أكد استعداده «للقيام بأي مهمة تجلب الإستقرار للبلد ولا بد من أن يكون هناك رئيس للجمهورية».
سليم ينفي
سياسيا، استقبل الراعي ايضا وزير الدفاع في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم، الذي ردّ على ما يتم التداول به عن نيته بإقالة قائد الجيش، مؤكدا انه «لم ولن ولا يمكن أن يكون الكلام صادرا عني. أنا حريص على الجيش وعلى قائده حرصي على أيقونة غالية أحفظها بقلبي وأنا وزير دفاع لا يحركني أحد بل أتحرك حسب القوانين». وقال سليم بعد اللقاء «أحرص بشدّة على أن يبقى دور المؤسسة العسكرية قويا يحفظ أمن الوطن والمواطنين». ورفض اجتماعات مجلس الوزراء الا للحاجات الطارئة والملحة والا كانت جلساته مخالفة للدستور.