في حلقة جديدة من حلقات مسلسل “الغرام والانتقام” المحتدمة أحداثه بينه وبين “حزب الله”، أطلق رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أمس فصلاً جديداً من فصول التناحر والاقتتال على خشبة الترشيحات الرئاسية بين أركان محوره السياسي، مستعيداً مشهدية “دور البطولة” في تحصيل حقوق المسيحيين والتصدي لـ”المنظومة” التي تشارك وإياها الحكم رئاسياً ونيابياً وحكومياً وإدارياً ومالياً على مدى نحو قرابة عقدين من الزمن قبل أن يقرر اليوم استخدامها كشماعة للاستثمار الشعبوي والابتزاز السياسي والرئاسي في محاولة لإخضاع شركائه في هذه المنظومة لشروطه في لعبة ترتيبات وتركيبات العهد المقبل.
فتحت شعار “الوفاق والشراكة” استكمل باسيل حربه المفتوحة مع المرشحين المطروحين على طاولة الخيارات الرئاسية الداخلية والخارجية، وفي مقدمهم قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي بلغ أمس حدّ التشهير بمسلكيته ومناقبيته العسكرية والتشكيك بذمته المالية، متهماً إياه بأنه “يتصرّف على هواه بالملايين في صندوق للأموال الخاصة وبممتلكات الجيش”، أما في صراعه الرئاسي المستميت مع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، فلم يجد رئيس “التيار الوطني” أمام ما لمسه من إصرار “حزب الله” على ترشيح فرنجية، سوى التهديد باستخدام “آخر خرطوشة” في معركته الرئاسية، عبر التلويح بإعلان ترشّحه لرئاسة الجمهورية “بغض النظر عن الخسارة والربح”.
وعزت مصادر واسعة الاطلاع الهجوم المزدوج الذي شنّه باسيل على عون وفرنجية إلى استشعاره خطر وصول أي منهما إلى سدة الرئاسة تحت وطأة الضغط المتزايد الذي بدأ يمارسه “حزب الله” على الحلبة الرئاسية، خصوصاً في ظل تبدّل موقف رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط من معارض لوصول قائد الجيش إلى قصر بعبدا إلى مؤيّد لانتخابه رئيساً للجمهورية، فبادر باسيل إلى تسعير نار الخلافات بين الوزير موريس سليم والعماد عون لـ”حرق” ترشيح الأخير، بدايةً عبر ضخ معلومات وأنباء صحافية ترمي إلى تأجيج الخلاف بينهما بذريعة تجاوز عون صلاحيات وزير الدفاع، إلى درجة تولت معها دوائر ميرنا الشالوحي التسريب عن لسان سليم كلاماً يلوّح به بطلب إقالة قائد الجيش، الأمر الذي سارع وزير الدفاع إلى نفيه من بكركي شخصياً.
وأوضحت المصادر أنّ مسألة “تجاوز الصلاحيات” هي مجرد بدعة اختلقها باسيل في مواجهته الرئاسية مع قائد الجيش “رغم علم جميع المعنيين بأنّ العماد عون لم يتخط صلاحياته وما قام به أنه فصل ضباطاً ولم يكلف ضباطاً وهناك فرق بين الفصل والتكليف، ففي الحالة الاولى هي صلاحية كاملة منوطة بقائد الجيش، بينما الثانية هي صلاحية مشتركة بين قائد الجيش الذي يقترح ووزير الدفاع الذي يُكلف”.
أما في مستجدات “الحرب القضائية”، وبينما جدد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان مطالبة الثنائي الشيعي بإقالة و”محاكمة” المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار باعتباره “مشروع فتنة وأداة خارجية”، عبّر البطريرك الماروني بشارة الراعي بوضوح عن دعمه التحقيق العدلي في الجريمة، فحضّ البيطار على أن “يواصل عمله لإجلاء الحقيقة وإصدار القرار الظني والاستعانة بأي مرجعية دولية يمكن أن تساعد على كشف الحقيقة وأمام ضمائرنا 245 ضحية وخراب بيوت نصف العاصمة ومؤسساتها”، وأضاف: “لن نسمح، مهما طال الزمن وتغيّر الحكام أن تمر جريمة تفجير المرفأ من دون عقاب”.
وإذ أسف لما يشهده السلك القضائي من “حرب داخلية أذلّت مكانة القضاء وسمعة لبنان وحولت المجموعات القضائية ألوية تتقاتل في ما بينها غير عابئة بحقوق المظلومين والشعب”، ندد الراعي بما يحصل بين القضاة بحيث “يزايدون على بعضهم البعض، ويعطلون تحقيقات بعضهم البعض، ويطلقون متهمين بالجملة ويعتقلون أهالي ضحايا المرفأ”، مشيراً في هذا السياق إلى أنهم “يطيحون أصول الدهم والاستدعاء والجلب، وينقلبون على أحكامهم، ويخضعون لأصحاب النفوذ (…) ويورّطون ذواتهم في مخططات الأحقاد والانتقام؛ ويستقوون على الضعفاء ويضعفون أمام الأقوياء ويهربون المعتقلين الأجانب”.