كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: على وَقع العاصفة الطبيعية “فرح” المُحمّلة بالخير، يدخل لبنان اليوم أسبوعاً ليس معروفاً ما سيكون خيره من شره، إذ يتوقع ان يكون عاصفاً سياسياً وقضائياً واقتصادياً ومالياً، بفِعل الازمات المتفاقمة يومياً على كل المستويات وغياب المعالجات المعوّل توافرها على إنجاز الاستحقاقات المتعثرة. ففيما ينعقد اللقاء الخماسي العربي الدولي لأجل لبنان في باريس، ينعقد مجلس الوزراء في جلسة هي الثالثة له في زمن الشغور الرئاسي، ستُثير بعض ردود الفعل أقلّه من جانب التيار الوطني الحر المعترض عليها والمقاطِع، ستكون لها انعكاساتها على العلاقة بينه وبين حلفائه، وفي الوقت نفسه ستتجه الانظار الى القضاء لمعرفة ما سيكون عليه مصير استدعاءات المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار وكذلك مصير ادعاء النيابة العامة التمييزية عليه، في الوقت الذي لم يتخذ مجلس القضاء الاعلى بعد للاسبوع الثاني على التوالي أي إجراء لِوقف الانقسام القضائي. كذلك ستكون العيون شاخصة على السوق المالية لمعرفة مصير سعر صرف الدولار الاميركي الذي تراجع قليلاً في عطلة نهاية الاسبوع تحت وطأة دَهم بعض الصيارفة الكبار وتوقيف عدد منهم لاتهامهم بالمضاربة على العملة الوطنية.
تتجه الأنظار الى اللقاء الخماسي الذي تستضيفه العاصمة الفرنسية، الذي يضم ممثلين عنها وعن كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وقطر ومصر، وينتظر ان يتناول المجتمعون وهم على مستوى الموظفين الكبار في وزارات خارجية الدول المعنية الوضع في لبنان من زاوية الاستحقاقات التي يشهدها والانهيار الذي يعيشه وقد بلغَ مرحلة خطرة.
وأكدت اوساط سياسية قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ”الجمهورية” انّ الامور على مستوى الملف الرئاسي لا تزال مقفلة، ناقلةً عن بري تشديده على “أن مفتاح الحل داخلي بالدرجة الأولى، ثم تأتي بعد ذلك المواكبة الخارجية له”.
موقف إيراني
وعشيّة الاجتماع الخماسي لفتَ موقف اعلنه السفير الايراني في لبنان مجتبى أماني خلال ندوة فكرية وسياسية في بعلبك، قال فيه “انّ لبنان سيخرج من الوضع الموجود فيه حالياً لانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت، وايران تدعو الى أن يكون هناك إصلاح في هذه المرحلة ولن يبقى الوضع الحالي الذي يعيشه لبنان اليوم سوى ذكريات في المستقبل، كما تحدثنا عن ذكريات الجمهورية الإسلامية في السنوات الأولى للثورة وسيكون المستقبل اللبناني اكثر إشراقاً”.
الاملاءات الخارجية
وعشية اجتماع باريس ايضاً شدّد عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق من بلدة شقرا الجنوبية على “أننا لا نراهن على الخارج لانتخاب رئيس للجمهورية، وإنما نراهن على الحل الأقرب والأضمن وهو الحوار والتوافق اللبناني”. وقال: “لبنان لا يتحمل إملاءات خارجية لا رئاسية ولا غيرها، ومعادلة صيف العام 1982 التي أنتجت رئيساً ورئيسين قد تغيّرت، والمعادلة اليوم لا تسمح بإملاء وفَرض رئيس للجمهورية من دول إقليمية أو دولية”، معتبراً أن “الحل الوحيد المُتاح هو الإسراع ببدء الحوار للوصول إلى توافق لبناني- لبناني، ولا بديل عن التوافق لا اليوم ولا غداً ولا بعد غد”. وأضاف: “أما الذين يواصلون الصراخ وبأصوات مرتفعة ويرفعون شعارات أكبر من أحجامهم، فهؤلاء يعبّرون عن يأسهم وإحباطهم وخيبتهم، وهم أعجز من أن يغيّروا المعادلات التي أنتجتها انتصارات المقاومة، ومن أن يغيّروا من هوية لبنان وتركيبته”.
موقف المعارضة
الى ذلك، قالت مصادر معارضة لـ”الجمهورية” ان “الاجتماع الخماسي الفرنسي ـ الاميركي ـ السعودي ـ القطري ـ المصري الذي يُعقد اليوم في باريس يندرج في سياق الاهتمام الدولي الدائم بلبنان، وأهميته تكمن في رسائله الآتية:
– الرسالة الأولى في الشكل من خلال توسيعه ليضم القاهرة والدوحة بما يؤشر الى رغبة الثلاثي الأميركي ـ الفرنسي ـ السعودي في إعطاء مزيد من الدفع للمسألة اللبنانية وتظليلها عربياً ودولياً.
– الرسالة الثانية في البيان الختامي الذي سيركِّز مبدئياً على “اتفاق الطائف” والقرارات الدولية والحَض على انتخاب رئيس للجمهورية، وبما يؤكد انّ المجتمع الدولي لن يسلِّم بالأمر الواقع القائم، وسيواصل تشديده على ما لم يطبّق في الدستور اللبناني ويحول دون عودة الحياة إلى طبيعتها.
– الرسالة الثالثة، إلى طهران أنها تواصل التموضع ضد السياسة العربية والدولية، وانّ عليها إدراك أن المجتمعين العربي والدولي لن يتخليا عن لبنان، ولن يسمحا في ان يتم إلحاق بيروت بطهران.
– الرسالة الرابعة، إلى كل القوى السياسية انّ المدخل لمساعدة لبنان يكمن في انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة تضع برنامجاً إصلاحياً ولا تخضع في ممارستها سوى للدستور وأولويات الشعب اللبناني، وان لا مساعدات قبل اكتمال عقد السلطات الدستورية والشروع في الخطوات الإصلاحية، وهذه الرسالة موجهة تحديداً الى فريق الموالاة بأنّ انتخاب رئيس من صفوفه يعني ان لا مساعدات دولية للبنان”.
ورأت المصادر المعارضة “انّ التعويل على الاجتماع الخماسي ليس من باب نتائجه الفورية والعملية، إنما من زاوية المظلة الدولية المعنوية للبنان، لأنّ ترجمة الرغبات الدولية مرتبطة بطهران من جهة، وفريق الممانعة في لبنان من جهة أخرى، ولا مؤشرات حتى اللحظة انّ إيران ستلاقي الرغبة الدولية بالطلب من “حزب الله” أن يتراجع عن مرشحه وينتقل الى التوافق على مرشح تسوية، كما لا مؤشرات الى انّ فريق الممانعة انتقل إلى البحث عن مرشح توافقي، إنما ما زال يراهن على عامل الوقت بما يخدم أهدافه”.
واعتبرت المصادر “انّ الدولة الوحيدة التي ما زالت تتواصل مع إيران، في ظل خلافها العميق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على خلفية أزمة أوكرانيا والسعودية، هي قطر التي حاولت وتحاول الدخول على خط الأزمة اللبنانية، فهل سيُصار إلى تكليفها رسمياً من الاجتماع الخماسي او إيصال رسائل غير مباشرة بتحميلها مسؤولية الشغور في لبنان واختبار نياتها لإنهاء هذا الشغور.
وفي السياق الرئاسي نفسه قالت المصادر المعارضة انها “شديدة الحرص على بكركي ودورها الوطني والمرجعي في الدفاع عن الدولة والكيان والسيادة، وانها أبدَت خشيتها من محاولات إفشالها من خلال لقاء النواب المسيحيين الذي لن يقدّم ولن يؤخر، وسينتهي ببيان عام يتواصل معه الشغور مع فارق وحيد هذه المرة وهو ان بكركي تكون قد فشلت في جمع المسيحيين والتوفيق فيما بينهم، وبالتالي تتحمل من الآن فصاعدا مسؤولية الشغور، وهذا ما يريده الفريق المعطّل للانتخابات الرئاسية”.
واعتبرت المصادر المعارضة “ان الانقسام الرئاسي هو من طبيعة وطنية لا مسيحية، وبكركي مُطالَبة بتحميل مسؤولية الشغور لكل من يطيِّر جلسات الانتخاب ويرفض انعقاد جلسات متتالية، فيما لو تم الالتزام بالمهلة الدستورية لكان انتخب رئيس الجمهورية، وبالتالي من الخطأ حَرف الانظار عن تعطيل الدستور بحوارات ستنتهي من دون اي نتائج عملية”.
وتمنّت المصادر على بكركي “اعتماد احد خيارين: إمّا أن لا تبادر إلى دعوة النواب المسيحيين إلى اجتماع، وإمّا ان تضع آلية لهذا الاجتماع لكي يخرج بنتيجة عملية من قبيل ان يتعهّد كلّ مَن سيشارك فيه الالتزام بتبنّي المرشح الذي تُجمِع عليه أكثرية الحاضرين في الاجتماع “.
لقاء بكركي
وقبَيل استكمال التحضيرات التي ستوجّه بعدها البطريركية المارونية الدعوات الى الكتل والنواب المسيحيين المستقلين بعد تحضير جدول اعمال اللقاء النيابي في بكركي، أعلنت “القوات اللبنانية”، في بيان السبت الماضي، أنها سَتبتّ موقفها مطلع الاسبوع بعد اجتماع كتلة “الجمهورية القوية” ظهر اليوم في معراب برئاسة رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع، وهي تنتظر ان يحدد جدول أعمال الاجتماع ليُبنى على الشيء مقتضاه.
وكان أعضاء كتلة نواب “الطاشناق” قد أكدوا مشاركتهم في اجتماع النواب المسيحيين وسيكونون اول الحاضرين. كذلك اكد “التيار الوطني الحر” المشاركة فيه، فيما سَيبتّ المكتب السياسي الكتائبي موقفه في اجتماعه اليوم.
مجلس الوزراء
على المستوى الحكومي ينعقد مجلس الوزراء صباح اليوم في جلسة بجدول أعمال موسّع يضم 26 بنداً بعد موافقة اكثرية الوزراء على المشاركة فيه، وهي اتخذت من الملف التربوي الخاص بالمدارس والحاجات الضرورية المتعلقة بمطالب المعلمين وأوضاع الجامعة اللبنانية مدخلا الى توسيع جدول الأعمال ليجمع بنوداً عدة ملفات مُستأخرة، منها ما يتصل بتوفير 8 ملايين دولار لشراء القمح المؤجل من جلسة سابقة وقضايا مختلفة تتصل بالنفايات واخرى صحية واجتماعية مختلفة.
وتعليقاً على جدول الاعمال الفضفاض الذي يشبه اي جدول اعمال جلسة عادية قبل خلو سدة الرئاسة، لفتت مصادر وزارية مراقبة عبر “الجمهورية” الى انّ القرار اتخذ بإحياء العمل الحكومي بمعزل عن المواقف الرافضة من هذا الجانب او ذاك، في محاولة لمواجهة الملف التربوي في ظل التردي الكبير لهذا القطاع واستمرار إقفال المدارس، ما يهدّد العام الدراسي بأكمله على المستويات كافة.
وقالت مصادر وزارية معارضة لـ”الجمهورية” ان “المضي في خرق الميثاقية بهذه الطريقة لا بد من ان تكون له عواقب وخيمة على اكثر من مستوى، خصوصاً ان الأطراف المعنية بهذا التوجه قد تبلغت مواقف لا عودة عنها من الرئيس العماد ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، وانه سيكون للبحث تتمة”.
الوضع القضائي
امّا على المستوى القضائي فتستعد العدلية اليوم لتشهد أولى المواجهات المحتملة بين القاضيين طارق البيطار وغسان عويدات، لمناسبة حلول اولى المواعيد التي حددها البيطار للاستماع الى افادة المدعى عليهم، وتشمل اليوم الوزيرين السابقين نهاد المشنوق وغازي زعيتر وفق جدول مواعيد يمتد حتى الثاني والعشرين من الشهر الجاري.
وعشية الجلسة الأولى التي تشمل التحقيق معه، أعلن المشنوق أنه تقدّم بدعوى رد أمام محكمة التمييز، وبالتالي لن يمثل أمام البيطار في انتظار قرار التمييز.
ووسط التوقعات المحيطة بما يلي إجراءات البيطار وما يمكن ان يقوم به في حال تغيّب المشنوق وزعيتر عن جلسة اليوم وما سيكون عليه رَد فعل القاضي عويدات، نقلت مصادر مطلعة عن مصدر في المديرية العامة لأمن الدولة أنه في حال سَطّر المدعي العام التمييزي مذكرة إحضار في حق البيطار، فإنّ المديرية العامة لأمن الدولة ستتقيّد بالإجراء وتنفذ المذكرة.
المهمة الاخبرة
الى ذلك، وعلى وَقع الاجتماع الخماسي في باريس، والوثائقي الفرنسي حول “حزب الله” وانفجار مرفأ بيروت، وطحشة القاضي طارق البيطار، أبدت مصادر سياسية قريبة من 8 آذار خشيتها من ان تحاول بعض الدول الاوروبية الإمساك بزمام التحقيق في قضية انفجار المرفأ بحجّة انّ لديها ضحايا أيضاً.
ونَبّهت المصادر إلى أن المهمة الأخيرة التي قد تكون مطلوبة من البيطار هي إصدار قرار ظني يُلقي المسؤولية على الفساد والإهمال، وكذلك الإرهاب في إطار ربط هذا الملف بـ “حزب الله”.
جلسة تشريعية
من جهة ثانية قالت أوساط قريبة من بري انه يعتزم الدعوة إلى جلسة تشريعية لمجلس النواب في النصف الثاني من شهر شباط الحالي، اذا اكتمل درس مجموعة من القوانين، وصارت جاهزة لإدراجها على جدول الاعمال. لافتة إلى انّ من أهم القوانين التي يجب أن تقرّها تلك الجلسة مشروع الكابيتال كونترول.
الطقس
أمّا على صعيد الطقس، فإنّ تأثير العاصفة “فرح” سيشتد على لبنان والحوض الشرقي للمتوسط، لتبلغ ذروتها صباح اليوم حيث تتساقط أمطار غزيرة مُترافقة مع عواصف رعدية ورياح شديدة تصل سرعتها الى 100 كلم/ساعة خصوصاً في شمال البلاد، وتنخفض درجات الحرارة بنحوٍ ملموس وتتساقط الثلوج الكثيفة على ارتفاع 1100 متر، ويتدنى مستوى تساقطها غداً وبعد غد حيث تلامس الـ 600 متر في المناطق الشمالية، على ان تبدأ العاصفة بالانحسار التدريجي ابتداء من بعد ظهر غد الاربعاء لتسيطر رياح شمالية قطبية باردة تؤدي الى تَشكّل الجليد على الطرق الجبلية والداخلية ترافقها موجة من الصقيع تستمر حتى نهاية الاسبوع المقبل.
وحذّرت الجهات المختصة من تَطاير اللوحات الإعلانية وألواح الطاقة الشمسية وتَشكّل السيول وسلوك الطرق الجبلية يومي الاحد والاثنين المقبلين مع تجدد العاصفة. واشارت الى انّ معدل درجات الحرارة للشهر الجاري تراوحَ من 1,4 الى 2,19 درجة مئوية.