تحدث الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد الى شعبه حول الكارثة التي حملها الزلزال الذي ضرب مدناً ومناطق سورية عديدة، مشيراً إلى أن المواجهة التي تخوضها سورية لإزالة آثار الكارثة ستمضي قدماً بتأمين المساكن للذين فقدوا بيوتهم، وتأسيس صندوق خاص لمواجهة تداعيات الزلزال وتمويل عملية إعادة الإعمار، وتوقف أمام روح التعاون والحماسة التي أبداها السوريون للتضامن في مواجهة الكارثة، مشيراً إلى أهمية الخبرة التي اكتسبها السوريون بفعل الحرب والحصار، مشيداً بوقوف الأصدقاء والأشقاء الى جانب سورية.
في لبنان استقطبت الاهتمام الداخلي والخارجي المضامين التي حملها خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في احتفال حزب الله بذكرى القادة الشهداء، وكان أبرز ما قاله السيد نصرالله هو أن لبنان يتعرّض لحرب مالية مدبّرة تقودها واشنطن بهدف أخذ لبنان الى الفوضى، لإلحاق الأذى بالمقاومة وبيئتها الحاضنة، وخلق مناخ مناسب للعبث بالاستحقاقات السياسية والدخول على خط التحكم باتجاهاتها، واضعاً معادلة المقاومة في مواجهة حرب الفوضى باعتبار أن مسك المقاومة باليد التي تؤلمها وهي بيئتها وبلدها، سوف يعني أن المقاومة سوف تمسك باليد التي تؤلم أميركا وهي ربيبتها «إسرائيل»، مذكراً بأن المقاومة التي أتمّت جهوزيتها للحرب على «اسرائيل» خلال مفاوضات الترسيم مستعدة للذهاب إلى الحرب إذا كان البديل هو أخذ لبنان إلى الفوضى المدمرة، قائلاً للأميركيين أن الفوضى التي يُراد للبنان الوقوع تحت تأثيرها سوف تعم المنطقة ولن تكون محصورة في لبنان. ودعا نصرالله الى حوار لبناني للتوصل الى تفاهم يتيح الخروج من المأزق الرئاسي، حيث لا يملك أي فريق أغلبية الـ 65 صوتاً التي تمكنه من تأمين انتخاب رئيس جديد، داعياً على الصعيد الاقتصادي إلى عدم الوقوع في أوهام الحلول السحرية، حيث لا نهوض من الانهيار دون خطة اقتصادية شاملة تفتح الباب لاستثمارات إنتاجية متاحة وتحتاج الى شجاعة عدم الانصياع للأوامر الأميركية، كما هو حال الاستثمارات الروسية والصينية والإيرانية.
وقال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إنه «إذا حصل تسويف بموضوع النفط والغاز من المياه اللبنانية هل سنسمح باستمرار استخراج «إسرائيل» النفط والغاز من كاريش؟ أقول لكم أبدًا.. هذا معنى إذا بدك تجوّعنا منقتلك وأنا كنت مفكّر منيح بما أقول.. أنا أحذّر من التسويف في موضوع النفط والغاز».
وأضاف نصرالله في كلمة له خلال احتفال بمناسبة «القادة الشهداء»: «إذا لبنان كان له جرأة فليحضر الروسي والصيني ويقبل المساعدات الإيرانية.. لبنان ليس بحاجة لقانون قيصر، للأسف يكفي أن ترفع السفيرة الأميركية الحالية أو الآتية حاجبيها بالرفض حتى ينتهي الأمر، ما علاقة هذا بالسيادة والرجولة والشهامة؟».
ولفت الى أنه «إذا كان البعض يخطط للفوضى، إذا الأميركاني أو جماعة أميركا في لبنان يخططون للفوضى وانهيار البلد أقول لهم أنتم ستخسرون كل شيء في لبنان».
وتابع: «البيئة التي تريدون استهدافها من خلال الفوضى والتشويه صحيح هي بيئة تتألم، لكن من يراهن أن المعاناة أو الألم يمكن أن يدفع هذه البيئة أن تتخلى عن خيارها وموقفها، أن تصافح مصافحة اعتراف أن تتخلى عن وصية السيد عباس وعن إنجازات عماد مغينة وعن بقائها ووجودها وشرفها وسيادتها وصون عرضها وخيرات بلادها هم واهمون».
وأكد السيد نصرالله أن «من يراهن على أن الألم والوجع سيجعل بيئتنا تتخلى عن مبادئها وإنجازاتها هم واهمون، من يريد أن يدفع بلبنان إلى الفوضى والانهيار عليه أن يتوقع كل ما لا يخطر في باله».
وشدّد على أن «لا جديد بالملف الرئاسي والحل الوحيد هو بالتفاهم الداخلي واستمرار الجهد ليكون للبنان رئيس جمهورية بأسرع وقت ممكن»، لافتًاً إلى أن «الهمّ الطاغي هو الهم الاقتصادي والمعيشي وزاد الأمر سوءًا الارتفاع المتفلت لسعر الدولار وما لحقه بارتفاع كل الأسعار.. هذا الوضع يشغل بال اللبنانيين جميعًا».
وقال: «ما يحصل في لبنان صحيح الفساد والخصومات والنكد السياسي والصراعات الطائفية لها علاقة، لكنها اليوم مجرد عنصر مساعد. بعد 2019 هناك من أخذ قرارا باستراتيجية جديدة، ولبنان يعيش تحت ضغوط كبيرة».
وتابع: «الأميركان صاروا باعتين ألف رسالة للايرانيين للجلوس وجهًا لوجه والتفاهم دون وسطاء، لكن إيران ترفض الجلوس وجهًا لوجه، ما الحكمة؟ الحكمة أن وجهًا لوجه ستكون الضغوط أكبر، فليس للأميركيين حدّ يقفون عنده». وأضاف «إذا كنتم ستبقون بانتظار الأميركيين يعني البلد راح».
وحذّر نصرالله من أنه «إذا دفعتم لبنان إلى الفوضى فعليكم أن تنتظروا الفوضى في كل المنطقة وفي مقدّمتها ربيبتكم «إسرائيل».. كما كنا جاهزين للحرب دفاعاً عن نفطنا فنحن جاهزون لمد أيدي سلاحنا إلى ربيبتكم «إسرائيل».. إن غداً لناظره قريب».
وأشار خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ»البناء» الى أن السيد نصرالله أرسى معادلات جديدة لم تكن موجودة خلال المرحة الماضية على الرغم من كل الأزمات والمحطات الصعبة التي تخللتها منذ 17 تشرين 2019، لكن اليوم ومنذ نهاية ولاية رئيس الجمهورية استشعر وجود مخطط أميركي غربي لأخذ البلد الى انهيار اقتصادي ومالي واجتماعي وأمني كبير للضغط على حزب الله عبر بيئته ولفرض الإملاءات الأميركية على لبنان بدءاً برئيس جمهورية مستعدّ لتنفيذ هذه الاملاءات وحكومة توالي التوجهات الأميركية في المنطقة في ظل التصعيد الكبير في عدة ساحات لا سيما في فلسطين وسورية والعراق واليمن»، الأمر الذي دفع حزب الله وفق الخبراء الى رفع معادلة جديدة شبيهة بمعادلة «نفط وغاز لبنان» مقابل «نفط وغاز إسرائيل»، ما اضطر الأميركيين والاسرائيليين للرضوخ الى هذه المعادلة، ولذلك لكسر الحصار الاقتصادي والخارجي على لبنان والتسويف بملف استخراج النفط والغاز في لبنان سيقابله تهديد لأمن «اسرائيل» واستمرار تصدير غازها من كاريش الى اوروبا ما قد يدفع لحرب كبيرة في المنطقة». ويتوقع الخبراء توتر الأوضاع على الحدود مع فلسطين المحتلة إذا ما جرّت واشنطن وحلفاءها لبنان الى الانهيار المدمر، وهذه الحرب قد تتدحرج الى كامل المنطقة».
وعلى وقع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، اشتعل الشارع وشنت جمعية «صرخة المودعين» هجوماً كبيراً على عدد من المصارف في بيروت، بالإطارات المشتعلة والحجارة، وشملت بنك عودة في بدارو، مصرف الاعتماد اللبناني. واقتحم المحتجون بنك بيبلوس وحاولوا تكسير الباب الرئيسي.
وتجمّع عدد من المودعين أمام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل وحرقوا الإطارات. كما قـطع عدد من الطرق في البقاع والشمال وبيروت والجنوب وطريق المطار لبعض الوقت بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الوضع المعيشي.
وأفادت مصادر ميدانية لـ»البناء» الى أن «جهات استغلت هجوم جمعيات المودعين على المصارف وعمدت الى قطع طرقات عبر عدد من الأشخاص تنقلوا بين منطقة وأخرى لقطع الطرقات قبل أن تقوم عناصر الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية بفتحها، لكن لم تستطع القاء القبض عليهم»، ما يدعو للسؤال عن الجهات التي تحرّك الشارع وفق مصالح خاصة ولتوجيه رسائل سياسية.
ووفق معلومات «البناء» فإن مسلسل الهجوم على المصارف ومنازل رؤساء مجالس إداراتها ستستمر ما سيؤجج المعركة بين المصارف والمودعين وسيفتح البلد على تداعيات كارثية على المستويين الاقتصادي والمالي والأمني».
وأفيد أن رئيس حكومة تصريف الأعمال ميقاتي سيدعو مجلس الأمن المركزي للاجتماع لمتابعة الوضع.
وكان رئيس الحكومة أجرى سلسلة اجتماعات مالية لمتابعة التطورات، وعقد اجتماعاً شارك فيه وزير المال يوسف خليل، وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووفد من المجلس المركزي للمصرف، المدير العام لوزارة المالية جورج معراوي، المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد ابو حيدر. وتم خلال الاجتماع البحث في الحلول المطلوبة من أجل معالجة الأوضاع النقدية. وتم الاتفاق على ابقاء الاجتماعات مفتوحة.
كما بحث ميقاتي ملف المحروقات مع وزيري الاقتصاد أمين سلام والطاقة والمياه وليد فياض وممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا وأمين سر نقابة المحطات حسن جعفر ورئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس.
وأوضح فياض أننا «اعتمدنا الخيار الذي يتماشى مع الاستراتيجية التي تنتهجها الوزارة وهي ان تبقى التسعيرة للمواطن بالليرة اللبنانية مع تعديلها من أجل ان تعكس سعر صرف الدولار، لكي لا تخسر المحطات الجعالة. فعندما يتغير سعر صرف الدولار بشكل كبير في يوم واحد ويزيد أكثر مما يمكن تحمله، يجب إيجاد طريقة للتغيير بشكل ديناميكي أكثر وصولاً الى أكثر من مرتين في النهار، اذا توجب الأمر».
وفي موازاة ذلك، اعتمد تسعير المواد الغذائية بالدولار رسمياً، إذ أعلن وزير الاقتصاد أنه تقرّر السماح بتسعير بضائع السوبرماركت بالدولار واعتماد سعر الصرف الرائج في السوق، مشيرًا إلى أنه «لا يمكن أن نعوّل على سعر منصّة معيّنة». وتابع في مؤتمر صحافي: «لن يتم تسعير الدخان اللبناني والخبز بالدولار ويمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر المعتمد في السوبر ماركت». وأضاف سلام: أعطينا مهلة حتى الأربعاء المقبل لتطبيق الآلية الجديدة لضبط الأسعار.
الى ذلك، لم تخرج الساحة الداخلية من صدمة ما نقلته قناة الحدث عن مصادر أميركية، بأن «الخزانة الأميركية كشفت بوضوح علاقة حزب الله بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأنها بصدد فرض عقوبات عليه»، إلا أن مصادر ديبلوماسية أميركية نفت لوسائل اعلامية محلية هذه المعلومات ولفتت الى أنها «لن تعطي أي أهمية للشائعات التي يطلقها أشخاص بهدف تأجيج الازمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان من أجل مصالحهم»، مشيرة الى أن «ادارة الرئيس الأميركي جو بايدن تنتظر البتّ بقرار عقوبات تشمل سياسيّين من الصفّ الأول».
وإذ يتوقع خبراء اقتصاديون عبر «البناء» بأن سعر صرف الدولار لم يعد لديه سقف، وقد يبلغ المئة الف ليرة وأكثر خلال أسبوع أو أسبوعين، ما سيعيق عمليات الاستيراد من الخارج ويدفع المؤسسات والمحال التجارية الى الاغلاق ويشجع الاحتكارات ويرفع الأسعار بشكل جنوني، لا سيما أن مصرف لبنان لم يعُد لديه من السيولة النقدية بالدولار للجم سعر الصرف وفقد السيطرة على التحكم بالسياسة النقدية.
إلا أن المكتب الإعلامي لميقاتي نفى هذا الكلام جملة وتفصيلاً، وأكد أن «الجهود متواصلة لمعالجة الأوضاع المالية. وأي موقف لرئيس الحكومة يصدر عنه مباشرة أو عبر مكتبه الإعلامي».
وتربط مصادر سياسية بين هذا الارتفاع الجنوني للدولار بالمعركة بين المصارف والصرافين الأمنية والقضائية من جهة وضغط جمعية المصارف على الحكومة لإقرار الكابيتال كونترول وفق الصيغة التي قدّمتها الحكومة وليس الصيغة التي أقرّتها لجنة المال والموازنة وأحالتها الى الهيئة العامة لإقرارها في الجلسة التشريعية المقبلة وهذه الصيغة تحفظ حق المودعين برفع الدعاوى لاستعادة الودائع، وتطلب المصارف وقف المسار القضائي ضدها من المودعين في الداخل والتحقيقات والادعاءات الأوروبية في الخارج، كما تربط المصادر لـ»البناء» بين ارتفاع الدولار والمسار القضائي الداخلي والخارجي على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقة ومعاونيه.
على صعيد آخر، عين رئيس محكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله، المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، للنظر بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة العالق أمام النيابة العامة منذ أشهر، وذلك بعد قرار ردّ النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر بناء لدعوة سلامة، وسيباشر القاضي حاموش دراسة الملف ومحاضر التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة التمييزية والمستندات كافة، ليقرّر ما إذا كان سيدّعي على سلامة وفق طلب النيابة بـ «جرائم الإثراء غير المشروع والاختلاس والتزوير واستعمال المزور» أم لا.
وحدّدت قاضي التّحقيق الأوّل في البقاع بالإنابة أماني سلامة، 16 آذار المقبل موعدًا لجلسة استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأعضاء مجلس المركزي ومفوّض الحكومة بالتّكليف لدى المصرف، وذلك على خلفيّة شكوى جزائية تقدّم بها عدد من المودعين في وجه المصارف «المتعسّفة في حقّهم»، كما ورد في متن الشّكوى.
على صعيد آخر، أعلنت قيادة الجيش في بيان «استشهاد ثلاثة عسكريين ومقتل ثلاثة مطلوبين خلال الاشتباكات التي وقعت في بلدة حورتعلا – البقاع».
ولفت قائد الجيش العماد جوزاف عون في كلمة له في احتفال للجيش الى أن «الأهمّ، ثقة أبناء وطننا بنا كمؤسّسة حافظة للأمن وضامنة للاستقرار، في ظلّ انحلال معظم مؤسّسات الدّولة وتفكّكها».
الرئيسية / صحف ومقالات / البناء: الأسد: نواجه بروح التعاون التي اكتسبناها من الحرب والحصار وتضامن الأصدقاء والأشقاء نصرالله: حرب أميركية لإنتاج الفوضى… ومعادلتنا: الفوضى ستعم المنطقة وخصوصاً «إسرائيل» المطلوب حوار لبناني للخروج من المأزق الرئاسي لا بد من خطة اقتصادية شاملة للنهوض