يُصرّ المُمعنون في تعطيل البلاد على إفقاد اللبنانيين لقشة الأمل التي يتمسكون بها بقرب إيجاد حل لأزماتهم، بدءاً من معضلة انتخاب رئيس للجمهورية التي تزداد الصعوبات أمامها بفعل العوامل الكثيرة التي تضيف التعقيدات المتراكمة، فيما الأثقال تلقي على كاهل الناس تداعيات مضاعفة معيشياً وحياتياً وصحياً وتربوياً واقتصادياً ومالياً.
وفي غضون ذلك يستمر إضراب المصارف مع ما سيعكسه ذلك من تأخير على عملية دفع الرواتب آخر الشهر، في حين يُعقد اجتماع مالي في السراي الحكومي اليوم في محاولة للجم الدولار. وفي وقت تتحضر كل النقابات لإضراب مفتوح هذا الأسبوع، تتجه الأنظار الى احتمال دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة تشريعية الخميس المقبل، على ان تتضح الصورة بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس بعد ظهر اليوم في عين التينة، وفي ضوء المواقف التي أعلنها النائب جبران باسيل معطوفة على قرار القوات اللبنانية بعدم حضور مثل هذه الجلسة.
وفي هذا السياق لفت عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ايوب حميد في حديث إلى جريدة الأنباء الإلكترونية إلى أن بت الدعوة للجلسة التشريعية يبقى رهن باجتماع هيئة المكتب، مع ميله للاعتقاد ان الرئيس بري لن يدعو الى عقدها بوجود هذه المقاطعة من قبل الجزء الأكبر من النواب المسيحيين والعريضة الموقعة من مجموعة كبيرة منهم، “لأن الرئيس بري لن يقدم على خطوة غير ميثاقية“.
وعلى صعيد الملف الرئاسي، اعتبر حميد أن “الدعوة مفتوحة للحوار لكن هناك رفض له من مكوّن أساسي المفترض فيه ان يكون من أول المتحمسين اليه”، مستغرباً “كيف أن الجميع على المستوى الوطني يتحدثون عن الحوار وفي الوقت نفسه لم نلمس الخطى الايجابية للمرحلة المقبلة”. وسأل: “كيف يريدون انتخاب الرئيس في هذه الأجواء دون المشاركة بالحوار، وما هو الخيار الذي يمكن أن يوصلنا لاختيار الرئيس ومن بعده يتم اختيار رئيس لمجلس الوزراء؟“.
من ناحيته، اعتبر الوزير السابق ماريو عون أن “أزمة انتخاب رئيس الجمهورية صعبة جداً بسبب التعنت القائم”. وفي حديث لجريدة الأنباء الالكترونية، عزا عون هذا التأخير في إنجاز الاستحقاق الرئاسي الى “المسؤولين الكبار في البلد باعتبارهم مسؤولين عن إطالة أمد الأزمة وعدم الإصغاء لنداءات اللبنانيين والمرجعيات الروحية التي تطالبهم وتلح عليهم لإنجاز هذا الاستحقاق والذهاب الى تشكيل حكومة فاعلة تعيد الثقة بالبلد وتعالج الاقتصاد المنهار قبل غرق المركب بالجميع”، معتبرا أن “كل فريق يهمه مصالحه الخاصة على حساب مصلحة البلد“.
عون وفي تعليقه على كلام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، سأل: “ماذا فعل باسيل من أجل انتخاب رئيس الجمهورية؟ وهل هو فعلاً يسعى لإنجاز هذا الاستحقاق رأفة بالناس المساكين الذين لم يعد لهم ما يملكون لشراء قوت عيالهم؟”، متهماً “الأفرقاء بسرقة ودائع الناس”، واعتبر أن “ليس هناك خلاص للبنانيين من هذه الطبقة الفاسدة الا بالحجز على أموالهم كما فعل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان“.
وحول الجلسة التشريعية، كشف عون أن “باسيل راجع حساباته وأعلن مقاطعة الجلسة التشريعية وإلا لكانت القوات اللبنانية سبقته بأشواط، لكن المؤسف أن قراره هذا بمقاطعة الجلسة لم يكن وليد موقف وطني بل ينطلق من مصلحة شخصية، وكما يقول المثل “ان لم تستح فافعل ما شئت”، فلو كان باسيل من أصحاب المبادئ الوطنية كما يدعي لما تخلى عني كنائب عن الشوف بتزوير الأصوات التي نالها“.
وعن مستقبل العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله، رأى عون أن “الأمور أصبحت واضحة، فلن تعود العلاقة بينهما كما كانت، وباسيل لم يعد يهمه سوى رفع العقوبات الاميركية عنه. ولذلك نجد العلاقة بين التيار والحزب تمر بمنعطف خطير“.
وبانتظار ما ستؤول إليه التطورات الدراماتيكية للأزمات المتتالية في لبنان، فإن اللبنانيين على موعد مستمر مع القلق من التفلت الأمني الخطير، إلا إذا ما استعاد أصحاب قرار تعطيل البلاد رشدهم لينطلق قطار المعالجات التي لا مفر منها.