كتبت صحيفة “البناء” تقول: تسبّبت الهزّة التي شعر بها اللبنانيون مساء أمس، بحال من الذعر، بعدما تبين أنها نتيجة زلزال وقع في منطقة أنطاكية في جنوب تركيا على خط زلازل مختلف عن الزلزال الذي وقع في السادس من الشهر الحالي وأصاب جنوب تركيا وشمال سورية ونتجت عنه كارثة إنسانية وشعر به اللبنانيون. فالخط الزلزالي الجديد الذي تحرك هو الخط الواقع على فالق يُسمّى بـ فالق البحر الميت أنطاكية مروراً بسلسلة جبال لبنان الغربية وصولاً الى الهرمل ومنطقة الغاب في سورية شمالاً، والى البحر الأحمر جنوباً، كما تظهره خريطة مركز الزلازل الأميركي الذي رصد الزلزال بقوة 6.3 درجات على مقياس ريختر، وعلى عمق عشرة كيلومترات، بينما كان الزلزال السابق على فالق الأناضول الممتدّ شرق غرب، وليس شمال جنوب، وفيما دعت مصادر علمية الى عدم الهلع لأن تحرك القشرة الأرضية أمر طبيعي ومتكرّر، رغم أنه يبدو نشطاً هذه الفترة إلا أن مستوى التحرك يبقى تحت خط الأمان بالنسبة الى لبنان، الذي رغم كل التردي في أوضاع مؤسساته الحكومية تبدو حالة البناء وتفاعلها مع الزلازل بمستوى الأمان المطلوب.
على الصعيد السياسي جاءت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى سلطنة عُمان، تعبيراً عن الحراك السياسي الذي تشهده المنطقة إثر الزلزال الذي أصاب سورية وفتح الباب للنقاش حول الحصار الأميركي والعقوبات الإجرامية التي أصابت شعبها ومؤسساتها بالأذى وعرض الحالة الإنسانية فيها للخطر، وجسّد الانفتاح العربي على سورية تعبيراً عن تقدير جديد لخصه وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان بالقول إن ربط الجوانب الانسانية بسقوف الحل السياسي لم يعد ممكناً ولا بد من أولويات جديدة تطال القضايا الإنسانية ومنها عودة النازحين، وهذا يستدعي الحوار مع دمشق، معتبراً أن هذا الموقف يعبر عن مناخ عربي جديد، وكان لافتاً كلام الأسد بعد لقائه سلطان عُمان طارق بن سعيد في مسقط أن “المنطقة الآن بحاجة أكثر إلى دور سلطنة عُمان بما يخدم مصالح شعوبها من أجل تعزيز العلاقات بين الدول العربية”.
لبنانياً، عقدت هيئة مكتب مجلس النواب اجتماعها المرتقب للبتّ بمصير الجلسة التشريعية التي كانت متوقعة يوم الخميس، وخرج ببيان يؤكد تأجيل اجتماعه، وبالتالي الجلسة، مع التمسك بعقد جلسة تشريعية ويربطها بإنجاز القوانين المالية وفقاً لما تقرّر في اللجان النيابية باعتبار قانون الكابيتال كونترول جزءاً من سلة قانونية مالية متكاملة؛ فيما قالت مصادر نيابية إن حجم المقاطعة النيابية للجلسة جعل عقدها مستحيلاً، وإن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتمسك بتثبيت حق المجلس بالتشريع في حال الشغور الرئاسي وغياب الحكومة، من موقع تمسكه بأن النظام في لبنان برلماني، وإن المجلس سيد نفسه، لن يخاطر بالدعوة لجلسة لا يتحقق فيها النصاب أو تغيب عنها الميثاقية، ولذلك اختار التأجيل الى حين توافر ظروف مناسبة.
فيما لا تزال الساحة الداخلية تحت تأثير الهزات الأمنية والاقتصادية التي شهدها يوم الخميس الماضي، وبعد حوالي أسبوعين على زلزال تركيا وسورية، عادت الهزات الطبيعية الى الواجهة، إذ سُجّلت هزة أرضية شعر بها سكان معظم المناطق اللبنانية، ناتجة عن زلزال ضرب المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا بلغت قوته 6.3 درجات، حوالي الساعة الـ7 من مساء أمس.
وشهدت مناطق عدة في بيروت حالة هلع وخوف، حيث هرع السكان الى الشوارع بعدما أخلوا منازلهم، وإذ ازدحمت مناطق عدة في الضاحية الجنوبية بالسكان والسيارات في الشوارع، شهدت طرابلس إطلاق رصاص كثيف لإخلاء المباني المرتفعة من ساكنيها.
وفي حين حذّر خبراء من مخاطر كبيرة على لبنان الذي يتأثر بالنشاط الزلزالي لفالق الأناضول الإقليمي ومركزه تركيا، أشار خبراء جيولوجيون آخرون الى أن الزلزال حصل على عمق 10 كلم عند الساحل الحدودي بين سورية وتركيا، لافتين الى أننا في منطقة زلزالية لكن الزلزال بعيد عن لبنان، ودعوا المواطنين في الشارع لعدم النوم في الطرقات أو في مواقف السيارات.
وأفاد “المركز الوطني للجيوفيزياء”، التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية، في بيان، بأن هزة أرضية سُجّلت في السابعة والدقيقة الرابعة بالتوقيت المحلي، مساء يوم الإثنين 20 شباط 2023، بقوة 6.3 على مقياس ريختر حدد موقعها على الساحل التركي ﻋﻠﻰ ﺑﻌد 200 كيلومتر من شمال لبنان وقد شعر بها المواطنون.
وأوضح المركز أنه “من الطبيعي حدوث هزات ارتدادية بعد هذه الهزة يمكن ان يشعر المواطنون ببعض منها ولكن ليس هناك أيّ خطر من أمواج التسونامي في لبنان حسب نظام الإنذار المبكر من التسونامي في البحر المتوسط».
وأعلن وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي “إقفال المدارس والثانويات والمهنيات والجامعات الرسمية والخاصة كافة اليوم بعد الهزة الأرضية أمس”.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد استقبل الأحد الماضي وفداً نيابياً لبنانياً برئاسة رئيس لجنة الاخوة والصداقة البرلمانية اللبنانية السورية علي حسن خليل، بحضور السفير السوري السابق في لبنان علي عبد الكريم علي، وضمّ الوفد النواب غازي زعيتر، آغوب بقرادونيان، قاسم هاشم وطوني فرنجية، جهاد الصمد وسامر التوم.
ونقلت مصادر الوفد لـ”البناء” ترحيب وتثمين الرئيس الأسد للزيارة ولكل الجهود التي بذلها اللبنانيون من تضامن ومساعدات وإغاثة، ما يؤكد عمق المصالح المشتركة واللحمة بين الشعبين والدولتين والمصير المشترك”، وشدّد الرئيس الأسد وفق المصادر على أن سورية واجهت مختلف أنواع الحروب والأزمات وواجهت ولا زالت تواجه حتى هذه اللحظة لا سيما تداعيات الحرب الكونية الارهابية عليها والعدوان الاسرائيلي المتكرر وهو العدو الأصيل الذي يكثف اعتداءاته بعد هزيمة العدو البديل أي الإرهاب، كما تواجه الآن الكارثة التي خلفها الزلزال الأخير، وأكد الأسد أن قدر سورية أن تواجه بكافة الوسائل للدفاع عن الوطن. كما تطرق الأسد للوضع المسيحي في الشرق، ونيات بعض الجهات الغربية تهجير المسيحيين من الشرق وليس تثبيتهم كما تدّعي هذه الجهات، ما يؤثر على العلاقة بين الأقليات والأكثريات لجهة التطرف والتوتر، فيما الأجدى أن تتكامل الأقليات والأكثريات للحفاظ على الأوطان من المؤامرات والمشاريع الخارجية.
كما شرح الرئيس السوري للوفد اللبناني كيفية نجاح سورية بإقرار قانون الأحوال الشخصية على الرغم من الحصار القاسي الأمر الذي يساهم بتطوير النظام وتسهيل على المواطنين. ورحب بالانفتاح العربي الاماراتي وإرسال طائرات المساعدات لإغاثة المتضررين انسانياً. وأكد أن سورية لديها من الإمكانات ما يمكنها من المواجهة ومساعدة شعبها في كافة المناطق ولم تكن بحاجة الى مساعدة لولا الحرب عليها خلال العقد الماضي والحصار والعقوبات الأميركية وعلى رأسها قانون قيصر، مشيراً الى أهمية توطيد العلاقات اللبنانية – السورية وعلى أن تزخيمها لوجود مصالح مشتركة.
الى ذلك، لم تنجح الجهود الذي بذلها رئيس مجلس النواب نبيه بري لتأمين نصاب انعقاد الجلسة التشريعية، فقد رأس بري في عين التينة أمس اجتماع هيئة مكتب المجلس، وبعده، قال نائب رئيس المجلس الياس بوصعب: “مع تأكيد حق المجلس في التشريع كما حصل سابقًا، فإن صيغة الكابيتال كونترول وفق ما صدر عن اللجان المشتركة يجب أن تُقرن بخطة شاملة وبالتالي تقرر إرجاء اجتماع مكتب المجلس إلى موعد يحدد في ما بعد”.
وكان عضو تكتل لبنان القوي النائب ألان عون أعلن قبل الجلسة، أن موقف التكتل من أي جلسة تشريعية لم يتغير. بدوره، قال النائب أغوب بقرادونيان: “نحن مع تشريع الضرورة بالمبدأ.. بالنسبة لنا التمديد للواء ابراهيم ضرورة ولكن هناك وسائل أخرى”. من جهته، أعلن النائب نبيل بدر “أنني لن أشارك في أي جلسة للتشريع غير ضرورية ولن نقبل بالتمديد لقادة الأجهزة الأمنية فالطائفتان الشيعية والسنية لديهما بما يكفي من كفاءات لسد أي فراغ”.
وعلمت “البناء” أن تكتل الـ46 نائباً الذي وقع عريضة تدعو لمقاطعة الجلسة التشريعية متمسك بموقفه، ولذلك سيتركز جهد الرئيس بري على كتلة الاعتدال الوطني وكتلة حزب الطاشناق وبعض أعضاء تكتل لبنان القوي لـتأمين نصاب الانعقاد. وأشارت المعلومات الى أن المشاورات على هذا الصعيد تتركز حول أمرين: الأول نصاب الجلسة والثاني إعداد جدول أعمالها بشكل جيد، علماً أن المفاوضات مع النائب جبران باسيل عبر النائبين الياس بوصعب وألان عون لم تقفل كلياً ولا زالت هناك إمكانية لتعديل في موقفه بحال تحديد جدول الأعمال وربطا قانون الكابيتال كونترول بخطة التعافي ووضع آلية ومعايير واضحة للتمديد للمدراء العامين.
في غضون ذلك، وفيما كان رئيس حكومة تصريف الأعمال يأخذ بعهدته إجراء مشاورات بين قطاع المصارف والقضاء بالتعاون مع مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات لإيجاد المخرج القانوني المناسب لفض الخلاف وعودة المصارف الى العمل وفك الإضراب، ادعت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على بنك “سوسيتيه جنرال” ورئيس مجلس ادارته أنطوان الصحناوي وكل من يظهره التحقيق بجرم تبييض الأموال سنداً للمادة (8) فقرة ببند 1 من قانون رفع السرية المصرفية معطوفة على المادة الثالثة بند 1 من قانون تبييض الأموال رقم 2015/44 ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة سنداً للمادة (13) من قانون تبييض الأموال، وأحالت الملف الى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور طالبة إجراء التحقيق وإصدار مذكرات التوقيف اللازمة.
في المقابل رأى مصرف “سوسيتيه جنرال” أن “قرار عون، الذي يقع في غير محلّه الواقعي والقانوني على حدٍّ سواء، هو قرار باطل وصادر بدوافع واعتبارات سياسيّة بحتة عن قاضٍ تمّ كفّ يده عن الملفّ من قبل كلٍّ من النيابة العامة التمييزية ومجلس القضاء الأعلى ويأتي بنتيجة أعمال إجرائيّة مشوبة بعيوب جوهريّة عديدة”.
بدورها، أسفت جمعية “مصارف لبنان”، في بيان “لعدم معالجة الأسباب التي حملتها على إعلان إضرابها المفتوح وأهمّها الملاحقات القضائية الخارجة كلياً عن الضوابط القانونية الإلزامية”.
وحذرت من أن هذه الإجراءات لها “تأثير على سمعة المصرف وعلاقاته خاصة مع المصارف المراسلة، بصرف النظر عن عدم صحة القرار. أهكذا تتم حماية الودائع؟”، مؤكدة أن “معالجة هذا الخلل في حسن سير المرفق العام القضائي أصبح ملحّاً”.
وأشارت أوساط مطلعة على الملف لـ”البناء” الى أن “ادعاء القاضية عون سيوتر المشهد القضائي – المصرفي أكثر ويعقد مهمة الوسطاء ويحول دون التوصل الى حل للأزمة، ما سيبقي المصارف مقفلة كوسيلة ابتزاز للمواطنين وللقضاء وللدولة”، كاشفة أن أحد المخارج التي طرحها الوسطاء مع القضاء تقضي بوقف المسار القضائي ضد المصارف وتجميد مفاعيل الدعاوى المرفوعة من المودعين والاستدعاءات لرؤساء مجالس إدارات بعض المصارف الى حين إقرار الكابيتال كونترول وخطة التعافي، مقابل فك المصارف للإضراب وتسهيل التعاون مع المواطنين بالسحوبات والتحويلات والالتزام بعمليات منصة صيرفة ووقف المضاربات على العملة الوطنية والتعاون مع الطلبات القضائية برفع السرية المصرفية، إلا أن الاتفاق لم يسلك طريقه لسببين رفض بعض القضاة أي تسوية على حساب ودائع اللبنانيين لا سيما القاضية عون، والثاني الخلاف داخل جمعية المصارف بين من يفضل الاستمرار بالإضراب حتى تلقي ضمانات فعلية وبين من يريد العودة عن الإضراب والتعاون مع القضاء.
وأفيد عن تسوية تحصل بين ميقاتي وعويدات لتنحية القاضية عون عن الملف، ليكون باب إتمام حل الأزمة وفك الاضراب ولجم سعر صرف الدولار.
وكان من المفترض أن يرأس ميقاتي اجتماعاً في السراي يناقش الوضع المالي في حضور وزيري المال يوسف خليل والاقتصاد امين سلام وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. إلا أن معلومات أفادت بأن الاجتماع أرجئ لإيجاد حلّ للملف القضائي الخاص بالمصارف والدعاوى في لبنان.
على صعيد الشارع، عُقد أمس لقاء قوى الإنتاج تحت شعار “أنقذوا الوطن” في مقر الاتحاد العمالي العام. وفي وقت طالب نقيبا الصيادلة والمستشفيات بالإضراب المفتوح الى حين انتخاب رئيس للجمهورية، فضّل رئيس الاتحاد العمالي بشارة الأسمر التريث، الا انه اشار الى ان هذا التوجه قد يتم اللجوء اليه اذا طال امد الازمة. ونفذ الاتحاد العمالي اعتصاماً خجولاً أمام مجلس النواب احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية.