عزّز حكم محكمة العدل العليا البريطانية لصالح عائلات الضحايا الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت ضد الشركة الإنكليزية SAVARO Ltd، الآمال بتحقيق العدالة ولو من خارج حدود السلطة القضائية اللبنانية التي تتهالك يوماً بعد يوم بكل أسف. إذ بعد سنة ونصف السنة على إنطلاق الدعوى المدنية ضد الشركة وتبادل اللوائح وعقد جلسات عدة، حكمت محكمة العدل العليا البريطانية بمسؤولية الشركة تجاه الضحايا الممثلين في الدعوى المرفوعة من مكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيروت، وافتتحت المرحلة الثانية من المحاكمة، وهي مرحلة تحديد قيمة التعويض الذي يستحق.
وتعقيبا على ذلك، أكد المحاميان نصري دياب وكميل أبو سليمان، المكلفان بهذا الملف، “الأهمية الأساسية لهذا الحكم، كونه أول قرار قضائي يسمي أحد المسؤولين عن الفاجعة، وهذه التسمية تشكّل أول واقعة ثابتة قضائيا، ما يفتح الباب واسعا على ملاحقة المسؤولين الآخرين، خاصة أن المحاكمة أدت إلى الكشف عن مستندات ووقائع قد تفيد ملف انفجار المرفأ، مما يمهّد لإجراءات أخرى في الخارج وفي لبنان“.
وقد أكد المحامي والخبير القانوني سعيد مالك لجريدة الأنباء الالكترونية “أن هذا الحكم أظهر مسؤولية شركة سفارو عن الشحنات وسماها بالاسم، وهذه تعتبر خطوة أولى من رحلة الألف ميل، وهذا القرار يثبت مسؤولية الشركة المذكورة ويؤكد أحقية المطالبة بلجنة تقصي حقائق دولية“.
أما في الشأن القضائي المحلي حيث التخبط سيد الموقف، فإن السجالات تشتعل على خلفية ملف ملاحقة القاضية غادة عون لعدد من المصارف والطلب الذي أرسله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وزير الداخلية للايعاز للأجهزة الأمنية عدم تنفيذ استنابات عون، في وقت لم يؤد القرار بعد إلى تعليق المصارف إضرابها الذي يأمله رئيس الحكومة قبل نهاية الشهر.
في هذا السياق أمل الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل أن تكون أوضاع المصارف ذاهبة الى التحسن، معتبرا في حديث مع جريدة الأنباء الإلكترونية أن “موضوع ارتفاع الدولار في جزء منه مرتبط بالسوق الموازي، وهذه المشكلة ظهرت في اوائل ايلول 2019 بسبب شح السيولة وتراجع تدفق رؤوس الأموال لغاية اليوم، ولم تتم معالجة هذا الأمر منذ ذلك التاريخ، هذا من جهة، ومن جهة ثانية ما يتحكم بالسوق الموازي والمضاربين بسعر الصرف”، وأضاف: “هناك أيضاً فئة ثالثة من مصلحتها عدم تراجع سعر الصرف كي لا يؤدي الى خسارتها”، داعيا إلى “الاستغناء عن السوق الموازي بالكامل والعودة الى السعر الرسمي، وهذا لا يتم إلا بعد استعادة الثقة وتدفق الأموال وتنفيذ الإصلاحات، ويتطلب اجراءات تؤدي الى تراجع سعر الصرف“.
وفي الجانب القانوني بما يتعلق بإجراءات القاضية عون، اعتبر الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك في حديث إلى جريدة الأنباء الإلكترونية أنه “من الثابت أن القاضية عون اقترفت العديد من الأخطاء والمخالفات القانونية، وبالأخص بما يتعلق بالصلاحية الوظيفية وعدم تبلغ طلبات الرد، وكلها أمور تسجل على عون، وهذه مسؤولية النائب العام التمييزي ومجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي. فهؤلاء هم المخولين بمحاسبتها. أما لجهة مذكرة الرئيس ميقاتي فهذا يعتبر ضرب لقاعدة الفصل بين السلطات بغض النظر عن الهدف الذي يسعى إليه ميقاتي في الحفاظ على هيبة القضاء”، وأضاف: “كان يجب ألا تذهب الأمور بهذا الاتجاه”، عازياً السبب لوصول الأمور إلى هذه النتيجة الى “تلكؤ مجلس القضاء الاعلى والتفتيش القضائي تجاه المخالفات والممارسات القضائية”، معتبرا أن “ليس بإمكان السلطة التنفيذية التدخل في أمور القضاء”، ووصف ما يحصل بأنه “مظهر من مظاهر التحلل المتفشي الذي نعانيه اليوم بسبب هذا الخلاف العمودي القائم وهو ما اوصلنا الى هذه النتائج“.