بكثير من الاضطراب والشكوك، يشكل الأسبوع الطالع مهلة لتفحص مدى تبريد المواجهة الثلاثية الاضلاع بين “بعض القضاء” والمصارف ورئاسة الحكومة في ظل التطورات التي شهدتها أخيرا هذه المواجهة وهددت بتداعيات اشد خطورة وضررا على مجمل البلاد. ولكن الأولوية التي يكتسبها ترقب مآل هذه المواجهة، والإجراءات التي يفترض اتخاذها للحؤول دون تدهور الوضع مجددا، لم تحجب الأنظار عن المشهد الأمني والطبيعة الغامضة التي رافقت كشف بعض ملابسات جريمة مقتل الشيخ احمد شعيب الرفاعي امام مسجد القرقف وخطيبه الذي شيع امس في القرقف وسط جموع حاشدة، وحال كشف الطابع الشخصي والعائلي للجريمة دون تداعيات ومضاعفات امنية كان يمكن ان تنجم عن مقتله بما فوت على المنطقة شبح اضطرابات تخوف منها كثيرون. ونجحت الإجراءات السريعة والفعالة التي حققتها شعبة المعلومات في توقيف المتهمين بالجريمة وكشف مكان إخفاء جثّته في منطقة عيون السمك. واعلنت شعبة المعلومات امس توقيف جميع المتورطين، وعددهم 5 أشخاص، جميعهم من عائلة الرفاعي، قاموا بتنفيذ عملية الخطف والقتل والدفن بعد تقسيم الأدوار في ما بينهم ضمن خطة قام رئيس بلدية القرقف ونجله بإعدادها ميدانياً ولوجستياً منذ نحو الشهر، بعدها تمت الاستعانة بـ3 أشقاء من أقاربهما، لتنفيذ عملية الخطف. وتبيّن أن باقي الموقوفين ليسوا على علاقة أو علم بالجريمة، وتم اخلاء سبيلهم بناء على اشارة القضاء المختص. وبعد تفتيش منزل رئيس بلدية القرقف، عُثر على مستودع يحتوي على كمية كبيرة من الأسلحة المتوسطة والقذائف والذخائر والصواعق والقنابل والمتفجرات تمت مصادرتها تمهيداً لإجراء التحقيق بشأنها بالتنسيق مع القضاء المختص، وفق ما أفادت قوى الأمن الداخلي.
وفي الوقت نفسه حصل حادث امني أخر في البقاع حيث حرر الجيش مساء الشاب ميشال ايلي مخول الذي خطف من زحلة الى بريتال بعدما طاردت قوة من الجيش خاطفيه واشتبكت معهم عند مدخل بلدة الخضر، وأوقعت إصابات في صفوفهم. ثم حصل اشتباك لاحقا بين الجيش ومطلوبين في عين الجوزة بين بريتال وحورتعلا لتحرير الشاب ميشال مخول.
الانسداد السياسي
اما في المشهد السياسي وفيما تتخبط البلاد بتداعيات الازمات المترابطة ماليا ومصرفيا واجتماعيا وسياسيا يثقل مرور الشهر الرابع من الشغور الرئاسي على مجمل الواقع الكارثي الذي يرزح تحته لبنان من دون افق او نقطة ضؤ متاحة للرهان على امكان فتح المسالك المسدودة امام انتخاب رئيس الجمهورية العتيد . وفي معطيات لـ”النهار” تتصل بما تركه تحرك مجموعة الدول الخماسية حيال لبنان بعد اجتماع ممثليها في باريس، فان ممثلي المجموعة اعتقدوا بانهم يمكن ان يمارسوا ضغوطا على المسؤولين مع الاقرار بان الضغط الخارجي لن يكون كافيا وحده ولا بد من ملاقاته في ضغوط داخلية ايضا على خلفية ان الستاتيكو القائم غير مقبول ولا يحتمل البلد استنزافا طويلا إضافيا من اجل انتخاب رئيس للجمهورية. واتفق المجتمعون بناء على ذلك على انه سيكون هناك انعكاسات سلبية على المعرقلين لعملية الانتخاب. ولكن لم يجر بحث في صفقة تشمل الى انتخاب رئيس، الاتفاق مسبقا على رئيس الحكومة المقبل وعلى تشكيلة الحكومة. وتضيف هذه المعطيات انه حين جال وفد سفراء مجموعة الدول الخمس المعنية على المسؤولين اللبنانيين ابلغوهم بوضوح أمورا عدة في مقدمها ان هناك مرشحين معلنين او من يدعم مرشحين معينين لا يملكون في الواقع الاصوات الكافية للفوز، ولذلك على هؤلاء التنحي جانبا لان الوضع لم يعد يحتمل ترف حصول المزيد من المسرح بعد اربعة اشهر من التعطيل والذي يندرج تحته التصويت بورقة بيضاء او بشعارات مختلفة ويتعين عليهم استخلاص النتائج والذهاب الى مرحلة أخرى. ( ص 2 و 3).
ووسط هذه المناخات تسود حالة ترقب للأسبوع الطالع لتبين وجهة التطورات في ملف المواجهة القضائية المصرفية بعد ان تعاود المصارف فتح أبوابها من اليوم ولكن تحت وطأة اشتراطها معالجة مسألة الادعاءات على المصارف على يد القاضية غادة عون خلال هذا الأسبوع . كما ان الأنظار ستتجه الى ملف الادعاء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا باعتبار ان قاضي التحقيق المحال عليه التحقيق مع المدعى عليهم سيباشر مهمته في الأسبوع الطالع .
وعشية هذه التطورات جدد الرئيس ميقاتي دعوة السلطات القضائية المختصة الى “الاسراع في معالجة ما اعترى المسار القضائي من تجاوزات وشطط، تأمينا لحُسن سَير العدالة”.وقال أمام زواره : “ليكن واضحا للجميع، أن الموقف الذي اتخذته، عبر الكتاب الموجّه الى وزير الداخلية بسام مولوي، كان الهدف منه وقف مسار خطير في استخدام القضاء والقانون لتصفية حسابات سياسية، ولم يكن القصد أبدا حماية أحد او تأمين الغطاء لمخالفات أحد.وهذا الموقف الواضح أبلغته لوفد جمعية المصارف عندما جاءني الاسبوع الفائت لعرض أسباب الاضراب الذي نفذه القطاع المصرفي، وقد كررت الموقف ذاته بالامس خلال لقاء الوفد”.أضاف: “هدفنا حماية القطاع المصرفي لكونه ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد، وليس حماية اي مصرفي او اي مصرف يخالف القوانين. ومن خلال ما نعمل عليه ايضا فاننا نضع اولوية أساسية قبل اي أمر آخر، وهي اعادة أموال المودعين ووقف التحايل عليهم باجراءات تخالف القوانين والنظم ذات الصلة”.وقال رداً على سؤال: “ليس صحيحا أننا نأخذ طرف المصارف على حساب المودع، وما نقوم به من اجراءات وخطوات بالتعاون مع مجلس النواب وصندوق النقد الدولي،هدفه الاساس اعادة حقوق الناس ضمن خطة واضحة ومبرمجة. ومن هنا، فاننا نجدد الدعوة الى وقف التشويش السياسي واقتناع الجميع بأن لا حل الا بالتعاون بين مختلف المكوّنات السياسية للنهوض بهذا الوطن”. ورداً على سؤال يتعلق بتشدده في موضوع مخالفات القاضية غادة عون وتساهله مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قال: “هذا الكلام غير صحيح، فأنا ادعو الى تطبيق القوانين على الجميع، وليقل القضاء كلمته في كل الملفات، والقانون هو الحكم. في موضوع مصرف لبنان هناك اصول تحدد كيفية التعيين والاعفاء واتخاذ القرارات داخل المجلس المركزي للمصرف. وفي الواقع الجديد الذي استجد بموضوع الادعاء القضائي على الحاكم، هناك قواعد قانونية واضحة سيجري اتباعها حتماً”.
تقدم لاستجرار الغاز
وعلى صعيد اخر افادت معلومات ديبلوماسية “النهار” ان هناك تقدما يحرز على خط استجرار الغاز المصري بناء على الاجتماع الذي عقد بين وزير الطاقة وليد فياض ومدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك وجان كريستوف كاريه المدير الاقليمي لدائرة المشرق لدى البنك الدولي مع السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا قبل اسابيع قليلة من اجل اقفال بعض الثغرات وتنفيذ بعض الاجراءات التي يطلبها البنك من لبنان . اذ ظهر ان هناك خطة وضعت قيد التنفيذ وقد خطت وزارة الطاقة في اتجاه الاعلان عن ذلك خارجيا وليس على الصعيد المحلي ما اكسبها صدقية . فيما ينتظر البنك الدولي تنفيذ خطوات اخرى غير رفع التعرفة وجبايتها وتعميم هذه الجباية والامور تقترب على ما يبدو من نقطة يبدو فيها التصويت في مجلس المديرين في البنك الدولي ممكنا او محتملا . وقد ابلغت واشنطن المعنيين ان ارضاء البنك الدولي سيتيح اطلاق التمويل منه ما يمهد لارسال الاتفاق بين لبنان والبنك الدولي الى وزارة الخزانة الاميركية التي تصدر عندئذ قرارا يعفي من الاتهامات بخرق قانون قيصر . وفهم ان الاميركيين لا يزالون يدفعون بقوة في هذا الاتجاه ويظهرون ارتياحا للتقدم الذي بدأ يحرز على هذا الصعيد .