انتقلت اللعبة الرئاسية الى مكان جديد في اعقاب المواقف الصحافية الاخيرة لرئيس مجلس النواب نبيه بري. «الاستيذ» رمى حجرا ثقيلا في مستنقع الاستحقاق، بإعلانه من جهة ان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية هو مرشح الثنائي الشيعي، ومن جهة ثانية ان تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون مستحيل، في كلامٍ من شأنه قطع الطريق على وصول الاخير الى بعبدا. غير ان تحريك المياه الراكدة الذي توخّاه بري، لم يسهّل إبحارَ السفينة الى بر الامان، بل عقّد مسارها وخلق موجات ردود عالية السقف.
موقف الخماسي
الافق الرئاسي ازداد انسدادا وتلبّدا اذا. وبينما يراهن «الثنائي الشيعي» على تبدّلات في المشهد الاقليمي سوريا ويمنيّا، يمكن ان ترفع عددَ الاصوات التي تذهب لصالح فرنجية بعد ان تُبديَ الرياض مرونة تجاهه، تقول مصادر سياسية مطّلعة ان هذا الرهان في غير مكانه. فالموقف الدولي – العربي من الاستحقاق، ليس موحّدا حتى الساعة إلا على ضرورة انتخاب رئيس سيادي واصلاحي، وقد لمسه رئيسُ اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط وعضو اللقاء النائب وائل ابو فاعور في المملكة، وهذا ما لمسه ايضا المسؤولون الذين التقوا السفيرة الفرنسية آن غريو والسفيرة الاميركية دوروثي شيا والسفير المصري ياسر علوي في الايام الماضية. فعواصم «خماسيّ باريس»، وإن كان بعضها لا يمانع مقايضة بين رئيس جمهورية لـ»حزب الله» ورئيس حكومة من المعارضة، تتفق على المطالبة برئيس جامع وقادر على الاصلاح والانقاذ.. فهل هناك اجماع اليوم على فرنجية؟! وهل تدل اجواء دول «الخماسي» على انها ستبدّل قريبا موقفها، فترضى برئيس المردة مثلا؟
العصا مجددا
وفيما تحث هذه العواصم القوى السياسية اللبنانية على الاضطلاع بمسؤولياتها، عادت الى هز العصا في وجه مَن يعيقون حل الازمة الرئاسية. فقد اعلنت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية ان – كلير لوجاندر ان «فرنسا تعمل بجدية مع شركائها، بما في ذلك كعضو في مجموعة الدعم الدولية للبنان، في باريس وبيروت لجعل القادة اللبنانيين يتحملون اخيرا مسؤولياتهم والخروج من المأزق». وحذرت الذين يعيقون ويعطلون الحل فقالت «من الواضح ان جميع اولئك الذين يعيقون او يجعلون انفسهم متواطئين في انهيار الاقتصاد اللبناني يتعرضون لعواقب»، من دون الدخول في تفصيل هذه العواقب.
«الغشم شيء آخر»!
أعرب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن عدم تفاجئه بتبني نبيه بري ترشيح رئيس «تيار المردة»، وقال في حديث لـ»الاندبندنت» عربية «حتى الامس القريب كنا لا نزال نطالب بالتقيد في الأصول الدستورية وبعقد جلسات انتخاب مفتوحة، لكن بعدما قرروا تغيير شروط اللعبة الديموقراطية وتعطيل الدستور بانتظار توقيتهم المناسب، فهذا ما نرفضه تماما باعتبار أن «الآدمية شيء والاستقامة شيء أما الغشم فشيء آخر»، ولا ينتظر أحد أن نكون أغبياء فنقبل بأن يعطلوا حينما يشاؤون، ويأتون في غفلة من الزمن، بعد تأمين ظروف نجاح مرشحهم ليطلبوا منا تسهيل وصوله».
بكركي
وامس تردد ان بكركي ستوجه الدعوات إلى جميع النواب المسيحيين الى اجتماع، بعد تحضير جدول الأعمال والنقاط التي يمكن أن يتضمنها البيان الصادر عنه. وأضافت المعلومات أن كتلة الجمهورية القوية «ستبت موقفها مطلع الأسبوع بعد اجتماعها وانها تنتظر ان يحدد جدول اعمال الاجتماع ليُبنى على الشيء مقتضاه». وافيد ايضا ان «التيار الوطني الحر وحزب الطاشناق، أكدا المشاركة في الاجتماع العتيد».
الشرعي الاعلى
ليس بعيدا، اعرب المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى «عن قلقه الشديد جراء تعثّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون انتخابه مدخلاً لحلّ وطني شامل، وأساساً لعودة الاستقرار والاطمئنان والثقة في الداخل ومع الخارج خصوصا مع الأشقاء العرب»، مؤكدا «انه لا بديل عن لبنان إلا لبنان. ولا بديل عن الوحدة الوطنية إلا بالوحدة الوطنية. ولا رسالة للبنان إلا رسالة الأخوة الإنسانية والمساواة في المواطنة على قاعدة العيش المشترك». من أجل ذلك، دعا المجلس الشرعي الإسلامي «المجلسَ النيابي والقيادات السياسية والحزبية على اختلافاتها وتعدداتها الى تفاهم وطني يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية يحمي الدستور، ويلتزم بصدق اتفاق الطائف ويحتمي به، ويعمل على تقوية أواصر الوحدة الوطنية ويستقوي بها».
الاشتراكي للحوار
وفي سياق الدعوات الى الحوار ايضا، والتي تسأل مصادر سياسية معارضة عن جدواه بعدما قرر الثنائي السير بفرنجية قاطعا الطريق على كل خصومه، جدد «الاشتراكي» الحث على الحوار. فقد اعتبر النائب وائل أبو فاعور أن «كل الصيغ والأسماء والاقتراحات، لا يبدو حتى اللحظة انها تسلك مسارها الصحيح للوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، واذا كان البعض لا يزال يراهن بأن الخارج سينوب عن الداخل فهو واهم، واذا لم تأت المبادرة من الداخل من القوى السياسية اللبنانية عبر الحوار المفتوح الذي يبتعد عن كل أشكال المزايدات، فلن يكون هناك انتخاب رئيس للجمهورية».
كلمة نصرالله
في المقابل، تتجه الانظار الى الكلمة التي يلقيها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم الاثنين في يوم الجريح، علما ان مسؤولي الحزب، ورغم حسم هوية مرشح الضاحية (بعد مواقف بري)، واصلوا دعواتهم الى الحوار والتوافق، حيث اعتبر النائب حسين الحاج حسن ان من يرفض هذه الدعوة «يرهن البلد للإملاءات الخارجية».