في الشكل والمضمون، تقاطعت نكبة اللبنانيين المصرفية مع نظرائهم في المواطنة في الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا، مصيبة واحدة تجمعهم افلاس مصارف وودائع تتبخر. لكن مصائب اللبنانيين في كفة وكل مصائب العالم في كفة أخرى. اذ في وقت تبشّر حكومة لبنان المودعين بشطب ودائعهم بشحطة قلم، بعدما “مصّت” دماءهم حتى النقطة الاخيرة واستنزفت اعصابهم بالقضاء على مدخّراتهم وجنى العمر، سارعت الحكومة الاميركية الى استيعاب الصدمة وطمأنت المودعين، طبعا ليس على الطريقة اللبنانية، بأن اموالهم ستُحصّل وافلاس بنك سيليكون فالي لن يتحملوا هم تداعياته، وقد بوشرت امس المعالجات في اجتماعات متعاقبة للمصرف المركزي الاميركي والاحتياطي الفدرالي وعلى مستوى الولايات المتحدة ككل من خلال سياسة الدمج والاستيعاب.
ببساطة هكذا يكون تعاطي الدول مع الازمات. فواشنطن لا تنتظر اتفاقا سعوديا- ايرانيا لتنتخب رئيسا ولا رفع يد حزبية عن حقيبة لتشكيل حكومة ولا امر عمليات من الخارج لتجري انتخاباتها ولا اتفاق الاضداد لحل ازمة مالية.
وفيما يترحم اللبنانيون على ودائعهم، ويلعنون ساعة وُلدوا في بلد سلبهم كل حقوقهم وما زال يطالبهم بالواجبات، تبقى الساحة المحلية في حال ترقب ورصد لمفاعيل الاتفاق السعودي – الايراني على الواقع السياسي عموما والرئاسي خصوصا، علّه يفتح باب فرج يضع حدا للانهيار المتتالي فصولا.
بري – بخاري
الملف حضر امس في عين التينة، اذ استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري، حيث جرى عرض للاوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. واستشهد السفير بخاري بما “يردده الرئيس بري، بالدعوة الى الكلمة السواء، وان ارادة الخير لا بد منتصرة”، لافتا الى “أن المرحلة الراهنة تستوجب الإحتكام أكثر من أي وقت مضى الى الكلمة الطيبة والرهان دائما على الإرادات الخيرة”. ولدى مغادرته، قال ردا على سؤال عما اذا كان هناك اي شي إيجابي للبنان: شي اكيد.
لا ننتظر الخارج: في المقابل، أكد عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق “أننا لا ننتظر أي تسوية خارجية لا ثنائية ولا خماسية تفرض على اللبنانيين مواصفات وأسماء لرئاسة الجمهورية”.
بونجم في معراب: في الحركة الرئاسية المحلية، التقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب للمرة الثالثة خلال الفترة الأخيرة راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم موفدا من البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في حضور المونسنيور إيلي خوري ورئيس مكتب التواصل مع المرجعيات الروحية أنطوان مراد، وتناول اللقاء مسألة الاستحقاق الرئاسي وأهمية إنجازه بما يعيد الى لبنان وشعبه الأمل وللدولة مسارها السليم.
“هستيريا”: وسط هذه الاجواء، وعشية مغادرته الى الفاتيكان، زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي البطريرك الراعي صباحا في بكركي وعقد معه خلوة تناولت التطورات الراهنة والزيارة التي سيقوم بها ميقاتي الى الفاتيكان للاجتماع بقداسة البابا فرنسيس. واذ قال قبل اللقاء في دردشة سريعة مع الإعلاميين، إنّ “ربيع لبنان قريب إن شاء الله”.
مجلس المفتين
ليس بعيدا، استهجن مجلس المفتين “الحملات المتتالية على موقع رئاسة الحكومة، وافتعال فتنة جديدة تحت شعار الصلاحيات، وطالب الجميع بالعودة الى الدستور والتزام اتفاق الطائف.
دريان ينوه: وكان ميقاتي إستقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والمجلس الجديد للمفتين بعد الظهر في السراي. ونوّه مفتي الجمهورية خلال اللقاء “بالجهود والمساعي التي يقوم بها الرئيس ميقاتي في معالجة كافة القضايا السياسية والاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها المواطن”. وشدد على”اهمية الوفاق والتوافق بين الاطراف السياسية رأفة بلبنان واللبنانيين”.
الانهيار المالي: في الغضون، الانهيار المالي يشتد وقد بلغ سعر صرف الدولار الـ95 الف ليرة اليوم، وارتفعت اسعار المحروقات مجددا اذ بلغ سعر صفيحة البنزين 1713000، وذلك عشية بدء المصارف اضراب غدا. مصرفيا ايضا، تعقد جلسة استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الاربعاء في حضور وفد قضائي اوروبي كما تردد، وصل الى لبنان امس. الى ذلك ينفذ اساتذة التعليم الخاص اضرابا غدا ايضا.
البنك الدولي: اقتصاديا ايضا، عرض وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل مع نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط فريد بلحاج والمدير الإقليمي في البنك Jean Christophe Carret، الأوضاع المشتركة. وأكد بلحاج على استعداد البنك الدولي دعم لبنان في الظروف الاستثنائية من خلال عدد من مشاريع الإغاثة، لا سيما دعم القمح وبرنامج الأسَر الأكثر فقراً. وتطرّق النقاش إلى ضرورة المحافظة على قطاع التعليم وإنقاذ العام الدراسي، ومساعدة الإدارة العامة لاسيما المالية في مواجهة تداعيات الأزمة.
كنعان: في الاثناء، غرّد النائب ابراهيم كنعان عبر حسابه على تويتر: بعد ساعات على انهيار سيليكون فالي بنك الجمعة الماضي، وضعت الحكومة الاميركية كل جهدها لايجاد حلّ – أُعلن منذ قليل – لكامل الودائع كما صرحت وزيرة الخزانة الاميركية @SecYellen، بينما في ازمتنا وان اختلفت الامكانيات،ارتكزت “حلول” حكوماتا على اعتبارها خسائر وشطبها والتوقف عن الدفع!