كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : تحول اللبنانيون منذ الاعلان عن الاتفاق بين ايران والسعودية الى مجرد مراقبين للتطورات السريعة في المنطقة، محاولين دراسة كيفية انعكاسها على اوضاعهم الداخلية، وبخاصة على ملف الانتخابات الرئاسية والملف المالي. ورغم ان حركتهم ومساعيهم الداخلية كانت محدودة قبل ذلك، الا انها باتت حاليا شبه معدومة، مع التسليم بأن القرار بمصير بلدهم خارجي، وبأن معظم القوى السياسية التي أعادوا انتاجها في الانتخابات النيابية الاخيرة، ليست الا ادوات تحركها الدول وتنتظر التعليمات منها لتنفذها بحذافيرها.
حدثان اقليميان اساسيان طبعا نهاية الاسبوع، من المفترض ان تكون لهما انعكاسات على الاوضاع الداخلية، وان كان ذلك لن يحصل في ليلة وضحاها:
– الحدث الاول: زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات، وما لذلك من اهمية استراتيجية بعد اكثر من 12 عاما من القطيعة العربية مع سوريا.
– الحدث الثاني: اعلان المساعد السياسي للرئيس الإيراني محمد جمشيدي أن الرئيس ابراهيم رئيسي تلقى دعوة من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لزيارة الرياض، وهو ما يعني ان الاتفاق بين البلدين بدأ يترسخ اكثر فأكثر، رغم ان كثيرين كانوا يعولون على فشله.
«فيتوان»… فمرشح ثالث
وبالرغم من اعتبار مصادر مواكبة عن كثب للملف الرئاسي، ان تبلور اي تفاهم إيراني-سعودي بخصوص لبنان لن يكون قريبا، باعتبار ان الملف اللبناني ليس اولوية للبلدين، كشفت المصادر لـ» الديار» ان «زوار طهران نقلوا عن مسؤولين ايرانيين ما مفاده ان الوصول الى حائط مسدود سواء بترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية أو قائد الجيش العماد جوزيف عون، سيؤدي تلقائيا الى تعزيز حظوظ مرشح ثالث»، مشيرة الى ان «الامر بات اقرب لكون ان فيتوات باتت موضوعة على الاسمين بعكس ما يتردد». واضافت: «لكن مما لا شك فيه ان حزب الله لن يتخلى عن فرنجية قريبا، وهو ابلغ كل من سأله انه سيبقى متمسكا بترشيحه حتى يعلن رئيس «المردة» انه لم يعد يخوض المعركة الرئاسية».
وبات محسوما ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يدعو الى جلسة لانتخاب رئيس بانتظار انقضاء شهر رمضان، آملاً ان تكون بعض المتغيرات قد طرأت على المشهد حتى ذلك الوقت، باعتبار انه ورغم ما يشيعه عن تأمين نحو 65 صوتا لفرنجية، الا انه لن يكون قادرا على تأمين نصاب الـ86 بتسوية كبرى ذات امتدادات اقليمية- دولية.
خلوة… فلا اتفاق
ورغم خلافاتهم، تبقى الكلمة الاساس للمسيحيين في انتخابات الرئاسة، باعتبار ان نصاب الـ86 لن يتأمن الا بحضور نواب «الجمهورية القوية» او «لبنان القوي»، اذ تعتبر المــصادر انه حتى ولو حصل تفاهم ايراني- سعودي على انتخاب فرنجية مثلا، الا ان تطبيقه داخليا لن يكون بالامر السهل، خاصة بعدما رفع «القواتيون» السقف كثيرا باعلان رفضهم تأمين نصاب جلسة لانتخاب «مرشح حزب الله».
وتتجه راهنا الانظار الى الخلوة ذات البعد الديني، التي دعا اليها البطريرك الماروني بشارة الراعي، وان كان الجميع يعلن ان خلفياتها وهدفها سياسي مرتبط بالسعي لانجاز تفاهم مسيحي- مسيحي حول الملف الرئاسي. فبعد فشل مهمة المطران انطوان أبي نجم الذي كان مكلفا من بكركي التواصل مع القيادات المسيحية، بمحاولة للتوصل الى اسم او اسمي مرشحين يشكلان نقطة تقاطع بين القيادات المسيحية، ارتأى الراعي لعب آخر اوراقه بالدعوة الى هذه الخلوة تحت مسمى «روحي»، لعلمه بأن حزب «القوات» مثلا لن يشارك في اجتماع للقيادات الـ4، ولا يبدو متحمسا لاجتماع النواب المسيحيين للبحث باسم الرئيس بغياب تفاهم مسبق حوله.
واعتبرت مصادر سياسية مواكبة للقاء المرتقب، انه «يخدم اولا رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ويضر بشكل خاص بفرنجية»، لافتة في تصريح لـ «الديار» الى ان «مسارعة باسيل لتكليف النواب نيكولا الصحناوي وسيزار ابي خليل وجورج عطاالله، زيارة الراعي في بكركي يوم امس لابلاغه تلبية نواب التيار دعوة التأمل والصلاة التي أطلقها، يؤكد ذلك».
وتضيف المصادر: «اما فرنجية فيعي ان لا باسيل ولا جعجع ولا الجميل بصدد السير بترشيحه، وبالتالي اي موقف سيصدر عن هكذا خلوة او عن اي اجتماع مسيحي- مسيحي في بكركي لن يكون لمصلحته، لذلك يصر دائما على التذكير باجتماع القيادات الشهير الذي حصل في البطريركية في العام 2014 واكد على احقية القيادات الـ4 في تبوؤ سدة الرئاسة».
وبعدما بات محسوما ان نواب «الوطني الحر» و»الكتائب» سيلبون دعوة الراعي، علمت «الديار» ان «اجتماعا يعقده تكتل «الجمهورية القوية» اليوم الاثنين حيث سيتم خلاله اتخاذ القرار النهائي بخصوص المشاركة بالخلوة او عدمها، على ان يعلن جعجع الموقف الرسمي خلال مؤتمر صحافي ظهرا».
وتعتبر المصادر ان «الخلوة حتى ولو شارك فيها كل النواب المسيحيين، وهو امر مستبعد، لن تصل الى اي نتيجة عملية او اتفاق، وهذا امر محسوم، ما يجعل خطوة بكركي خطوة ناقصة».
الاضرابات تشل البلد
في هذا الوقت، وفي ظل التأزم السياسي المستمر، يتواصل الانهيار المالي والاقتصادي، ما ينعكس على كل المستويات والقطاعات كافة، وبالاخص تحليقا لسعر صرف الدولار. وتستمر الإضرابات في شل البلد والمؤسسات وابرزها اضراب موظفي الادارة العامة، الذين اعلنوا بالامس تمديد الاضراب مع اعتصامات في المناطق، كما اضراب المصارف بعدما ارتأت الجمعية العمومية للمصارف عدم الاجتماع نهاية الاسبوع، وربط اي اجتماع يؤدي الى تعليق الاضراب بخروقات او حلول جديدة لا تبدو متوافرة حاليا.
وفي هذا الاطار، قالت مصادر معنية ان «الكرة اليوم في ملعب القضاء كما في ملعب القوى السياسية وعلى رأسها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، فاما يتم التوصل الى حل جذري يضع حدا لسياسة الكيل بمكيالين وتحميل المصارف كل مسؤولية الانهيار، ـ واما الاضراب سيتواصل حتى ولو علق لفترات محدودة لتسيير امور الناس». واضافت المصادر لـ «الديار»: «المصارف لا تريد التصعيد، وليست بصدد وقف العمل بالـatm حاليا او الاغلاق الكلي للفروع، لكن يجب ملاقاة الايجابية بخطوات سريعة من قبل المعنيين، والا اصبحت كل الخيارات متاحة، في حال استمرار صدور قرارات قضائية جائرة».