اقل ما يمكن ان يقال في وصف وضع السوق المالية امس، انها حفلة جنون، لا تفسير منطقيا لها، لكنها تنذر بانفلات كبير ستكون ارتداداته سلبية على مجمل الوضع. اذ بلغ سعر صرف الدولار نحو 145 الف ليرة نهارا، قبل ان يتهاوى ليستقر مساء عند عتبة الـ 110 الاف ليرة. والتلاعب في سعر الصرف، الهب معه الشارع، فتحرك المحتجون في غير منطقة، واقفلوا الطرق، وسط دعوات الى اعتصامات واضرابات بدءا من اليوم، قابلها كلام نيابي عن مساءلة الحكومة كأن الاخيرة بعيدة عن نسيج مجلس النواب نفسه الذي لم يحاسب الحكومات المتعاقبة يوماً. وقد ترافق تحليق سعر الصرف مع اطلاق ستة من المضاربين على الليرة بعدما توقيفهم مدة شهر، وخرجوا بكفالات مالية ووساطات سياسية. وكان هؤلاء طالبوا بتسريع احالتهم الى القضاء بعد التحقيق الاولي معهم لدى الاجهزة الامنية، واسمعوا المحققين انهم يضمنون اطلاق سراحهم لدى مثولهم امام القضاء.
وفيما ان خضوع حاكم مصرف لبنان للتحقيق الاوروبي الاسبوع الماضي، دفع خصومه الى الترويج بخسارته المعركة وبالتالي عدم توافر هامش اضافي لديه للتحرك، بل فقدانه المبادرة، وتخويف الناس من مرحلة مقبلة، تدخل مصرف لبنان بعد الظهر، معيداً تفعيل منصة “صيرفة” ومعلنا عن “إمكان الجمهور إجراء عملية مفتوحة ومستمرة لشراء الأوراق النقدية اللبنانية وبيع الدولار نقداً على سعر “صيرفة” الذي حدده بـ 90 الف ليرة مقابل كل دولار بدءا من يوم أمس.
وشدد مصرف لبنان على أن “الهدف من هذه العملية هو الحد من ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية والمحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي”. وأكد الحاكم أن “القرار الذي اتخذناه جاء لسحب كل الليرات اللبنانية من السوق ومصرف لبنان لديه القدرة على ذلك”. ولفت إلى أن “بالإمكان تسليم الليرة النقدية إلى الصرافين من الفئة “أ” وإلى المصارف العاملة، على أن يتسلم صاحب العملية الدولار بعد ثلاثة أيام”.
وفي حين استغرب البعض توقيت القرار فيما المصارف مستمرة في اضرابها، كشفت مصادر مصرف لبنان أن ثمة مصارف أبدت رغبتها في المشاركة في العملية وفتح ابوابها أمام الزبائن لإجراء العمليات المالية، بدليل أنها استوضحت مصرف لبنان عن بعض الامور، ومن ثم أكدت أنها ستفتح أبوابها على غرار بنك “الموارد”.
ولاحقا، اصدرت “جمعية مصارف لبنان” بيانا اعلنت خلاله تعليق الاضراب. وجاء في البيان: بمناسبة بداية شهر رمضان الكريم وتسهيلا لأمور المواطنين وعلى ضوء الاتصالات الجارية مع السلطات المعنية لمعالجة الخلل في المرفق القضائي والمرفق التنظيمي، تقرر جمعية مصارف لبنان تعليق الاضراب ومتابعة اتصالاتها بالسلطات المعنية، على أن تتخذ موقفاً على ضوء النتائج العملية لهذه الاتصالات وذلك ابتداءً من صباح الاربعاء 22 اذار”.
حياتيا، طالبت نقابة اصحاب المحطات في لبنان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزيري الطاقة والمياه وليد فياض والاقتصاد والتجارة امين سلام وجميع المعنيين الحريصين على المصلحة العامة تسعير صفيحة البنزين بالدولار الاميركي بما اننا ندفع ثمن الصفيحة للشركات المستوردة بالدولار” .
وسوف يتخذ قرار في هذا الشأن عند التاسعة صباح اليوم بعد اجتماع مع رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون الشماس والمعنيين بالقطاع لاتخاذ القرار المناسب، وهو البيع والتسعير بالدولار على ان يعلن بشكل واضح سعر الصرف اليومي في المحطات”.
اما وزير الصحة العامة فراس ابيض فاعلن ان الوزارة اصدرت امس ثلاث تسعيرات للدواء خلال النهار، بسبب التقلب في اسعار الصرف، في ظل الدعوات النقابية إلى الإضراب والإقفال والدولرة. أما توقف عدد من الشركات والمستودعات عن تسليم الادوية للصيدليات منذ أكثر من أسبوعين، فكان محور اجتماع مكثف بين الأبيض وممثلين عنهم بحثًا عن حل مرن يكفل عدم انقطاع الدواء.
الى ذلك افيد ان المدير العام لأوجيرو عماد كريدية لوّح بتقديم استقالته ما لم يُحلّ موضوع دفع الرواتب وتمكين الهيئة من القيام بواجباتها تجاه المواطنين.
واذ يتجه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد لاستكمال البحث بجدول اعمال الجلسة السابقة، وفي مقدمه النظر بانتاجية الموظفين وتصحيح الرواتب والاجور بعد قرار مصرف لبنان الاخير رفع سعر منصة صيرفة، برزت اشكالية تحول دون الانعقاد القريب للحكومة تكمن في وزارة المال التي ابلغت الموظفين بأنها ستوقف العمل، باستثناء يوم الاربعاء، بسبب الظروف المالية والمعيشية وارتفاع كلفة النقل على الموظفين، ما سيؤدي الى تداعيات سلبية على عمل المرفق الذي يؤثر على مختلف مفاصل الدولة وموظفيها.
باربرا ليف
سياسيا، لا جديد في الملف الرئاسي العالق، وتحط نهار الجمعة في بيروت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف في اطار جولتها على عدد من دول المنطقة تشمل مصر والاردن وتونس، ولبنان حيث تستمر يومين تعقد في خلالها لقاءات مع عدد من المسؤولين.
وتأتي زيارة الديبلوماسية الاميركية الى بيروت، في اعقاب تطورات متسارعة على مستوى المنطقة فرضها الاتفاق السعودي- الايراني، والحركة بين عدد من الدول العربية.
وتقول مصادر معنية بالزيارة ان المسؤولة الاميركية، ستبحث في لقاءاتها في ثلاثة ملفات: ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية يناسب طبيعة المرحلة وتحولاتها، لإطلاق قطار الانقاذ قبل ان يدخل الوضع دائرة الاستعصاء، تنفيذ الاصلاحات المطلوبة دوليا لمساعدة لبنان، وابرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي الحاصل.
يذكر ان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله يتحدث في الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم الأربعاء، في الإحتفال التكريمي الذي يقيمه الحزب لاحد قادة الحزب حسين الشامي.