رفع سقف التصريحات والتسريبات الإسرائيلية حول ما يجري على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، لم ينفع في الحصول على أي موقف أو خطوة تخفف من قلق العدو، وقد بدا ذلك واضحاً في كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بـ«أننا لسنا معنيين بمساعدة العدو على فهم ما حصل في الشمال، وإذا قام العدو بأي عمل عسكري أو أمني ضد أي مقيم في لبنان ولو من جنسية أخرى فإن المقاومة ستردّ سريعاً».
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية واصلت أمس نشر تسريبات تتعلق بعملية مجدو والحديث عن المنفذ وعلاقته بحزب الله. وبعد الحديث عن أن المقاوم الذي قتلته قوات الاحتلال تسلل من لبنان عبر جسر أمن له العبور فوق السياج، نُشر أمس أنه كان «يمتلك معلومات استخبارية دقيقة عن المكان وتم التخطيط للعملية بشكل ناجح».
وواصل العدو إجراءاته العسكرية على طول الحدود مع لبنان، وعاد إعلامه للحديث عن نشر حزب الله مقاتلين على طول الحدود، إضافة إلى نشر «حماس» مئات من عناصرها على الحدود بموافقة الحزب، معربة عن خشيتها من حصول تصعيد. فيما التقى رئيس الوزراء نتنياهو برئيس الأركان هرتسي هاليفي وبحث معه في ملفات لبنان ورمضان وإيران وأثر الاحتجاجات الداخلية على الجيش الإسرائيلي.
وفي خطاب ألقاه في ذكرى أسبوع على رحيل أحد القادة المؤسسين في الحزب حسين الشامي، أكّد السيد نصرالله، أنّ «الحادثة التي جرت الأسبوع الماضي على الحدود مع فلسطين المحتلة أربكت الاحتلال»، مشيراً إلى أن «صمت حزب الله بشأن الحادثة هو جزء من إدارته للمعركة مع إسرائيل». وقال: «لسنا معنيين بحل مشكلة العدو. فليحقق الإسرائيليون في ما حدث، وعندما يصلون إلى النتائج يبنى على الشيء مقتضاه، لكن حزب الله ليس معنياً بالتعليق على كل ما يحدث». وتوجّه إلى وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت قائلاً «ليبلّط البحر وليفعل ما يريد، والتهديد لا يقدم ولا يؤخر»، مشيراً إلى أنه «صحيح ما قاله الإسرائيليون بالتقدير أنّ حزب الله إذا كان مسؤولاً عن العملية، فهو ليس خائفاً من الذهاب إلى المعركة». ولفت نصرالله إلى أن ما يهدد به العدو «قد يكون سبب زواله، لأن المقاومة في لبنان عند عهدها وقرارها، بأنّ أي اعتداء على أي إنسان موجود على الأراضي اللبنانية سواء كان لبنانياً أو فلسطينياً أو من جنسية أخرى أو الاعتداء على منطقة لبنانية، ستردّ عليه رداً قاطعاً وسريعاً وهذا يجب أن يكون مفهوماً». وأكد أن «فتح حرب على لبنان يمكن أن يؤدي إلى حرب في كل المنطقة، وهذا يخشاه الإسرائيلي. وما يهددنا به الإسرائيلي قد يكون سبباً في أن لا يصل هذا الكيان إلى سنة الثمانين»، معتبراً أن «ملف الحدود البحرية أثبت أنّ العدو يخشى خوض حرب مع لبنان». وشدّد نصرالله على أن «إسرائيل اليوم مأزومة، ولم يمر الكيان في تاريخه، بهذا الكم من اليأس والإحباط والوهن، لأن الحكومة الإسرائيلية هي حكومة فاسدين ومتطرفين ومجانين»، مشيراً إلى أن «الحمقى في الحكومة الإسرائيلية يكشفون حقيقة الكيان التي يخفيها غيرهم، وعندما يصبح في قيادة العدو حمقى بهذا المستوى، ندرك أن النهاية اقتربت».
وفي شأن الوضع الداخلي، اعتبر أن «ارتفاع سعر صرف الدولار ليسَ منطقياً، وأن منع عمليات المضاربة مسؤولية الدولة»، مؤكداً أن «الموضوع الاقتصادي والمعيشي يتطلب طاولة حوار، لكن هناك من يرفض ذلك، فيما التقاذف الحاصل للمسؤوليات لن يحل المشكلة». وبينما لفت إلى أن «هناك إجماعاً على أنّ تحسين الوضع المعيشي يرتبط بتحسين الاقتصاد، والصين جاهزة لتقديم المساعدة في هذا الشأن»، رأى أن المشكلة هي في أن «المساحة الرمادية بين الزعامات اللبنانية أصبحت ضيقة جداً، لكن لا مبرر لعدم الدعوة إلى طاولة حوار للشأنين الاقتصادي والمعيشي».
ولفت إلى أن «العالم يتجه شرقاً، ومثال على ذلك السعودية التي دعت الرئيس الصيني إلى الرياض وأقامت المؤتمرات له ولم يحاسبها أحد»، معتبراً أن «الخوف في لبنان من التعاون مع الصين لا مبرر له، وذلك يحتاج إلى قرار وشجاعة سياسيين». وقال إن «هناك اقتصادات معرضة للانهيار في العالم والكثير من الدول الكبرى قد تنهار بسرعة»، داعياً إلى «التعاون والتكافل بين الناس للمساعدة، ولا سيما على أبواب شهر رمضان» ومشدداً على أن «الحزب بكل إمكاناته ومؤسساته يقف إلى جانب الناس، وهذا دوره دائماً».
وفي الملف الرئاسي، لفت نصرالله إلى أنّ الأمور تسير ببطء، لكن المساعي مستمرة في ملف انتخاب رئيس للجمهورية»، مؤكّداً أنّ «القرار داخلي بالدرجة الأولى، أمّا العامل الخارجي فمساعد وليس حاسماً، ما يجري تداوله بشأن ملحق للاتفاق السعودي – الإيراني حول لبنان واليمن وغيرهما ليس صحيحاً، ولم يتم التطرق إلى لبنان لا من قريب ولا من بعيد».