فيما كانت اللجان النيابية المشتركة تعقد جلسة عقيمة لـ “مساءلة الحكومة” لم تخرج بأي جواب او نتيجة، بل بمواقف رتيبة وتساؤلات مكررة، اتجهت الانظار الى التصعيد الميداني غير المتوقع، على مقربة من المجلس، في محيط ساحة رياض الصلح الذي رافق اعتصام العسكريين المتقاعدين احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية. وقد حصلت مواجهات بين القوى الامنية والعسكريين المتقاعدين لدى محاولتهم اقتحام السرايا، كما حصلت مناوشات ما بين المشاركين انفسهم.
ووفق وكالة الصحافة الفرنسية ان التحرك اعاد إلى الأذهان التظاهرات غير المسبوقة التي شهدها لبنان في خريف 2019 احتجاجاً على بدء تدهور الأوضاع الاقتصادية والمطالبة برحيل الطبقة السياسية التي لا تزال تمسك حتى اليوم بزمام الأمور من دون أن تقدم أي حلول.
وتخللت التظاهرة، التي استمرت ساعات قليلة، عمليات كر وفر بعد إطلاق قوى الأمن الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين من أجل تفريقهم، بعد تمكن مجموعة منهم من إزالة الأسلاك الشائكة. وقد تدخل الجيش للفصل بين المتظاهرين والقوى الأمنية، لاحتواء التوتر بعد إطلاق القنابل المسيلة للدموع بكثافة.
وعلى مقربة من المواجهات، كانت اللجان النيابية المشتركة تركز مناقشاتها على السياسة المالية للحكومة. واذ افتتح اعضاء من تكتل “الجمهورية القوية” النقاش مع ممثلي الحكومة أي الوزيرين سعادة الشامي ويوسف الخليل، عن التفلّت في سعر الصرف، سأل نواب من كتلة “الوفاء للمقاومة” عن مصير خطة التعافي والقوانين الإصلاحية، وعن مدى أحقية اضراب المصارف وغيرها. ونقل عن الشامي اعتباره تعاميم مصرف لبنان في شأن “صيرفة وكلّ ما يدور في فلكها” غير قانونية.
واعلن رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان أن “الجلسة كانت مخيّبة للآمال ولم نحصل على أي جواب واضح من أي جهة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يحضر الجلسة وممثله لم يعطِ أي جواب شافٍ”. وأضاف “كذلك وزير المال يوسف خليل وممثل الحكومة وتبين أنّ الحكومة ليس لديها أي إلمام بما يحصل”. وتابع “لم يعد بيدنا سوى التحرك قضائياً والحكومة شاهد ما شاف شي ويمكن ما بدو يشوف شي”.
الجلسة التشريعية
على صعيد التشريع، تردد ليلا ان الرئيس نبيه بري قرر إلغاء اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب الذي كان مقرّراً يوم الاثنين المقبل وبالتالي لا موعد لجلسة تشريعية بعد..
وكان صدر عن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بيان جاء فيه: الرئيس نبيه بري وفريق الممانعة وبعض النوّاب والكتل الأخرى يُحضّرون لمحاولة عقد جلسة تشريعيّة هدفها الفعلي والأساسي تطيير الانتخابات البلديّة والاختياريّة والتّمديد للمجالس الحاليّة. إنّ تعطيل الانتخابات الرئاسيّة حتّى الآن قد حرم اللبنانيين فرص ذهبيّة لبدء عمليّة إنقاذٍ يتوق إليها كلّ لبناني، خصوصاً بعد تفاقم الأوضاع المعيشيّة. لم يكتفِ محور الممانعة بكلّ ذلك، بل يُحضّر الآن لمحاولة مكشوفة لتعطيل الانتخابات البلديّة والاختياريّة، بعد أن كان قد تمّ تأجيلها العام الماضي للأسباب المعروفة.
وقد سبقه “التيار الوطني الحر” باعلانه انه يؤكد موقفه الثابت من التشريع في غياب رئيس للجمهورية وفي ظلّ حكومة مستقيلة ناقصة الشرعية. فالتشريع بالمطلق مرفوض إلّا إذا كانت الجلسة محصورة بالأمور الطارئة والضرورية والمستعجلة أو إذا كانت هناك قوة قاهرة او مصلحة الدولة العليا تستلزم التشريع.
صندوق النقد
اقتصاديا، التقى رئيسا لجنتي المال والإدارة والعدل ابراهيم كنعان وجورج عدوان وفد صندوق النقد في مجلس النواب. كما لفت استقبال السفير السعودي لدى لبنان، وليد بخاري في اليرزة، وفد صندوق النقد الدولي الذي يزور لبنان حاليا برئاسة ارنستو ريغو راميريز. وجرى خلال اللقاء التباحث في مجمل المستجدات الحاصلة على الساحة اللبنانية الإقليمية وشروط التعافي التي يحتاجها لبنان ليخرج من الازمة السياسية والاقتصادية التي يعيشها بالإضافة إلى القضايا والموضوعات ذات الإهتمام المشترك.
وعلم أن لقاء رئيسي لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان ولجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان مع وفد صندوق النقد الدولي، ركّز على فكرة إنتاج السلطة كمدخل أساسي لإستكمال الإتفاق مع الصندوق.
وجرت مناقشة مستفيضة في شأن ضرورة الإستعجال بإنتخاب رئيس للجمهورية ليستكمل بتشكيل حكومة قادرة على إجراء الإصلاحات المطلوبة والسير بإتجاه إبرام الإتفاق مع الصندوق.
وعبّر الوفد أمام رئيسي اللجنتين عن قلق المجتمع الدولي من تمدد الفراغ ليشمل سائر المؤسسات لاسيما النقدية في ظلّ قرب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان في تموز المقبل وعجز حكومة تصريف الأعمال عن إتخاذ الإجراءات والاصلاحات المطلوبة في المصرف المركزي، كما وعدم قدرة الحكومة على احالة مشاريع القوانين الى المجلس النيابي والذي لا يستطيع بدوره إقرارها لتعذّر تحويلها من حكومة أصيلة.
وفاتح رئيسا اللجنتين الوفد بمشهد التخبّط الذي تعيشه الإدارة بفعل الفراغ الرئاسي والحكومي، والدليل على ذلك حال الإنهيار الكبير المستمرّ في العملة الوطنية والأزمات المعيشية التي تتخبّط بها في كل القطاعات والمسار الإنحداري الذي يسير لبنان فيه.
بدوره أكد رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية محمد شقير بعد اجتماع امس ان الهيئات الإقتصادية وإنطلاقاً من موقعها كممثل شرعي للقطاع الخاص اللبناني، هي حريصة جداً على توقيع إتفاق منصف يراعي الخصوصية اللبنانية بين الحكومة وصندوق النقد الدولي والذي تعتبره خشبة الخلاص للبنان، لذلك فهي تنبه الى وجود عدد من الملاحظات في النص الأولي للإتفاق، وهذه الملاحظات يجب تعديلها، لا سيما ما يتعلق بموضوع إعادة أموال المودعين والآليات المتعلقة بها إنطلاقاً من كونه حق يكفله الدستور ولا يمكن تجاوزه على الإطلاق، “لأن عدم القيام بهذا التعديل سيؤدي حكماً الى سقوط هذا الإتفاق في مجلس النواب لاعتبارات عديدة.
الرئاسة
رئاسيا، لا جديد، سوى ما اعلنه الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله من ان الأمور تسير ببطء في الإستحقاق الرئاسي والمساعي مستمرّة ونأمل أن يساعد الهدوء الإقليمي والإتفاق السعودي الإيراني على انجاز هذا الإستحقاق ولكن هذا الامر يعتمد بالمقام الأول على الداخل أما الخارج فهو فقط يخلق مناخًا لذلك.