كتبت صحيفة “الديار” تقول: هدأ الوضع المتشنج نسبياً بعد «عاصفة التوقيت» التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وأظهرت الحقائق كما هي، لكن لم يهدأ بعد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي ألمح بالإعتكاف، إلا أن رسائل مباشرة دعته الى عدم المجازفة، وهي تعرف سلفاً انه يهدّد فقط ولن يعتكف، لكن كان لا بدّ من بعض التهديدات المبطّنة من قبل قاطن السراي، لتنطفئ المشكلة عبر الالتزام بالتوقيت الصيفي، إعتباراً من منتصف هذه الليلة وتوحيد الساعة.
هذا الهدوء المصطنع الذي خيّم على البلاد لساعات، عاد لينقلب صخباً وصراخاً ومناكفات، من قلب ساحة النجمة بين بعض «ممثلي الامة»، بعد تفاقم السجالات وتحوّلها الى خلافات وصلت أصداؤها للخارج، ليخرج المتخاصمون ويطلقون التبريرات التي زادت من نسبة التناحر اليومي الذي يشهده البلد، كما يفعل سواهم من اهل السلطة الذين تناسوا كلام رئيس صندوق النقد الدولي قبل ايام قليلة، حول وضع مالي خطير مُقدم عليه لبنان، اذا لم تستدرك الحكومة والسلطات اللبنانية وتتخذ القرارات اللازمة والسريعة، بالتزامن مع تحذيرات التقارير الغربية من الإنهيار الوشيك على بعد اسابيع.
وسط هذه اللامبالاة السياسية والتلهيّ بالقشور، امام سقوط مرتقب للوطن بمَن فيه، فسحة أمل ينتظرها اللبنانيون ولو عن بعد، مع ترّقبهم لنتائج المحادثات التي جرت بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول الملف اللبناني، خصوصاً بعد الصراعات الطائفية التي إنزلق إليها البلد قبل ايام، وافيد وفق الاتصال الذي جرى بين الطرفين، بأنّ لبنان كان طبقاً دسماً خلال محادثاتهما وبأنّه اخذ منحى هاماً من خلال تفعيل الجهود لإنتخاب الرئيس في أقرب وقت.
ساحة النجمة او ساحة الصراخ؟
وعلى خط المجلس النيابي الذي كان نجم الساحة السياسية امس، بسبب ما شهده من خلافات وصراعات وصراخ خلال جلسة اللجان النيابية المشتركة، التي بدأت بسجال بين النائبين ملحم خلف وغازي زعيتر، تحت عنوان «القلوب المليانة» التي تفجرت عبر سجال على خلفية دعوة خلف لانتخاب رئيس جمهورية، ليرّد عليه زعيتر، «كلامك مش بالنظام»، ليتفاقم الإشكال والنقاش مع عبارات مسيئة وغير مقبولة من ممثلي الشعب المفترض ان يكونوا قدوة.
وتبع ذلك نقاش حاد بين النائبين سامي الجميل وعلي حسن خليل، على خلفية مطالبة الاول بضرورة إجراء الانتخابات البلدية وموضوع تمويلها، لان عدم إجرائها سيؤدي الى الفوضى، ليتطور الإشكال الى إستخدام خليل تعابير غير لائقة كما قال الجميّل، ولا ترتقي الى مستوى التخاطب بين النواب، وقال: «انّ هنالك تسجيلات بما جرى»، واضعاً ذلك بعهدة الرئيس بري.
في المقابل أشار النائب خليل الى انّ جهات تصرّ على تعطيل المجلس النيابي وترفض عقد جلسات تشريعية، ولا نقبل بأن تتهمنا بتجاوز الدستور، وتوجيه الاتهامات الينا، معتبراً بأنّ حركة امل ما زالت تُناضل من اجل لبنان، وهي الحريصة على السلم الأهلي بعكس جهاتٍ رفعت شعار «لكم لبنانكم ولنا لبناننا» بسبب «توقيت الساعة».
الى هنا إنتهت جلسة اللجان النيابية المشتركة من دون أي نتيجة.
وعلى اثر السجال الذي حصل خلال جلسة اللجان المشتركة بالمجلس النيابي، بادر الرئيس نبيه بري واتصل برئيس حزب الكتائب سامي الجميل، مؤكدا له حرصه على معالجة ما حصل، كما طلب بري من نائبه الياس بو صعب استكمال اتصالاته لايجاد حل من شأنه ان يعالج الموضوع سريعا.
وكان صدر عن نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، البيان الآتي: «وعلى أثر هذه الاتصالات، زار بو صعب مقر حزب الكتائب في الصيفي، حيث اجتمع مع رئيس الكتائب واتفق معه على طريقة معالجة الموضوع».
بعدها، اجرى النائب علي حسن خليل اتصالا بالجميل بصفته رئيس حزب الكتائب، معتذرا منه على الكلام الذي صدر عنه ولاسيما بعدما تأكد خليل أن الكلام الاستفزازي الذي صدر بحقه لم يكن صادرا عن رئيس حزب الكتائب.
واكد خليل خلال الاتصال الذي شارك به بو صعب، كامل احترامه للجميل ولحزب الكتائب».
الشامي شاهد على فشل الحكومة في تنفيذ الاصلاحات
وعلى خط التحذيرات المخيفة المتتالية للبنان، لا تزال تحذيرات صندوق النقد الدولي تخيّم بقوة، في ظل غياب الإصلاحات الضرورية، التي تَمَّ الاتفاق عليها مع الصندوق، ما سيُدخل البلاد في أزمة عميقة لا أفق زمنياً لها. هذا الكلام اطلقه نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، « أي شهد شاهد من اهله»، وحذّر بدوره من خطورة الوضع ليس اليوم، بل قبل فترة طويلة، قائلاً: «صوتنا لم يلقَ آذاناً صاغية، فعسى أن يكون صوتُ الصندوق أكثر وقعاً». واشار الى انّ الحكومة أعدت برنامجاً اقتصادياً ومالياً تم الاتفاق عليه مع الصندوق، وكذلك خطة مفصّلة مستوحاة من هذا الاتفاق أُرسلت إلى مجلس النواب في التاسع من أيلول الفائت، لكن عدم القيام بهذه الإصلاحات يقوّضّ صدقية لبنان، ويزيد صندوقَ النقد تصلّباً في مواقفه، وفي ضوء التعثّر الحاصل، فالخوف أن ننسحب نحن من الاتفاق فعلياً بحكم التلكؤ الحاصل في تنفيذ الإجراءات.
الملف الرئاسي غائب… وحاضر لدى فرنجية
في غضون ما يجري من مناكفات بين اهل السلطة بكل مكوناتها، يراوح الملف الرئاسي مكانه وكأنه في غيبوبة، ويتكرّر مطلب «ضرورة إنتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن، اي العبارة التي يردّدها كل نائب او مسؤول او معنيّ بالانتخابات الرئاسية، لكن على ارض الواقع لا مكان لتك العبارة، لانّ الكل ينتظر التطورات السياسية في المنطقة، بعد فتح باب المحادثات السعودية – الايرانية، والسعودية – السورية والى ما هنالك».
وعلى خط المتفائلين بإجراء هذه الانتخابات ولو بعد حين، تشير مصادر معنية بالملف الرئاسي خلال اتصال مع «الديار» ليلاً، الى انّ رئيس تيار «المردة « سليمان فرنجية هو المرشح الوحيد الناشط رئاسياً، أقله علناً، عبر إرساله موفدين لجسّ النبض الرئاسي، وإجراء الاتصالات و»البوانتاج» لمعرفة آخر التطورات المتعلقة بترشيحه، وفي هذا الاطار نقل مقرّبون منه لـ «الديار» بأنّ العناوين العريضة لبرنامجه الرئاسي إستكملت، ومسألة إعلان ترشيحه رسمياً ليست بعيدة.
جنبلاط حثّ الفرنسيين على خيار المرشح الثالث
وفي السياق اشارت مصادر متابعة للملف الرئاسي لـ «الديار» الى انّ رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي زار فرنسا، ابلغ الفرنسيين ضرورة الإستعانة بخيار المرشح الثالث، أي لا فرنجية ولا معوض لانهما يشكلان تحدّياً، وطرح أسماء وسطية حيادية قادرة على النهوض بالبلد والقيام بالاصلاحات، من ضمنها أسماء سبق ان طرحها خلال زيارة وفد «اللقاء الديموقراطي» على المرجعيات السياسية والاحزاب في لبنان.
القطاع العام ينتظر رفع رواتبه
معيشياً، ينتظر القطاع العام جلسة مجلس الوزراء لرفع الرواتب وبدل النقل، في ظل غياب الثقة من تبديد مفاعيلها، بالتزامن مع التضخم والفقدان المتواصل لقيمة الليرة، أي ان تقبض الرواتب بيد اليمين وتطير بيد الشمال، أي انها ستراوح مكانها، وهذا ما ما أشار اليه خبراء اقتصاديون، لان رفع الرواتب سيؤدي الى مزيد من الانهيار في سعر الصرف.
إضراب «اوجيرو» مستمر والاعطال تتفاقم
وفي إطار المطالب ايضاً، يستمر موظفو «اوجيرو» في الاضراب، على وقع تهاوي شبكة الانترنت والأعطال في مختلف المناطق، وإنقطاع خدمة الانترنت في بعض مناطق العاصمة وجبل لبنان، مع تصعيد على الارض عبر قطع بعض الطرقات في الشمال بصورة خاصة، وفي هذا الاطار اشارت مصادر مطلعة على أزمة الانترنت لـ»الديار» من إحتمال توقف معظم شبكات «أوجيرو» خلال ايام قليلة، وهذا يعني انّ لبنان سيكون في عزلة عن العالم. فيما ووفق المصادر المذكورة، فإن وزير الاتصالات جوني القرم، رّد على مطالب الموظفين بالقول: «رواتبكم عالقة لدى وزارة المال».
العسكريون المتقاعدون الى الشارع الخميس
وضمن الازمات المعيشية، سيتواصل تظاهر وإعتصام العسكريين المتقاعدين، اذ دعت «تنسيقية الدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين» للنزول مجدّداً الى الشارع، عند الحادية عشرة من قبل ظهر غد الخميس الى ساحة رياض الصلح، لانّ زمن المفاوضات والإقتراحات والمبادرات انتهى، خصوصاً انها جرّبت كل الوسائل كي لا تنكسر الجرّة من دون نتيجة. وأشارت الى انّ العسكريين يعيشون تحت خط الفقر برواتب تبخرت قيمتها الشرائية، ولا مناص لنا إلّا الشارع الذي أجبرونا على النزول اليه لنصرخ بصوت واحد عالِ،»لن ندع عيالنا تجوع». واشار العسكريون المتقاعدون الى انهم سينطلقون الخميس الى أهداف محدّدة نتركها لحينها.