على وقع التطورات الاقليمية المتسارعة، وآخرها ما افيد عن عزم السعودية دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور القمة العربية التي تستضيفها الرياض في أيار المقبل، كما بدء الاعداد لخطوات عملية تترجم التفاهم الايراني- السعودي الذي أُعلن عنه مؤخرا برعاية صينية، يتواصل داخليا الانهيار المالي كما الشغور الرئاسي، بانتظار ان تشمل الانفراجات الخارجية الوضع اللبناني، الذي لم تعد تنفع معه المسكنات والحلول الترقيعية.
وبات محسوما، ان القوى الداخلية استسلمت تماما لوجوب انتظار حل يُطبخ خارجيا، او اقله تحديد المقادير في الخارج لاعداد الطبخة المنشودة في الداخل، لذلك هناك غياب لاي مبادرة او حراك لاخراج الملف الرئاسي، ومعه كل الملفات العالقة عند عنق الزجاجة.
مفاجآت بالجملة
وبالعودة الى المستجدات الاقليمية، لا يُعتبر الخبر الذي نقلته وكالة «رويترز» يوم امس عن اكثر من مصدر، لجهة اعتزام الرياض دعوة دمشق للمشاركة في القمة العربية في شهر ايار مفاجئا، خاصة انه يأتي بعد نحو اسبوع من اعلان البلدين عودة العلاقات الديبلوماسية بينهما واعادة فتح السفارات قريبا، الا انه وفي كل الاحوال يشكل الخبر، بحسب مصادر معنية بالملف، «تطورا كبيرا و كاقرار من كل الدول العربية بانتصار سوريا في الحرب العالمية التي خيضت عليها»، مؤكدة لـ « الديار» ان «المنطقة ستكون على موعد مع الكثير من التطورات والمفاجآت بالجملة في الاسابيع القليلة المقبلة، والتي ستشمل كل الدول التي شهدت ازمات في السنوات الماضية، وابرزها سوريا واليمن والعراق ولبنان». وقالت المصادر ان «الزمن الحالي هو زمن حصد الانجازات لمحور المقاومة بعد سنوات طوال من الصمود، ومن يعتقد او يشيّع خلاف ذلك، انما يسعى لدفن رأسه في التراب».
وبما يوحي بالتوجه للانتقال سريعا بالمصالحة والتفاهم الايراني- السعودي الى خطوات عملية، أُعلن يوم أمس عن تلقي وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اتصالا هاتفيا من نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، جرى خلاله تحديد موعد للقاء بينهما. ووأفادت وكالة الأنباء السعودية «واس» بأن الوزيرين بحثا في العديد من الموضوعات التي تهم البلدين، بالإضافة إلى مناقشة الخطوات المقبلة في ضوء الاتفاق الثلاثي الأخير.
فرنجية ينتظر الرياض
لبنانيا، يصل اليوم الى بيروت موفد قطري برئاسة وزير الدولة في وزارة الخارجية الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي، للقاء عدد من المسؤولين السياسيين في البلاد. وفيما استبعدت مصادر مطلعة ان يكون الوفد يحمل اي مبادرة لحل الازمة الرئاسية، اعتبرت في حديث لـ « الديار» ان الزيارة «تندرج في اطار تثبيت الدور القطري في الملف اللبناني، خاصة مع دخول اكثر من طرف على الخط ومؤخرا المصري، ومحاولة السعودية بعد فترة طويلة من عدم الاكتراث العودة الى الساحة اللبنانية ومن الباب الواسع». وقالت المصادر: «اليوم باتت الكرة الرئاسية وبشكل كلي في المعلب السعودي. فباريس لا تزال متمسكة بترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، وبمقايضة رئاسته مع شخصية تختارها المملكة لرئاسة الحكومة. وبحسب آخر المعلومات، فان فرنجية وحلفاءه ينتظرون اشارات جديدة من الرياض ليبنوا على الشيء مقتضاه، خاصة لجهة خروج فرنجية لاعلان ترشيحه رسميا. وهي خطوة متى حصلت، تعني ان طريقه باتت سالكة الى بعبدا».
وتشير المصادر الى ان «فرنجية اعطى الرياض عبر الفرنسيين ضمانات لا تخرج عن الثوابت والمبادىء المعلنة والتي لطالما رددها»، لافتة الى انه «يعول على عامل الوقت وعلى المتغيرات المتسارعة في المنطقة لتسريع خطواته الى بعبدا».
المعارضة في تخبّط غير مسبوق
وفيما انقلبت الادوار، وبات «الثنائي الشيعي» وحلفاؤه يخوضون الاستحقاق الرئاسي من موقع قوة، مع الاعلان عن مرشحهم وتمسكهم به، تعيش قوى المعارضة وبحسب المعلومات في تخبط غير مــسبوق، بعد انعدام حظوظ مرشحها النائب ميشال معوض مع اعلان «التقدمي الاشتراكي» التخلي عنه، والترويج لمجموعة اسماء اخرى لم تجد اي منها طريقها للتبني. وتشير المعلومات الى ان الخلافات بلغت اوجها سواء بين «القوات»- «الكتائب» من جهة، و»التقدمي الاشتراكي» من جهة اخرى، او بين هذه القوى ونواب «التغيير» كما النواب السنّة الاقرب لجو ١٤ آذار. ففيما يصر قسم كبير من هذه القوى على ان الطريق الاقرب لحل الازمة الرئاسية هو بالاتفاق مع الفريق الآخر على اسم مرشح، يتمسك القسم الآخر وبخاصة «القوات» على وجوب ان يكون هناك مرشح واضح للمعارضة في وجه مرشح «الثنائي الشيعي».
مصير جلسة الحكومة و«البلدية»
في هذا الوقت، يفترض ان يُحسم هذا الاسبوع مصير الجلسة المرتقبة لحكومة تصريف الاعمال للبت باضراب القطاع العام ورواتب الموظفين، كما بمشكلة «اوجيرو» التي لم يتم حلها جذريا. وقالت مصادر حكومية لـ «الديار» انه «سيتقرر ما اذا كان هناك لزوم لعقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع خلال اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بادارة تأثير الازمة في المرفق العام، الذي سيُعقد ظهر اليوم الاثنين»، لافتة الى ان «تبلور حلول لهذه الازمات عبر وزارة المال، هو الكفيل بتحديد موعد لجلسة حكومية من عدمه».
كذلك، من المتوقع ان يُحسم هذا الاسبوع مصير الانتخابات البلدية، او اقله اتضاح ما اذا كان هناك قرار باجرائها او تأجيلها. اذ تؤكد معلومات «الديار» ان «وزير الداخلية بسام المولوي سيدعو الهيئات الناخبة يوم غد الثلاثاء، بغض النظر عن رأي او موقف الحكومة او مجلس النواب، وما اذا كان التمويل متوافرًا لاجراء الاستحقاق او لا، ما سيوجب على القوى المعنية حسم خياراتها مع ترجيح كفة التأجيل بما يتجاوز الـ ٧٠ ٪».