لا يبدو ان غصن الزيتون الذي ارتفع امس بأيدي الأطفال في عيد الشعانين الغربي أوحى بأن تباشير نهاية طوفان أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان قد أزفت.
وكشفت الجولة الاخيرة من المشاورات التي شهدتها باريس، ان مرشح “الثنائي الشيعي” سليمان فرنجية غير مطابق للمواصفات على اكثر من صعيد داخلي وعربي ودولي، فانبرى “حزب الله” الى شن حملة رفض لكل بديل، وصولاً الى المجاهرة برفض أي تفكير في وصول رئيس للجمهورية يتولى إبرام إتفاق مع صندوق النقد الدولي، كجزء من خطة النهوض لإخراج لبنان من قعر هاوية أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية قاطعاً الطريق على جهاد أزعور. وما يثير الغرابة، ان قصر الاليزيه، الذي يتمسك بواجب الوقوف على خاطر “الحزب” ولم يسقط خياره رئاسياً، أي فرنجية، لا يتوقف عن وعظ لبنان بوجوب الاتفاق مع الصندوق
في هذا الوقت، ينتقل اليوم مشهد المشاورات من باريس الى بيروت، بوصول وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي. ووفق جدول اللقاءات الرسمية، سيلتقي الخليفي أيضاً قائد الجيش العماد جوزف عون. ومن المستبعد أن يكون الوزير القطري حاملاً “غصن زيتون” مبادرة جديدة لحلّ الأزمة اللّبنانية، علماً أن هذه الزيارة منسّقة مع الرياض
أما طهران التي زارها المسؤول القطري الذي كان ممثلاً لبلاده في اللقاء الخماسي في باريس في 6 آذار الماضي، فبدت مشغولة بملف اتفاق بكين، كما أعلن امس وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وقال إنه سيجري مشاورات مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال يومين.
بالعودة الى موقف “حزب الله” غداة إنكشاف هزال التأييد لمرشحه الرئاسي، فقد قال رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد: “إن هناك خبراً مرّ عابراً، وهو أن الإدارة الأميركية غيّرت وجهة نظرها تجاه مرشّح الرئاسة في لبنان، وهي لا تُفكّر بشخصيات ممن اعتاد عليها الجمهور اللبناني بل بشخصية لها خلفية إقتصادية”.
وسأل رعد: “ماذا يعني لديه خلفيّة إقتصادية؟ يعني أنّ البنك الدولي يستطيع أن يتفاهم معه، كما صندوق النّقد الدّولي، لمصلحة التّعليمات والتّوجيهات والسياسات التي يرسمها النافذون الإستكباريّون للعالم من خلال هذه المؤسّسات الإقتصاديّة الدولية”.
ولفت إلى أنّه “تحت عنوان التّواصل مع صندوق النّقد الدولي قُلنا بأنّ 3 مليارات لن تنفع البلد، فلا “تتعبوا قلبكم”، ويجيبون بكلّ ثقة: “المسألة ليست مسألة مليارات بل هي فتح أبواب الدول من أجل مساعدتكم، وعليه يجب أن تركنوا لسياسات تلك الدول من أجل أن نوفّر لكم المساعدات دائماً”.
ومع مجاهرة رعد بإسقاط خيار “لديه خلفيّة إقتصادية”، كان لنائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيح نعيم قاسم موقف شديد الوضوح عندما أبلغ وسطاء فرنسيين وروساً جواباً على سؤال طرحوه عليه عن المرشح التالي لـ”الحزب” إذا تعذّر وصول فرنجية، فأجاب: “لدى الحزب ثلاثة مرشحين: الاول والثاني والثالث سليمان فرنجية”. أي ان “الحزب” عقد زواجاً بالثلاثة مع زعيم “المردة”.
في المقابل، وبعد موقف مماثل السبت لرئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط، صرّح امس عضو الكتلة النائب وائل أبو فاعور الذي رافق وليد جنبلاط الى باريس، فقال: “نعرف ان رئيس الجمهورية يجب ان يكون رئيساً وفاقياً، يوافق عليه إذا لم يكن كل المجلس النيابي فمعظمه، وأن يكون اصلاحياً وانقاذياً، وان يمتلك خاصتين او صفتين، الأولى ان يكون قادراً على جمع اللبنانيين، والثانية ان يكون قادراً على تصحيح علاقة لبنان مع الدول العربية، لأنه بلا العرب لا إنقاذ ولا هوية، وهي ليست فقط مسألة انقاذ اقتصادي بل هذه هويتنا وهذا انتماؤنا”.
بدوره، كان لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع موقف عالي السقف إذ قال: “إن أيَّ مرشّحٍ من محور الممانعة، مهما كان اسمه أو هويّته هو الفراغ بحد ذاته”، مشدّداً على أنّ “من يريد الدويلة والسلاح غير الشرعي، “يعمِلُنْ عندو”، فمن غير المسموح من الآن وصاعداً أن نسمع بحوادث انتحار أو هجرة أو “يندفن شعب هوي وعايش” بسبب القهر واليأس وكثرة الظلم والفساد”. وأتت هذه المواقف السبت أثناء إحياء ذكرى شهداء زحلة التي تحييها “القوّات اللبنانيّة” سنوياً.
وفي أحد الشعانين، ترأس البطريرك مار بشارة بطرس الراعي قداس العيد في بكركي، وألقى عظة جاء فيها: “ليعلم السياسيون وعلى رأسهم نواب الأمة أن ضامن السياسة الصالحة هو انتخاب رئيس للجمهورية يحمل هذه المواصفات لتنتظم معه المؤسسات الدستورية”. وختم الراعي: “بهذه الروح نستعد مع النواب المسيحيين للخلوة الروحية الأربعاء 5 نيسان في بيت عنيا. نستمع خلالها إلى كلام الله في تأمّلين، ونكرس الباقي للصلاة والصوم والتأمل والتوبة، وننهي بالقداس الإلهي مع المناولة الفصحية. فنصلي معاً من أجل لبنان وخلاصه من أزماته السياسية والإقتصادية والمالية والمعيشية”.
وعشية مزاولته نشاطه الرسمي اليوم، نقل عن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي انه عازم على اجراء الانتخابات البلدية في موعدها الشهر المقبل إذا لم ينعقد مجلس النواب للتصديق على قانون تمديد ولاية المجالس الحالية. وأوضح ان الأموال اللازمة متوافرة عبر حقوق السحب الخاصة SDR من صندوق النقد الدولي، حيث تبلغ حصة لبنان 865 مليون دولار ومثلها اموال لهذه الانتخابات عبر الاتحاد الاوروبي. وسيعلن وزير الداخلية بسام المولوي دعوة الهيئات الناخبة اليوم