العبارة الشهيرة “شكراً قطر” التي اعتمدها “حزب الله” بعد حرب العام 2006، للتعبير عن امتنانه للدوحة على المساعدات السخية التي تلقاها لبنان بعد تلك الحرب من ناحية، وللتقليل من المساعدات البالغة السخاء ايضاً التي تلقاها لبنان من الاشقاء والاصدقاء وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية، تحوّلت اليوم على نحو لا يرغب به الحزب في ضوء زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي للبنان امس والتي يختتمها اليوم. وبدا ان وهج المشاورات الخاصة بالاستحقاق الرئاسي عاد الى المضمار القطري، بعدما استأثرت به منذ أسابيع باريس وتحديداً منذ اللقاء الخماسي في السادس من آذار الماضي. وإذا كان المسؤول القطري ، قد مثّل بلاده في اللقاء الخماسي، فهو واصل مهمته في لبنان إنطلاقاً من موقع الدوحة إقليمياً ودولياً، بدليل ان لبنان كان في الملف الذي حمله اخيراً الى طهران قبل وصوله الى بيروت.
وليلاً إسترعت الانتباه تغريدة زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والذي استقبل الموفد القطري:”لا أرى اي تشابه بين المستعمر الفرنسي آنذاك الجنرال غورو والمناضل قائد ثورة الاستقلال السورية سلطان باشا الاطرش”. وقد رد جنبلاط بتغريدته على احد المغردين نشر فيها صورتي الجنرال الفرنسي هنري غورو المسؤول عن الانتداب على سوريا ولبنان عام 1925 بمواجهة قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش (الدرزي) ليشير الى الشبه بين الرجلين.
ويقول متابعون لتغريدات جنبلاط إنه أراد القول في تغريدته الاخيرة انه يفضل الدور العربي على الدور الفرنسي، وما يعنيه ذلك القول اليوم.
ما لفت الانتباه ايضاً، ان الخليفي وصل الى لبنان بجدول حافل من اللقاءات شملت كل الاطياف خلافاً لما سار عليه قصر الاليزيه وفق منطق إنتقائي توجّه بتبني خيار فريق الممانعة بقيادة “حزب الله” بترشيح رئيس “تيار المردة” الوزير السابق فرنجية لرئاسة الجمهورية.
المعطيات التي توافرت حول اليوم الاول من لقاءات وزير الدولة القطري، بيّنت انه أصغى ملياً لمن التقاهم وهم يوضحون موقفهم من المرشح المطلوب وصوله الى قصر بعبدا. وفي جردة اولية تبيّن ان كفة الميزان رجحت في غير صالح مرشح الممانعة فرنجية، علماً ان الكلمة النهائية لهذا الفريق سيقولها اليوم رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد عندما يستقبل الخليفي في مقر الكتلة في حارة حريك. لكن ما سيقوله رعد امام الزائر القطري لن يخرج عما قاله نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم اخيراً من ان “لدى الحزب ثلاثة مرشحين: الاول والثاني والثالث سليمان فرنجية،” كا اشارت “نداء الوطن” في عددها امس.
وجاء النبأ الذي بثته المؤسسة اللبنانية للارسال مساء امس حول لقاءات من المفترض ان فرنجية قد اجراها ليل امس مع مسؤولي “حزب الله” ، ليشير الى ان الامين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله قد إستضاف مرشحه للرئاسة الاولى ليكون هو اللقاء الاول من نوعه بعد اعلان الحزب تبني ترشيح فرنجية إثر ترشيح مماثل من الرئيس نبيه بري.
ماذا يعني هذا التزامن بين زيارة المسؤول القطري وبين تعمد “حزب الله” دفع مرشحه الى واجهة الاحداث، على رغم أن حصان فرنجية الرئاسي يتراجع في حمأة السباق الرئاسي؟ الجواب البديهي ان رياح مرشح الممانعة لا تجري كما تشتهي سفن الضاحية الجنوبية، لذا اقتضى التشويش على الخليفي.
وفي المقابل، إستبق رئيس حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع لقاءه الخليفي اليوم، بالتشديد على ان “وصول أي مرشح من محور الممانعة أياً يكن إسمه يعني استمرار الأزمة الحالية لفترة 6 سنوات إضافية بشكل أعمق وأصعب، من هنا سنضع كل جهدنا لمنع أي مرشح أو ممثل لمحور الممانعة من الوصول إلى سدة الرئاسة”.
أما رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل وبعد استقباله المسؤول القطري امس، فقال: “سليمان فرنجية ينتمي الى محور 8 آذار وهو حليف للنظام السوري وقد جرّبنا الضمانات في 2006 وفي الدوحة و2016 مع الرئيس السابق ميشال عون ورأينا إلى أين أوصلتنا”.
في انتظار الجوجلة النهائية لنتائج زيارة المسؤول القطري بعد اختتامها اليوم، لوحظ ان لقاء الخليفي مع قائد الجيش العماد جوزف عون، وهو المسؤول الامني الوحيد الذي وضع الخليفي اللقاء به على جدول مشاوراته، تقرر ان يتميّز بنكهة خاصة إبتعدت عن البروتوكول كما كان مع سائر من اجتمع بهم الاخير من المسؤولين والقيادات.
وفي الحصيلة لليوم الاول من حركة الخليفي ما صرّح به الاخير مساء امس حيث اكد أنّ “الزيارة الى لبنان تأتي في إطار تعزيز العلاقة الثنائية بين قطر ولبنان وتطويرها على كل الصعد، وحريصون على مدّ يد العون والمساعدة للأشقاء في لبنان”.
واضاف الخليفي في حديث لقناة الـmtv التلفزيونية: “نحثّ الأشقاء في لبنان على تغليب لغة الحوار والمصلحة الوطنية”، مشيراً الى أنّ “قطر تحرص على توحيد الجهود الاقليمية والدولية لمساعدة لبنان”. واشار الخليفي الى أنّ “العمل ضمن المنظومة الدولية هو ركيزة أساسية ضمن استراتيجية قطر وسياستها الخارجية، والمشاركة في اجتماع باريس مهمة جداً وأهم النتائج التي خرجت عن لقاء باريس هي حثّ المسؤولين على ملء الفراغ الرئاسي”.
من جهة ثانية، وكما كان متوقعاً، أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال القاضي بسام مولوي “أن وزارة الداخلية جاهزة للقيام بالانتخابات البلدية والاختيارية”. وقال: “نحن ملزمون بدعوة الهيئات الناخبة، واليوم (أمس) أو غداً (اليوم) نصدر التعاميم اللازمة بخصوص الترشيح ونكرر طلبنا بتأمين الاعتمادات اللازمة لخوض الانتخاب”.
وعن تكلفة الانتخابات، قال مولوي: “تؤمنها الدولة وبعض المال اتى من الـUNDP والباقي يجب على الدولة تأمينه حتى من حقوق السحب الخاصة SDR من صندوق النقد الدولي”.
وحدد “اجراء الانتخابات على النحو الآتي: 7 ايار الشمال وعكار، و14 أيار في جبل لبنان، و21 أيار في بيروت والبقاع وبعلبك -الهرمل، و28 ايار في الجنوب والنبطية”.
في المقابل، ترددت معلومات ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يسعى مع شريكه الرئاسي بري الى تأجيل الانتخابات بذريعة عدم الاقتراب من حقوق السحب الخاصة SDR ، متراجعاً عما ردده امام زواره الاحد الماضي عن امكانية تغطية اكلاف الانتخابات البلدية والاختيارية عن طريق هذه الحقوق.
واستبق جعجع محاولة تطيير هذه الانتخابات، قائلا: “إنهم يصرفون الأموال منذ قرابة السنة من دون العودة إلى مجلس النواب، ويقومون بذلك من حقوق السحب الخاصة حتى اللحظة تم صرف قرابة الـ740 مليون دولار من أصل قرابة الـ1100 مليون دولار فكما يقومون بالصرف من حقوق السحب الخاصة من أجل الكهرباء والدواء وجوازات السفر والطحين يمكنهم سحب المبالغ المتوجبة من أجل إجراء الإنتخابات البلدية التي توازي نحو 8 ملايين دولار، وبالتالي سنقوم بكل الخطوات اللازمة لمنعهم من تعطيل هذا الاستحقاق”.
وعزا جعجع محاولة تطيير الانتخابات الى أنها ستكون بالنسبة الى “حزب الله” و”حركة أمل” “أصعب من الإنتخابات النيابية”، مشيراً الى ان “التيار الوطني الحر” يريد أيضا “تجنبها على خلفية وضعيته الشعبية”.