كتبت صحيفة “الديار” تقول: شكلت الخلوة الروحية التي دعا اليها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بيت عنيا – حريصا، خرقا للجمود في الملف الرئاسي، وبابا للضوء في العتمة القاتلة، وعامل حض للنواب للاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية بعد ان تضمنت عظته مواقف عالية السقف في وجه النواب وتحميلهم مسؤولية فشلهم في انتخاب رئيس للجمهورية عبر مخاطبتهم بلهجة صارمة «ماذا فعلتم لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية واحياء مؤسسات الدولة بعد ٥ اشهر من الفراغ». وتابع الراعي «السياسة التي تمارس بطريقة خاطئة تسحق الفقراء وتستغل الارض، لا تعرف كيف تحاور» وخاطب النواب ايضا «اسألوا انفسكم، بماذا جعلتم الشعب يتقدم، اي روابط حقيقية بنيتم»؟
الخلوة التي حضرها ٥٣ نائبا يمثلون مختلف الكتل المسيحية والمستقلين تركت ارتياحا شعبيا واعطاها الاعلام العربي والدولي حيزا لافتا، وهذا ما اشار اليه الراعي بالقول: «لشعب عبر عن فرحته عن هذه المبادرة، وعلق عليها امالا كبيرة» فيما تمنى العديد من النواب ان تشكل كسرا للجليد بين القوى المسيحية، مع استبعاد ان تؤدي الى اي خرق في الملف الرئاسي في ظل المواقف المتباعدة والمعروفة للاطراف المسيحية، والسؤال، هل قصد الراعي من خلال دعوته، ان يقول للنواب المسيحيين «يا رب اشهد انني قد بلغت» في حال عدم التجاوب معها ورمي الكرة في ملعب القيادات السياسية المسيحية وجميع القوى اللبنانية اذا طال امد الفراغ وتفاقمت الامور، وقد ابلغ البطريك الحاضرين انه لن يالوا جهدا حتى الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية. وعلم ان البطريرك الراعي اوفد الى الضاحية الجنوبية احد مستشاريه الذي تبلغ دعم الثنائي الشيعي لسليمان فرنجية بعد عرض موفد الراعي على حزب الله لائحة المرشحين التي نتجت عن جولات المطران ابي نجم على القيادات السياسية.
القلق السعودي من فرنجية
هل هناك قرار عربي ودولي بتغطية الانهيار في لبنان في ظل القناعة السعودية-الاميركية باستحالة بناء الدولة مع الطاقم السياسي الذي حكم منذ الطائف؟ هذا الاتجاه المح اليه الزوار الأجانب ويؤكدون، ان الرفض السعودي لفرنجية ليس بسبب علاقاته مع سوريا وايران ومحور المقاومة بل كونه جزءا اساسيا من الطاقم الذي حكم البلد واوصل الامور الى ما وصلت اليه، هذا الطرح تدعمه واشنطن والرياض، وكذلك فرنسا التي تختلف معهما بالاسلوب وليس بالمبدأ، ففرنسا مع رئيس تيار المردة شرط الالتزام بخارطة طريق عناوينها: الاصلاح – مناقشة الاستراتيجية الدفاعية وبناء الدولة الحديثة، فيما السعودية واميركا متمسكتان بالخيار الثالث ووصول شخصية ليست على عداء مع حزب الله وسوريا وايران، لكن الاساس عندهما ، شخصية اكاديمية تملك رؤى مالية واقتصادية واصلاحية لعودة التعافي ومواكبة التسويات في سوريا والعراق واليمن والسعودية.
هذا هو جوهر الخلاف الاساسي حسب المطلعين على اجواء الاتصالات، ولا علاقة للرفض السعودي بمواقف فرنجية السياسية في ظل» الدفراسوار» الذي فتحته الرياض في علاقاتها مع دول الممانعة.
سفير سعودي جديد
هذه الاجواء والسياسات الجديدة فرضت تغييرات شاملة في طاقم السفارة السعودية في بيروت، وابلغ السفير السعودي وليد البخاري اعلاميين قرار بلاده بمغادرته بيروت، عازيا الاسباب الى المتغيرات في المنطقة التي تتطلب سفيرا جديدا، لكنه لم يكشف عن اسم السفير الجديد، وحسب المعطيات، فان الكفاءة التي يتمتع بها البخاري لا غبار عليها، وموضع اجماع كل اللبنانيين، لكن اتفاق بكين يتطلب سفيرا جديدا في ساحة اساسية كانت معقلا للخلافات الايرانية السعودية، وقادرا على التسويق للتفاهمات الجديدة وصولا الى امكانية الحوار المباشر مع حزب الله حول بعض الملفات وتصفير الخلافات وتجاوز سلبيات المرحلة الماضية، ووقف الحملات الاعلامية وربما نقل المحطات الاعلامية التي تبث من الضاحية وتهاجم الرياض ودول الخليج كالمسيرة والساحات اليمنية واللؤلؤة البحرينية والنبا للمعارضة السعودية بقرار ذاتي من ادارات هذه المحطات.
وحسب المراجع العليمة، تكمن مشكلة الرياض في لبنان في عدم وجود حلفاء داخليين لها قادرين على ادارة التفاهمات مع حزب الله بعد خروج سعد الحريري من الحياة السياسية، بالاضافة الى الخلافات المسيحية وعدم امتلاك جنبلاط الغطاء المسيحي الذي يعطيه حرية الحركة رئاسيا، فيما طهران ودمشق موقفهما ثابت وواضح لجهة تسليم الملف الرئاسي وكل تفاصيل الحياة اللبنانية الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وبالتالي فان الرياض مضطرة الى التدخل المباشر في الملفات الداخلية، وظهر هذا الامر بوضوح في الفترة الاخيرة من خلال الجولات المكوكية للسفير السعودي مقابل انكفاء كامل للسفير الايراني عن الملف الرئاسي وكل الملفات الداخلية. هذا الامر اظهر السعودية وكانها فريق داخلي مع ١٤ آذار ضد ٨ اذار فيما التسويات الكبرى تتطلب مسارات مختلفة وحوارات مع الجميع، وصولا الى فتح ابواب السفارة السعودية امام حزب الله وفتح ابواب حارة حريك امام المسؤولين السعوديين وصولا الى افطارات متبادلة بمشاركة السفيرين الايراني والسعودي مع مسؤولين في حزب الله، وفتح صفحة جديدة.
وتنصح المراجع العليمة العديد من القيادات السياسية، قراءة المتغيرات الكبرى بشكل واضح وسليم، وعدم الوقوع في اخطاء او التقليل من حجم ما يحصل من تفاهمات بين الصين والسعودية وايران، وظهر ذلك في التوافق على تخفيض انتاج النفط والغضب الاميركي من القرار. ولذلك تؤكد المراجع العليمة، ان الاستحقاق الرئاسي تفصيل صغير، مع تاكيدها بان الرياض لن تعطي باريس ورقة فرنجية في لبنان، وانه في حال حصل تبدل، فلماذا لا تسلفها مباشرة لدمشق وطهران عندما يوضع الملف الرئاسي على الطاولة خصوصا ان الرياض تاخذ الهواجس السورية الامنية في لبنان في عين الاعتبار.
وتشير المراجع العليمة، ان الملف الرئاسي سيحسم في النهاية على الطاولة السعودية السورية خلال القمة العربية في الرياض، ولا جديد رئاسيا الان، والموفد القطري اكد خلال جولاته، ان بلاده تعمل بالتنسيق مع الرياض في لبنان، وزيارتنا استطلاعية، لمعرفة كل الاراء قبل اجتماع اللجنة الخماسية التي لم تدخل في اجتماعها السابق في باريس بالاسماء، ولم تضع فيتو على اي اسم، لكنه سأل من التقاهم من ٨ اذار «لماذا سليمان فرنجية»؟ وسمع الاجوبة دون اي تعليق منه، مع التاكيد على استعداد فرنجية على مناقشة الاستراتيجية الدفاعية والحوار بشانها ولا مشكلة عند حزب الله في الموضوع، كما اكد الموفد القطري ايضا، ان بلاده لن تسمح «بسقوط « لبنان وهذا قرار عربي، واشار الى عمق واهمية ما حصل بين السعودية وايران مع تبنيه انضمام طهران الى اللجنة الخماسية.
الملفات المعيشية
الاوضاع الاقتصادية حسب المتابعين، لامست الخطوط الحمراء، وهامش الحلول ضاق جدا، ولا امكانية لتلبية مطالب الناس الحياتية، ولا قدرة لحاكم مصرف لبنان على التدخل بالاسواق المالية ولجم الدولار الذي سيعاود ارتفاعه الجنوني، وهذا ما ادى الى تاجيل جلسة مجلس الوزراء الى الاسبوع القادم نتيجة عدم الانتهاء من تقدير حجم الكلفة المالية للزيادات في القطاع العام، وهناك شكوك كبيرة في تنفيذ الوعود بدفع بدلات الانتاج، لكن الامور لن تخرج عن السيطرة في ظل قدرة القوى على منع السقوط الكبير، والامور ستبقى على حالها والمعالجات على القطعة حتى انجاز الاستحقاق الرئاسي. وما على اللبنانيين الا الصبر.
الاتتخابات البلدية
رفع وزير المالية يوسف الخليل الى رئاسة مجلس الوزراء مشروع مرسوم بنقل اعتماد من احتياطي الموازنة للعام ٢٠٢٣ الى موازنة وزارة الداخلية لتتمكن من اجراء الانتخابات البلدية، ورعم ذلك ما زال الغموض يلف مصير حصول الاستحقاق البلدي نتيجة الشلل في كل مرافق الدولة واداراتها وعدم القدرة على مواكبة الاستحقاق خصوصا لجهة الحصول على اخراجات القيد وتامين الكهرباء واللوازم اللوجيستية وغيرها.
ميقاتي مرتاح للحفاوة السعودية
ابدى الرئيس نجيب ميقاتي ارتياحه للحفاوة السعودية التي استقبل بها من قبل كبار المسؤولين السعوديين اثناء اداء مناسك العمرة مع عائلته في مكة المكرمة، وقد حظي ميقاتي بالاستقبال والرعاية كما اقام في «المضافات» السعودية الرسمية بدلا من احد الفنادق، واجرى بعض اللقاءات البعيدة عن الاضواء.