كتبت صحيفة “الديار”: لم تمهد عطل الاعياد التي شهدها لبنان في الاسابيع الماضية، وآخرها عطلة عيد الفطر، لاي خروقات طال انتظارها بالملف الرئاسي، بل بالعكس تماما، تدخل البلاد بعد الاعياد مرحلة اكثر تعقيدا مع ترنح المبادرة الفرنسية القائلة بانتخاب رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية مقابل تولي السفير السابق نواف سلام رئاسة الحكومة.
وبعدما كان التعويل على ان يفعل التفاهم الايراني- السعودي فعله لبنانيا، فيتم الدفع قدما بهذه المبادرة، تبين ان الدخول الاميركي على الخط لعرقلة انجاز هذا التفاهم انعكس ايضا على لبنان. فبقي الموقف السعودي على حاله اقرب الى التريث من اعطاء موقف نهائي من ترشيح فرنجية، فيما تكشف ان الاميركيين وبعكس ما يدعون غير مرحبين بالمبادرة الفرنسية، لا بل اكثر من ذلك لا يحبذون انتخاب رئيس “المردة”.
فرملة فرنسية
وقالت مصادر مواكبة لتطورات الملف الرئاسي ان “بيان وزارة الخارجية الفرنسية الاخير، الذي اعلنت فيه باريس ان لا مرشح لديها لرئاسة الجمهورية في لبنان، هو كخطوة الى الوراء بعدما تبين لها ان هناك عوائق خارجية ابرزها اميركية اضافة الى عوائق داخلية كثيرة، ابرزها موقف الكتلتين المسيحيتين الاساسيتين اي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” الرافضتين لفرنجية، تعيق وصول المبادرة الى خواتيم سعيدة”. واضافت المصادر في حديث لـ “الديار”: “لكن ذلك لا يعني ان فرنسا تخلت عن مبادرتها. هي باختصار تنتظر ظروفا افضل لتفعيلها، وبخاصة انها تدرك تماما نتيجة علاقاتها واطلاعها عن كثب على الملف اللبناني ان لا مجال لاحداث اي خرق في جدار الازمة بمعزل عن موقف حزب الله الذي انتقل الى موقع التشدد، وهو يرفض حتى التداول بأسماء مرشحين آخرين”.
واشارت المصادر الى ان “ابرز عامل دفعها الى فرملة جهودها هو الموقف القواتي المتشدد، باعتبار ان التعويل كان على ان يؤمن نواب “الجمهورية القوية” نصاب جلسة انتخاب فرنجية في ظل الموقف العوني النهائي الرافض لانتخابه، لكن التصريحات القواتية المتتالية وآخرها موقف رئيس “القوات” سمير جعجع كلها تؤكد ان طريق فرنجية ليس سالكا، خاصة بعدما رفضت معراب عروضا كأن يكون حاكم مصرف لبنان محسوبا مباشرة عليها واقتراح اسم الوزير السابق كميل ابو سليمان”. وقالت المصادر: ” التوارنات النيابية الحالية لا تسمح بانتخاب فرنجية اذا لم تؤمن “الجمهورية القوية” او “لبنان القوي” نصاب الجلسة”.
تصعيد حزب الله
وكما كان متوقعا استدعى تصلب قوى المعارضة، وعلى رأسها “القوات اللبنانية”، كما التدخل الاميركي الحاد لتخريب الجهود المبذولة لعودة العلاقات السعودية- الايرانية، تصعيدا من قبل حزب الله الذي بعدما قال نائب امينه العام الشيخ نعيم قاسم صراحة ان البلد أمام مرشحين: سليمان فرنجية او الفراغ، ذهب رئيس مجلسه التنفيذي السيد هاشم صفي الدين ابعد بتحذيره من ان “لبنان يمر اليوم في مرحلة خطرة جداً، وهو ليس مأزوماً فقط، وإنما ينتقل الآن من مرحلة التأزّم إلى مرحلة الفوضى العارمة”.
وقالت مصادر مطلعة على موقف الحزب لـ “الديار” ان “الوضع غير مطمئن، ورفض الفريق الآخر سياسة اليد الممدودة يعني انهم يريدون المواجهة”. واضافت: ” بات واضحا تماما في الاقليم كما في الداخل ان هناك من يريد ويعمل من اجل التلاقي والوفاق والنهوض بأوطاننا، وبالمقابل هناك من يريد الفتنة والتخريب والتقسيم، علما انه الفريق الاضعف وسيدفع ثمن رهاناته الخاطئة عاجلا او آجلا”.
انفجار مقبل؟!
وفي ظل التعثر السياسي وعودة الامور الى المربع الاول رئاسيا، ازدادت المخاوف من انفجار امني من بوابة ملف النزوح السوري. اذ نبهت مصادر متابعة للملف في حديث لـ “الديار” الى ان “الاجراءات المتخذة لبنانيا لجهة توقيف النازحين وترحيلهم بالطرق التي تحصل واعطاء البلديات صلاحيات واسعة في هذا المجال تؤدي الى تفاقم التوتر بين المجتمعين اللبناني والسوري، ما يستدعي اجتماعا حكوميًا طارئا لاتخاذ قرارات حاسمة في هذا المجال مواكبة للتطورات الحاصلة اقليميا”. واشارت المصادر الى “مخاوف من تدخلات خارجية لاستخدام هذا الملف لغايات معينة لتوتير الاوضاع اللبنانية والدفع باتجاهات معينة كاحياء طروحات التقسيم التي عاد البعض ينادي بها”. وقالت المصادر: “ليس بريئا تحريك ملف النازحين في هذا التوقيت وبالطريقة التي يتم بها، ما يتطلب الكثير من الحذر والتعقل، باعتبار انه على اهمية اعادة النازحين بأقرب وقت ممكن الى بلادهم كبند اساسي في اي خطة للنهوض بالبلد يجب ان تتم هذه الاعادة بطريقة منظمة ورسمية، والا انفجر التوتر المتنامي بين اللبنانيين والسوريين”.