كتبت صحيفة “الديار”: لبنان على مسافة قصيرة من الدخول في مرحلة الهدوء والاستقرار بجاذبية التوافقات العربية – العربية والتقارب السوري السعودي، وبشائر المرحلة الجديدة تحتاج الى بعض الوقت ولن تطول ابدا بانتظار الانتهاء من ترتيب المرحلة الانتقالية للتوافقات الحالية، وتعيد مصادر متابعة للملف اللبناني سبب التاخير في انتخاب رئيس للجمهورية، الى زحمة الاستحقاقات الخارجية والعربية الداهمة واخرها الملف السوداني الذي ياخذ الحيز الاكبر من الاهتمام السعودي والمصري، بالاضافة الى ان الملف الرئاسي ليس اولوية عند ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأن الحكم على اي مرشح سيكون من خلال ادائه وممارساته وادارته للملفات والتوازنات، وعلى ضوء ذلك يتحدد الموقف السعودي من رئيس الجمهورية، اما صفحة جديدة او الابقاء على المسار الحالي من القطيعة والجمود.
على صعيد انتخابات رئاسة الجمهورية، وجه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رسائل ايجابية للجميع في الداخل والخارج خلال مقابلة تلفزيونية على قناة الجديد، مشيرا الى انه اكثر شخص مطروح لرئاسة الجمهورية، واذا لزم الامر «ساعلن ترشحي لكن الاستعجال قد يكون امرا غير مفيد «وعالرواق كل شيء بصير» وتابع قائلا: «موضوع رئاسة الجمهورية لبناني ومحلي، وموقفنا من السعودية معروف ولم تكن علاقاتنا سيئة في اي مرحلة، مؤكدا ان التفاهمات في المنطقة ستنعكس ايجابا واستقرارا واوضاعا جيدة على لبنان، معلنا استعداده للحوار مع قادة الأحزاب المسيحية سمير جعجع وجبران باسيل وسامي الجميل، بشكل ثنائي وفي بكركي.
وقال، ان الرئيس اللبناني لا يحكم الا من خلال التفاهمات المحلية والخارجية، ولم يصلني من السعودية الا كل كلام ايجابي كما «ابلغني السيد باتريك دوريل ان الجو السعودي ايجابي تجاهي». وجدد التاكيد على علاقاته الجيدة والممتازة مع الرئيس السوري بشار الاسد، كما شرح برنامجه الاقتصادي.
جنبلاط
اما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فاعلن انه لن يرشح احدا للرئاسة، وليقرر الكبار في هذا الامر مثل حزب الله والقوات اللبنانية وجبران باسيل والتغيريين.
جلسة لاتتخاب رئيس للجمهورية
وحسب المعلومات المؤكدة، هناك اتجاه عربي ودولي منحاز الى وجهه نظر الرئيس نبيه بري بعقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية قبل القمة العربية، والضغط لتامين النصاب، ومن ينال ٦٥ نائبا يتبوأ مقاليد الحكم في بعبدا، والمعارضون لانتخاب سليمان فرنجية لا يستطيعون الاستمرار في مواقفهم الحالية دون تقديم الحلول وعدم التوافق على مرشح واحد، وفي معلومات مؤكدة ان ضغوطا مارسها الحزب التقدمي الاشتراكي مع حلفائه المسيحيين والنواب التغيريين للتوافق على اسم صلاح حنين، وفي حال الرفض يتم طرح جهاد ازعور من اجل كسب التيار الوطني الداعم لترشيحه كما اعلن رئيسه جبران باسيل، لكن المحاولتين لم تنجحا، كما رفضت القوات دعم جهاد ازعور رغم جهود فؤاد السنيورة وزيارته معراب .
اما الحدث الابرز يبقى في السفارة الايرانية مع الاعلان عن تنظيم السفارة لقاء لوزير الخارجية الايراني مع ٢٥ نائبا يمثلون مختلف الكتل النيابية من الاشتراكي الى التغيريين والمستقلين باستثناء كتلة القوات اللبنانية التي لم تشملها الدعوة، رغم انها الحليف الاول للرياض، واكدت معظم الكتل على الحضور، ويعقد الاجتماع مساء الخميس بعد لقاءات عبد اللهيان مع بري وميقاتي وعبدالله بو حبيب، ومن الطبيعي ان يتم التطرق الى الملف الرئاسي وتطورات المنطقة بعد التفاهمات الاخيرة .
في حين نقل النواب الذين زاروا الولايات المتحدة منذ اسبوع وقابلوا مساعدة وزير الخارجية الاميركي باربرا ليف اجواء تؤشر الى عدم ايلاء واشنطن الملف الرئاسي الاهتمام والمتابعة ودعت اعضاء الوفد الى انتخاب الرئيس في لبنان «والاتكال على انفسكم» وليس على الخارج، وركزت هجومها على حزب الله ودعت لبناء الدولة ومحاربة الفساد دون ان تقدم مواقف جديدة، فيما فرنسا لا تزال تطرح في الكواليس مبادرتها الرئاسية المبنية على معادلة فرنجية- (رئيس حكومة من المعارضة).
وفي ظل هذه التطورات، لا جديد رئاسيا ولا خروقات تذكر، وهذا ما يشعل الجبهة الداخلية بالمزيد من التصاريح النارية التي ستعبئ الفراغ. في حين رد الرئيس بري على امين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيط الذي قال «الرئيس بري لم يفاتحني بسليمان فرنجية خلال لقائي معه على مدى ساعة ونصف منذ اسابيع، وجدد بري في رده دعمه لفرنجية وانه الوحيد القادر على ادارة هذه المرحلة، فيما اعتبر ابو الغيط ايضا ان حزب الله مكون اساسي في التركيبة اللبنانية وموجود وله دوره.
ملف النازحين
اظهرت التطورات الاخيرة في ملف النازحين السوريين خفة حكومية ونيابية وبلدية في التعاطي مع اخطر ملف يواجه لبنان في ظل وجود اكثر من مليوني نازح على اراضيه، الاغلبية منهم لا يملكون اوراقا ثبوتية ودخلوا بطرق غير شرعية ويشكلون اكبر عبء على الاقتصاد اللبناني والامن الاجتماعي وكل مقومات البلد، وبالتالي فان حل هذا الملف ليس امنيا مطلقا او ترحيل ٥٠ نازحا يعودون بعد ساعات عبر شبكات التهريب، وحسب العاملين على هذا الخط، فان الحل سياسي بالدرجة الاولى، ويبدأ بفتح ابواب الاتصالات مع الدولة السورية وعقد الاجتماعات، والسؤال للحكومة، من هي الجهة التي تقف وراء رفض الجلوس مع الدولة السورية والاصرار على المعالجة الامنية والتقنية، رغم ان سوريا كانت قد ابلغت المديرالعام السابق للامن العام اللواء عباس ابراهيم رفضها حصر الملف بالاجراءات الامنية التي لن تؤدي الى الحل الذي يخدم لبنان وسوريا .
وفي المعلومات، ان الاجتماع الذي ترأسه الرئيس نجيب ميقاتي امس لمتابعة موضوع النازحين شهد تبريدا للرؤوس الحامية وتراجعا عن التصريحات العنيفة لوزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار والعديد من الوزراء بحق النازحين، بعد تهديدات تلقاها لبنان بقطع شامل للمساعدات من الامم المتحدة اذا تم ترحيل اي نازح، كما دانت منظمة العفو الدولية اجراءات الحكومة اللبنانية . و تخلل الاجتماع ايضا نقاشات عاصفة حول رفض ممثل مفوضية شؤون اللاجئين في الاجتماع تسليم لبنان الداتا الخاصة بالنازحين خوفا من عمليات اعتقال بحق المعارضين او المطلوبين وتسليمهم الى دمشق، فيما تمسك اعضاء الوفد اللبناني جميعا تسلم الداتا الخاصة بالنازحين على انواعها، وتم التوافق على بدء المفاوضات اليوم في هذه القضية وحلها ضمن مهلة اسبوع بالحد الاقصى، علما ان لبنان طالب منذ سنوات بالداتا، واوقف المفاوضات بشانها بسبب الرفض الاممي، وعاد وطرح الملف في اجتماع امس وشكل ذلك صدمة لممثلي مفوضية شؤون اللاجئين والامم المتحدة للشؤون الانسانية، والسؤال، كيف ستتصرف الحكومة في حال اصرت المفوضية على رفض تسليم الداتا؟
وحسب المعلومات المؤكدة ايضا، فان جمعيات الامم المتحدة قامت بتوثيق الاعتداءات على النازحين السوريين والقرارات بمنعهم من التجوال ليلا، و رفعها الى المحافل الدولية .
توضيحات لمصدر امني
واوضح مصدر امني لبناني اللغط المثار في موضوع النازحين والتصويب على الجيش، واضعا الاجراءات في حجمها الطبيعي والقانوني، مستغربا عمليات التسييس، مؤكدا ان الجيش لا يقوم باي عمليات ترحيل فردية او جماعية كما يصور البعض، لكن في اطار تنفيذ مهامه بضبط الامن في المناطق اللبنانية، يقوم باعتقال المخالفين الذين دخلوا خلسة الى لبنان بالطرق غير الشرعية او ارتكبوا مخالفات، والجيش يطبق قرار مجلس الدفاع الاعلى الصادر عام ٢٠١٩ في هذا الخصوص بمنع دخول اي مواطن سوري او غيره خلسة الى لبنان بعد استتباب الامن في معظم المناطق السورية، كما ان الجيش يقوم باعادة النازحين المخالفين الى مناطق امنة في سوريا وقريبة من الحدود كالعبودية وجديدة يابوس وغيرها وليس الى المناطق المتوترة، مستغربا الضجة المثارة وتصوير الاجراءات على غير حقيقتها، علما ان الجيش يقوم في تطبيق هذه المهام منذ صدور قرار مجلس الدفاع الاعلى عام ٢٠١٩ وليس الان، مؤكدا ان مواقف الجيش اللبناني تعبر عنها البيانات الرسمية الصادرة عن قيادته والتي يكشف فيها عن كل اجراءاته وليس عن طريق التسريبات وما شابه، ويضع المصدر الامني الاجراءات الاخيرة في هذا الحجم فقط.
وعلم ان الاجتماع الحكومي كلف وزيري الشؤون الاجتماعية والعمل ومدير عام الامن العام وامين عام المجلس الاعلى للدفاع التواصل مع الدولة السورية لتنفيذ القرارات، كما تم الطلب من المفوضية العليا للنازحين اسقاط صفة النزوح عن كل شخص يغادر لبنان، وكشف وزير العمل ان ٣٧ الف نازح سوري امضوا الاعياد في سوريا وعادوا الى لبنان، كما تم التوافق على تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية واتهم ميقاتي عصابات بادخال السوريين بطرق غير شرعية مقابل مبالغ مالية.
بيان عنيف لسفراء اميركا واوروبا
اصدر سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا واليابان وكندا وايطاليا والاتحاد الاوروبي بيانا مشتركا بمناسبة مرور عام على توصل لبنان الى اتفاقية على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي حمل انتقادات عنيفة للمسؤولين، مشيرا الى ان غياب الارادة السياسية اعاق التقدم في الاتفاقية وان قانون السرية المصرفية غير كاف ولم يتم احراز اي تقدم فيما يتعلق بتوزيع خسائر القطاع المالي، داعيا السلطات الى التدقيق في معاملات المصارف الكبرى وتوحيد اسعار الصرف واشار البيان الى نسب التضخم واستمرار انكماش احتياطات البنك المركزي، ودعا الى انتخاب رئيس قادر على توحيد الشعب اللبناني والعمل مع المجتمع الدولي مطالبا السلطات اللبنانية الى اغتنام الفرصة التي يتيحها الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والا فان اقتصاد لبنان سوف يتدهور وستكون العواقب خطيرة على الشعب اللبناني، واعتبر البيان ان القادة اللبنانيين غير مسؤولين ولبنان محاصر بازمات قد لا تنتهي.
الاوضاع الاجتماعية
الدولة غائبةش عن كل الملفات، مع تاكيد خبراء الاقتصاد، ان الدولار سيعاود ارتفاعه قريبا مع دفع الزيادات الاخيرة التي اقرتها الحكومة للقطاع العام في الجلسة الاخيرة وتفوق كلفتها الـ ٢٠٠ مليون دولارا مع بدلات النقل والحوافز، هذا الامر سينعكس حتما على الدولار وعمليات الصرف، رغم ان الزيادات رفضها الموظفون وقرروا الاستمرار بالاضراب حتى ٥ ايار، من جهة اخرى، يعقد مجلس الوزراء جلسة الاسبوع القادم لبحث عدد من الملفات ومن ضمنها موضوع النفايات.
ويبقى الاخطر ملف الفلتان الامني في معظم المناطق اللبنانية والحجم الكبير للسرقات والاعتداءات على المواطنين واستسهال عمليات القتل واطلاق النار، وبعد ان سجلت الاحصاءات تراجعا في معدلات الفلتان الامني خلال الاشهر الثلاثة الاولى من العام الحالي عن سنة ٢٠٢٢، لكن العداد عاد الى الارتفاع خلال شهر نيسان، ربما بسبب الاوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر بعد ان اصبح حجم الاسعار وكلفة المعيشة في لبنان الاغلى في العالم .