حركـت زيــــارة وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان الى بيروت المشهد السياسي الداخلي المشلول رئاسيا، والجامد اقتصاديا، بفعل هدوء الدولار المصطنع، فيما ارقام التضخم المخيفة تهدد بمزيد من الانهيار والفقر مع التوقعات الاقتصادية بارتفاع جديد في الاسابيع والاشهر القليلة المقبلة. حركة رئيس الدبلوماسية الايرانية بين المقار الرئاسية ولقاءاته مع القوى السياسية والنواب، جاءت في توقيت مهم للغاية لانها الاولى بعد اتفاق بكين بين طهران والرياض، وقد ارادت الجمهورية الاسلامية التاكيد على اهمية لبنان في جدول الاعمال الايراني، وتخصيصه بيومين من جولة عبد اللهيان الخارجية محاولة ايرانية واضحة لدفع التسوية قدما وعدم تمييعها، ومن هنا اكد دعم ايران توافق اللبنانيين رئاسيا مجددا العروض الكهربائية والنفطية لمساعدة الشعب اللبناني في ازمته.
داخليا، بقي الملف الرئاسي في دائرة المراوحة السلبية مع ارتفاع حدة السجالات بين داعمي ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ومعارضيه فيما لا تزال الهوة بين القوات اللبنانية، وقوى المعارضة، والتيار الوطني الحر، كبيرة مع انعدام فرص التوصل الى اتفاق على مرشح واحد ما حدا ببكركي الى الانسحاب «التكتيتي» من مقاربة الملف مع الافرقاء بعدما تبين لها عقم الاتصالات، ولهذا باتت، بحسب مصادر مقربة من الصرح، تفضل تاجيل اي تحرك الى ما بعد عودة السفير السعودي الوليد البخاري الى بيروت، وانتهاء جولة عبد اللهيان،ربما يحرك «المياه الراكدة» ويصبح الحراك ذو جدوى! وسط قلق جدي من ذهاب الاوضاع الى فوضى في البلاد لفرض وقائع سياسية جديدة.
في هذا الوقت تحاول الحكومة اخراج ملف النزوح السوري من الاستثمار العنصري وتجنيب البلاد خضات امنية حيث يواصل الجيش اجراءاته على الارض، وتستعد اللجنة الوزارية المكلفة الحوار مع دمشق لزيارة العاصمة السورية، فيما صدر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قرار بشأن تكليف مدير عام الأمن العام بالإنابة العميد الياس البيسري متابعة موضوع إعادة النازحين السوريين.
ما اهداف زيارة عبد اللهيان؟
زيارة المسؤول الايراني «رسالة» واضحة بعدم القبول بتمييع الحل اللبناني وتاجيله الى اجل غير مسمى، بحسب مصادر ديبلوماسية، اكدت ان الساحة اللبنانية اولوية ايرانية بامتياز ولن يتم القبول ابدا يترك البلاد رهينة اشهر طويلة من المماطلة في حسم المواقف سواء سعوديا او اميركيا، فطهران مستعدة لتقديم الاجوبة المناسبة على اي تساؤلات او هواجس لدى الدول الاخرى وليس لديها اي خطوط حمراء سوى المس بسلاح المقاومة الذي يبقى عاملا ردعيا في مقابل الاعتداءات الاسرائيلية وقد اثبت جدواه منذ العام 2006 ومسالة تنظيمه ليست خاضعة لاي عملية مقايضة او مساومة خارجية ويبقى للبنانيين وحدهم ان يبحثوا في هذا الملف وفق استراتيجية دفاعية تتناسب مع مصالحهم الوطنية وليس اي شيء آخر.
لا استفزاز للسعودية
طبعا هذه المعادلة الايرانية في التعامل مع الواقع اللبناني لا تشكل استفزازا للجانب السعودي الذي ابلغ بها بشكل صريح من قبل رئيس الوفد الايراني المفاوض علي شمخاني في بكين، وزيارة عبد اللهيان ليست استعراضية لتوجيه الرسائل، بل تجسيد لحقيقة الموقف الايراني الذي يعتبر لبنان دولة مهمة للغاية في المنطقة ودوره محوري ولا يريدها ان تغرق في الفوضى على خلفية الاوضاع الاقتصادية الخانقة. ولهذا تسعى طهران لان يخرج السعوديون عن صمتهم والتقدم خطوة باتجاه التسوية لقطع الطريق امام اي محاولة خارجية تهدف الى استهداف الاتفاق الثنائي من «البوابة» اللبنانية، وهناك دولتان قادرتان على ذلك ولا تخفيان نواياهما، اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية.
لا مبادرة ايرانية
وقد جرى البحث في هذه النقطة بين عبد اللهيان ورئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، وعلم في هذا السياق، ان رئيس الدبلوماسية الايرانية لا يحمل اي مبادرة في جعبته، وهو تحدث عن ايجابيات مرتقبة على الساحة اللبنانية نتيجة التقارب مع السعودية، دون ان يقدم اي ايجابة واضحة حول توقيت انعاكسها او كيفية ذلك. ومن هنا جاءت دعوته القوى السياسية اللبنانية للاتفاق على خارطة طريق رئاسية وحكومية لانقاذ البلد من الغرق، وقال ان طهران مستعدة لتبني اي تسوية بل تغطيتها وكذلك تسويقها اقليميا.
دعوة حوار لم تكتمل
وكان لافتا في زيارة عبد اللهيان هذه المرة دعوته مختلف الكتل النيابية المؤيدة والمعارضة لطهران للقاء عقد في السفارة الايرانية استثنيت منه القوات اللبنانية على خلفية قضية اختطاف الديبلوماسيين الايرانيين، لكن حزب الكتائب لم يلب الدعوة، لانه لا يرغب في تغطية السياسة الايرانية، كما تقول مصادر الصيفي التي لم تلمس تغييرا في السياسة الايرانية، كما غاب النائب نعمة فرام ونبيل بدر بداعي السفر، والياس جرادي نتيجة ارتباطات سباقة، اما ياسين ياسين فقال انه لم يحضر لان الامر يتعارض مع مبادئه، فيما لم يشارك اي نائب من تكتل الاعتدال الوطني، تكتل لبنان القوي تمثل بالنائب سيزار ابي خليل، وحضر كتلة الوفاء للمقومة ، وتكتل التنمية والتحرير، والاحباش، وحده الحزب التقدمي الاشتراكي شارك من المعارضة عبر النائب بلال عبدالله الذي اكد بعد اللقاء انه طالب وزير الخارجية الايرانية بان يتم اخراج لبنان من ساحة الصراع وان لا يكون بعد اليوم صندوقا لتبادل الرسائل، وطالبه ايضا بدعم الحوار والانفتاح مع دول الخليج، والمساعدة في التواصل مع النظام السوري لحل مشكلة النازحين، والدفع الى مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، ونقل عن عبد اللهيان قوله ان بلاده ليست مع اي مرشح للرئاسة بل مع يتوافق عليه اللبنانيون. وقال ان النقاط الاساسية التي تحدث عنها فهي ان ايران مستعدة لمساعدة لبنان اذا تجنّب لبنان موضوع العقوبات واعتبرها غير أساسية، في مسألة الكهرباء وغيرها. وتحدّث عن ان لبنان سيستفيد من الجو الايجابي السعودي – الايراني تماماً كسوريا، وان طهران تقف خلف اي قرار يتخذه لبنان بخصوص اي رئيس جمهورية، ومع اي أمر يتوافق عليه اللبنانيون.
اضاعة الفرص؟
من جهتها علقت مصادر سياسية بارزة على حملة المقاطعة للقاء بالقول، ان هؤلاء يرفضون مرة جديدة الحوار واضاعوا فرصة جدية لمناقشة افكارهم المسبقة وهواجسهم المضخمة حول الدور الايراني مباشرة مع رئيس الدبلوماسية الايرانية، والامر بمثابة هروب من خوض نقاشات وحوارات جدية من قبل من تعود على اطلاق المواقف على عواهنها دون ادلة وبنوايا غير سليمة.
ايران تدعم اي اتفاق
وكان وزير الخارجية الإيراني، ابلغ نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب، بأنّ بلاده تعرض مجدّداً المساعدة لحلّ أزمة الكهرباء، وهوة ما كرره في اللقاء مع ميقاتي. وقال من «الخارجية» إنّ بلاده تشجّع جميع الجهات في لبنان على الإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية، معتبراً أنّ «المسؤولين في لبنان، وكلّ الأحزاب، لديهم القدرة والكفاءة للتوصّل إلى اتفاق وإجماع بشأن انتخاب رئيس». وأضاف: «سندعم أيّ انتخاب وأيّ اتّفاق يحصل بين جميع الجهات في لبنان بشأن انتخاب الرّئيس، وندعو الجهات الأجنبيّة كافّة أيضًا إلى دعم هذا الانتخاب، من دون أيّ تدخّل في الشّأن الدّاخلي اللّبناني. وهو يعقد اليوم مؤتمرا صحفيا بعد جولة في الجنوب تشمل زيارة مارون الراس بالقرب من الحدود مع فلسطين المحتلة».
لماذا الخلاف بين «القوات» والتيار»؟
وسط هذه الاجواء، لا جديد رئاسيا بل مراوحة سلبية، وسجالات عالية السقف، وفيما تنتظر بكركي تبلور المشهد الاقليمي لاعادة تحريك محركاتها الرئاسية، كشف مصدر مطلع على محاولات التقارب بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر رئاسيا، وجود هوة كبيرة في موقف الطرفين في الشكل قبل المضمون، فـ»القوات» تريد استخدام الاستحقاق منطلقا لتحدي حزب الله فيما لا يريد «التيار» خوض معركة تحدي ضد احد وخصوصا حزب الله، بل يريد التوصل الى التوافق وهو امر يحتاج الى حوار ترفضه «معراب» التي ترفض التحاور مع الجميع؟ وهذا امر يدعو الى التشكيك في رغبتها بالخروج من المأزق؟
التمسك بالحوار مع «الحزب»
ومن هنا، لن يقبل «التيار» شعار القوات اللبنانية للصدام مع ما تسميه مشروع «حزب الله»، لذلك يرفض اي طرح بانشاء تكتل جديد على غرار مؤتمر عام 2005 في البريستول، وهي ترى ان سلاح حزب الله يخضع لحوار داخلي اي ضمن الاستراتيجية الدفاعية، ولا تريد تكرار واقعة 7 ايار، وتتمسك بالحوار البناء مع الحزب رئاسيا، للوصول الى نقطة التقاء عندما تنضج الظروف.
سجالات رئاسية
وغداة مواقف رئيس تيار المردة سليمان فرنجية التلفزيونية رأت الدائرة الاعلامية في القوات اللبنانية أن «إصرار الممانعة على تسويق أخبارٍ تصبّ في مصلحة مرشّحها نقلًا عن المملكة العربية السعودية، هو عمليّة مفضوحة يُقصد منها ذرّ الرّماد في العيون، حيث إنّ لا أساس لها من الصّحة، لا بل تُناقض تمامًا حقيقة الأمور والمواقف والتوجّهات». وفي وقت اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري من جديد في الساعات الماضية ان المشكلة الرئاسية مارونية، لفتت القوات إلى أن تكرار القول بأنّ «المشكلة هي بسبب الموارنة المختلفين على الرئيس»، هو محاولة تمييع ممنهج لحقيقة الخِلاف بين مشروعين سياسيين…
رد من «التيار»
بدوره، ردّ التيار الوطني الحرّ على رئيس تيار «المردة»، من دون أن يسمّيه، نافياً أن يكون لرئيسِ «التيار»، النائب جبران باسيل، «أيّ دور أو علاقة بـ»صفقة مرفأ بيروت» خلافاً لما ورد في مقابلة تلفزيونية لأحد المرشحين الرئاسيين». وسأل، في بيان: «كيف يمكن أن يكون له ذلك مع وزارة وفي ملف لا دخل للتيار فيه لا من قريب أو بعيد؟»، مضيفاً: «ما الذي يؤمل من مرشّح رئاسي يرمي بالحرام خصومَه السياسيين سوى تعزيزه سياسة الإفلات من العقاب»؟
حزب الله و«تدوير الزوايا»
في المقابل، اكدت كتلة الوفاء للمقاومة إن الكتلة إذ تدعم مرشحا طبيعيا لرئاسة الجمهورية، فإنها تبدي اقتناعها بذلك وتحث الآخرين لإعلان مرشحهم وتدعوهم للحوار الجاد والمسؤول، أملا بالوصول إلى تفهم وتفاهم متبادلين، وهي إذ تملك الحجج والأدلة المنطقية والموضوعية الكافية فإنها لا تصادر رأي أحد في البلاد كما أنها لا ترضى مصادرة رأيها من قبل أحد أيضا. وقالت» إن نبرة التحدي في الخطاب السياسي لا تخدم مطلقا هدف التوصل إلى تلاق وطني منشود يخرج البلاد من نفق الأزمة المعقدة التي تطال مختلف القطاعات. والسبيل المناسب والمتاح هو التواصل والتأكيد الدائم والمتبادل على المشتركات والثوابت الوطنية والعمل على تدوير الزوايا بين التباينات في غير المسائل المصيرية والوجودية.
«قنبلة اللجوء»
في هذا الوقت، حذرت مصادر امنية من محاولات البعض اللعب على وتر التحريض على النازحين السوريين بهدف خلق فوضى في البلاد، وهو ما استدعى اجراءات احترازية خلال الساعا ت القليلة الماضية، وقد نفّذ الجيش عملية دهم في مخيم النازحين السوريين في بلدة القرعون في البقاع الغربي، وأوقف ١٢٠ شخصاً من دون أوراق ثبوتية.
موجة نزوح جديدة؟
وفيما تستعد اللجنة الوزارية المكلفة الحوار مع الحكومة السورية لزيارة دمشق ناقش وزير الشؤون الإجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجّار، مع سفير تركيا في لبنان علي باريش أولوسوي، في ملفّ النزوح السوري، وأكّد الطرفان على أن البلدين يتشاركان الهمّ ذاته، وهو الأعداد الكبيرة من النازحين السوريين على أرضيهما والأعباء الإقتصادية الهائلة التي يتكبّدانها جرّاء هذا النزوح، إذ أنفقت تركيا، منذ بدء الحرب في سوريا، نحو40 مليار دولار على النازحين السوريين في تركيا. وأعرب حجّار عن خشيته من أن ينزح السوريون العائدون من تركيا إلى سوريا مجدداً إلى لبنان، في حال تمّ التوصّل إلى إتفاقٍ بين الجانبين السوري والتركي، متمنيا أن يتّفق كل من لبنان وتركيا على تبادل المعلومات عن النازحين السوريين العائدين من تركيا إلى سوريا وتزويدها للأمن العام اللبناني.
ماذا حصل في «الجاموس»؟
امنيا، دوى انفجار في شارع الجاموس في الضاحية الجنوبية لبيروت ادى الى مقتل المواطنة س. فرحات فضلا عن اضرار مادية.تجدر الاشارة الى ان الشقة نفسها وقع فيها انفجار منذ اسابيع وتمت مداهمتها من قبل الجيش الذي اوقف شابا من من آل الغول كان يعد عبوات ناسفة وكان على تواصل مع شبكة تتعامل مع العدو الاسرائيلي. ووفقا للمعلومات الاولية، فان والدة الموقوف وخالته، وصلتا عند الساعة الثالثة لتنظيف الشقة، مع العلم انها كانت مختومة بالشمع الاحمر، وبعد نحو ساعتين على رفع قابس سخان المياه انفجرت عبوة كانت على ما يبدو في داخله بسبب الحرارة، فقتلت الخالة على الفور!.
ارقام التضخم «مخيفة»
في هذا الوقت، مرت الارقام الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي في لبنان دون اي ضجة مع العلم انها صادمة وتنذر بالاسوأ القادم، فقد اشارت إلى ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الاستهلاك، تشمل كل مجالات الإنفاق، ما دفع مؤشر الغلاء إلى صعود قياسي، بلغ نسبة 264 في المائة سنوياً، وارتفاع استثنائي لمعدل الارتفاع الشهري، بلغ في شهر مارس (آذار) الماضي 33.3 في المائة. وتؤكد هذه الأرقام احتفاظَ لبنان بالمرتبة الأولى عالمياً في معدل ارتفاع أسعار الغذاء. وتحت هذا السقف غير المسبوق لمؤشر الغلاء، سجل قطاع الاتصالات والشامل لكلفة الإنترنت ارتفاعاً بلغ 621 في المائة قياسا بمستواه المسجل بنهاية الفصل الأول من العام الماضي. وارتفع بند الصحة (الدواء والخدمات الطبية) بنسبة 374 في المائة. وتعدّت الارتفاعات نسبة 350 في المائة في بنود المواد الغذائية والمشروبات والألبسة والأحذية وتجهيزات المنازل والصيانة والمطاعم. فضلا عن ارتفاع أكلاف النقل بنسبة تجاوزت 300 في المائة.