رسم الحراك السياسي الذي بدأه السفير السعودي وليد البخاري على المرجعيات الدينية والسياسية لحثّهم على الإستفادة من المناخات الإيجابية التي تشهدها المنطقة، إشارةً واضحةً على اهتمام السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بلبنان.
وإذ استهلّ البخاري تحركه مع المعنيين بزيارة دار الفتوى ولقاء المفتي عبد اللطيف دريان ثم لقائه كل من رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حزب القوات سمير جعجع، على أن يستأنف لقاءاته مع باقي القيادات والمرجعيات اليوم وباقي أيام الأسبوع، نقلت عنه مصادر مواكبة تشديده على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية في أقرب وقت كي يتمكن لبنان من المشاركة في القمة العربية التي ستعقد في السعودية أواخر هذا الشهر، في حين لم تجد المصادر في تحرّك البخاري أي رابط مع زيارة وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان إلاّ من باب كسر الجمود السياسي وإعادة تحريك الأمور باتجاه العمل للوصول إلى مخارج إيجابية قد تفضي إلى إمكانية التوصل لانتخاب رئيس للجمهورية.
وفي السياق أيضاً، استبعدت المصادر عبر “الأنباء” الإلكترونية أن يكون لتحرّك نائب رئيس المجلس الياس بوصعب أي علاقة بجولة البخاري، ورأت أنَّ بوصعب ينطلق من مبادرة ذاتية لمعرفة مكامن العقدة ومَن الذي يرفض الحوار بالمطلق، وأنَّ فريق المعارضة وتحديداً الأحزاب المسيحية القوات والكتائب أبلغوه أنَّ مجرد إصرار الثنائي الشيعي على تمسكه بترشيح سليمان فرنجية ينسف أي مسعى للحوار والتفاهم على شخص الرئيس، وأنَّ القوات والكتائب ما زالا عند رأيهما بتحديد جلسة انتخاب، بينما التيار الوطني الحر يرى عكس ذلك.
وفي إطار المواقف السياسية من التحرّكات القائمة، لفتَ النائب وليام طوق في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونيّة أنَّ بوصعب أعلن أنه يتحرّك بصفته نائب رئيس المجلس وليس بصفته عضواً في تكتل لبنان القوي، ولا هو مكلّف من قبل الرئيس نبيه بري للقيام بهذه الاتصالات، مستبعداً تسجيل أي خرق إيجابي على هذا الصعيد “لأن انتخاب الرئيس يتقرّر في الخارج والقوى السياسية بانتظار التعليمات الخارجية، فلبنان بلد المفاجآت وقد تأتي هذه التعليمات في لحظة غير متوقعة”.
أمّا عن عودة السفير السعودي ولقاءاته، رأى طوق أنَّ “لقاءات البخاري خطوة إيجابية، لكن المهم ماذا يحمل معه هذه المرة، وهل بدلت السعودية موقفها من ترشيح فرنجية أم ما زالت ترفض أيّ مرشح ينتمي الى فريق الممانعة؟”، معتبراً “أنّنا أمام خيار من اثنين، إمّا أن نذهب الى المجلس بمرشحين أو ثلاثة وننتخب واحداً منهم، أو أن نتوافق حول اسم معين وتتم تزكيته في جلسة انتخاب رسمية”. وفي تعليقه على رفض الأحزاب المسيحية فكرة الرئيس التوافقي، رأى طوق أنه عندما تتوّحد المساعي الخارجية في هذا الاتجاه تنتفي كل المعارضات.
من جهته، عضو كتلة الإعتدال الوطني النائب وليد البعريني، أشار في حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “الأمور ما زالت تراوح مكانها ولا شيء تغيّر بعد”، وإذ شكرَ بو صعب على الجهود والمساعي التي يقوم بها، معتبراً أن تحركه باتجاه الكتل السياسية حرّك المياه الراكدة ووقوف البعض خلف متاريسهم، لكن برأيه، فإنَّ هذه المبادرة تتطلّب دعماً خارجياً كي تصبح ذات فعالية إيجابية.
البعريني رأى أن “لبنان محكوم بالحوار والتفاهم وهذا ما دعا اليه كلّ من بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فالبلد لا يسير إلّا بالتوافق، لكننا ما زلنا في حالة تخبط ولا يريد أي فريق أن ينكسر للآخر”.
وعن رأيه بجولة السفير السعودي، لفتَ الى أنها “تندرج بإطار حثّ الكتل النيابية على انتخاب رئيس الجمهورية، لأن السعودية مع إنتاج رئيس جمهورية بأسرع وقت، لأن الوضع المعيشي والاقتصادي”. واعتبر البعريني أنَّ “الساحة مفتوحة والكل يريد أن يجرّب حظه، ولكن لم نرَ حتى اللحظة أية نتيجة ايجابية”، مستغرباً كيف “كان الشارع اللبناني ينقسم عندما كانت تحصل تطورات خارجية كتلك التي حصلت بين السعودية وايران، ولما اتفقتا بقيَ اللبنانيون منقسمون على حالهم لأن أرضنا ما زالت خصبة للتمذهب والتقوقع والخلافات التي ليس لها أسباب جوهرية ما يعني أن الوضع سيبقى على ما هو عليه بانتظار جلاء التسوية بين ايران والسعودية”.
لبنان أمام مرحلة مفصلية بانتظار توافق الكتل النيابية على رئيسٍ جامع يعيد ثقة الخارج ويحلّ الأزمة الحالية في ظلّ التخبّط السياسي والإقتصادي الذي يترك تداعياته على معيشة المواطن كما الدولار بطبيعة الحال.