كتبت صحيفة “النهار”: لم تكن تأكيدات قيادة “اليونيفيل” في جنوب لبنان امس ردا على الاستفسارات التي انهالت عليها من وسائل الاعلام بان “الوضع على طول الحدود الإسرائيلية – اللبنانية آمن”، سوى مؤشر الى عودة أجواء المخاوف والتحسب من تدهور ميداني انعكاسا للتطورات الدامية التي شهدها قطاع غزة حيث اغتالت إسرائيل ثلاثة من قادة “حركة الجهاد الإسلامي” وعائلاتهم وتسارعت نذر مواجهة واسعة قد لا تبقى محصورة بين غزة وإسرائيل. وتبعا لذلك سادت حالة من الترقب والحذر الشديدين في المنطقة الحدودية تحسبا لاحتمال تجدد اطلاق الصواريخ من هذه المنطقة في اتجاه شمال إسرائيل كما جرى قبل أسابيع تحت شعار “وحدة ساحات المواجهة” ،علما ان معلومات وزعتها وسائل اعلام إسرائيلية تحدثت عن اتصالات أجريت بين الحكومة الإسرائيلية وقيادة “اليونيفيل” في جنوب لبنان للحؤول دون اتساع أي مواجهة بين غزة وإسرائيل الى جنوب لبنان .
وقد عززت دوريات اليونيفيل والجيش خشية اطلاق صواريخ من الجنوب ونظمت اليونيفيل جولة لعدد من الصحافيين على الخط الأزرق لاحظوا خلالها تأهبا غير ظاهر لـ”حزب الله” في بعض المناطق الجنوبية.
وبعدما اعلن “حزب الله” انه يدعم كل ما تقرره الفصائل الفلسطينية للرد على الاغتيالات صدر كان تاكيد لممثل حركة “حماس” في لبنان، احمد عبد الهادي، من أنه “سيكون هناك ردّان على العدوان الصهيوني على غزّة، الأول تمَّ تفعيله وهو ردٌّ ناعمٌ ولكنّه مؤثّرٌ وذو نتائج َعظيمة والثاني خَشِنٌ مُزلزلٌ وهو قادمٌ ولن يتأخّر كثيراً”. وفي المقابل نقلت وسائل اعلام إسرائيلية ان مجلس الوزراء الإسرائيلي هدد مساء “بانه قد يكون هناك رد من لبنان ولن نقف مكتوفين حيال ذلك”.
في غضون ذلك بدا المشهد الداخلي نشطا نسبيا في اتجاه بلورة مزيد من الوضوح في المرحلة الطالعة من مراحل الازمة الرئاسية، ولكن معظم المعطيات والنتائج المتجمعة من التحركات الداخلية كما من المعطيات الخارجية لا تنبئ بان موعدا محتملا لانفراج قريب في الازمة قد حان، وينقل في هذا السياق عن مرجع رسمي بارز تشاؤمه حيال التوصل الى حل للازمة الرئاسية في وقت قريب على رغم كل المتغيرات الجارية إقليميا وعربيا. كما ان ثمة مؤشرات لتصاعد السخونة في تبادل الحملات السياسية والإعلامية بين القوى السياسية بما يعكس ضمنا تفلت الازمة من الضوابط الداخلية والخارجية وبقائها مفتوحة الى افق غير محدد .
التحركات الديبلوماسية
ومع ذلك واصل السفير السعودي وليد بخاري تحركه امس فالتقى رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة، وشدد بعد اللقاء على “ثقته بإرادة اللبنانيين في التغيير نحو غدٍ أفضل”. كما اجتمع مع رئيس حزب الوطنيين الاحرار كميل دوري شمعون. وتم استعراض المستجدات على الساحة اللبنانية والاقليمية والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وكان تكتل “الاعتدال الوطني” زار السفير السعودي وتطرق البحث الى الاوضاع العامة في البلاد لاسيما الاستحقاق الرئاسي، وأكد بخاري، بحسب بيان للتكتل “الموقف الحيادي للمملكة العربية السعودية وضرورة الاسراع في انجاز الاستحقاق”. واكد اعضاء التكتل امام السفير “ضرورة الدعوة الى جلسة انتخاب قريبة”، وشددوا على ضرورة “عدم مقاطعة اي كتلة او نائب جلسات الانتخاب لان من واجب النواب حضور هذه الجلسات والتعبير عن رأيهم بكل ديموقراطية وشفافية وتم الاتفاق على لقاء قريب لاستكمال البحث”.
وفي موازاة النشاط السعودي، إلتقى امس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي، السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو وكان عرض للمستجدات على الساحة المحلية علما ان معطيات أدرجت زيارة السفيرة في نقل إيضاحات ومعطيات جديدة حول الموقف الفرنسي من الازمة الرئاسية الى البطريرك.
الى المرحلة الثانية
واعلن امس نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب نهاية المرحلة الأولى من تحركه اذ قال بعد زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة “مبادرتي هي على مراحل عدّة. المرحلة الأولى تنتهي اليوم والتقويم يحصل بعدها والهدف منها تحريك الركود الحاصل في الاستحقاق الرئاسي في ظل الاستقرار الاقليمي ومن الممكن ان ينتج عنها الخلاص”. وكشف انه لمس من الرئيس برّي “تمسّكه بموقفه، وبعد رفض الحوار نحاول إيجاد طريقة للذهاب باتجاه جديد لجمع الأفرقاء”. كما التقى بوصعب في كليمنصو رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط ووفدا من اللقاء واكد “التوافق على ضرورة تنظيم المرحلة المقبلة والعمل على جمع القواسم المشتركة ومد الجسور وطلبت منهم التعاون بهذا الموضوع”. ولفت إلى أنَّ “الخطوة الأولى التي وضعناها جرى التوافق والقبول عليها من الجميع، وخلال 10 أيام أو أسبوعين يمكن أن نتوصّل إلى نتيجة مرضية، أمّا المرحلة الثانية تعدّ اختيار إسم من ضمن الأسماء المطروحة وقد يكون هناك مرشحون جدد في المرحلة القادمة، كما وأنَّ موضوع التسمية محط نقاش بيني وبين الافرقاء السياسيين، علماً أنني لا أدخل في موضوع الأسماء ويجب توافر صورة واضحة عن رئيس الجمهورية المقبل والحكومة الجديدة للوصول إلى شبكة الخلاص”. والتقى بو صعب عصرا النواب التغييريين وضاح الصادق وميشال دويهي وبلال حشيمي ومارك ضو والياس جرادة .
في المواقف من الاستحقاق أكد النائب فؤاد مخزومي من دار الفتوى “اننا كمعارضة، لدينا مرشح ومستعدون للتصويت له في أي وقت”. وشكر المملكة العربية السعودية التي “كانت وستبقى دائما السند والداعم الأكبر للبنان وشعبه بخاصة أنها لا تحيد عن مبادئها وثوابتها والمواصفات التي يجب أن يمتلكها رئيس الجمهورية المقبل”، لافتا إلى “المظلات الخمس التي حمت المملكة لبنان عبرها”.
بدوره، أعلن عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب فادي كرم “تداول أسماء محدودة بين الأطراف كافة والقاسم المشترك بينهم، هو منع وصول مرشّح محور الممانعة إلى سدّة الرئاسة”. ولم يستبعد “احتمال التلاقي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والاتفاق على مرشح مشترك نتيجة للمحادثات التي تحصل”، مؤكداً “إمكان التوصل إلى اسم واحد قريباً في مواجهة مرشح محور الممانعة”.
في المقابل كانت لنائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أطروحة جديدة عكس فيها رهان حزبه ومحوره على فشل الخصوم في تقديم مرشح منافس لسليمان فرنجية كما اكد رهانات هذا الفريق على المعطيات الخارجية . ومما قال ” زاد أملنا بالفرصة الأرجح لانتخاب من اخترناه، وهناك شبه انعدام لفرصة الفرقاء الآخرين بسبب تشتتهم وعدم قدرتهم على أن يقدموا مرشحا وطنيا جامعا”. وتحدث عن “ثلاثة رهانات قام بها بعض الأفرقاء الآخرين سقطت ، رهان التخلي عن ترشيح فرنجية من قبلنا لإلغائه من السباق الرئاسي وهذا أمر لم يحصل ولن يحصل، ثانيا رهان على الموقف الخارجي ليضغط علينا حتى يمنع انتخابه وقد انتهى هذا الرهان بعد المواقف التي أعلنت بعدم تدخل الدول الاقليمية والدولية لا سلبا ولا إيجابا، فإذن لا يستطيع هؤلاء في الداخل أن يغطوا عجزهم بتدخلات إقليمية أو دولية. والرهان الثالث الذي سقط كان إصرارهم على إيجاد هجمة إعلامية سياسية على المرشح المدعوم من قبلنا لتيئيسنا تحت عنوان أن لا فرصة لديه لإمكانية الفوز، لكن تبين أن قنابل صوتية لا أثر لها وأن خيارنا للمواصفات كان مصدر قوة حقيقية بثبات هذا الخيار”.