كتبت صحيفة “الديار”: على الرغم من انّ الاستحقاق الرئاسي يتصدّر المشهد السياسي في لبنان، ويتنقل بين الداخل المتصارع والخارج المترقّب لنتائج طروحات وتسويات رئاسية، همها ان تخرج منها بإنتصارات وحوافز للإستفادة السياسية، لكن على ارض الواقع لا بوادر خير توحي بحل للمعضلة الرئاسية، التي تخطت مدتها الستة اشهر، بعد دخولها عالم الفراغ الذي يبدو طويل الامد، وفق المطلعين والمراقبين السياسيين، الذين لا يتأمّلون خيراً بسبب غياب اي خرق جدّي للملف، بسبب بقائه ضمن صراعات الفريقين المتنازعين اللذين يخوضان هذه المعركة، بعيداً عن اسس الديموقراطية كما يحصل في معظم دول العالم، فيما يخوضان هذه المعركة تحت عناوين التحدّي والإستفزاز والتهديدات بأنّ «مرشحكم لن يحكم اذا وصل الى بعبدا»، اي المقولة التي يتم تبادلها يومياً بين المتناحرين، الذين يتناسون اللبنانيين الغارقين في المآسي، من جرّاء الانقسامات والخلافات وما تبعها من سياسات خاطئة.
وفيما الآمال اللبناينة بقيت معلّقة بمسار الاتفاقات الاقليمية، في إنتظار إعطاء بعض الوقت للملف اللبناني، خصوصاً في القمة العربية المرتقبة في الرياض، علّها تنتج بوادر أمل ولو بعد حين، لكن تاريخ القمم العربية لا يوحي عادة بالكثير من النتائج الايجابية، والواقع يؤكد بأنّ لبنان متروك للحل الداخلي عبر مقولة «ضرورة لبننة الملف الرئاسي»، كما يردّد دائماً السفير السعودي في لبنان وليد البخاري ويقول: «المملكة على مسافة واحدة من الجميع ولا مرشح لديها».
وعلى خط الدوحة، ووفقاً للمعلومات فإن الوفد القطري الذي زار لبنان مؤخراً بعيداً عن الاعلام، لبحث ملف الرئاسة الاولى ضمن سلّة واحدة مع الرئاسة الثالثة، بحيث جرى التداول في الاسماء التي ممكن ان تصل الى السراي، بعد إنتخاب الرئيس وبدء العهد الجديد.
هذه المشاهد تؤكد بأنّ الافرقاء اللبنانيين يحتاجون دائماً الى راع خارجي، يطلق تسوية عاجلة كما تجري العادة للوصول الى شاطئ الامان الرئاسي، وهذه التسوية تفرض على لبنان حين يعطى الضوء الاخضر بها، لكن وعلى ما يبدو فإنّ موعدها لم يحن بعد، لانّ ملفات اكثر اهمية تترقّب موعد حلّها.
الصرح البطريركي مستاء… وغريو تتدارك الوضع
في إطار الطروحات الرئاسية التي تطلقها باريس بين الحين والاخر، وبغض النظر عن اي مرشح رئاسي دعمته للوصول الى بعبدا، نقل عن البطريرك بشارة الراعي عتبه على الفرنسيين، والسياسة التي يتبعونها منذ فترة من دون مراعاة آراء ومواقف افرقاء وقيادات مسيحية بارزة، بحيث برز إستياء لم يظهر الى العلن، لكنه بقي ضمن جدران بكركي، واطلق رسائل وصلت أصداؤها الى باريس، عبر السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، التي نقل اليها الراعي إستياءه مما يحصل في الاطار الرئاسي، وكأن لا وجود لبكركي او للمسيحيين في لبنان، اذ من غير المنطقي ألا يجري التشاور مع مَن يمثل المسيحيين في لبنان، فيما التواصل كان قائماً مع جهات اخرى.
لتوضيح ذلك أجرت «الديار» اتصالاً مع مصدر كنسي بارز، فأشار الى وجود عتب وملامة من بكركي والبطريرك الراعي مما يحصل، مستغرباً ذلك لانّ فرنسا لطالما كانت الى جانب لبنان وتحديداً منذ ايام البطريرك الراحل الياس الحويك، وسياستها لم تتغير الا منذ فترة، وقال:» لربما المصالح تلعب دورها، لكن ما جرى غير مقبول، ونأسف لتغير السياسة الفرنسية حيال لبنان، واوضح المصدر الكنسي بأنّ السفيرة الفرنسية اكدت خلال زيارتها بكركي ظهراً، حرص باريس على العلاقة الجيدة مع الصرح البطريركي والتنسيق في الملف الرئاسي، على ان تعمل على دحض كل المعطيات التي انتجت إنزعاجاً كنسياً ومسيحياً من الحراك الفرنسي.
بو صعب في جولة على عين التينة وكليمنصو و«خط احمر»
الى ذلك يتوالى الحراك الداخلي منذ ستة اشهر، من دون اي نتيجة وآخره ختام جولة لنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب يوم امس، بعد زيارة عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أكد تمسّكه بموقفه الرئاسي، ومن ثم انتقل بو صعب الى كليمنصو واجرى محادثات مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط، بحضور عدد من نواب «اللقاء»، وجرت مناقشة الرؤية المطروحة للاتفاق على رئيس، معلناً انّ الخطوة الأولى التي وضعناها جرى التوافق عليها من الجميع، وخلال 10 أيام أو أسبوعين يمكن أن نتوصّل إلى نتيجة مرضية، أمّا في المرحلة الثانية فقد يكون هناك مرشحون جدد، معلناً انّ مبادرته على مراحل.
ومساءً التقى عدداً من النواب «التغييريين» في مكتب «خط أحمر».
تواصل بين « التغييريين» و«التيار»
وعلى خط مغاير وفجائي، ووسط غياب الاتفاق على إسم الرئيس المطلوب للمرحلة الصعبة، وفيما تم التوافق ضمن الفريق الممانع على إسم رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، برزت أجواء تفاؤلية نوعاً ما على الخط المعارض، بعد المعلومات عن تواصل جرى بين نواب من «التغييريين» و«التيار الوطني الحر»، حيث طرحت أسماء رئاسية، وسوف تغربل والايام المقبلة كفيلة بالوصول الى تقارب، وفق ما يقول نائب تغييري، مع دعوته الجميع ان يكونوا على قدر المسؤولية في هذه الظروف الصعبة والخطرة.
وفي السياق أشارت مصادر النواب التغييريين خلال اتصال مع « الديار» الى انّ المحاولات لرأب الصدع قائمة، حتى مع الاطراف البعيدة عن سياستنا، لكن بعضنا يحاول تقريب المسافات الرئاسية الشاسعة، بهدف إيجاد حل للملف المستعصي، والمطلوب المحاولة علنّا نصل الى الاتفاق على إسم مرشح مقبول من اغلبية الافرقاء، وإلا سيبقى الملف يراوح مكانه، وذكّرت المصادر المذكورة بأنّ النائب غسان سكاف وخلال جولته قبل ايام لطرح مبادرته الرئاسية، إلتقى عدداً من القيادات من ضمنها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
اما مصادر «التيار» فلفتت بدورها لـ«الديار» الى انهم منفتحون على كل الاطراف، والنائب باسيل كان اول مَن طرح الحوار، ودعا الى إعتماده لانه السبيل الوحيد للحل، وابدى إستعداده تحديداً من بكركي لمحاورة الخصوم السياسيين، فأتى الرد سلبياً، لكننا لا نقفل الباب امام اي فريق، يقوم بأي تحرّك لإنهاء الفراغ. واشارت الى انّ الاتصالات قائمة على الرغم من إعلان رئيس « التيار» بأنه يتجه نحو خيار ثالث، لكن هذا لا يحول دون سماعنا طروحات الاخرين.
وعن وجود تواصل بينهم و«القوات اللبنانية»، اشارت مصادر «التيار» الى انّ المحادثات لغاية اليوم تقتصر على التلاقي مع نواب «القوات» في المجلس النيابي والامور تسير بشكل جيد.
حراك «متقطع» للمودعين وتهديد بالتصعيد
وفي إطار تحرك المودعين كل فترة، وبشكل «متقطع» يدعو الى التساؤل، شهد محيط مجلس النواب يوم امس وقفة إعتصام امام مجلس النواب، للمطالبة باسترجاع الأموال المنهوبة، حيث سقط عدد من الجرحى نتيجة المواجهة والتضارب مع عناصر مكافحة الشغب، ثم تجمّع عدد من المودعين أمام بنك عودة في باب ادريس، وقاموا بتحطيم الصّراف الآلي وإشعال الإطارات. بعدها إنتقلوا الى مقر جمعية المصارف، والى منزل الرئيس نجيب ميقاتي محاولين تخطي الشريط الشائك، فحصل إشتباك مع القوى الامنية، حيث اطلقوا الشتائم لميقاتي وهدّدوا بمواصلة التصعيد الى حين الحصول على حقوقهم.