الدينامية التي انطلقت على ساحة السباق الرئاسي على إيقاع “الخطة ب”، بدفع دولي وعربي، بدأت تثمر لقاءات ومواقف، وفي مقدمها الاجتماع التي تعتزم المعارضة عقده اليوم لتسمية مرشحها الرئاسي، وهو تطور من شأنه تزخيم الحركة النيابية التي آثر بالأمس “حزب الله” على لسان نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم تقييدها بمرشح الممانعة سليمان فرنجية، في وقت بدأت تتكوّن معطيات ان هناك مرشحاً جدّياً للرئاسة لا يحمل عبارة “صنع في حارة حريك“.
وأكدت مصادر مطلعة، انه في شباط الماضي، وبعد اجتماع اللجنة الخماسية العربية الدولية في باريس، تسرّب نقاش عن طرح اسمي رئيس فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية. لكن الفرنسيين (المقتنعين!) أنهم الأولى بالشأن اللبناني، طلبوا دعم تسويق مسعى تزكية فرنجية، مع القاضي نواف سلام رئيساً للحكومة، في ما يشبه مقايضة ترضي جملة اطراف لبنانية وازنة.
وأضافت المصادر: “ثم كان ما كان من مداولات وتجاذبات، لم تصل بالمبتغى الفرنسي الى النهاية المرجوة فتعقّدت الأمور. وبالتالي، عادت اطراف أخرى من اللجنة الخماسية، إلى طرح اسم جوزاف عون”، ولديها جملة مبررات، ابرزها أنها ترى في العماد عون ضمانة للسير في الإصلاحات المطلوبة، لا سيما دعم تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، التي لا يرى المجتمع الدولي بداً من المرور بها لحصول لبنان على جرعة انقاذية مالية، وأن العماد عون ليس لديه ما يخسره بالحسابات الانتخابية اذا أضطره الأمر للدفع باتجاه قرارات مؤلمة لا بدَّ منها.
وبين المبررات الأخرى، تقول المصادر، “ان جوزاف عون صارم في رفض المحاصصات، فضلاً عن حسن ادارته للمؤسسة العسكرية في أصعب الظروف، وقدرته العالية على ادارة توازن لعبة حساسة جداً بين الأميركيين من جهة وحزب الله من جهة أخرى“.
بدورها، أكدت مصادر متابعة محلياً، ان رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفي كل مرة يطرح على مسمعه اسم العماد عون، “يكرر ان الأمر يحتاج الى تعديل للدستور. وعند تذكيره بأنه في أيام انتخاب ميشال سليمان رئيساً، لم يشهر مسألة الدستور!، يرد: “آنذاك كانت هناك تسوية”، ما يعني ضمناً انه يبحث عن تسوية (خاصة به) مقابل قبوله بقائد الجيش رئيساً. وهي خطوة لا تخلو من خطر فرض شروط وتثبيت معادلات قائمة، قد لا يرضى بها العماد عون“.
على صعيد المعارضة، وفي اجتماع هو الاول من نوعه، يُعقد اليوم لقاء يضم نواب كتل “الجمهورية القوية” التابعة لحزب “القوات اللبنانية”، حزب الكتائب، كتلة “التجدد”، وقسم من النواب التغييريين والمستقلين، في محاولة للاتفاق على مرشح رئاسي واحد، وفق ما علمت “نداء الوطن”. وعلى الرغم من ان نواب “اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط لن يشاركوا في هذا الاجتماع ، إلا ان خطوط التواصل قائمة بين هذين الفريقين.
ومن المؤشرات الداعمة لذهاب لبنان الى خارج قفص مرشح الممانعة، ما ذكرته اوساط ديبلوماسية ان السفيرة الفرنسية آن غريو التي أبلغت اول من امس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ان باريس صارت خارج تسويق فرنجية، وانها باتت في موقع واحد مع الطرف السعودي الذي نأى بنفسه عن تسمية مرشح ، بدت في لقاء مع ديبلوماسيين اوروبيين عُقد اخيراً متحفظة عن الخوض في الملف الرئاسي كما كانت تفعل سابقاً.
وترافقت هذه الدينامية الجديدة مع دخول الرئيس بري امس حلبة المواقف بالتأكيد على “وجوب انجاز انتخابات رئاسة الجمهورية كحد اقصى في 15 حزيران المقبل”. وقال: “لا نقبل ولا يجوز القبول باختيار حاكم لمصرف لبنان دون ان يكون لرئيس الجمهورية كلمة في هذا الامر، والامر كذلك ينسحب على موقع قياده الجيش”، مشيراً الى “ان المناخات الإقليمية والدولية حيال الإستحقاق الرئاسي مشجعة وملائمة“.