الحركة الدبلوماسية الضاغطة للإسراع في التوافق اللبناني على إنجاز انتخاب رئيس للجمهورية تبدو في تصاعد من خلال اللقاءات المكثفة للسفير السعودي وليد البخاري وحركة الوفد القطري التي لم تتضح معالمها بعد، إضافة إلى حركة السفيرتين الأميركية والفرنسية. وبحسب المعلومات المتداولة فإن الحركة الدبلوماسية تعمل تحت ضغط تواريخ الاستحقاقات المقبلة وأهمها إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تموز المقبل، لذلك ينصب الجهد الدبلوماسي على أن يكون النصف الثاني من حزيران حداً أقصى لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.
وفي الوقت الذي يحرص فيه السفير البخاري على مقاربة الملف الرئاسي انطلاقاً من مقاربة اللجنة الخماسية لهذا الاستحقاق، وتقضي بانتخاب رئيس جمهورية وفاقي وغير منغمس بالفساد، يكون قادرًا على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والنهوض بلبنان ومنعه من الانهيار الكلي، ولا يكون على علاقة بحزب الله، فإنه يحرص على عدم الدخول في الأسماء.
مصادر مواكبة للحراك الجاري، لفتت في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “السفير القطري ذهب في محادثاته مع النواب الذين التقاهم الى طرح اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون كمرشح توافقي، وعندما قيل له أن هذا الأمر يتطلب تعديل الدستور، قال اين المشكلة، فالوضع اليوم شبيه بالعام 2009 عندما تمّت تسوية الدوحة وتم الاتفاق على انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان، وأن المشهد اليوم لا يختلف كثيرا عما كان عليه في تلك الفترة. ولكن يبقى على الكتل المسيحية الكبرى ان تحدد موقفها صراحة من هذا الموضوع، وفي حال عدم التوافق عندها يصار الى اختيار اسم من باقي المرشحين وهذا بالتاكيد لن يتم إلا بعد أخذ موافقة بكركي”.
في هذا السياق كان اللافت الزيارة التي قام بها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية قبل ظهر امس الخميس الى دارة السفير السعودي في اليرزة وتناوله الفطور على مائدة البخاري. وبالرغم من ما رافقها من اشاعات تارة أن البخاري كان ينوي زيارة بنشعي الاثنين المقبل، لكنه اتصل معتذرا فرد فرنجية أنه يصر على لقاء البخاري وتم تحديد الموعد في منزل الأخير، وطورا أن البخاري طلب من فرنجية الحضور الى اليرزة لإبلاغه الموقف السعودي من ترشحه للرئاسة، فإن الأصح بحسب ما نقلته الى الأنباء مصادر متابعة أن المباحثات لم تختلف عن تلك التي أجراها البخاري مع الكتل النيابية، وخلاصتها أن السعودية على مسافة واحدة من كل المرشحين، وهي لا تضع فيتو على أحد، وما يهمها بالدرجة الأولى التوافق على رئيس الجمهورية والذهاب الى انتخابه في أقرب وقت، لأن التأخير في إنجاز هذا الاستحقاق لا يخدم لبنان أبدا، وعلى النواب وخاصة المسيحيين إدراك ذلك جيدا والاستفادة من هذه الفرصة قبل فوات الأوان.
المصادر لفتت قي سياق متصل الى زيارة عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور الى الصيفي موفدا من رئيس اللقاء النائب تيمور جنبلاط، وقالت إنها تصب في هذا الإطار خاصة بعد تلميح الجميل عقب اللقاء بإحداث خرق ما للمعارضة في الملف الرئاسي.
عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب وليد البعريني أكد لقاء الكتلة السفيرين السعودي والقطري كل على حدة، وأشار في حديث مع جريدة الأنباء الإلكترونية إلى أن المحادثات شملت بالدرجة الأولى الاستحقاق الرئاسي وثوابت السعودية التي أصبحت معروفة من الجميع. كما جرى التطرق الى العلاقات مع السعودية من لحظة توقيع اتفاق الطائف منذ 34 سنة حتى اليوم، والدور الذي لعبته لترسيخ السلم الأهلي في لبنان، ولفت إلى أن البخاري أكد أمامهم مرة جديدة ثوابت المملكة تجاه هذا الاستحقاق، والتشديد على التوافق وعدم التأخير بانتخاب الرئيس، وأن ليس للسعودية فيتو على أي مرشح وهم منفتحون على أي رئيس يعطي الثقة بلبنان. وسيكون لهم خصوصية بالتعاون وبالعلاقة والدعم لتصل الخيرات والبركات الى لبنان على حد تعبيره.
أما مع السفير القطري، فقال البعريني: “لقد تطرقنا إلى اتفاقية الدوحة وانتخاب الرئيس سليمان وأن الوضع اليوم يتقاطع مع تلك الفترة، والسفيران شددا على الاستفادة من المناخ الإقليمي لتحصين وضعنا الداخلي، ووضع البلد على السكة الصحيحة، وهذا لن يتم قبل انتخاب الرئيس”، ورأى البعريني أن “هناك خوفا إذا لم يتم انتخاب الرئيس من حدوث انفجار معين غير معروف، وان هناك 10 سنوات ضاعت من عمر لبنان، وسأل ماذا سيحصل لو لم ينتخب رئيس للجمهورية، حتما سنذهب جميعنا الى الهاوية”.
وكي لا يبلغ لبنان هذه الهاوية السحيقة، فإن المطلوب تلاقي كل الكتل النيابية على توافق سريع يوصل الى بعبدا رئيساً جديداً يفتح باب الإنقاذ، ولا سبيل لذلك سوى بالحوار.