كان الحدث البارز أمس زيارة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية للسفير السعودي وليد البخاري في اليرزة، وكان لقاء «ودياً وممتازاً» على مأدبة فطور، كما وصفه فرنجية، وحمل كثيراً من الخلفيات والابعاد والرسائل في كل الاتجاهات وقطعَ الشك باليقين في ان «لا فيتو» سعودياً عليه، خلافاً لكل ما أشاعَه الخصوم ولا يزالون يشيعونه منذ اشهر من اجواء سلبية حول موقف المملكة العربية السعودية في هذا الصدد خصوصاً وحول الاستحقاق الرئاسي عموماً. وينتظر ان تكون لهذا اللقاء تفاعلاته السياسية في ضوء تشدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في مهلة أقصاها 15 حزيران المقبل.
من الحياد السلبي الى الدخول المباشر الايجابي انتقلت المملكة العربية السعودية في وقت سريع قياساً على ما كان يعتقد من انها لن تتدخل بالاستحقاق الرئاسي، ولعل ما قاله فرنجية كان خير تعبير عندما وصف اللقاء بينه بين السفير السعودي بالودي والمُثمر والجيد.
وقال مصدر سياسي رفيع لـ»الجمهورية» إنّ ما حصل خلال الساعات القليلة الماضية والحركة التي قام بها البخاري وقادت فرنجية الى لقائه في دارته «هي تحول نوعي كبير لكن هذا لا يعني ان الاستحقاق سينجز غداً، فهناك خطوات يجب ان تحصل والملف اخذ مساره لكنه يحتاج الى وقت لبلورة الصورة وليس كما يعتقد البعض انّ فطور اليرزة سينتهي عشاء رئاسياً».
واضاف المصدر: هناك اجواء ايجابية جداً وجدية واذا بقيت هكذا نحن على مسافة اقل من شهر لإجراء الانتخابات الرئاسية»، وتحدث عن «تطورات سريعة ستؤتي ثمارها قريباً»، متوقّفاً عند شكل اللقاء بين فرنجية والبخاري بما ان البعض قِلّل من أهميته قائلاً: «هل المطلوب ان تقول المملكة انني ارشح سليمان فرنجية للرئاسة، بالتأكيد لا، لكن في السياسة الموقف واضح جدا، فقد انتقلت الرياض من «فيتو» الى الحوار مع مرشح أصبحت قريبة منه».
ورأى المصدر «ان تعقيدات الداخل لم تعد تشكل مطبات كبيرة خصوصا أن المسيحيين عجزوا عن الإتفاق على مرشح، وبالتالي ليس امامهم سوى تحمّل المسؤولية وعدم تعطيل الحل والا نحن ذاهبون الى عواقب لا يستطيع اي طرف تحمّلها»، مؤكداً ان «ما حصل هو نقلة نوعية تحتاج الى استكمال والوقت ليس مفتوحا لأنّ الاستحقاقات بدأت تفرض نفسها وكل شيء يتوقف على ترجمة هذا المعطى الايجابي الذي رفع مستوى الجدية».
المملكة تستعجل
الى ذلك أكدت اوساط واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية» ان الاجتماع بين فرنجية والبخاري انطوى على كثير من الايجابية وأتى ليكرّس حقيقة يصرّ البعض على تجاهلها، وهي ان الرياض لا تمانع في انتخاب فرنجية رئيسا للجمهورية بل ترحب بذلك.
ولفتت الاوساط الى ان الرياض تحبّذ بالدرجة الأولى التوصل إلى التوافق الداخلي على الرئيس المقبل، في اعتبار ان تاريخ لبنان وتركيبته يستوجبان منح الاولوية لخيار التوافق، ولكن إذا تعذر تحقيقه فإنها تحضّ على خوض المنافسة الديموقراطية عبر النزول الى المجلس النيابي والاحتكام الى صندوق الاقتراع.
واشارت هذه الاوساط الى ان السعودية ليست لديها مشكلة مع شخص أيّ رئيس لأنه لم يعد لديها خصم في لبنان بعد مصالحتها مع إيران وسوريا.
وشددت الاوساط نفسها على أن المملكة تستعجل انتخاب رئيس الجمهورية لأنها تريد أن يكون لبنان جزءا من منظومة الاستقرار والانفراج التي يجري تثبيت دعائمها في المنطقة، واي مساعدة سعودية له ترتبط بعودة الانتظام الى مؤسساته بدءاً من رئاسة الجمهورية، ومن ثم تنفيذ الإصلاحات الضرورية.
نعم لفرنجية
في غضون ذلك قالت صحيفة «لوموند» الفرنسية «إنّ الزعيم الماروني المقرّب من بشار الأسد، في قلب الصيغة التي اختبرتها باريس لحل الأزمة في بلد الأرز. حيث يتم تقديم سليمان فرنجية في بيروت كمرشح فرنسا، وهو ما تنفيه الخارجية الفرنسية».
ونقلت «لوموند» عن ديبلوماسي فرنسي، قوله «اختار إيمانويل ماكرون أحد الخيارات التي طُرحت على الطاولة». وتألفت من «تذكرة» بين سليمان فرنجية في رئاسة الجمهورية، ونواف سلام القاضي في محكمة العدل الدولية، والسفير اللبناني السابق لدى الأمم المتحدة في الحكومة. ويقال إن اختيار هذه الشخصية الإصلاحية حَظي بدعم الرياض، الأمر الذي يشترط إعادة استثمارها في بلاد الأرز لتنفيذ الإصلاحات، ولا سيما المالية. «فإذا كان رئيس الوزراء إصلاحياً، فأنت بحاجة إلى رئيس يُوازِن بين القوى السياسية ويستعيد ثقة المجتمع الدولي. فرنجية هو الوزن الثقيل التاريخي الوحيد في المعسكر المسيحي»، يتابع دبلوماسي فرنسي آخر».
اضافت «لوموند»: ويلاحظ قصر الإليزيه أنه من غير الممكن «العمل ضد النظام» والقوى السياسية التقليدية. يجب أن يكون الرئيس قادراً على التفاوض مع «حزب الله»، الحزب الأول في البرلمان، ورئيس المجلس، نبيه بري، ليؤيّدوا الإصلاحات الضرورية لاستعادة لبنان». وتابعت: «إن فرنسا تعتمد على الرياض لبثّ الروح في مبادرتها. لكن على عكس اليمن أو سوريا أو السودان، حيث تنشط السعودية بعد الانفراج مع إيران، فإنها لا تظهر أي استعجال في الملف اللبناني. ومع ذلك، كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد استمع إلى حجج السيد ماكرون حول خطر التخلي عن لبنان، بوابة سوريا، وانزلاقه إلى الفوضى. استأنف السفير السعودي في لبنان مشاوراته، ويمكن أن يلتقي قريباً سليمان فرنجية (التقاه أمس). ويؤكد دبلوماسي فرنسي أن «محمد بن سلمان قال نعم لماكرون من أجل فرنجية». ومع ذلك، فإن دعم الرياض لنواف سلام لم يعد واضحا كما كان من قبل. والسعوديون يكررون للأحزاب المسيحية أنهم لن يفرضوا إجراء عليهم».
لا مقاطعة
وكان بخاري قد التقى نواب تكتل «الإعتدال الوطني» في الصيفي، وتعهد هؤلاء في بيان بعد الاجتماع «بعدم مقاطعة اي جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية ودعم أي مرشح يلتزم بوثيقة الوفاق الوطني واتفاق الطائف ويحافظ على العلاقات مع العرب والخليج العربي، وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية، والانفتاح على جميع الدول لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين». واكد التكتل «ضرورة الاسراع بانتخاب رئيس وعلى ممارسة كل الكتل السياسية حقها الدستوري في انتخاب رئيس واختيار الاسم الذي تراه مناسباً».
وثمّن التكتل «الدور الكبير الذي تؤديه المملكة العربية السعودية بشخص الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على الجهود الكبيرة التي بُذلت لمساعدة لبنان واللبنانيين، وعلى الدور الايجابي الذي تلعبه في استقرار المنطقة والتقارب بين جميع مكوناتها كما والدور الايجابي الذي تلعبه في الدفع باتجاه انجاز استحقاق رئاسة الجمهورية في لبنان انطلاقاً من احترام الدستور اللبناني وسيادة لبنان وقراره الحر».
لبنان والتفاهمات
وفي المواقف، أشار وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي في حديث متلفز الى أن «السعودية تساعد لبنان وتكنّ له كل الخير وصداقتها ربح للبنان»، مؤكداً أن «السعودية لا تضع فيتو على احد في لبنان وكل مواقفها الأخيرة التي تتعلق بالملف الرئاسي هي لمصلحة لبنان». وشدد على «ضرورة أن يكون لبنان جزءاً من التفاهمات في المنطقة حمايةً لمصلحته ومصلحة شعبه»، لافتاً الى أنه «لا خبر لدي انّ هناك عتباً فرنسياً على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وكل المرشحين لرئاسة الحكومة فيهم الخير والبركة». ولفت الى أنه «يجب تعيين حاكم لمصرف لبنان قبل انتخاب رئيس للجمهوريّة، ووفق القانون يستلم نائب الحاكم الأول مهام الحاكم بصرف النظر عن التجاذبات السياسيّة وعن رأي أيّ فريق».
«الوفاء للمقاومة»
وقالت كتلة «الوفاء للمقاومة» في بيان بعد اجتماعها الاسبوعي برئاسة النائب محمد رعد «إن انفراج العلاقات البينية في المنطقة، (إثر الاتفاق السعودي – الإيراني، والاستدارة العربيّة نحو سوريا)، يُضفي مناخاً إيجابيّاً ينبغي للبنانيين انتهاز الفرصة التي يوفّرها، وذلك من أجل مواكبة المستجدات وترتيب أوضاع بلدهم وتوفير الجهوزيّة اللازمة لأداء الدور المناسب من أجل خدمة المصالح الوطنيّة وتأمين المتطلبات لتفعيل الحضور السياسي الموازن والتبادلات الاقتصاديّة والخدماتيّة والإنتاجيّة مع دول المنطقة… والتعاون مع الحكومات المعنيّة لمعالجة بعض المشاكل والتداعيات الضاغطة، كمشكلة النازحين السوريين على سبيل المثال لا الحصر. ومقتضى ذلك كلّه أن يتم بأسرع وقتٍ ممكن انتخاب رئيس للجمهوريّة وتشكيل حكومة جديدة وإعادة هيكلة الإدارة والمؤسسات التي أصابها التصدّع إبان الأزمة الأخيرة». ودعت «جميع الأفرقاء اللبنانيين إلى إعادة النظر في مقارباتهم لكثير من الملفات والقضايا، وذلك على قاعدة الإقرار بقدريّة التشارك الوطني لحفظ لبنان وحمايته وتعزيز حضوره وتطوير قدراته، ومراجعة جدوى الرهان على الخارج لتحقيق أهداف أو برامج تعني اللبنانيين جميعاً لجهة حفظ عيشهم الواحد أو المشترك أو تلبية مصالحهم بشكلٍ تكاملي، من دون أي تصادم مُربك للجميع، ومعيق للاستقرار الداخلي، ومعطّل للتنمية والتطوير».
إدعاء على سلامة
قضائياً، ادّعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وزوجته ندى، وعلى الممثلة ستيفاني صليبا، وبنك لبنان والخليج. وطلبت من قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان اصدار مذكرات توقيف غيابية بحقّهم.
حجب مواقع
من جهة ثانية أقدمت وزارة العدل الأميركية على حجب 13 موقعاً إلكترونياً تُستخدم من «حزب الله» وجماعات تابعة له.
ووفقاً لسجلات المحكمة، حصلت الولايات المتحدة على إذنٍ بمصادرة 5 نطاقات، مسجلة في سجل المصلحة العامة
(PIR): moqawama.org و almanarnews.org
و manarnews.org و almanar-tv.org
و alshahid.org – و8 مجالات مسجّلة لدى شركة (Verisign Inc): – manartv.net و manarnews.net و almanar-tv.com و almanar-tv.net
و alidaamouch.com و Ibrahim-alsayed.net
و alemdad.net و naimkassem.net.
وقال مساعد المدعي العام ماثيو جي: «ستُواصل وزارة العدل فرضَ العقوبات الاقتصاديّة كجزءٍ من التزامنا بنشرِ كلّ الأدوات المُتاحة ضد التهديدات من الدول المعادية والجهات الإرهابيّة على حد سواء».