كتبت صحيفة “الأخبار”: لا يزال الحذر يحيط بالمؤشرات الإيجابية التي رُوجت حول نتائج الوساطة التي يقودها رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، بين معراب وميرنا الشالوحي، للاتفاق على تسمية مرشح تحمله الكتلتان المسيحيتان الرئيسيتان وخصوم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية متى دعا إليها الرئيس نبيه بري.
ينطلق التفاؤل من «الحشرة» التي وجد معارضو فرنجية أنفسهم فيها، بعد توقيع الاتفاق الإيراني – السعودي وما نتج منه من تطورات أبرزها انفتاح الرياض على دمشق، وموقفها «المحايد» من الأزمة الرئاسية كما نقله السفير وليد البخاري لجهة عدم وجود فيتو على رئيس المردة، ما استوجَب «لمّ شمل المعارضين بمعزل عن الحسابات المتضاربة». أما الحذر فمردّه عدم تسجيل جديد في ما يتعلق بأسماء المرشحين التي «باتت محصورة بينَ اسمين أحدهما الوزير السابق جهاد أزعور»، إضافة إلى أن ما ينغّص جوّ الارتياح للتواصل المفتوح والمباشر هو «القلق وعدم الثقة بجدّية النائب جبران باسيل وإن كانَ حقاً سيذهب إلى الاتفاق مع القوى المعارضة على اسم من دون تنسيق مع حزب الله»، والتأكيد على ضرورة انتظار ما سيسفر عنه لقاؤه مع مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، علماً أن أحداً لم يؤكد انعقاد هذا اللقاء. وكان عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غسان حاصباني واضحاً في نقل هذا الجو، إذ أمِل «أن لا يستخدم باسيل تواصله مع المعارضة كورقة تفاوض مع حزب الله»، لافتاً إلى «أننا نعمل بقناعاتنا، وعدم التقاطع مع التيار على اسم لا يعني العجز عن جمع الأكثرية لأن ثمة قوى أخرى قد تسهم في تأمين أكثرية الـ٦٥». وفي هذا الإطار، تقول مصادر في المعارضة أن «الكرة في ملعب باسيل، وعليه أن يقرر ما إذا كان يستطيع السير في اسم المرشح المتفق عليه في حال فشل في إقناع حزب الله به».
في المقابل، وصفت مصادر متابعة حراك المعارضين لفرنجية بأنه «محاولة من هذه القوى لتحصين تموضعها، وسط محاولة طرفي الصراع تسجيل تقدّم بالنقاط، على غرار الارتياح الذي سادَ أوساط الفريق الداعم لفرنجية بعدَ جولة البخاري». وأشارت إلى أن «خصوم فرنجية يقولون إن هناك اتفاقاً على أزعور، لكن أحداً لم يتواصل معه حتى الآن، فهل هم واثقون بأنه سيقبل الترشيح، وهل يرشحونه قبل أن يعرفوا ما هي الشروط التي سيضعها؟». كذلك، لفتت المصادر إلى أنه لا ينبغي اعتبار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «في الجيبة»، إذ إنه لا ينظر بكثير من الرضا إلى الخيارات التي تنجم عن اتفاق القوات والتيار، وهو كان واضحاً عندما قال في لقاء تلفزيوني، ليل أمس، إن «المشكلة هي بين باسيل و(سمير) جعجع فهما من يضعان الفيتوهات على المرشحين… وعندما اتفقا أوصلا ميشال عون إلى سدة الرئاسة»! وكرّر الدعوة إلى «مرشح تسوية».
ونقل زوار عين التينة، أمس، عن رئيس مجلس النواب أنه «مرتاح جداً»، وتأكيده مجدداً أن لقاء فرنجية – البخاري الأسبوع الماضي «كانَ ممتازاً وأسس لعلاقة جيدة»، معتبراً أن «موضوع لبنان يجب أن يكون مدرجاً على جدول أعمال قمة جدة». وأشار بري إلى أن جعجع «يدلي بتصريحات كي يدفعني إلى الردّ عليه وأنا لا أريد الرد بل أضعه جانباً، ولا أحد يجبرني على القيام بأي خطوة، ولن أدعو إلى عقد جلسة من أجل إطلاق مزايدات، فليتفقوا على مرشّح وأنا جاهز».
من جهته، بدا جنبلاط أمس غير حاسم بين تأييد المرشح الذي يتفق عليه المسيحيون ومحاذرته الدخول في صراع جديد مع ثنائي حزب الله وحركة أمل، علماً أنه هاجم الفريقين، مشيراً إلى «أننا طرحنا مبدأ التسوية، لكن يبدو أن مبدأ التسوية عند بعض القادة الكبار غير موجود». وقال: «هناك أسماء جيّدة مطروحة، وقد سمّيت جهاد أزعور وترايسي شمعون ومي الريحاني، لكن الاسم الأفضل المطروح هو شبلي الملاط الذي يفهم بالقانون والمعطيات الإقليمية والدولية».
ولم يحسم جنبلاط موقعه إلى جانب أي من الفريقين، وأكد «أنني لا أشكّ بعروبة فرنجية، ولكن خيار حزب الله ليس عربياً، والحزب ليس في طليعة المدافعين عن القضية العربية، وعندما ينهار المشروع العربي فإنه يمتلك مشروعاً آخر»، مشيراً إلى أنه «يجب أن نجد مرشح تسوية مع برنامج اقتصادي اجتماعي وسياسي وخارج المنظومة التي نعرفها، ولن أُسمّي أحداً لأني سبق أن سميت». وأضاف: «بعضهم يريد الفراغ والبعض الآخر لا نعرف ماذا يريد. لكن يجب أن نسير بمرشح تسوية. نحن مع التسوية لمرشح يمتلك رؤية اجتماعية اقتصادية ويضع البلد على الخط الجديد، ولن اتصل بأحد ولا أريد أن أكون وسيطاً. حاولت ولم تنجح المحاولة». وأضاف: «لا أريد أن أُتهم بأنني وصيّ في موضوع الرئاسة ولا مشكلة عندي أن يأخذ باسيل مكاني. المهم أن يتم الاتفاق على رئيس». وعن ترشيح قائد الجيش جوزيف عون لفت إلى أنه «يحتاج إلى تعديل دستوريّ، وإذا أراد أن يكون مرشّحاً يجب أن يبدّل بزّته العسكرية إلى مدنية».