شغلت مذكرة التوقيف الدولية التي اصدرتها امس القاضية الفرنسية اود بوريزي بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الاوساط السياسية والمصرفية والقضائية، نظراً لاعتبارها اول اجراء قضائي دولي بحق موظف كبير، وهو رأس السلطة النقدية في البلاد. وتالياً، سيترتب عليها انعكاسات مباشرة على عمل المركزي وعلى الوضعية المالية في البلاد، وكمؤشر على اطلاق الملاحقة القضائية الدولية بحق مسؤولين لبنانيين.
وبصرف النظر عن الاعتبارات التي أملت على بوريزي القفز مباشرة الى مذكرة التوقيف بدل معاودة تبليغ سلامة لحضور الجلسة أصولاً، فإن القضاء اللبناني تحرك سريعاً لإبلاغ الحاكم بمضمون مذكرة القاء القبض عليه وتوقيفه.
ردّ الفعل الاول، من سلامة، الذي بدا وحيداً في مواجهة الملاحقات حول ملفات يتهم فيها «بالفساد وتبييض الاموال» صدر عبر بيان رأى فيه سلامة ان قرار القاضية الفرنسية «يشكل خرقاً لأبسط القوانين»، وبالتالي فهو سيعمد الى «الطعن بالقرار الذي يشكل مخالفة واضحة للقوانين».
وسأل سلامة، قبل ان يتوقف عند «العدالة المبنية على الكيل بمكيالين التي تطبق عليَّ» اين اصبح التحقيق في فرنسا في الدعوى التي تقدمت بها امام القضاء الفرنسي بشأن ملف كريستل كريديش، والذي ظل راكداً ولم يحرّك ساكناً لثلاثة سنوات بالرغم من بذلنا العناية الواجبة، بينما يسير التحقيق في فرنسا في الشكوى الممنهجة المقدمة من قبل خصومي بوتيرة متسارعة».
وكانت القاضية الفرنسية، التي تحال الى التقاعد نهاية ايار الجاري استدعت سلامة للمثول امامها في 16 ايار (أمس) في باريس في جلسة كان يرجح ان يوجه خلالها الاتهام اليه، ونقل عن محاميه قوله ان تغيب سلامة يعود الى عدم تبليغه بوجود المثول امام القضاء الفرنسي وفقاً للأصول.
وسط ذلك، واستباقاً لأية تداعيات على الاستقرار المالي او توفير الاموال اللازمة لدفع الزيادات التي وُعد بها الموظفون والمتقاعدون، ورداً على سؤال لـ«اللواء» مساء امس، عن موعد دفع الدفعة الثانية من الزيادات على الرواتب، اكتفى وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل بالقول ان «كل المعلومات بشأن هذا الموضوع سيعلن عنها اليوم».
ولاحظت مصادر متابعة، بداية تحفز لرفع سعر الدولار في السوق السوداء، بدءاً من عصر امس، ليسجل ما بين 94900 ل.ل للشراء و94700 ل.ل. للمبيع.
ولاحظ «المرصد الاقتصادي للبنان» الصادر عن البنك الدولي ان الاقتصاد في تراجع حاد، وهو بعيد عن مسار الاستقرار.
ورأى التقرير أن «التباطؤ في انكماش النشاط الاقتصادي لا يعني تحقيق الاستقرار».
وخلص إلى أنه «على مستوى جميع الركائز الاقتصادية، لا تزال القرارات الخاصة بإدارة الأزمة تقوّض اعتماد خطة تعاف شاملة وعادلة. وعلى سبيل المثال، فإن منصة صيرفة للصرف الأجنبي، وهي الأداة النقدية الرئيسية التي يستخدمها مصرف لبنان لتحقيق استقرار سعر صرف الليرة، ليست استثناء من ذلك، فمنصة صيرفة تمثل أداة نقدية غير مؤاتية أدت إلى ارتفاعات قصيرة الأجل في سعر صرف الليرة على حساب الاحتياطي والوضع المالي لمصرف لبنان، لا سيما في غياب سعر صرف وإطار نقدي جديدين. وتحولت هذه المنصة أيضا إلى آلية لتحقيق أرباح من عمليات المراجحة بلغت حوالي 2.5 مليار دولار منذ إنشائها، فالحصول على الدولار المعروض على المنصة يحقق أرباحا كبيرة وخالية من المخاطر نظرا لوجود هامش بين سعر العملة على المنصة وسعر العملة في السوق الموازية (السوداء)».
رئاسياً، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ملف رئاسة الجمهورية لا يزال على حاله، ولم يشهد أي تقدم وقال النائب سجيع عطية لـ«اللواء» أن تطور هذا الملف ينتظر ما تفضي إليه نتائج القمة العربية واتفاق المعارضة على اسم مرشح لرئاسة الجمهورية.
وفي المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» أن الملف يتحرك في ضوء اتصالات السفراء بعد اجتماع القمة الذي من شأنه أن يظهر الموقف من ملف الإستحقاق.
وبالنسبة إلى المعارضة فإنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق على اسم موحد، ولم تعقد لقاءات بينها وبين افرقاء آخرين وان خيارات الأسماء تدور بين النائب نعمة الله أفرام والوزير السابق زياد بارود في حين أن الوزير جهاد ازعور يدعو إلى توافق عام على اسمه وبالنسبة إلى قائد الجيش فأن لا شيء واضحا بعد، لأن موضوع يحتاج إلى تعديل الدستور وهناك خشية من أي طعن.
فقد وسّع السفير السعودي وليد بخاري دائرة حركته لتشمل نواحيَ اخرى غير الاستحقاق الرئاسي، في الوقت الذي لا زالت القيادات السياسية تتلهى بالبحث في جنس وشكل ومواصفات ملائكة الرئيس العتيد لكن من دون اي نتيجة، حيث التسميات ما زالت قيد البحث برغم الحديث عن تضييق الخيارات، وبالتالي فإن قرار الدعوة لعقد جلسة انتخابية مرهون بتوافق المعارضة على طرح اسم مرشحها. لكن استمرت التسريبات عن تبلغ وزارة الخارجية رسمياً أن عقوبات اوروبية ستتخذ بحق من يعرقل انتخاب الرئيس ويتغيب عن جلسة الانتخاب عند الدعوة اليها.لكن مصادر الخارجية قالت لـ«اللواء»: ان لا تعليق على هذا الكلام لا سلبي ولا ايجابي.
لقاءات بخاري
وقد استقبل السفير بخاري امس، في مقر اقامته باليرزة السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بونجيا. ووفق السفارة، «كان اللقاء مناسبة تم خلالها استعراض العلاقات بين المملكة والفاتيكان وآخر التطورات التي يعيشها لبنان ومنها الاستحقاق الرئاسي إضافة إلى بحث جملة من القضايا التي تهم الجانبين».
كما استقبل بخاري وزير السياحة في حكومة تصريف الاعمال اللبنانية وليد نصار، وجرى خلال اللقاء التداول في المستجدات الراهنة محليا وإقليميا والعلاقات الثنائية بين البلدين وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
واستقبل ايضا المدير العام للأمن العام اللبناني بالوكالة العميد الياس البيسري، وخلال اللقاء جرى بحث آخر المستجدات التي تشهدها الساحة اللبنانية والتعاون الأمني المشترك بين البلدين الشقيقين وسبل تطويرها، بالإضافة الى عدد من القضايا ذات الإهتمام المشترك.
وكان بخاري قد استقبل صباحا رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في لبنان سيفيرين راي، وجرى استعراض أبرز النشاطات التي يقوم بها مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان والدور الذي يقوم به في ظل الازمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان إضافة الى بحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
تحضير للقمة
في هذه الاثناء انهمكت الحكومة في التحضير للمشاركة في قمة جدة العربية يوم الجمعة المقبل، حيث اجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، الذي قال بعد الاجتماع: إنه سيغادر (غادر امس) الى المملكة العربية السعودية لتمثيل لبنان في اجتماعات وزراء الخارجية العرب قبيل انعقاد القمة.
ويضم الوفد اللبناني الى القمة كلا من بوحبيب، وزير الصناعة جورج بوشيكيان، وزير الاقتصاد والتجارة امين سلام، وزير السياحة وليد نصار، ووزير الزراعة عباس الحاج حسن، المستشار الديبلوماسي للرئيس ميقاتي السفير بطرس عساكر، على ان ينضم الى الوفد سفير لبنان في المملكة العربية السعودية فوزي كبارة وسفير لبنان لدى الجامعة العربية علي الحلبي.
وعلمت «اللواء» ان الوزير بو حبيب سيعود الى بيروت السبت ليسافر الاحد الى روما، لعقد لقاءات رسمية وسياسية مع مسؤولين ايطاليين، ومنها يتوجه الى اميركا للغاية ذاتها.
القضاء بين باريس وبيروت
على الصعيد القضائي، لم يحضر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة جلسة الاستجواب في باريس أمس، حيث من المتوقع أن يوجه المدعون الفرنسيون تهم احتيال وتبييض أموال أولية ضده، بحسب مصدرين مطلعين على خطط سفره. وحدد المدعون الفرنسيون جلسة استجواب له الساعة 9:30 صباحًا يوم 16 أيار، وفقًا لوثائق المحكمة التي اطلعت عليها رويترز. ويعتزم المدعون الفرنسيون الضغط على التهم الأولية وتسميته رسمياً مشتبهاً به خلال تلك الجلسة.
وقال مصدران مطلعان على خطط سفره إن سلامة بقي في بيروت ولم يرد ولا محاميه في لبنان على الطلبات.
وكشفت مصادر مطّلعة أن مسار تبليغ سلامة جرى وفقاً لأصول المحاكمات المدنية وذلك عبر شرطة بيروت، وتحديداً عبر فصيلة ميناء الحصن. وقد توجّهت دورية تابعة لهذه الفصيلة بتاريخ ٨ أيار ٢٠٢٣ بقيادة الرائد سامر أبو شقرا، الى مصرف لبنان، حيث تعذّر التبليغ لعدم وجود الحاكم في المركزي. وعادت الدورية بتاريخ ٩ أيار ٢٠٢٣، وتوجّهت الى المصرف، حيث تعذّر التبليغ لأن الحاكم لم يحضر بسبب وجود احتجاجات.
وبتاريخ ١٠ ايار ٢٠٢٣، تعذّر التبليغ ايضاً، كون الحاكم كان منشغلاً خارج المصرف.
علماً أن الموفد القضائي هو من طلب التبليغ داخل مصرف لبنان، حيث يتخذ الحاكم محل اقامة وليس في منزله.مع الاشارة الى أن التبليغ مناط بالمباشرين القضائيين وبالضابطة العدلية، ولا دور للقضاء المشرف على التحقيق بذلك.
ولاحقاً، اعلن ان القاضية الفرنسية أود بوريزي أصدرت مذكرة توقيف دولية بحق رياض سلامة، بعد تغيبه عن جلسة استجوابه أمامها في باريس.
ومساء، اصدر سلامة بيانا ردا على قرار القاضية الفرنسية، قال فيه: ان قرار قاضية التحقيق الفرنسية السيدة أود بوروزي قرار يشكّل بإمتياز خرقاً لأبسط القوانين، كون حضرة القاضية لم تراعِ المهل القانونية المنصوص عليها في القانون الفرنسي بالرغم من تبلّغها وتيقّنها من ذلك، وبالتالي سأعمد إلى الطعن بهذا القرار الذي يشكّل مخالفة واضحة للقوانين.
اضاف: في تجاهلها الصارخ للقانون، تجاهلت أيضاً حضرة القاضية نفسها تطبيق إتفاقية الأمم المتحدة لعام 2003 والإجراءات المعترف بها دولياً التي تستند إليها هي بالذات في إطار المساعدة القضائية الدولية. فهل يعقل أنّ قاضياً يطبق الإتفاقيات الدولية بإّجاه واحد؟ (راجع ص6)
وتبلغ القضاء اللبناني مذكرة التوقيف الفرنسية، وارسل التبليغ لسلامة وفقاً للاصول على عنوان اقامته في المصرف المركزي.
وفي شأن قضائي متصل، حدد القاضي شربل ابو سمرا 18 ايار الجاري (غداً الخميس) جلسة لبت الدفوع الشكلية المقدمة من وكلاء سلامة بوجه الدولة اللبنانية، علماً ان بعض المصادر تتحدث عن ان القضاء يتجه الى رد الدفوع، وقبول تدخل الدولة اللبنانية في الدعوى المقامة ضد سلامة في لبنان.
وعلى خط اخر، تقدمت النائبة العامة التمييزية القاضية غادة عون بطعن أمام هيئة المجلس التأديبي الأعلى بقرار المجلس التأديبي صرفها من مهامها القضائية.
وفي اطار وظيفي، مددت الرئيسة الادارية لرابطة موظفي الادارة العامة الاضراب لغاية 26 الجاري، والحضور يوماً واحداً لمن يتمكن.
وحسب البيان فإن هذا الموقف جاء بعد اجتماع اللجنة التي شكلها الرئيس ميقاتي لاعادة النظر بالمرسومين رقم 11227 و11225 لجهة الغبن في الرواتب، وكانت النتيجة ان البحث تناول فقط البت ببدل النقل فقط.
الفيول العراقي: زيادة الحصة
الى ذلك، غرد وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: يسرني أن أعلن أنني تلقيت إتصالا من الصديق وزير العمل العراقي أحمد الأسدي شكرنا فيه على حسن الاستقبال والتعاون، وأبلغني أن مجلس الوزراء العراقي وافق على زيادة هبة الفيول العراقية إلى لبنان من مليون طن إلى مليون ونصف المليون طن.
وكلف مجلس الوزراء العراقي شركة «سومو» انجاز العقد الجديد، مع ابداء الشركة العراقية التزامها الكامل تجهيز العقد الجديد.