كتبت صحيفة “الديار”: الارباك سمة الساعات القليلة الماضية على الاصعدة كافة. في «اسرائيل» ارباك على الصعيدين الامني والسياسي، ومحاولة لفك «شيفرة» المناورة العسكرية للمقاومة في توقيتها وابعادها، التي سيشرحها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في اطلالته مساء الخميس المقبل في ذكرى التحرير.
وفي بيروت ارباك من نوع آخر، حول كيفية التعامل مع ازمة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة القضائية، انتهت بتبني نص في اللقاء التشاوري الوزاري الذي عقد بالامس في السراي الكبير، يشير بوضوح الى انه سيكمل ولايته حتى نهاية تموز دون ان تلوح في الافق اي مخارج لليوم التالي، الا اذا انتخب رئيس للجمهورية، او تراجع رئيس مجلس النواب نبيه بري عن موقفه الرافض لتولي نائبه وسيم منصوري مهامه حتى انتخاب رئيس للجمهورية، وهو امر يعمل عليه على «قدم وساق» رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي دعا الى جلسة حكومية في 26 الجاري للبحث في ملف موظفي القطاع العام، على ان تحدد لاحقا جلسة لدراسة ملف النزوح السوري.
اما رئاسيا، فالارباك واضح لدى المعارضة التي لا تملك «خطة باء»، بعد ما يعتبرونه تنصلا من قبل «التيار الوطني الحر» من تفاهم كان «قاب قوسين او ادنى» على مرشح مشترك ارادوه مرشحا لمواجهة مرشح «الثنائي»، وهو امر يرفضه تكتل «لبنان القوي» الذي يسعى وراء مرشح تسوية لا تصادم، والنتيجة عودة الى «نقطة الصفر» بانتظار خرق داخلي او اختراق لبعض الكتل، تجري بعده الدعوة لـ «بروفة»جلسة انتخاب، او خرق خارجي يمكن ان يترجم برفع منسوب الضغوط العربية والغربية لاتمام الاستحقاق.
الارباك الاسرائيلي
في هذا الوقت، ترجم الارباك الاسرائيلي حيال مناورة حزب الله العسكرية في تعليقات وسائل الاعلام، التي اشارت الى ان المخفي مقلق اكثر مما تم استعراضه. ولفتت الى ان ما يثير «الهلع» لدى الاجهزة الامنية العسكرية امران اساسيان: الصواريخ الدقيقة والمسيرة الايرانية «شاهد». ولفت عدد من المعلقين الامنيين الى ان حزب الله نجح في تثبيت المعادلات القائمة، واراد ان يثبت انه جيش منظم حتى لو لم يعرض الصواريخ الاستراتيجية التي تمنع «النوم» عن اجهزة الاستخبارات. اما الاستثنائي في المناورة فكان اظهار امكان اختراق الجدران واحتلال المستوطنات، اي ان الحزب حاضر لكل سيناريو.
ما خفي اعظم ؟
وفي هذا السياق، لفتت صحيفة «معاريف» الى ان طائرة «شاهد 136» الإيرانية تثير الرعب في «إسرائيل» لما تتمتع به من قدرات فائقة، وقدرة على ضرب مواقع حساسة واستراتيجية، في حال اندلعت مواجهة عسكرية. ولفتت الى ان هذه الطائرة التي يمتلك منها حزب الله اعدادا غير معروفة، هي أكثر أسلحة هجومية دقيقة على الإطلاق، من حيث الفعالية والتكلفة، وهي طائرة انتحارية قادرة على إصابة الأهداف بدقة.
طائرة الرعب
وأشارت الصحيفة إلى أنه بإمكان الطائرة الانتحارية الوصول إلى أهداف على بعد 2500 كيلومتر، ومزودة برأس حربي يبلغ وزنه 50 كيلوغراما، وسرعتها تقدر بـ 185 كم/ ساعة. ولفتت الصحيفة الى الفارق الهائل بالتكلفة بين منظومة العصا السحرية، التي سجلت أول اعتراضين تشغيليين الأسبوع الماضي خلال إطلاق الصواريخ على «تل أبيب» من غزة، وأعدت خصيصا للتعامل مع مثل هذه التهديدات، وبين تكلفة الطائرة، واشارة الى ان تكلفة الصاروخ الاعتراضي الواحد مليون دولار، ما يعني 17 ضعفا سعر كل طائرة بدون طيار. فهذه المسيرة الصغيرة التي تزن نحو 200 كيلوغرام، تشير تقديرات إلى أن قيمتها تتراوح ما بين 20 إلى 50 ألف دولار، وهي تعتبر رخيصة جدا.
دمار هائل
وعلى الرغم من القدرة على اعتراضها بوسائل الحرب الإلكترونية، فان سربا واحدا من هذه الطائرات يمكن أن يسبب أضرارا كبيرة للمواقع الاستراتيجية في «إسرائيل»، كما حدث في السعودية حين تم استهداف منشآت «أرامكو» النفطية، فهي تطلق على شكل أسراب، والتي تنجح في الوصول إلى أهدافها تسبب دمارا كبيراً، حيث تحمل في رأسها عشرات الكيلوغرامات من المتفجرات وتصيب الهدف المطلوب مباشرة. وبسبب صغر حجم الطائرة، ليس من السهل على أجهزة الرادار كشفها.
ماذا يريد حزب الله؟
وفي تقرير للقناة 13 قال مراسل الشؤون العربية حيزي سيمنطوف، انّ «حزب الله يريد أولاً التهديد، وأيضاً تمرير رسال مفادها أنّ حزب الله هو فعلياً جيش منظم مع قوات خاصة وسلاح، وعلى الرغم من هذا الأمر فإنّ التقدير هو أنّ الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله غير معني بحرب أو مواجهة واسعة مع إسرائيل حالياً».
الصواريخ الدقيقة.. والعبور
وخلص المعلق الى القول» إنّ السلاح الذي لم يعرض في المناورة الاستثنائية هذه، هو الصواريخ الدقيقة الخاصة بحزب الله، ولديه الكثير منها، وهذه هي المشكلة التي تزيل النوم من عيون المؤسسة الأمنية والعسكرية. وفي السياق نفسه، ذكرت القناة « 12 «، أنّ مناورة حزب الله أثارت الاهتمام في «إسرائيل في ضوء عقيدة توحيد الساحات التي يتحدث عنها نصر الله وإيران في الأشهر الأخيرة». كذلك لفتت القناة إلى أن تسمية المقاومة المناورة بـ «سنعبر» تعبر عن كل شيء، واستخدام الدراجات النارية من أجل عبور الحدود، حدث سابقاً في قرية الغجر..
سجالات داخلية
داخليا، وفيما اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إنّ المناورة العسكرية التي أجراها حزب الله مرفوضة تمامًا، واصفا ما حصل في الجنوب بالتصرف «الأرعن»، اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أنّ المناورة هي الأولى من نوعها في لبنان وقال إنّها «رسالة ثبات وجهوزية، والإسرائيلي يفهم معنى هذه المناورة، وبعض من انتقد هذه المناورة في الداخل «اتركوهن» عادة لا بدّ أن يتكلّموا ونحن مع حرية الرأي، «يحكوا لبدن ياه» ما دام هذا الكلام لن يقدّم ولن يؤخّر، وهم في الأساس لم يحموا المقاومة بل دائماً يرمونها».
ميقاتي «يناور»
من جهته، لم يجد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي غير «المناورة» سبيلا للتعليق على مناورة حزب الله، وهو اكد رفض الحكومة «أيّ مظهر يشكّل انتقاصاً من سلطة الدولة وسيادتها»، وذلك في معرض ردّه على استفسار المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونتيسكا حول المناورة ، إلا أنّه أكد أنّ «الإشكالية المتعلقة بموضوع سلاح حزب الله تحديداً ترتبط بواقع يحتاج إلى وفاق وطني شامل، وهو أمر يجب أن يكون من أولويات المرحلة المقبلة».
جمود رئاسي
في هذا الوقت، غاب الاستحقاق الرئاسي عن الاجندات الداخلية والخارجية، بعد «الصفعة» التي تلقتها المعارضة «المصدومة» من التراجع «الفظ» لـ «التيار الوطني الحر» عن شبه اتفاق، كانت توضع اللمسات الاخيرة عليه، لتظهير دعم موحد لمرشح رئاسي يمكن من خلاله اجهاض فرص رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية الرئاسية.
المعارضة مربكة
لا خطة «باء» عند هذه القوى التي عادت الى المربع الاول، ولا تملك اي خيارات سوى السلبية وسط مخاوف جدية، عبّرت عنها اوساط «قواتية» من مغبة صفقة يمكن ان يقوم بها رئيس «التيار الوطني الحر» في باريس ينال من خلالها حصة وازنة في العهد الجديد، مقابل تغطية جلسة انتخاب فرنجية بتأمين النصاب، واعطاء الحرية لنواب كتلته المنقسمين حول خياراته الرئاسية، وهو ما تنفيه مصادر «التيار» التي تؤكد انها لم تقم باي فعل خيانة، لان الامور لم تصل اصلا الى خواتيمها، والتفاوض مع المعارضة لم ينجح لاعتبارات كثيرة، اهمها الاصرار على تبني خطاب تحد لا يمكن ان يصل باي رئيس الى بعبدا، بل اكثر من ذلك، فان «معراب» اظهرت في مرحلة متقدمة من التفاوض، ان اختيار اسم الوزير السابق جهاد ازعور مجرد مناورة تخفي من ورائها مرشحا آخر لم تسمه؟!
هل يحصل «الاختراق»؟
وفيما يعول «معسكر» داعمي فرنجية على هذا الانقسام، لتعزيز حظوظ مرشحهم من خلال الحديث عن خطأ يرتكبه البعض في اجراءات عدّ الاصوات النيابية من خلال الاخذ بكل الكتل النيابية باعتبارها «بلوكا» واحدا، وذلك في اطار التلميح الى حصول العديد من الاختراقات المهمة في اكثر من كتلة، لا تزال مصادر في «الوطني الحر» تنفي وجود انقسامات داخل تكتل «لبنان القوي»، وهي تشير الى ان اي رهان على ذلك ليس في مكانه، وهي تؤكد ان الاتصالات التي يقوم بها النائب جبران باسيل في باريس تدور في سياق تثبيت مواقف التيار والدفاع عنه، وهو يحاول تحقيق اختراق في الموقف الفرنسي لا العكس.
جنبلاط «مستاء»
وامام هذه التعقيدات، رجحت مصادر مطلعة الا يحصل اي تطور نوعي على خط الاستحقاق الرئاسي قبل 15 حزيران المقبل، الا اذا نجح «الثنائي الشيعي» في الحصول على «بوانتاج» مريح، يمكن ان يستكمل بانعطافة من رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي منح الاطراف المسيحية مهلة اكثر من كافية للتفاهم دون جدوى، وهو يشعر بالاستياء والاحباط مما آلت اليه الامور حتى الآن.
الرد على سلبية المعارضة؟
واذا حصل على «ضوء اخضر» سعودي صريح وواضح تحت مظلة قرارات قمة جدة، التي دعت الى الاسراع في انتخاب رئيس، فهو قد يجد المبرر الاخلاقي والسياسي للقيام بنقلة حاسمة فوق «رقعة الشطرنج» الرئاسية، لانه لن يستطيع الدفاع الى ما لا نهاية عن موقف المعارضة، وتغطية موقفها السلبي، كونها لا تملك الا سلاح التعطيل «والعداء» لفرنجية دون ان تتكمن في المقابل من الاتفاق على مرشح.
تقاسم «المغانم»
من جهته، اكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إنّ من يعيق انتخاب الرئيس هو اختلاف بعض الكتل على تقاسم المغانم، وهم لا يستطيعون الوصول إلى أسماء يمكن أن تكون مطروحة.
قضية سلامة
في هذا الوقت، حضر ملف الادعاء الفرنسي على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وطلب توقيفه من جانب «الإنتربول»، في اللقاء التشاوري الوزاري الذي دعا اليه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وترجم المأزق المتمثل بعدم القدرة على اقالته أو تعيين بديل له، ما دام لم تتم ادانته بحكم قضائي مبرم، وتركه يكمل ولايته التي تنتهي مع نهاية شهر تموزالمقبل. ووفقا لمصدر وزاري، تمّ البحث باستفاضة في مذكرة «الإنتربول» ضد سلامة، وجرى الاتفاق على حماية مؤسسات الدولة والالتزام بما يقرره القضاء اللبناني.
نقاشات وتسوية
وبعد نقاشات حادة وانقسام بين الوزراء حول من ايّد طرح تنحية سلامة، وآخر يؤيد بقاءه في منصبه لحين صدور قرار قضائي، تم الاتفاق على اصدار توصية بشأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تشير الى انه بنتيجة التشاور، رأى المجتمعون وجوب اعطاء الاولوية لكل ما من شأنه حماية مؤسسات الدولة الرسمية وفي طليعتها مصرف لبنان، والالتزام المطلق بما سيقرره القضاء اللبنانية في هذا الشأن، مهيبين بالجميع التحلي بالمسؤولية وتغليب المصلحة العامة للدولة وحماية مؤسساتها على المصلحة الشخصية. وجاءت هذه التسوية بعد مداخلة لميقاتي اكد فيها ان لا بديل حتى الآن لسلامة، ولا يجب ان نهدد استقرار المصرف المركزي كمؤسسة، وعلينا ان نتجاوز المصالح الشخصية وتقديم المصلحة العامة.
جلسة تحقيق غدا
وقبل الاجتماع، استدعى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات حاكم مصرف لبنان إلى جلسة تحقيق يعقدها الأربعاء المقبل، لتنفيذ النشرة الحمراء الصادرة عن «الإنتربول» الدولي، استجابة لمذكرة التوقيف الغيابية التي أصدرتها ضده القاضية الفرنسية أود بوريزي. وقد تم ابلاغ سلامة شخصياً قرار استدعائه، وتعهّد بالمثول أمام النيابة العامة التمييزية والإدلاء بإفادته، وعلى أثر الاستماع إلى سلامة سيتخذ عويدات القرار المناسب، ويرجّح تركه رهن التحقيق ومنعه من السفر ومصادرة جوازي سفره اللبناني والفرنسي.
سلامة لن يسلم لفرنسا
وسيقوم النائب العام التمييزي بمراسلة القضاء الفرنسي لابلاغه بتنفيذ النشرة الحمراء، وسيطلب منه تسليمه ملف الاسترداد، وعند تسلم هذا الملفّ سيخضع للدرس، وبعد ذلك يضع عويدات مطالعة قانونية يرفعها إلى وزير العدل، الذي عليه أن يقرر قبول طلب التسليم أو رفضه. وترجح مصادر قضائية عدم حصول ذلك لانه لا معاهدة مبرمة بين باريس وبيروت لتسليم المتهمين، ولا يسمح القانون اللبناني بتسليم مواطنيه إلى بلد آخر، لأن صلاحية المحاكمة تعود للقضاء الوطني، حتى لو ارتكب الجرم في البلد الطالب استرداده يعود اختصاص الملاحقة للقضاء اللبناني، حيث سيصار إلى ضمّ الملف الفرنسي إلى الملفّ اللبناني، لأن النيابة العامة في بيروت، ادعت على سلامة وشقيقه ومساعدته، بالجرائم نفسها التي يلاحقون بموجبها أمام القضاء الفرنسي.
في غضون ذلك، باشر قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، إجراءات تبليغ رجا سلامة ومساعدة الحاكم ماريان الحويك، مذكرات استدعائهما إلى باريس للمثول أمام القاضية بوريزي، التي حددت 31 أيار الجاري موعداً لاستجواب رجا، و13 حزيران المقبل، موعداً لاستجواب مريان، بالملفّ نفسه الذي يلاحق فيه حاكم مصرف لبنان.
تعليق اميركي «مبهم»
وفي اول تعليق اميركي على القضية، ردّ منسّق الاتصالات الاستراتيجيّة في مجلس الأمن القوميّ الأميركيّ جون كيربي، بشكل «مبهم» على سؤالٍ حول عدم دعم الموقف الفرنسيّ بمذكّرة توقيف حاكم المركزيّ رياض سلامة، وتحميله مسؤولية الفساد في لبنان، قائلاً: «لا شكّ في أننا ندعم محاربة الفساد في مختلف أنحاء العالم، ونعمل على تحميل المتهمين المسؤولية، لكن في هذا الملفّ، يجب طرح هذا السؤال على السّلطات الفرنسيّة علّها تُقدّم الجواب.
لا تداعيات على المصارف
وفي سياق متصل، نفت مصادر مصرفية، إقدام بنك أوروبي كبير على إبلاغ مصارف لبنانية بتعذّر الاستمرار في مهمة البنك المراسل لها، وبإمكان انسحاب الإجراء عينه على المصارف المحلية التي يتعامل معها. واشارت الى أن الموضوع لا يعدو كونه توقف البنك الأوروبي عن التعامل مع ثلاثة مصارف لبنانية لأسباب ربحيّة فقط، ولا علاقة له إطلاقاً بالتطورات السياسية أو القضائية المستجدة!