كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: تفرمل التطوّر السريع الذي طرأ على الملف الرئاسي في الأسبوعين الماضيين، وبدا المشهد بعيداً جداً عن تحقيق خرق فعلي قريب بالأمد المنظور، فالمفاوضات المنعقدة بين “القوات اللبنانية” والتيار “الوطني الحر” وصلت إلى أفق مسدود مع إعلان العونيين صراحة عدم تأييدهم خيارات تستفز “حزب الله” أو لا يُوافق عليها الأخير، في ظل ممانعة المعارضة لهذه الاتفاقات.
في هذا السياق، فإن رئيس “التيار” جبران باسيل عاد من زيارة الفاتكيان وفرنسا، حيث عرض الملف الرئاسي بشكل مسهب، وتقول مصادر العونيين إن التفاوض مع المعارضة لم ينتهِ، لكن ما من اتفاق فعلي حتى اللحظة، ولا عودة عن طرح جهاد أزعور، إلّا أن الأخير يريد أن يكون مرشحاً توافقياً لا مرشّح تحدّي للمعارضة، ولهذا السبب لم نتفق مع “القوات” على ترشيحه.
إلى ذلك، استقبل اللبنانيون خبرين اقتصاديين يوم أمس، الأول إيجابي تحدّث عن عودة العلاقات التجارية بين لبنان والخليج، وبشكل خاص السعودية، ما يفتح الباب أمام انتعاش اقتصادي نسبي مع دخول العملات الصعبة إلى سوقه، أما الخبر الثاني، فكان سلبياً مع ترجيح وضع لبنان على “القائمة الرمادية” للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة شرح عبر “الأنباء” معنى وضع لبنان على القائمة الرمادية المذكور سلفاً، ولفت إلى أن “الاقتصاد المحلي بات نقدياً منذ العام 2019، ما عزّز من خطر غسيل الأموال، لأن العمليات المالية باتت نقدية بأكملها، والمجتمع الدولي يقلق من إمكانية غسل المال عن طريق استيراد بضائع من الخارج من خلال مال غير نظيف يودع بالمصارف، فيُصبح هذا المال نظيفاً عند تحويله لمنتجات“.
وعن التداعيات المباشرة لهذا التصنيف، أشار عجّاقة إلى أن “لبنان سيواجه تعقيدات لجهة الاستيراد، فالعمليات ستأخذ وقتاً إضافياً بسبب التحقيقات التي ستحصل للتأكّد من مصادر الأموال، واللبنانيين سيواجهون تعقيدات عند تحويل الأموال إلى الخارج للسبب نفسه، والمصارف المراسلة في الخارج قد تمتنع عن التعامل مع لبنان في حال وجدت خطراً على نفسها“.
أما وبالنسبة للخطوات المطلوبة من لبنان لمعالجة الأزمة، قال عجّاقة: “إن لبنان سبق ووضع على هذه القائمة في التسعينات، وتم إقرار القوانين اللازمة لمحاربة تبييض الأموال، وهذه التشريعات موجودة لكن المشكلة تكمن في التطبيق، وبالتالي، لا قوانين جديدة لإقرارها، بل خطوات عملانية تبدأ بهيكلة القطاع المصرفي ومحاربة الاقتصاد النقدي“.
وحذّر عجّاقة من عدم معالجة الملف وتفاقمه، ولفت إلى أن القائمة السوداء هي التصنيف المقبل بعد القائمة الرمادية، وفي ذلك الحين، يُصبح لبنان معزولاً مالياً بشكل تام عن العالم بأسره.
بقدر ما التصنيف سيكون خطوةً اقتصادية مالية خطيرة على لبنان، بقدر ما هي محفز إضافي للمسؤولين للتوجّه بشكل سريع إلى الحلول الحتمية التي سيدركونها بعد وقت، وهي الحوار وتقريب وجهات النظر لانتاج تسوية سياسية شاملة.