كتبت “النهار” تقول: على رغم الجمود الظاهر الذي طبع المشهد السياسي الداخلي والذي تتنامى في ظله معالم “الضرب في الرمل” أو “التبصير” حيال الموعد الافتراضي لمنتصف حزيران كمحطة فاصلة في مسار الأزمة الرئاسية، يبدو أنّ الأيام القليلة المقبلة قد تكون مقبلة فعلاً على تحريك مهم متجدّد في مسار السعي إلى بلورة تفاهم على مرشح يحظى بدعم قوى المعارضة و”التيار الوطني الحر”. ذلك أنّ معطيات توافرت لـ”النهار” تفيد بأنّ التواصل والتشاور استؤنف بزخم بين كل من “التيار الوطني الحر” و”القوات ال#لبنانية” والكتائب وتلاه نواب من القوى الثلاث وبدت مناخات هذا التحرك كأنها تقترب في الأيام القليلة المقبلة من تفاهم ما على تبني مرشح تجمع عليه ويرجح أن يكون جهاد أزعور تحديداً. وتخالف هذه المعطيات ما سبق للنائب آلان عون أن أعلنه تكراراً من طي صفحة ترشيح أزعور بحيث برز وراء ذلك حالة تمايز داخل “التيار الوطني الحر” يتولاها بعض النواب خلافاً لاتجاهات رئيس التيار النائب جبران باسيل ولكن توصل القوى المعارضة والتيار إلى تفاهم وشيك سيكون له وقع قوي ومؤثر ما لم تحصل تطورات مفاجئة مجدداً تجمّد أو تؤخر أو تعرقل هذا التطور.
في غضون ذلك، شغل إعلان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط استقالته من رئاسة الحزب، وكذلك مجلس القيادة الحالي الأوساط السياسية عموماً، وأثارت تساؤلات واسعة عما إذا كانت الخطوة تمهيداً لانتخاب النائب تيمور جنبلاط على رأس الحزب كما يرجّح، أم أنّ جنبلاط الأب ينوي “التقاعد” السياسي. ولكن اتضح وفق المعطيات الموثوقة أنّ الأمر يحصل التزاماً بأحكام دستور الحزب ونظامه الداخلي إذ دعا جنبلاط إلى مؤتمر عام انتخابي في 25 حزيران 2023، وكلّف أمانة السر العامة إتمام التحضيرات اللازمة وفق الأصول وبحسب الآليات المعتمدة، وإصدار التعاميم ذات الصلة بمواعيد قبول طلبات الترشيح ومهلة الانسحاب وكافة الشروط المتعلقة بالعملية الانتخابية وإعداد لوائح أعضاء المؤتمر العام وتوجيه الدعوات إليهم. ولن تؤدي الانتخابات أياً يكن رئيس الحزب إلى انسحاب وليد جنبلاط من العمل السياسي والوطني بمواكبة الحزب و”اللقاء الديموقراطي”.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لعقد جلسة لمجلس الوزراء عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الجمعة في السرايا الحكومية على جدول أعمالها 72 بنداً.
وحمل رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بعنف عبر “تويتر” على رئيس الحكومة لعقد هذه الجلسة كما انتقد مرجعيات روحية وسياسية عنها، وقال: “يحصل ما حذّرنا منه مراراً منذ شهور عدّة: رئيس حكومة تصريف الأعمال المنقوصة الشرعية والدستورية والميثاقية يدعو، ومن وراءه، باسم القوة القاهرة ومصلحة الدولة العليا، لعقد مجلس وزراء للبحث في مواضيع ضرورية ومستعجلة وطارئة من 72 بنداً، من بينها مراسيم عقود بالتراضي وفتح اعتمادات عادية وتعيين مجلس إدارة الهيئة الناظمة لزراعة نبتة الحشيشة. استفزاز ما بعده استفزاز وضرب للميثاقية والشراكة والدستور. الأسوأ أنّ الأمر يحصل بسكوت من مرجعيات روحية وسياسية تدّعي الحرص على موقع الرئاسة وتدعو للإسراع بانتخاب الرئيس. من كان مستعجلاً فعلاً لانتخاب الرئيس لا يسكت عن هكذا جلسات يتعمد الداعون إليها الاستمرار بسياسة تغييب الموقع حتّى يتسنى لهم ملؤه بمن يريدون أو يفرضون. الموضوع برسم كلّ الوزراء الميثاقيين في الحكومة وبرسم من يرفض تشريع الضرورة بسبب عدم جواز التشريع من مجلس نيابي شرعي بغياب الرئيس. فهل تجوز هكذا جلسات وهكذا قرارات وهكذا مراسيم بغياب الرئيس؟”.
نصرالله
ولم يغب الاستحقاق الرئاسي عن الكلمة التي ألقاها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء أمس في ذكرى “التحرير والمقاومة”، إذ قال: “لسنا في قطيعة مع أحد حول الملف الرئاسي، ونقول دائماً تعالوا لنتناقش من دون شروط مسبقة”، ورأى أنّ “لا مجال أمام اللبنانيين سوى العودة إلى الحوار وفي الأيام المقبلة قد يكون هناك المزيد من التفاؤل في ملف رئاسة الجمهورية”.
وعن ملف حاكمية مصرف لبنان، قال: “إما أن يتنحى الحاكم أو أن يتحمّل القضاء مسؤوليته بأننا في ظل حكومة تصريف أعمال لا تملك صلاحية التعيين والعزل دستورياً وأنه المطلوب التفاهم على الوضع البديل”.
وفي كلامه عن ذكرى التحرير، قال: “اليوم لا إسرائيل كبرى من النيل إلى الفرات ولا إسرائيل عظمى هذه انتهت في الـ2006، مع لبنان و2008 مع غزة. صراعنا يمتدّ بين 17 أيار الذي يعني الخيارات الخاطئة و15 أيار أيّ يوم النكبة إلى 25 أيار تاريخ الخيارات الصحيحة. ما يحصل داخل الكيان الصهيوني له تأثير على أمن لبنان وسلامته”.
وردّاً على تهديدات نتنياهو، قال: “لستم أنتم من تهدّدون بالحرب الكبرى وإنّما نحن الذين نهدّدكم بها. الانقسام الداخلي الذي تشهده إسرائيل اليوم يقابله تماسك وثبات في محور المقاومة. إسرائيل تختبىء اليوم خلف الجدران والنيران وباتت تعجز عن فرض شروطها في أي مفاوضات مع الشعب الفلسطيني”. واعتبر نصرالله أنّ: “أيّ حرب كبرى ستشمل كلّ الحدود وستضيق مساحاتها وميادينها بمئات آلاف المقاتلين”.