دولة الاحتلال الاسرائيلي تناور بحرا وجوا وبرا، وتتوجس من اتفاق نووي مرحلي بين الغرب وايران بواسطة سلطة عمان. تجري مناورة ضخمة، وهي تخشى حزب الله، وتهاب الدخول في مواجهة عسكرية قد تكون مكلفة، فيما المقاومة على استنفارها ويقظتها تحسبا لاي “دعسة ناقصة” او خطأ في الحسابات.
في الداخل، انفجرت “القلوب المليانة” بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس تكتل “لبنان القوي” جبران باسيل من “بوابة” وزير العدل هنري الخوري. رئاسيا “الحركة بلا بركة”، لان كل ما يحصل لن ينتج تسوية تملأ الشغور المستمر منذ قرابة السبعة اشهر. فزيارة البطريرك بشارة الراعي الى باريس وقبلها الفاتيكان، لن تغير من الموازين الداخلية او تحدث خرقا خارجيا، يبدو انه غير متاح حتى الآن.
وفي الانتظار، ساعات قليلة ويسدل الستار على الفصل الاخير من قصة التفاوض الرئاسي بين “التيار الوطني الحر” وقوى المعارضة، واذا تم تجاوز “شياطين” التفاصيل، وتم الاعلان عن الاتفاق على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور للرئاسة، فهذا لا يعني اننا امام انفراج رئاسي، بل على العكس من ذلك، فالاستحقاق الرئاسي يعود الى “نقطة الصفر” مجددا، لان الامور مقفلة ولن يصل اي من المرشحين الى بعبدا.
“رسالة” الى المعارضة؟
وفيما بدأ البطريرك الماروني الكارينال بشارة الراعي زيارة الى الفاتيكان، حيث التقى امين سر حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، قبل الانتقال الى باريس للقاء الرئيس ايمانويل ماكرون، حاملا معه اليوم اسم مرشح المعارضة المفترض، زار السفير السعودي لدى لبنان الوليد البخاري، وكذلك السفير المصري ياسر العلوي، قائد الجيش العماد جوزيف عون في اليرزة. وفيما اكدت مصادر مطلعة ان توقيت الزيارة السعودية لها علاقة بدعم المملكة للجيش اللبناني دون اي خلفيات رئاسية، وجاء توقيتها عقب مناورة حزب الله الاسبوع الماضي، اشارت مصادر اخرى ان الزيارة “رسالة” الى المعارضة، وليست الى “الثنائي الشيعي”، وهي تحمل معنى واضحا يفيد ان “مرشحنا اذا كنتم تريدون ان تتوحدوا هو قائد الجيش وليس احد غيره! مع العلم، ان الموضوع اثير سعوديا مع “القوات اللبنانية” التي سبقت وشرحت موقفها بانها لا مشكلة لديها مع عون، لكن ثمة مشكلة لدى “التيار”، ولا يمكن تجاوزها راهنا، ولهذا فان ترشيح ازعور “للمناورة”، ومجرد حرق لترشيح فرنجية!.
الارقام لا “تكذب”
ووفقا لمصادر سياسية مطلعة على ما يدور في “الكواليس”، فان الامر لا يحتاج الى الكثير من الشرح، فكلا المعسكرين لن يكون قادرا على ايصال مرشحهما الى بعبدا، فهما لا يملكان الـ 86 ولا الـ 65 صوتا، وهذا يعني حكما ان حالة الاستعصاء مستمرة الى “اجل غيرمسمى” مع حرق المزيد من الاسماء، فيما وحده رئيس تكتل “لبنان القوي” جبران باسيل يغامر”بحرق” مراكبه نهائيا مع حزب الله، دون ان يحقق اي مكسب على الضفة الاخرى التي تجاهر قواها بانعدام الثقة به!؟
“بوانتاج” الاصوات
وهذه النظرية يدعمها “بوانتاج” الاصوات، فرنجية من دعم 45 نائباً هم عملياً نواب حزب الله و”ام” لـ (27)، إضافة لنائبين علويين، و9 نواب سُنة مقربين من “الثنائي الشيعي” والنواب المسيحيين الـ 4 في التكتل “الوطني المستقل” و3 نواب أرمن، واذا انضم عدد من النواب المستقلين إليهم ليرتفع العدد إلى نحو 50 صوتا. من جهة اخرى، ينطلق أزعور من دعم نواب “الجمهورية القوية” الـ 19 ونواب “الكتائب” الـ4، إضافة لنواب “التيار الوطني الحر” الـ 16. كذلك سيصوت لأزعور عدد من النواب المستقلين ونواب “التغيير”، ما يرجح تخطيه وصوله الى عتبة الـ50 نائباً.
لكن تبقى العقدة الاسياسية اشتراط الحزب “التقدمي الاشتراكي” ونواب كتلة “الاعتدال الوطني” أن يكون أي مرشح يصوتون له هو مرشح توافقي لا مرشح مواجهة. والا فانهم سيصوتون “بورقة بيضاء”.
تباينات “التيار”
من جهتها، لا تخفي مصادر “التيار الوطني الحر” وجود تباينات داخل تكتل “لبنان القوي” حول الملف الرئاسي، لكنها اكدت ان الموقف لم يطرح بعد للنقاش على “طاولة” الكتلة التي تعقد جلستها الاسبوعية اليوم. لكن من الواضح ان اي تفاهمات محتملة للمرحلة المقبلة لم ولن تحصل، فلا “سلة” تفاهمات على المشروع الانقاذي، والحكومة، وحاكم مصرف لبنان، وغيرها من الامور الاساسية، وكل ما سيحصل مجرد تفاهم على التقاطع على اسم مرشح يخلق “فيتو” يجبر “الثنائي” على التفاوض على خيار ثالث.
ازعور مرشح “تحدي”؟
وفي انتظار حسم “التيار الوطني الحر” خياراته واعلانه رسميا السير بأزعور، أعلن عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم أنه في الأيام المقبلة سيصدر الكلام الرسمي بشأن الملف الرئاسي، نافيا اعلان الوزير السابق جهاد أزعور انه لا يريد أن يكون مرشّح تحد بوجه رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية .. وفي هذا الاطار، اعلن النائب غسان سكاف التواصل مع كل الافرقاء من ضفتي المجلس وقال:”وصلنا الى شبه اتفاق سيعلن اليوم او غدا عن مرشح للمعارضة”. واضاف “سنطلب بعد ان تصدر بيانات التأييد للمرشح الذي اصبح معروفا وهو جهاد ازعور، ان يفتح مجلس النواب للانتخابات الرئاسية”.
معايير حزب الله رئاسيا
من جهته، غرّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه على “تويتر”، قائلا: “منذ البداية انطلق ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجيه من عدد وازن وهو إلى زيادة. ويحاول المعترضون على البرامج والسياسات الاتفاق لمواجهة فرنجية، وبالكاد يجتمعون على واحد من لائحة فيها ستة عشر مرشحاً. معيار الرئيس المسيحي الوطني الجامع أفضل للبنان من رئيسٍ للمواجهة بخلفية طائفية. حرِّروا انتخاب الرئيس من لعبة المصالح الضيِّقة، وتعالوا ننتخب رئيساً حُرَّاَ ينقذُ البلد ولا يكون أسيرَ من انتخبه”.
الجميل يرد
في المقابل، رد رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميّل على تغريدة الشيخ قاسم، وقال عبر تويتر:” يعني إما التوافق على مرشح التحدي الخاص بكم، وإما الرضوخ الدائم لإملاءاتكم!؟ لم يعد في قاموسكم إمكانية لخيارات أخرى غير خياراتكم المدمرة!؟ تخبطكم يجعل منطقكم مضحكًا مبكيًا”.
نكد سياسي
من جهته، رأى المكتب السياسي لحركة “امل” انه “في الوقت الذي يبدي الحرصاء على مصلحة لبنان العليا، تقوم الأطراف الأخرى التي لا يجمعها جامع لتضارب مصالحها وتنازع مشاريعها بعملية التقاء قسري، ليس له من غاية إلا التنكيد السياسي والإمعان في ضرب فرص إنقاذ البلد وممارسة لعبة الهواة في تسميات ليست جادة، ويعملون واحدا تلو الآخر على اللعب بمرشحين مفترضين، ليس من أجل تأمين فرص وصولهم إلى سدة الرئاسة، بل من أجل تعطيل المرشح الجدي الوحيد حتى تاريخه.
“كباش” حكومي
في هذا الوقت، انفجر الخلاف السياسي بين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، من “بوابة” قرار وزير العدل هنري الخوري، تعيين محاميين فرنسيين بموجب اتفاق بالتراضي، لتمثيل الدولة اللبنانية أمام القضاء الفرنسي في قضية الحجز على أملاك عائدة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وشريكته الأوكرانية آنا كوزاكوفا..
وفيما يعقد الخوري مؤتمرا صحافيا اليوم، لفضح ما اسماه معرقلي حصول لبنان على حقوقه المالية، وجّه الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية كتابًا إلى وزير العدل، بناءً على طلب ميقاتي، دعاه فيه إلى حضور جلسة عاجلة وطارئة للحكومة عند الساعة التاسعة من صباح يوم غد، على جدول أعمالها بند وحيد يتعلق باتفاق التراضي، وذلك للبحث والنقاش مع الوزراء حول هذه المسألة ليقرر مجلس الوزراء في ضوء النقاشات ما يراه مناسباً.
احراج وزير العدل
وتأتي خطوة دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، وتوجيه كتاب خطّي إلى وزير العدل، في محاولة لإحراج الأخير وتحميله مسؤولية تطيير الجلسة، فالوزراء كانوا سيطلبون من الخوري توضيحات حول تكليف المحاميين الفرنسيين، في ظلّ معلومات تفيد بأن أحدهما إيمانويل داوود لديه ارتباطات بمنظمة صهيونية.
ووفقا للمعلومات، فان استياء ميقاتي سببه تفرّد وزير العدل بقرار تعيين المحاميين إيمانويل داوود وباسكال بوفيه، وعدم سلوك القنوات القانونية التي تُعتمد في هكذا حالات، والتي تبدأ باقتراح المدير العام لوزارة العدل القاضي محمد المصري أسماء المحامين ونيل موافقة الوزير، قبل أن ينتقل الملفّ إلى مجلس الوزراء لإصدار مرسوم التعيين، مشيرة إلى أن التواصل بين وزير العدل والمدير العام للوزارة القاضي محمد المصري مقطوع نهائياً منذ أسابيع، وأن الوزير قلّص صلاحيات المدير العام إلى أقصى الحدود.. ؟!
تطيير الجلسة
من جهتها اوضحت مصادر مطلعة ان الوزير لن يحضر جلسة الاربعاء، وهو ارسل كتاباً إلى رئاسة الحكومة يتضمّن السيرة الذاتية للمحاميين تبدد الشكوك القائمة حولهما، ويؤدي غياب وزير العدل عن جلسة مجلس الوزراء حتماً إلى تطييرها، لأن الوزراء يريدون الاستماع إلى توضيحات وزير العدل، والتالي عدم تعيين المحاميين، إلّا أن الخوري تمسّك بقرار المقاطعة. وتحمّل مصادر ميقاتي وزير العدل مسؤولية إفشال الجلسة، وتطيير قرار تعيين المحاميين الذي يتطلّب موافقة مجلس الوزراء.
مناورة عسكرية
في غضون ذلك، وفي ظل “صمت” مطبق من قبل اطراف لبنانية انتقدت مناورة حزب الله الاسبوع الماضي، بدأت قوات الاحتلال الاسرائيلي امس مناورات واسعة على مستوى كل وحدات الجيش وتخصصاته في الجو والبر والبحر، تستمر حوالي أسبوعين، حيث لوحظ حركة للطيران الحربي ، وتم تحويل مسارات الطيران المدني في سماء فلسطين المحتلة، وإغلاقها أمام تحليق الطيارين الهواة. ووفقا لمصادر مطلعة، فان المقاومة على طول الحدود الجنوبية في وضعية “اليقظة” التامة، وهي تحافظ على القدر المطلوب من الجهوزية لمواجهة اي مغامرة “اسرائيلية” محتملة.
وتاتي هذه المناورة على وقع التحذيرات والتهديدات التي أطلقها كبار مسؤولي جهاز الأمن في مؤتمر هرتسيليا الذي انعقد الأسبوع الماضي حول التخوف من مواجهة بل وحرب شاملة مع إيران وحزب الله.
“لعبة اطفال”؟
وفي هذا السياق، لفتت صحيفة “اسرائيل اليوم” الى ان حرباً مع حزب الله ليست لعبة أطفال، ولا يمكن الانتصار في المعركة من خلال اطلاق التصريحات والتهديدات، فإذا وجدت “إسرائيل” نفسها مرة أخرى مع اصحاب قرار مترددين لا يعرفون كيف يحددون هدفاً وغاية للمعركة، وإذا لم تعد الجبهة الداخلية كما ينبغي لمواجهة قوة الحزب التي تتعاظم قدراته، فلن نكون قد فعلنا شيئا. والأهم من كل شيء، يجدر بنا أن نتخلى منذ البداية عن جولة مواجهة كل غايتها تمديد الزمن حتى جولة المواجهة التالية بعدها. او العودة الى قاعدة ارساها رئيس الحكومة الاسبق مناحم بيغن في حينه حين قال” النصر الأكبر الذي يمكن تحقيقه في الحرب – هو منعها”!.
هواجس “اسرائيلية”
وتاتي هذه المناورات على خلفية القلق “الاسرائيلي” من نتائج زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد إلى طهران، والتي تنتهي اليوم حيث تحدثت وسائل إعلام “إسرائيلية”، عن وجود تبادل رسائل بين الأميركيين والإيرانيين عبر مسقط، لانضاج اتفاق نووي مرحلي بين إيران والغرب يبقي بحوزة إيران قدراتها النووية ويثبت الإنتاج الحالي، في المقابل ترفع الولايات المتحدة جزءاً من العقوبات، وعملياً تمكن إيران من الازدهار الاقتصادي مرة أخرى. وعلى الرغم من وجود خلافات في الإدارة الأميركية بخصوص هذا الاحتمال، فانه”حيّ ويتنفس”، بحسب “الاسرائيليين”، الأمر الذي يثير الكثير من المخاوف داخل القيادتين العسكرية والسياسية، خصوصا ان الاقتراح الذي تمّت مناقشته، يقترح تجميد إيران بعض أنشطتها النووية، ووقف تخصيب اليورانيوم عند 60 بالمئة.
3 ساعات كهرباء اضافية؟
كهربائيا، أعلن وزير الطاقة وليد فياض، أنّ ساعات التغذية بالتيار الكهربائي سترتفع عند وصول الكميات الإضافية من الفيول العراقي التي نبادلها بالغاز أويل. وأكد بعد لقائه ميقاتي في السرايا، العمل لزيادة الكمية من 80 ألف طن شهري إلى 160 ألف طن بالنسبة لأشهر تموز وآب وأيلول، ما يؤدّي إلى مضاعفة ساعات التغذية، إضافة إلى الكهرباء المؤمّنة بواسطة شراء الفيول عبر مصرف لبنان ضمن آلية سلفة الخزينة، ما يؤدّي إلى زيادة 3 ساعات إضافية أيضاً من الكهرباء، ولكن علينا انتظار كمية الفيول من العراق.
الانتخابات البلدية؟
في غضون ذلك، يفترض ان يصدر المجلس الدستوري قراره في الطعون المقدمة في قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، بعدما أنهى وضع اللمسات الأخيرة على قراره في الجلسات المتتالية التي عقدها، حسبما أكد رئيس المجلس القاضي طنوس مشلب بعد جلسة عقدها امس، وأنجز فيها بعض النقاط القانونية المثارة. وقال مشلب “لم نُنهِ المناقشات اليوم ونحن متفقون على كل النقاط، إن أنهينا نصدر القرار الثلاثاء او الاربعاء لكن قبل 31 من الجاري.
الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: «حركة بلا بركة» رئاسياً وحرق الأسماء مُستمرّ… البخاري في «اليرزة» رسالة الى مَن؟ «الكباش» بين ميقاتي وباسيل ينفجر حكومياً… والدولة مُهدّدة بخسارة أموالها! مُنــــاورة «إسرائيليّة» براً وبحراً وجواً… والمقاومة جاهزة لمواجهة الحسابات الخاطئة