كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: بانتظار وصول الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، غداً الأربعاء، تبقى المواقف السياسية على حالها في مسألة إنهاء الشغور الرئاسي، فكل طرف مازال متمسكاً بمرشحه وليس هناك من حل وسط يعيد تحريك هذا الملف، فيما يترقب البعض ما قد يحمله لودريان من أفكار جديدة تساعد على دفع الفرقاء اللبنانيين باتجاه إيجاد المخارج المطلوبة، ما قد يؤدي الى خرق ما في جدار الأزمة وسط تشديد دولي وإقليمي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت.
في هذا السياق، اعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن “زيارة لودريان الى لبنان تأتي تكملةً أو امتداداً للإهتمام الفرنسي بلبنان، وهو بدايةً يريد أن يطلع على كافة المواضيع من كل الفرقاء لتكوين فكرة أوضح بالنسبة لانتخاب رئيس جمهورية، ووفق ما يجمعه من معلومات في هذا الصدد سيقدم تقريره للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون”، مستبعداً أن “يحمل معه لودريان في هذه الزيارة أموراً عملية لحل سريع، لأن زيارته الأولى استطلاعية وما قد يجمعه من أفكار ومعلومات سيتولى دراسته مع ماكرون لاتخاذ القرار المناسب بشأنه”.
مصادر تكتل لبنان القوي رحبت عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية “بكل مساعدة خارجية تبدد الهواجس، فهي محل تقدير وترحيب، لكن في نهاية الأمر هناك ثابتة تؤكد أن اللبنانيين يعرفون مصلحة بلدهم أكثر من غيرهم، لأن الحلول المعلّبة وحلول الفرض على طريقة معادلة سليمان فرنجية ونواف سلام اصطدمت برفض نيابي عريض”، معتبرة في الوقت نفسه أن “لودريان رجل متمرس بالشأن اللبناني والشرق الأوسط أكثر من غيره”.
على خط آخر، أشارت مصادر “لبنان القوي” الى أن مشاركة التكتل في الجلسة التشريعية أمس “جاءت انسجاماً مع موقفهم من حضور جلسات تشريع الضرورة، إذ هم شاركوا منذ شهرين بجلسة اقرار قانون الشراء العام والتمديد للبلديات، ومشاركتهم أدت الى إقرار 77 قانوناً”، داعية الفريق المعارض الذي يتقاطع التيار معه في الانتخابات الرئاسية أن “يكون لديه الموقف نفسه ضد ما أسمته المجازر التي ترتكبها الحكومة”.
في هذه الأثناء، كانت الجلسة التشريعية تنزع فتيلاً تفجيرياً يتمثل بإقرار القانون المتعلق برواتب موظفي القطاع العام وفتح الاعتمادات اللازمة لصرفها. وأوضح الخبير المالي والاقتصادي أنطوان فرح في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أنه “بصرف النظر عن النقاش السياسي الذي سبق انعقاد جلسة مجلس النواب أمس، كان هناك رأي يتحدث عن ابتكار طريقة أخرى لتأمين اعتمادات لرواتب موظفي القطاع العام. وتأمين هذه الرواتب هو من الضرورات القصوى التي لا نقاش فيها لأن الموضوع حيوي، ولا يمكن إدخاله في البازار السياسي، والأمر ضروري لتأمين استمرارية عمل المرفق العام”.
وأضاف فرح: “في الشق الاقتصادي هناك تخوف من أن تؤدي الزيادات في القطاع العام التي أقرت حتى أواخر سنة 2023 الى حالة من التضخم الاضافي وإلى فقدان الليرة اللبنانية من قمتها الشرائية”، مضيفاً “هذا الموضوع كان يمكن أن يكون خطيراً لكن يوجد مجموعة عوامل ممكن أن تخفف منه وتجعله مقبولاً، منها أن إيرادت الدولة ارتفعت خصوصاً استناداً الى رفع سعر الدولار الجمركي وقد بيّنت أرقام وزارة المالية أن الإيرادات كانت نسبتها مرتفعة وبالتالي الأموال المطلوبة بجزء منها ستؤمنها وزارة المالية ولم يعد هناك حاجة لتكبير الكتلة النقدية أو ضخ ليرات اضافية في السوق”.
وتابع فرح “لكن النقطة الأهم هي تأمين الفريش دولار، لأن الموظفين يتقاضون رواتبهم بالدولار عبر منصة صيرفة ومن خلال زيادة الايرادات من المرافق العامة في الدولة كالمطار والمرفأ وغيرها أصبح هناك مدخول اضافي بالفريش دولار لوزارة المالية. هذه الايرادات ستستخدم لتأمين جزء من الدولارات المطلوبة لموظفي القطاع العام عبر منصة صيرفة وبذلك لا يكون هناك ضغط على مصرف لبنان لأنه لا يستطيع زيادة شيء لأنها ستزيد من الخسائر التي يتكبدها حالياً جراء منصة صيرفة”، مستطرداً “هذه النقطة ستخفف من وطأة التضخم. وبالمقابل ان الكتلة النقدية الكبيرة ستؤدي الي بلبلة في السوق المالي وستبقى مقبولة ومعتدلة وبالنتيجة لا بد من زيادة رواتب القطاع العام”.
إذاً البلاد بأسرها باتت في تصريف أعمال ليس إلا بحكم الضرورة القصوى المتمثلة بتسيير شؤون الناس بالحد الادنى ونزع فتيل انفجارات معيشية قد تكون كارثية في تداعياتها.