كتبت صحيفة “النهار”: وسط تقنين اعلامي لافت من الجانب الفرنسي ساهم في تكثيف الغموض الذي يحيط بمهمته، شرع الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في لقاءاته بدءا من عين التينة عقب وصوله عصر امس الى بيروت، في مهمته التي تشمل جولة بانورامية على سائر المسؤولين والقادة السياسيين والحزبيين ورؤساء الكتل النيابية والنواب المستقلين كما بكركي والمرشحين للرئاسة وسفراء المجموعة الخماسية.
وكان المكتب الاعلامي للسفارة الفرنسية اعلن انه لن يتم توزيع جدول لبرنامج زيارة لودريان ولن يكون هناك أي مؤتمر صحافي له الامر الذي كرس الطابع الشديد التحفظ إعلاميا لانطلاقة المهمة، والذي قرأه المراقبون على انه يؤشر واقعيا الى الحساسية والدقة العاليتين اللتين يحيط بهما الجانب الفرنسي مهمة لودريان تحسبا للمراحل المقبلة التي ستلي جولته الأولية في بيروت. وإذ بات شبه مؤكد ان لودريان سيجمع كل الاتجاهات والاراء والمواقف للقوى اللبنانية مما آلت اليه الازمة الرئاسية وما تنتظره من الدور الفرنسي في هذا السياق، لم تستبعد المعطيات التي واكبت انطلاقة لقاءات لودريان بان تلي زيارته الراهنة زيارة أخرى اذا أدت الجولة الاولى الى بلورة خريطة طريق جديدة قد يضعها المبعوث الفرنسي بعد تقديمه تقريرا الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن الزيارة وخلاصاتها وما قد تفتحه من افق لدور فرنسي “متجدد” .
لودريان بدأ ومعه السفيرة الفرنسية آن غريو جولته بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتقاه لساعة كاملة اكتفى بعدها بري بالقول ان “اللقاء كان صريحا وجيدا” ، وسيزور رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي صباح اليوم على ان يزور لاحقا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي ومن ثم رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع فرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ويستكمل لقاءاته مع رؤساء الأحزاب الأخرين بعد الظهر . وسيجتمع الى رؤساء الكتل ونواب مستقلين الجمعة الى مائدة غداء ومن غير المستبعد ان يجتمع الى سفراء وممثلي المجموعة الخماسية، الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر قبيل مغادرته لبنان الجمعة علما ان الأنظار ستتجه أيضا الى العشاء الذي سيقيمه مساء اليوم السفير السعودي في بيروت وليد بخاري تحت عنوان “الديبلوماسية المستدامة”، والذي دعا إليه عدداً من سفراء الدول العربية والإسلامية، من ضمنهم السفير الايراني مجتبى أماني والقائم باعمال السفارة السورية علي دغمان، وسط توقعات بان تتيح هذه المناسبة مناقشة الملف الرئاسي اللبناني.
ولكن السفيرة الأميركية دوروثي شيا ستغيب عن اللقاء المحتمل للموفد الفرنسي مع سفراء المجموعة الخماسية لكونها لا تزال في واشنطن حيث تستكمل إجراءات مثولها امام الكونغرس قبيل تسلمها منصب مندوبة بلادها في الأمم المتحدة. وهي القت مساء الثلثاء كلمة مسجلة عبر الشاشة في الاحتفال الذي اقامته السفارة في منطقة واجهة بيروت البحرية لمناسبة العيد الوطني الأميركي وشددت فيها على مواصفات الرئيس العتيد الواردة في البيان الثلاثي الاميركي السعودي الفرنسي الصادر في نيويورك في ايلول 2022 وفيه “رئيس غير فاسد، يمكنه توحيد الشعب ويعمل مع الجهات الفاعلة الاقليمية والدولية لتجاوز الازمة، وتشكيل حكومة قادرة على تطبيق الاصلاحات الهيكلية والاقتصادية لمعالجة الازمة السياسية والاقتصادية ومواكبة مرحلة الاستحقاقات”. وقد قدم موعد الاحتفال لتجنب احيائه قبل وصول السفيرة الجديدة التي ستنتظر رئيس الجمهورية الجديد لتقديم اوراق اعتمادها.
مجلس الوزراء
على صعيد آخر، عُقدت امس جلسة لمجلس الوزراء في السرايا خرجت برزمة لافتة من المقررات ابرزها الغاء الامتحانات لنيل شهادة البريفيه لهذه السنة لأسباب لوجستية تعنى بجاهزية قوى الأمن الداخلي، على أن يتم أخذ القرار بالنسبة للسنة المقبلة على ضوء المستجدات. كما تمت الموافقة على تثبيت متطوعي الدفاع المدني وجرت ترقية كل الضباط الذين كانوا موضوعين على جدول الترقية اعتبارا من التاريخ الذي استحقوا فيه الترقية. ووقّع الرئيس ميقاتي، فور انتهاء الجلسة، المراسيم المتعلقة بترقيات الضباط في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام والأمن الدولة من رتبة عقيد إلى رتبة عميد إعتباراً من تاريخ 1/1/2020 و 1/7/2020 و1/1/2021 و 1/7/2021 و1/1/2022 و 1/7/2022 بالإضافة إلى مراسيم الوضع على جدول الترقية وترقيات العقداء للعام 2023. كما وقّع رئيس الحكومة مراسيم الوضع على جدول الترقية ومراسيم الترقية للعام 2023 من الرتب كافة لجميع القوى الأمنية التي وردت على المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء.
واعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن جدول أعمال الجلسة “لم يكن مطابقا للوضعيّة الدستوريّة لأيّ حكومة تصريف أعمال، إذ في الوقت الذي تضمّن هذا الجدول بعض البنود التي ينطبق عليها توصيف تصريف الأعمال والأمور الروتينية التي لا يمكن تجميدها، كتجديد ولاية اليونيفيل، والتدابير الملائمة لإجراء الامتحانات الرسميّة وتأمين المساعدات للعاملين في المستشفيات الرسمية تضمّن أيضًا بنودًا أخرى كثيرة تتخطّى من بعيد ما يحقّ لحكومة تصريف أعمال القيام بها”. وشدّد على أنّ “الأكثريّة الحكوميّة التي تصرّ على القفز فوق الدستور في المجال الحكومي هي نفسها التي تصرّ على تخطي هذا الدستور في مجال الانتخابات الرئاسيّة عبر تعطيلها 12 جلسة نيابيّة انتخابية متتالية كان من الممكن، ولا سيما في الجلسة الأخيرة، أن تنتج رئيسًا للبلاد. ولفت إلى أنّ إصرار الأكثريّة الوزاريّة الحاليّة المكوّنة من أحزاب الممانعة وحلفائها على تجاوز الدستور على الصعيدين الوزاري والنيابي تتحمّل مسؤولية تدهور أوضاع البلاد وجرّ الشعب اللبناني” إلى هو أسوأ ممّا يعيشه اليوم”.
قائد الجيش
وبدا لافتا ما اوضحه قائد الجيش العماد جوزف عون في شأن الترقيات وتعيين أعضاء المجلس العسكري، اذ قلد الضباط المترقّين شارات رتبة عميد في قاعة العماد نجيم – اليرزة، وهنأهم بمناسبة ترقيتهم، معتبرًا أن الترقية هي نتيجة مستحقَّة لجهودهم وتضحياتهم. وأكد أن الهدف اﻷول للمؤسسة العسكرية هو حماية السلم اﻷهلي واﻻستقرار رغم الصعوبات. وتوجه إلى الضباط بالقول: “أنتم تتحدّون اﻷزمة وتتحملون مسؤولياتكم بكل شفافية واحتراف لحماية لبنان، وهذا الهدف اﻷسمى واﻷهم من الرتب بالنسبة إليكم”. وأضاف: “لا يحق لأحد استلام الجيش إلا رئيس الأركان الذي ينوب عن قائد الجيش. هذا الأمر منصوص عليه بوضوح في قانون الدفاع الوطني. لذا فإن تعيين أعضاء المجلس العسكري ضرورة”. وختم شاكرًا “كل من سهَّل عملية توقيع مراسيم الترقية، وﻻ سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي”.