كشف النائب نعمة افرام خلال حديث إلى برنامج «مع وليد عبود» عبر تلفزيون لبنان، أنّه صوّت في جلسة 14 حزيران لصالح الوزير السابق جهاد أزعور، لأنّه اختار كمسيحي من كسروان الانحياز إلى الاصطفاف المسيحي.
وشرح أنه «يسعى للوصول إلى رئاسة الجمهورية لأنّه يتقن إدارة التغيير ويعرف أولويات الإنقاذ»، واعتبر أنّ «رئيس الجمهورية عليه أن يأتي من عالم المستقبل»، ولفت إلى أنّه «أضرب رئيس إذا لم يكن الزمن زمن إصلاح».
وفي ما يتعلق بالمقارنة بينه وجهاد أزعور، قال افرام: «إنّ صندوق النقد الدولي ليس أكثر من مقبّلات، وفي حال وصوله إلى سدّة الرئاسة، سيضع نصب عينيه استقطاب رؤوس الأموال اللبنانية المهاجرة بهدف توظيفها في مشاريع منتجة، كما سيسعى إلى استقطاب أموال من البنك الدولي والدول الموظّفة، وإلى تثمير أصول الدولة»، مؤكداً أنّ «هذا المشروع يعيد الودائع، وأنّ الانهيار المالي أكبر فرصة لتدمير الدولة العميقة».
وبالنسبة إلى عدم تبنّيه رئاسياً، قال افرام: «لا مشكلة لدي مع القوات اللبنانية، مشكلتي مع صديقي السابق النائب جبران باسيل».
واعتبر أنّ «مؤسسات الدولة هي المشروع الوحيد الذي يجمع المكونات اللبنانية المتباينة على مساحة مشتركة، وانتقد التنظير الذي لا يشبه الواقع المعيوش، وقال: «عم نكذّب ع بعض باللامركزية، والقانون الحالي شلنالو ضفيرو وعيونو وسنانو».
على الصعيد الخارجي، توقع افرام لسوريا أن تشهد نهضة، ورأى أنها «قادمة على زمن جديد»، واعتبر أن «على لبنان الانتساب إلى مشروع نهضة الشرق الذي أطلقه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان».
مطالعة رئاسيّة مفصّلة: نحن أمام امتحان التاريخ
أعلن رئيس المجلس التنفيذيّ لـ«مشروع وطن الإنسان» النائب نعمة افرام في مقاربة له تطرّق خلالها إلى مختلف المواضيع المطروحة أنّه:»إذا لم يكن الزمن هو للإصلاح والبناء فلست الرجل المطلوب. وإذا كانوا يبحثون عمّن يحرس الوضع الراهن لستّ سنوات أخرى، فأنا لست معنيّاً بالرئاسة. كما لا أسعى أن أعمل رئيس جمهوريّة تسلّل، فلن أتمكّن من العمل إذا كنت على خلاف مع نصف النوّاب في المجلس».
وأشار إلى أنّ «الهدف ليس أن اصبح رئيساً بل أن أخرج من الرئاسة مع المواطن والوطن بنجاح. وأجد إنّ الأولويّة اليوم للإنقاذ، ويجب ترتيب الأولويّات والإنصراف إلى إدارة التغيير، وفي هذا الإطار أعتبر نفسي مؤهّلاً كي أدير هذه العمليّة كرئيس للجمهوريّة نظراً لما أملك من خبرة في مواضيع الاقتصاد وبناء المؤسّسات وإدارة التغيير».
أضاف: «في لحظة تأمّل عميق عندما أفكّر ماذا سيحدث إن أصبحت رئيساً أقول «أبعد عنّي هذا الكأس»، وفي الوقت عينه أقول «لتكن مشيئتك». فالرئاسة مهمّة مشرّفة جدّاً، فإذا نجحت أكون أدّيت واجبي مع العلم إنّ احتمالات الفشل في بلد مثل لبنان كبيرة جداً».
عن الهواجس والمساحة المشتركة
وحذر من «الخطر الكياني الكبير على لبنان الذي من الممكن له أن يغيّر جوهره ومعناه إلى غير رجعة مع مشهد الانهيار المأسوي الكامل للمؤسّسات»، وقال: «أنا نعمة افرام المارونيّ ابن كسروان، لا أريد أن أحمل هواجس الموارنة فقط، بل السنّة والشيعة والدروز وكافة المكوّنات المجتمعيّة، وعلى الآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه».
واستطرد: «شخصيّاً، لقد لبست شخصيّات ووجدان العائلات الروحيّة اللبنانيّة، ووضعت لائحة بهواجس الكلّ، وبتّ على دراية واسعة عن مكامن الحذر والألم عند الجميع. ما يجمع اليوم هو الوجع المشترك الذي يفوق كلّ احتمال. ولا سبيل لمعالجته إلاّ من خلال المساحة المشتركة الجامعة والمشروع المشترك المتمثّل ببناء الدولة الحديثة بين المكوّنات الأربع الأساسيّة، التي تكمن بالعقد الاجتماعيّ كمقّدمة، من أجل إعادة بناء الثقة وبناء مؤسّسات الدولة مع قياس خدماتها للمواطنين جميعاً بأعلى المستويات والشروع بالانقاذ الاقتصاديّ والحياتيّ».
أضاف: «نحن أمام فرصة حقيقيّة انبثقت من الانهيار الماليّ لتدمير الدولة العميقة، هذه الدولة العميقة على عهد دولار الـ ١٥٠٠ كانت هي الملكة وكنّا جميعاً موظفين تحت إمرتها».
وأكمل: «قبل انتخابات ٢٠١٨ مثلاً وفي بلد يعاني من عجز في ميزان المدفوعات وعجز في الميزان التجاريّ، قرّرت الدولة العميقة زيادة رواتب موظفيها ٣٠% في خطوة شعبويّة خدمة للانتخابات. اليوم لم يعد ممكناً تطبيق هذا الأمر، فالذخيرة نفدت، لذا الآن هو التوقيت السليم والفرصة المؤاتية لإحداث التغيير البنيويّ. وعندما ندخل مرحلة الإنتاجيّة من خلال القرارات المثمرة، نستطيع الدخول إلى العقد الوطنيّ لنعالج الإشكاليّات المطروحة. هكذا تؤهّل المساحات المشتركة لتثبيت العقد الاجتماعيّ وترسيخ الثقة في سبيل مقاربة سلسة للإشكاليّات في العقد الوطنيّ».
أولويّات الإنقاذ
واشار الى ان «هذا هو الفرق بين العقل البراغماتيّ العمليّ وبين أصحاب الإيديولوجيّات والمواقف السياسيّة فقط. مع الثاني يموت الناس من الجوع ويحتضر الوطن في الوقت الذي يختلف فيه الأفرقاء حول جنس الملائكة من دون حلول. ألم نتعلّم بعد من كلّ التجارب السابقة التي أبقتنا في مكاننا من دون نتيجة؟ علينا تغيير قوانين اللعبة جوهريّاً، ما يعني أن الاقتصاديّ الاجتماعيّ هو الأولويّة مع ما يتطلّبه من مواكبة ضروريّة في السياسة. أليس هذا هو الزمن الجديد الذي نشهده في المنطقة؟ لقد سبقنا الجميع، وعلى لبنان الدخول في مشروع نهضة الشرق اقتصاديّاً واجتماعيّاً الذي أطلقه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وها هي العلاقة الايرانيّة السعوديّة تتماهى مع هذا الزمن كما أنّ إيران في صلبه، وتنطلق تأثيراته الإيجابيّة ناحية العراق ومصر وستصل إلى سوريا «.
وتابع: «في الماضي كنّا نتذرّع أنّ هناك فريقاً مرتبطا مع محور خارجيّ، وفريق آخر متورطا مع محور خارجيّ ثان، والمحورين متصارعان ونحن غارقون في الوسط. الآن الصورة مختلفة، المحاور تتّفق رويداً رويداً، وعلينا أن نستغل الفرصة وعلى الأرجح مطلوب منا أن نبادر».
وشرح: «أنا أرى أنّ الواجب هو إطعام الناس ومدّهم بمقوّمات الحياة وتأمين الحماية الاجتماعيّة لهم ليصمدوا حتّى انتهاء الجراحة. الوضع كّلنا نعرفه والأرقام صادمة. وفيما العالم مقبل نحو مواكبة التطوّر والحداثة والوثبة التكنولوجيّة والذكاء الاصطناعيّ، نحن نغادر ميزاتنا ونعود أدراجنا إلى الوراء».
«أولويّة الإنقاذ تبدأ ها هنا» يضيف افرام، «في المساحة المشتركة المتمثّلة بالعقد الاجتماعيّ، نستخدمها لإعادة بناء الثقة، وعند نجاح المشروع في بناء مؤسّسات الدولة، في الاقتصاد والماليّة والمصارف وفي الكهرباء والاتصالات والبنى التحتيّة…، يعني ذلك نجاح مشروع متكامل بين المكوّنات الأربعة، وعندها ندخل إلى العقد الوطنيّ لنناقش فيه الاستراتيجيّة الدفاعيّة، السياسة الخارجيّة، وفي تطبيق الطائف من اللامركزيّة دون مواربة إلى الدولة المدنيّة عبوراً بإلغاء الطائفيةّ السياسيّة فإنشاء مجلس الشيوخ، وجعل ميثاقنا العيش المشترك شرط أن يكون منتجاً وفعّالاً، كما النظر في سدّ الثغرات في الطائف وتطويره».
يكفينا «شحادة»
واكد «أهمّية الاتفاق مع صندوق النقد الدوليّ كممرّ لإعادة وصل لبنان مع المؤسّسات الماليّة الدوليّة» يقول: «هذا الاتفاق هو بداية وأساس ولكنّه برأيي لا يتخطّى عتبة «المقبّلات». وكفانا «شحادة» واستجداء من الدول ومن المؤسّسات الدوليّة المانحة. المرحلة تقتضي استقطاب الأموال من البنك الدوليّ وغيره ومن الشركات الكبرى، والتوظيف والاستثمار، أي التوظيف الذكيّ في مشاريع بمردود عال وسريع، ونحن نستطيع ذلك. هناك مثلاً الاوتستراد البحريّ ومشاريع الجزر الاصطناعيّة في البحر. وهناك مشروع جعل لبنان مركز تزلّج إقليميّ ودوليّ في الشرق الاوسط. هذا يتطلّب سلّة قوانين ضروريّة على رأسها استقلاليّة القضاء الذي يوفّر الأمان والثقة للمستثمر، كما بيئة حاضنة لضمان الاستثمار تتلخّص طبعاً بانتخاب رئيس مهمّة ومشروع وتسميّة رئيس حكومة وتشكيل فريق وزاريّ كفوء وببيان وزاريّ وصلاحيات استثنائيّة. ولا ننسى من ناحية استقطاب رؤوس أموال اللبنانيين في العالم وتشجيعهم على الاستثمار في لبنان، ولا الإمكانات الكبرى الموجودة لدى الدولة اللبنانيّة من ناحية ثانية من مشاعات وممتلكات ومؤسّسات التي يجب وضعها ضمن مشروع تثمير أصول الدولة، وهذه لا تعيد الودائع فحسب لأصحابها بل تدرّ على الخزينة أضعافاً مضاعفة عمّا يمكن أن يقّدمه صندوق النقد الدوليّ».
امتحان التاريخ
وقال: «لا أتحدّث مع أحد من تحت الطاولة، وأقول الأمور كما هي. أتفاعل مع الجميع وفي لحظة الحقيقة هذا أنا وهذا هو مشروعي. لا أظنّ أنّ النموّ الاقتصاديّ وتطوير البلد وازدهاره ودخول لبنان في القرن الـ٢١ من مصراعيه هو ضد حزب الله أو أيّ حزب آخر أو كتلة أو تيّار، ولم أتلمسّ حتى الساعة أن طرحي هذا يتعارض مع الحزب أو مع غيره. وأقولها بصراحة، في حال العكس أظنّ لن يكون هناك بلد، وأنا عندها غير معنيّ بالرئاسة، وفي النتيجة لا أريد أن أكون سياسيّاً بل رجل دولة».
وختم قائلاً: «نحن جميعا أمام امتحان التاريخ، ويجب أن لا نضيّع فرصة الأزمة من أجل تحقيق التغيير. أنا خائف من أن يتخلّى عنّا الجميع في النهاية، فللمجتمع الدوليّ والاقليميّ انشغالات كثيرة غير لبنان، وعندها يمكن ألاّ نرى ترجمة للتقارب السعوديّ – الإيرانيّ على الساحة اللبنانيّة. لبنان مدعو أن يكون جزءاً من مساحة الانفراجات شرط أن نكون على قدر المسؤوليّة، وهذا ما يجب أن يكون عليه الرئيس المقبل. أن يتحدّث باسم الأجيال الصاعدة، وألاّ يأتي من عالم الماضي بل أن يملك الرؤية للأجيال الآتيّة، وتغيير الجوهر ليصبح الإنسان أوّلاً، وإلاّ سندخل التاريخ كجيل استفاد حتى الثمالة على دولار الـ ١٥٠٠، سرق واستدان وسجل الكمبيالات على أولاده وقبل أن يموت أفلس وترك إرثاً ثقيلاً للأجيال خلفه… واحتضار الوطن».