كتبت صحيفة “اللواء”: فرض بيان نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة: وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين، والكسندر براديان المتعلق برؤية انطلاقاً من الواجب الوظيفي، نقضي بـ«التشديد على ضرورة تعيين حاكم عملاً بالمادة 18 من قانون النقد والتسليف في أقرب وقت…».
فرض البيان المذكور نفسه بنداً محورياً على المشهدين الرئاسي والحكومي والمالي- النقدي، من زاوية التوقيت والفعالية، والنتائج التي يمكن ان تترتب عليه، مع انسداد ظاهر في انتخاب الرئيس، وبروز عوامل ضغط اقليمي من الباب الحدودي في ضوء الاجراءات المعادية للاحتلال الاسرائيلي في بلدة الغجر، بعد ضم الشطر اللبناني منها الى الشطر الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال.
وبمعزل عن التوقيت، قبل اكثر من ثلاثة اسابيع من انتهاء ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة، فإن 3 نقاط استوقفت المراقبين: 1 – ربط الموقف بالعجز عن انتخاب رئيس الجمهورية وملء الشواغر في ادارات ومؤسسات الدولة.. وانعكاس ذلك على عمل المصرف المركزي، من زاوية ان «المصارف المركزية ترسم سياساتها النقدية بالتوافق على سياسة الدولة العامة»، وهي غير متجانسة في الوضع الراهن للدولة اللبنانية.
2 – رفض ان «ينسحب مفهوم تصريف الاعمال الى السلطة النقدية الأعلى في الدولة»، والتخوف من عدم تمكن المصرف المركزي بوضع الأسس النقدية والمالية لإعادة الثقة..
3 – ربط الاعضاء الاربعة عدم تعيين حاكم جديد بخطوات او خطوة او الاجراء «سنضطر الى اتخاذه، والذي نراه مناسباً للمصلحة العامة».
عملياً، ألقى نواب الحاكم، في ظل استمرار ولاية الحاكم الحالي الى نهاية 31 تموز الجاري، تبعة ما يترتب على «الاجراء المناسب» على السلطة السياسية، او السلطات التشريعية والتنفيذية.
والاسئلة المتصلة: هل البيان هو عبارة عن اجراء تكتيكي على خلفية بقاء النواب الاربعة مع الحاكم في سدة المسؤولية، أم الضغط على الطبقة السياسية لإنهاء الشغور الرئاسي، مع العلم ان مشكلة التعيينات في الفئة الاولى ليست ميسورة، ما دام حزب الله لا يؤيد أية تعيينات في ظل الشغور الرئاسي.
وبانتظار بلورة المواقف والخيارات، فإن الاتجاه الأقوى هو ان يصدر وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل قراراً بالتمديد الاداري لسلامة والبقاء في منصبه، لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
اعتبرت مصادر سياسية ان تصدر مسألة شغور منصب حاكم مصرف لبنان نهاية الشهر الجاري، بانتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، الإهتمام السياسي، بالأمر ليس مستغربا، في ظل الازمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها لبنان حاليا، والخشية من تداعيات غير محمودة على الواقع المالي والاقتصادي في حال تعذر تعيين حاكم جديد،يتولى ادارة المصرف واستكمال معالجة الشؤون المالية والنقدية المتدهورة حاليا.
واشارت المصادر إلى ان مضمون البيان التحذيري الصادر عن نواب حاكم مصرف لبنان ،والذي يحمّل في جوانب منه السلطة السياسية، مسؤولية عدم تعيين حاكم جديد، مرده الى صعوبة تولي نائب الحاكم الاول وحيد منصوري لمهمات الحاكم، والخشية من خطورة التجاذب السياسي الحاصل في حال طال امد الفراغ الرئاسي على الاوضاع النقدية، والخوف من زيادة تدهور سعر صرف العملة المحلية ولأسباب اخرى، بعضها سياسي استنادا إلى المواقف الاعتراضية الصادرة عن بعض زعامات الموارنة تحديدا، باعتبار ان هذا الموقع هو من المواقع المارونية الاساسية في الدولة، والبعض الآخر خارجي، وهو كما تردد، ما سمعه منصوري خلال زيارته الاخيرة للولايات المتحدة الأمريكية من مسؤولين بالخزانة، من برودة ظاهرة لتسلم الاخير لمهمات الحاكم بالوكالة ، وبضرورة تعيين حاكم جديد، يتولى إدارة السياسة النقدية، ويسهل التعاطي معه من موقعه بالاصالة وليس بالوكالة.
ولاحظت المصادر ان صدور بيان نواب الحاكم الأربعة، والذي تزامن مع موقف الرئيس بري حول إحتمال قيام حكومة تصريف الأعمال باجراء تعيينات في حاكمية مصرف لبنان والجيش، تفاديا لحدوث فراغ في هذه المراكز،من شأنها ان تنعكس سلبا على اداء وفاعلية هذه المؤسسات،بقوله بأن الضرورات تبيح المحظورات، قد تعطي دفعا اضافيا للحكومة للخوض في غمار هذه التعيينات،التي ماتزال تصطدم بمعارضة من التيار العوني والقوات اللبنانية ،ولكنها في الوقت نفسه تضع هذه القوى السياسية في موقف حرج، لانها تعارض قيام الحكومة باجراء تعيينات في هذه المواقع الوظيفية المهمة، وفي الوقت نفسه ترفض اسناد مهمات الحاكم الى نائبه الاول.
وشددت المصادر على ان خوض الحكومة لغمار التعيينات في حاكمية المصرف المركزي والجيش ، يبقى رهن التوصل الى الحد الادنى من التفاهمات بين القوى والاطراف السياسيين، والاتفاق على الصيغة المناسبة لاجراء هذه التعيينات، التي ماتزال تعترضها صعوبات عديدة، برغم كل ما يقال عن امكانية تمريرها في ظل التجاذب والتعقيدات الحاصلة.
وفي السياق، كشف النائب علي حسن خليل، في حوار مع محطة (M.T.V) بث ليل امس، ان فريقه السياسي لن يقف بوجه تعيين حاكم مصرف جديد من قبل حكومة تصريف الاعمال، اذا حصل توافق سياسي على ذلك، لان الامر في المصرف المركزي سيكون خطيراً من دون حاكم اصيل، مشدداً على ان فريقه ايضاً لا يمانع من ان يتولى الوزير السابق جهاد ازعور حاكمية المركزي بالتعيين في مجلس الوزراء، مع الاشارة الى انه فوتح بالامر، لكنه رفض هذا الامر.
وطالب خليل بنشر التقرير الجنائي الذي وضعته شركة مارسل اند فرايزر، بعد تسليمه لرئاسة الحكومة.
وفي رد على رئيس الجمهورية السباق ميشال عون سأل خليل: ماذا فعل يوم كان رئيساً في الملفات المالية والتدقيق؟ ولماذا يرمي الاتهامات على غيره بأنهم ضد التدقيق الجنائي.
إذاً، في ظل ترقب الحركة الفرنسية والعربية الجديدة نحو لبنان لمعالجة الشغور الرئاسي، وترقب اتجاه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حول رفض معظم القوى السياسية المسيحية عقد جلسات لمجلس الوزراء، وترقب انجاز مشروع الموازنة العام 2023، طرأ تطور مهم يتعلق بحاكمية مصرف لبنان حيث اصدر نواب الحاكم الاربعة بيان التحذير من عدم تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.
وثمة من فسّر البيان بأنه تلويح الى احتمال تقديم النواب الاربعة استقالاتهم، وتم ربط الموقف بالكلام المنقول عن لسان الرئيس بري بأنه «مع تعيينات الضرورة والضرورات تبيح محظورات التعيين في الحكومة».
وقال النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان سليم شاهين (السني) لوكالة «رويترز»: انه قد يستقيل إذا لم يتم تعيين حاكم جديد للمصرف.
وعلمت «اللواء» من مصادر موثوق بها متابعة عن قرب، ان شاهين لن يكون وحده من سيقدم الاستقالة، وهو تحدث بلسان النواب الاربعة، وقالت المصادر: ان نواب الحكام ارادوا وضع المسؤولين امام مسؤولياتهم لتعيين حاكم اصيل، وهم سينتظرون فترة من الوقت لإتخاذ السلطات المسؤولة المعنية القرار وإلّا فالاستقالة واردة بشكل كبير.
اضافت المصادر: ان النائب الاول الدكتور وسيم منصوري كان اول من طلب تعيين حاكم أصيل لتستقيم الحياة النقدية والمصرفية، وليس مخافة من تسلم المركز بعد انتهاء ولاية رياض سلامة، بل منعاً لأي استغلال سياسي والتصويب على جهة سياسية معينة (الثنائي الشيعي) في حال اتخاذه اي قرار حول المصارف وسعر الصرف او سعر صيرفة او اي إجراء آخر، وهو يطالب بمشاركة جميع المسؤولين بتحمل المسؤولية عبر قوننة اي اجراء يمكن ان يتخذ سواء في المجلس النيابي او الحكومة في حال تسلم الحاكمية وفقاً لقانون لنقد والتسليف. إذ لا يكفي ان يوافق اعضاء المجلس المركزي للمصرف بالاجماع على اي قرار او إجراء، فهو سيكون الحاكم وهو الذي سيوقع وهو سيكون «في بوز المدفع».
أجواء السياسة
راوحت الحركة السياسية مكانها، بإستثناء حركة دبلوماسية محدودة، حيث زار السفير الايراني مجتبى اماني رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي التقى ايضاً نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وعرضا للمستجدات السياسية وشؤونا تشريعية. فيما استقبل السفير السعودي لدى لبنان وليد بن عبدالله بخاري في مقر إقامته في اليرزة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب. «وتناول اللقاء بحث العلاقات الثنائية الأخوية بين البلدين الشقيقين وسبل تطويرها وآخر المستجدات على الساحة المحلية والإقليمية، كما تطرق اللقاء الى بحث عدد من الموضوعات المختلفة ذات الاهتمام المشترك».
وكتب السفير السعودي في لبنان وليد البخاري على موقع «ثريدز»: قِراءةٌ في دَلالةِ الخَطِيئةِ السياسِيَّةِ مِن مَنظُورِ المُفكِّرِ باروخ إسبينوزا، تُؤكِّدُ بأنَّ الخَطِيئَةَ الكُبرَى هِيَ خَطِيئَةُ الإِمعَانِ في تَكرَارِ الخيَارَاتِ الخَاطِئةِ التي تُؤجِّلُ مُوَاجَهَةَ الحَقِيقَةِ ونتائِجَها وَلَا تُلغِيهَا.
وفي المواقف السياسية، جدد الرئيس ميقاتي الدعوة «لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لوقف الاستغلال الطائفي للموضوع والتفاهم على طبيعة المرحلة المقبلة على كل المستويات».
واعتبر» إن الاخطر من السرطان الذي يضرب مجتمعنا العائلي هو السرطان الذي يضرب جسم الوطن وهو سرطان الطائفية والمذهبية».وشدد على «أنه اذا لم نعالج هذه الافة كما يلزم فاننا سنصل الى مرحلة التفشي الكامل التي لا يمكن معالجته».
موقف رئيس الحكومة جاء في خلال رعايته في السراي أمس اطلاق وزارة الصحة العامة «الخطة الوطنية لمكافحة السرطان 2023- 2028 «، بدعوة من وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس ابيض.
وختم رئيس الحكومة بالقول: إن الاخطر من السرطان الذي يضرب مجتمعنا العائلي هو السرطان الذي يضرب جسم الوطن وهو سرطان الطائفية والمذهبية. ولقد بتُّ على قناعة انه اذا لم نعالج هذه الافة كما يلزم فاننا سنصل الى مرحلة التفشي الكامل التي لا يمكن معالجته. من هنا اجدد دعوتي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لوقف الاستغلال الطائفي للموضوع والتفاهم على طبيعة المرحلة المقبلة على كل المستويات».
واستقبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط وفداً من التيار الوطني الحر، ضم النواب سيزار أبي خليل، غسان عطالله، جيمي جبور، والدكتور سامر التوم، بحضور النواب أكرم شهيب، هادي أبو الحسن، بلال عبدالله، وحرب، حيث قدّم الوفد للنائب جنبلاط التهنئة بانتخابه رئيساً، «وتم التداول في المستجدات على الساحة الداخلية، وكان تأكيد على التواصل والتنسيق لما فيه ترسيخ الاستقرار في الجبل كما في كل لبنان، وبما يساهم في الخروج من نفق الأزمات وإتمام الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت».