كتبت صحيفة “الديار”: يفترض ان يكون هذا الاسبوع محطة اساسية في مسار الازمة التي اطلت مؤخرا برأسها بقوة من بين الازمات اللبنانية المتراكمة، الا وهي ازمة حاكمية مصرف لبنان. فبعدما كانت معظم القوى السياسية مطمئنة لتسليم الحاكم الحالي رياض سلامة مهامه بسلاسة لنائبه الاول وسيم منصوري، شكّل بيان نوابه الذي صدر الاسبوع الماضي وفُهم منه التلويح بالاستقالة، تحولا كبيرا في الملف أشبه بانقلاب بات يهدد بـ “الفراغ الأخطر” باعتبار ان اي اضطرابات على هذا المستوى تهدد بتحليق سعر الصرف مجددا بعد اشهر من الاستقرار النسبي.
فيتو مسيحي
ولم يستسلم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اكثر المتحمسين لطرح تعيين حاكم جديد لـ”المركزي”، لسقوط طرحه نتيجة الفيتو المسيحي المرفوع بوجه هكذا تعيين كما بوجه التعيينات التي تشمل المواقع الاساسية في ظل فراغ سدة الرئاسة. كذلك لم يحبطه موقف حزب الله الواضح لجهة رفض استفزاز المسيحيين بهكذا طرح وربطه اي قرار بهذا المجال بتفاهم مسيحي على اسم تعينه الحكومة. وبحسب معلومات “الديار”، فان ميقاتي سيكثف حركته وضغوطه هذا الاسبوع بالتعاون والتنسيق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري للدفع باتجاه التعيينات وبخاصة في الحاكمية والمجلس العسكري، الا ان المواقف المعلنة حتى الساعة من المرجعيات المسيحية لا توحي اطلاقا بأن مسار التعيين سيكون ميسرا او ممكنا، باعتبار ان ظل الفيتو المسيحي الحالي ليس حصرا سياسيا انما تتصدره بكركي راهنا.
وقد جاء موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي يوم أمس خلال عظة الأحد كرد على كل ما تم تداوله عن امكان ان تغطي البطريركية هكذا تعيين. اذ قال: “التعنّت في إبقاء الفراغ في الرئاسة أوصل إلى نتيجةٍ حتميّة تُسمّى بالمجلس النيابي بـ”تشريع الضرورة” وفي حكومة تصريف الأعمال “تعيينات الضرورة”، وهذا يهدم المؤسسات الدستورية والعامة ويُفقدها ثقة الشعب والدول بها، وهذه جريمة يرتكبها كلّ الذين يعطّلون عملية انتخاب رئيس”.
ورجحت مصادر مواكبة للملف لـ “الديار” ان يقتصر بيان نواب الحاكم على تحسين شروطهم من خلال تشريع من مجلس النواب يغطي الصرف من الاحتياطي الالزامي لتثبيت سعر الصرف، لافتة الى ان البحث عاد يتركز حول تعيين سلامة مستشارا قانونيا. ورغم ان الاخير كان يدفع باتجاه ان يصدر هذا التعيين عن الحكومة، بينت الاستشارات الاخيرة ان ذلك لا يمكن ان يتم الا من خلال نوابه انفسهم، وهو ما لا يبدو سلامة متحمسا له كثيرا.
عودة تواصل التيار ـ حزب الله؟
ولا شك ان الموقف الواضح والحاسم لحزب الله من رفض استفزاز المسيحيين والسير بتعيين حاكم جديد لـ “المركزي”، وهو من كان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله اول من أعلنه، ترك ارتياحا لدى المرجعيات المسيحية كافة، وبخاصة لدى “التيار الوطني الحر”، في ظل معلومات افادت “الديار” بأنه قد بدأ فعليا تمهيد الارضية لعودة التواصل بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك. فهو وان لم ينقطع تماما في الفترة الماضية، لكنه بات باردا وجافا وتتم حاليا تدفئته، ولكن باجراءات وخطوات صغيرة، باعتبار ان تراكمات الاشهر الماضية تركت الكثير من الاثر لدى القيادتين كما جمهوري الحزبين.
حوار “رئاسي” حصرا
ويعول حزب الله، بحسب المعلومات، على أن تكون عودة التواصل المنتج مع “الوطني الحر” مدخلا للحوار الذي كثف الحزب الدعوة اليه يوم امس لحل الازمة الرئاسية. وصدر في الساعات الماضية اكثر من موقف عن اكثر من مسؤول في الحزب يشدد على ان الحوار هو المخرج الوحيد للشغور الرئاسي. وبدا عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشّيخ نبيل قاووق حاسما يوم امس بجزمه أن “الحوار المطروح محصور ببند واضح هو انتخاب رئيس للجمهوريّة”.
ولا يبدو ان قوى المعارضة بصدد ملاقاة دعوات الحزب في المدى المنظور. وتعتقد مصادر مطلعة ان الحزب يعول على ان يعود المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان بمبادرة تقوم على الحوار، ما يحرج القوى الرافضة له ويدفعها الى الجلوس حول الطاولة، وان كانت لا تحبذه راهنا. وشددت المصادر على انه “بنهاية المطاف اي من فريقي الصراع غير قادر على كسر الفريق الآخر رئاسيا، ولو كان ذلك ممكنا لما قصر احدهما في ذلك. من هنا، فان الحوار سيحصل عاجلا او آجلا، لذلك من غير المفهوم الدفع باتجاه تدويل الازمة، ونحن قد نكون قادرين على حلها داخليًا”.
هذا ولا يبدو ان لودريان، الذي كان تحدث عن جولة ثانية سيقوم بها الى لبنان في 14 تموز الجاري، سيلتزم بهذا الموعد. اذ رجحت مصادر مطلعة ان تتأخر هذه الجولة اسبوعين على الاقل، وبخاصة ان باريس كانت منشغلة تماما في الايام الـ10 الماضية بمشاكلها الداخلية ولم تتفرغ لصياغة مبادرة للبنان. اضف ان اي مبادرة من هذا النوع غير ممكنة قبل التشاور مع القوى الدولية المعنية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. لذلك تتوقع المصادر ان تكون للودريان جولة تسبق زيارة لبنان تشمل الرياض والدوحة وربما عواصم اخرى، خاصة انه لا يبدو ان هناك اجتماعا قريبا لخلية العمل الدولية الخماسية المهتمة بالشأن اللبناني والتي لم تُظهر اي جدوى في معالجة الازمة.
مسألة قرية الغجر
هذا وتوجّه صباح امس النواب ملحم خلف، نجاة عون، الياس جرادي وفراس حمدان الى قرية الغجر المحاصرة من العدو الإسرائيلي.
ووفق بيان أصدروه، فإنّ هذه الزيارة تأتي “رفضا لهذا الواقع المستجد ولهذا العدوان الخطر”، مؤكدين: “نحن نواب الامة نقف هنا على مشارف قرية الغجر المحاصرة، على الحدود اللبنانية – السورية، لنقول جهارا لكل العالم: إن قضم العدو الإسرائيلي للجزء الشمالي من بلدة الغجر هو عدوان بالغ الخطورة على لبنان وإمعان في الاعتداء المتمادي على السيادة اللبنانية وانتهاك صارخ لكل المواثيق والقرارات الدولية، الأمر الذي لا يمكن السكوت عنه ولا يمكن تجاهله”.
أضافوا “نؤكد تمسكنا بكل ذرة تراب من بلدنا، وبكل نقطة مياه من بحره، ولا مفاضلة بين منطقة وأخرى، إن مفهوم السيادة لا يتجزأ وكلنا مسؤولون عن كل الأراضي، ولا مساومة ولا تفريط بأي شبر من أرض ومياه وطننا ولا بأي ثروات سيادية تعود لكل الشعب اللبناني”.