كتبت صحيفة “الديار”: لا يوجد طرف يرغب في التصعيد على الحدود الجنوبية، اسرائيل تتهيب الموقف وتخشى المفاجآت، وحزب الله مستعد ولكنه يحقق من خلال تكتيكات مدروسة ميدانيا ردعا لا يحتاج الى حرب لتثبيته. هذه الخلاصة تظهرت من خلال التحركات الدبلوماسية خلال الساعات القليلة الماضية، بعدما دخلت واشنطن رسميا عبر السفيرة دورثي شيا على خط الاتصالات التي تقودها قوات اليونيفيل بتكليف من الامين العام للامم المتحدة. والنتائج الاولية تشير الى ان المقاومة نجحت مرة جديدة في فرض معادلة تبنتها الدولة اللبنانية عبر ابلاغ وزير الخارجية عبدالله بوحبيب قائد القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان الجنرال ارولدو لازارو بان حل مسألة خيمة حزب الله في مزارع شبعا مرتبطة بتراجع اسرائيل عن احتلال القسم الشمالي من الغجر.هذه القضية دخلت في مسار دبلوماسي شاق مع الاسرائيليين الذين قدموا عرضا رفضه لبنان ووعدوا بتقديم اجابات خلال الساعات المقبلة عبر “اليونيفيل” على طرح “المقايضة” اللبنانية. هذه التطورات ستكون جزءا اساسيا من كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غدا لمناسبة اندلاع حرب تموز، حيث سيعيد تثبيت المعادلات مجددا كي لا يخطىء الاسرائيليون في حساباتهم في ظل تفاقم الازمة الداخلية الذاهبة الى تصعيد غير مسبوق في الساعات القليلة المقبلة. داخليا، لا جديد رئاسيا، والحرارة التي عادت الى العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله لا تزال دون مستوى الحديث عن العودة الى ما كانت عليه سابقا، ووفقا لمصادر مطلعة فان استحسان “التيار” لموقف حزب الله الرافض للتعينات حكوميا لم يرتق الى حد استئناف الاتصالات في الشأن الرئاسي حيث لا تزال المواقف على حالها، ولم يسجل اي لقاء في هذا الاطار، والجميع ينتظر دون “اوهام” كبيرة عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان. اما مسالة الشغور في مصرف لبنان فيبدو انها سلكت المسار المنطقي والطبيعي حيث يفترض ان يستمر النواب الاربعة في تحمل مسؤولياتهم بتسيير المرفق العام، سواء حصل ذلك من خلال الاستقالة المرتقبة الاسبوع المقبل، او ببقاء الحال على ما هو عليه حيث بات النائب الاول وسيم منصوري جاهزا لاستلام مهام رياض سلامة، فيما اختار المعنيون استراتيجية “شراء الوقت” في ملف التعيينات العسكرية.
دعم حزب الله
فمع غياب التأكيدات حول اجتماع الخماسية الدولية حول لبنان نهاية الاسبوع الحالي او مطلع المقبل في قطر، ويانتظار عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت من جهة ثانية، وبعد ان جرى تفكيك “لغم” تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي اثر رفض حزب الله تغطية الامر، وتراجع كل من الرئيسين بري وميقاتي عن الفكرة علنا، تصدرت التطورات الحدودية في الجنوب المشهد بالامس مع دخول واشنطن على الخط مباشرة حيث نقلت السفيرة دورثي شيا رسائل اسرائيلية تزامنا مع “رسائل” مماثلة نقلتها قيادة “اليونيفيل” الى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب. وعلمت “الديار” ان حزب الله يدعم الدبلوماسية اللبنانية في موقفها ولا يرى مانعا من الاستفادة الموضوعية من مسألة الخيمتين في مزارع شبعا لتحرير القسم اللبناني من الغجر، وهو سبق وابلغ المعنيين ان الخيمتين لهما مهمة خاصة على المستوى الميداني وتنتفي الحاجة اليهما حين تنتهي وظيفتهما، وربط الجهات اللبنانية بين المسألتين لا يضر بالمهمة الاساسية، والحزب يقف وراء الدولة في اي قرار يؤدي الى ازالة الاحتلال الاسرائيلي المستجد.
رفض الاحتلال “المقنع”
وياتي الدخول الاميركي على الخط بعدما رفع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو التوتر الى مداه الاقصى وغادر جلسة الحكومة الاحد على وجه السرعة للحصول على تحديثات أمنية من سكرتيره العسكري، واجتمع مع وزير الدفاع يوآف غالانت والسكرتير العسكري واجرى مشاورات أمنية عاجلة وعاد ليبلغ الوزراء بفشل المسار الدبلوماسي بشأن إخلاء خيمة حزب الله. ووفقا لمصادر مطلعة، لم يقبل لبنان بطرح اميركي يتبنى اقتراح اسرائيلي نقل عبر “اليونيفيل” ويقضي بحصول انسحاب عسكري من المنطقة وإبقائها تحت السيطرة المدنية الاسرائيلية وبموجب الخطة، يُمنع على الدولة اللبنانية الدخول إلى المنطقة، في حين تقدم إسرائيل الخدمات للسكان في الجزء اللبناني المحتل، وللمنطقة المحتلة غير المأهولة عبر المؤسسات المدنية، كذلك تقضي الخطة بأن لا تكون المنطقة خاضعة لقوات “اليونيفيل” بمعنى أنها لن تكون منطقة محايدة تحت سيطرة أممية، وهو ما يعني احتلالا مقنعا، وتصر الحكومة اللبنانية على ترسيم الخط وفق القانون الدولي والخط الأزرق الذي قطع البلدة بشكل ثلثين للبنان وثلث تحت سيطرة إسرائيل، وغير ذلك لن يكون مقبولا.
تراجع واشنطن؟
ووفقا للمعلومات، فان عدم نجاح تمرير هذا الاقتراح سيجبر واشنطن على تبني الحل الذي يقضي بحل أزمة الخيمة مقابل التراجع عن احتلال الغجر، ووفقا لتقرير أوردته القناة 12 الإسرائيلية، فأن العرض الأميركي يشمل إقدام حزب الله على تفكيك الخيمة العسكرية، مقابل تراجع اسرائيل عن بناء السياج الحدودي في محاذاة قرية الغجر، ولفت التقرير إلى أن حزب الله سيوافق على تفكيك الخيمة إذا ما أوقف الجانب الإسرائيلي عمليات بناء الجدار. واعتبر التقرير أن انشغال إسرائيل بالخيمة الموجودة في منطقة مزارع شبعا ، يعتبر نجاحا لحزب الله الذي بات يدرك أن وضعًا جديدًا قد تشكل في المنطقة يمكنه محاولة الاستفادة منه. في المقابل، تبذل إسرائيل جهدًا لحل القضية من خلال الوسائل الدبلوماسية لانها تخشى القيام بازلة الخيمتين لانها ستؤدي الى اندلاع معركة قد تستمر لأيام.
“المقايضة” اللبنانية
وفي هذا السياق، تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الوضع في الجنوب، وملف التمديد لمهام قوات “اليونيفيل” في خلال اجتماع عقده مع وفد برئاسة قائد القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان الجنرال ارولدو لازارو. وقال وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب بعد الاجتماع انه تم البحث في الأوضاع الأمنية في الجنوب، ونقلوا لنا مطلب الجانب الاسرائيلي بإزالة “الخيمة” فكان ردنا بأننا نريدهم أن يتراجعوا من شمال الغجر التي تعتبر أرضا لبنانية. ونحن من ناحيتنا سجلنا نحو 18 انتهاكا إسرائيليا للحدود”. كما التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة قائد قوة “اليونيفيل” مع الوفد المرافق، واشار الى ان الخيمتين موجودتان ضمن الاراضي اللبنانية. والتقى بوحبيب ايضا السفيرة الاميركية دوروثي شيا، والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، وتمّ إبلاغ الطرفين بأنّ لبنان سيتقدّم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي لإزالة هذا الخرق وإنسحاب إسرائيل من هذه المنطقة المحتلّة تطبيقًا للقرار 1701. وشدّد الوزير بوحبيب على أهميّة إستكمال عمليّة ترسيم الحدود البرية، والبحث في كيفية معالجة النقاط الخلافية المتحفّظ عليها المتبقية ضمن إطار الإجتماعات الثلاثية، بما يعزّز الهدوء والإستقرار في الجنوب اللبناني، ويتوافق مع قرارات الأمم المتّحدة ذات الصلة.
ارباك اسرائيلي
ومع ازدياد الدعوات في اسرائيل لشنّ عمليةٍ عسكريّةٍ ضدّ حزب الله بذريعة إزالة الخيمتيْن، ترى اوساط دبلوماسية ان لجوء اسرائيل الى مجلس الأمن الدوليّ لحلّ المشكلة يؤكِّد أنّ تل أبيب تخشى المواجهة مع المقاومة، خشية أنْ تتحوّل لحربٍ إقليميّةٍ تُلحِق بها خسائر هائلة في الجبهة الداخلية غير المستعدة لتحمل نتائج اي حرب جديدة. وفي هذا السياق، رات صحيفة “يديعوت احرنوت” ان التحدي الأكبر والأصعب هو المواجهة مع حزب الله، وقالت ان السيد نصر الله الذي يتحدى إسرائيل في الفترة الأخيرة عن طريق زيادة المجازفة يمكن أنْ تؤدي إلى أيام قتالية، وربما أنْ تتدهور إلى حرب. وشدّد أنّه “على الرغم من أنّ كثيرين في الجيش الإسرائيليّ يرون أنّ نصر الله لا يريد حربًا، فإنّه من الواضح للجميع أنّ معقولية حدوث ذلك هي الأعلى منذ حرب لبنان الثانية، والتي يصادف هذا الأسبوع ذكراها الـ 17”.
احتمالات الانفجار؟
ونقلت الصحيفة عن ما اسمته محافل أمنيّةٍ رفيعةٍ جدًا تاكيدها ان القطاع الأكثر قابلية للانفجار هو لبنان، فالمخاطرفي هذه الساحة تزداد وتتصاعد، وأغلب الجمهور لا يعرف أبدًا القدرات الجديدة التي راكمها حزب الله في السنوات الأخيرة، والقوة النارية الهائلة التي تفوق عشرات المرات ممّا رأيناه في الجولات في غزة، وهناك خطط الحزب لاقتحام مستوطنات إسرائيلية على الحدود، وتغيير الانتشار الذي قام به على خطّ التماس يشير الى ذلك، وحزب الله مستعد للحرب التي ستكون مختلفة ودراماتيكية بالنسبة للجبهة الداخلية. وتنقل الصحيفة عن قائد اللواء الشماليّ في الجيش، توقعه ان تسقط على إسرائيل خمسة آلاف قذيفة وصاروخ، وذلك في الأيّام الأولى فقط من الحرب ضدّ حزب الله، أيْ أنّ الموجة الأولى من الصواريخ باليوم الأوّل ستكون أكثر من كلّ الصواريخ التي أطلقها حزب الله في حرب لبنان الثانية صيف العام 2006 والتي استمرّت 34 يومًا.
التعيينات “وشراء الوقت”
على خط التعيينات في المراكز الشاغرة في الدولة، يبدو ان ملف تعيينات المجلس العسكري قد جرى تاجيله الى وقت لاحق في ظل انسداد الافق في ايجاد الحل على الرغم من جولة قائد الجيش جوزاف عون على المرجعيات السياسة والروحية وتحذيره من خطر الفراغ. لكن القوى السياسية اختارت تبني استراتيجية “شراء الوقت” في هذا الملف، كما تقول مصادر نيابية اشارت الى ان مسألة الشغور في حاكمية مصرف لبنان باتت بحكم المنتهية بعدما تبنى رئيس مجلس النواب نبيه بري موقف رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وقال ان” هناك مبدأ في كل دول العالم بأن الضرورات تبيح المحظورات وهناك نص دستوري يتحدث عن المعنى الضيق لتصريف الاعمال ، فتصريف الاعمال لا يعني بأي شكل من الأشكال الإنحدار نحو الفراغ”. واشار الرئيس بري الى ان رئيس الحكومة قد” اختار موقفا آخر ورغم أنني على موقفي بتطبيق الدستور بالمعنى الضيق لتصريف الاعمال لكنني سوف أحترم ما اعلنه رئيس الحكومة في هذا المجال لجهة ان لا تعيين ولا تمديد.وهو امر عاد وكرره ميقاتي في تصريح لوكالة رويترز بالامس. ويأتي هذا التراجع بعدم ابلغ حزب الله بري وميقاتي انه غير موافق على قيام الحكومة باي تعيين حاليا، وهو لن يؤمن التغطية لامر مماثل وسيقاطع الوزراء المحسوبين عليه الجلسة الحكومية.
السيناريوهات في “المركزي”؟
وعلى الرغم من الغموض حيال السيناريو المرتقب، فان رفض القوى المسيحية لاستقالة النواب الاربعة منح النائب الاول وسيم منصوري التغطية المطلوبة لتسلم مهام الحاكم، كما تقول مصادر مطلعة، لكن الامر يبقى متأرجحا بين سيناريوهين، الاول يتسلم منصوري الحاكمية وتطوى الاستقالات على ان تكون المهام الاساسية في هذه الفترة، منع المضاربات والحفاظ على سعر صرف الدولار الحالي، وعدم المس بمنصة صيرفة والتعاميم الحالية التي نجحت بالسيطرة على السوق الموازية. اما السيناريو الثاني فيقضي باستقالة نواب الحاكم الأربعة مطلع الأسبوع المقبل، على أن يتولوا تسيير المرفق العام بطلب من وزير المال حتى تعيين حاكم جديد. والهدف من الاستقالة تخفيف وطأة المسؤولية عنهم، وتسيير الأعمال سيربطه النواب الأربعة بمجموعة طلبات مرتبطة بمنصة صيرفة وتشريع الصرف من الاحتياطي الإلزامي وعدم فرض سياسات نقدية لا يؤيدونها؟!
بري: “فليقعد عاقل احسن له”
في هذا الوقت، اكد الرئيس بري امام وفد نقابة المحررين برئاسة النقيب جوزف قصيفي، ردا على سؤال حول إتفاق الطائف ورغبة البعض بالإنقلاب عليه رفضه المطلق لأي مس بهذ الاتفاق قائلا: عشنا ومتنا حتى أنجزنا هذا الإتفاق وأقول لمن يريد تغييره “فليقعد عاقل احسن له”. وأضاف: “ان دعوات البعض لتغيير النظام يضع لبنان في مهب مخاطر لا تحمد عقباها. وسأل هل طبقنا الطائف كي ندعو إلى تغييره؟ فلنطبق هذا الإتفاق بكل بنوده وخاصة الاصلاحية منها لا سيما اللامركزية الإدارية وقانون للانتخابات خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ.في ملف رئاسة الجمهوريه، جدد الرئيس بري التأكيد أن لا مناص الا بالتوافق والحوار، لافتا الى ان التدويل مع كل الاحترام لغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الراعي يحتاج الى توافق داخلي، فالحوار الداخلي خيار يجب أن يجب ان لا يسقط من حسابات كافة الاطراف، لافتا الى انه ينتظر عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جون إيف لودريان كي يبني على الشيء مقتضاه في الملف الرئاسي لجهة الحوار ومكانه وشكله وزمانه أو لجهة تحديد موعد لجلسة جديدة لإنتخاب رئيس للجمهورية.
تحقيقات القرنة السوداء؟
في هذا الوقت تستمر التحقيقات في حادثة القرنة السوداء، ووفقا للمعلومات، اكتملت الصورة على نحو شبه نهائي، حيث بات من المؤكد باعتراف بعض الموقوفين انهم شاركوا في اشتباكات حصلت في المنطقة قبل يوم من الحادث إثر قطع “نربيش” ماء، كان بعض الافراد من بقاعصرفين قد وصلوه بالثلاجات، وتطوّرت في اليوم التالي إلى تبادل إطلاق نار أدّى إلى سقوط هيثم طوق جرّاء إصابته برصاص أطلق من بندقية “زخاروف” روسية الصنع. وابقى التحقيق على 12 موقوفاً بينهم إثنان من بشري، فيما باقي الموقوفين من الجهة المقابلة. وقد توصل التحقيق إلى تحديد هوية مطلق النار الذي أصاب هيثم طوق. وقررالنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات إحالة ملف الجريمة على القضاء العسكري .